خيارات لجان المقاومة المستقبلية !
حسين عبدالجليل
12 April, 2022
12 April, 2022
بسم الله الرحمن الرحيم
husseinabdelgalil@gmail.com
ما أعنيه هو مستقبل لجان المقاومة بعد إسقاط النظام أو بعد انتهاء الفترة الانتقالية . ماذا سيكون دورها بعد تشكيل السلطة التشريعية و التنفيذية؟ فدورها الحالي يحدده بدقة وصف "المقاومة" في أسمها , فهي لجان شعبية تقود مقاومة سلطة إنقلابية وكل الدلائل تشير الي أنها ستنجح بأذن الله في تحقيق هدفها النبيل هذا. و تحقيق ذلك الهدف سيعني تشكيل سلطة تشريعية تمثل الشعب وتقوم بمراقبة أداء الحكومة . فماذا سيكون دور لجان المقاومة بعد ذلك؟
التفكير في مستقبل لجان المقاومة ليس ترفا ذهنيا بل هو محاولة لقراءة الخيارات المتاحة و استصحاب التجارب التاريخية في هذه القراءة. فكل التنظيمات التي نجحت في قيادة التحولات السياسية الهامة في السودان لم تستطع التأقلم مع التغيير الذي صنعته وأدي ذلك لاندثارها. فمؤتمر الخريجين الذي قاد حركة استقلال السودان , جبهة الهيئات التي قادت ثورة 21 أكتوبر , التجمع النقابي الذي قاد إنتفاضة 6 أبريل و حتي تجمع المهنيين الذي قاد إسقاط نظام الانقاذ لم تستطع أن تعيد تعريف دورها بعد النصر الذي قادته مما أدي لاندثارها كمؤتمر الخريجين , جبهة الهيئات والتجمع النقابي - أو اضمحلال دورها و إنشقاقها كتجمع المهنيين . أذن فالتجارب التاريخية ليست في صالح لجان المقاومة .
لو أختارت لجان المقاومة التحول لحزب سياسي فسيكون لها وجود منظم في كل مدن السودان وفي كثير من مناطقه غير الحضرية . سيمتاز الحزب الشاب دون غيره من الاحزاب الاخري بقدرته الفائقة في الحشد والتنظيم علي مستوي القطر بواسطة أفرعه التي تكونت أثتاء نضال الثورة وعركتها تجارب مقارعة الانقلاب اليومية .أيضا سيكون حزب اللجان هو الحزب السوداني الوحيد الذي تشكل من القاعدة للقمة Bottom-up وله جذوز راسخة في معظم أنحاء البلاد, وذلك عكس أحزابنا الأخري التي تتشكل قمتها في الاول . سيكون الحزب هو الكاسب الاكبر من التركيبة السكانية الحالية في السودان والتي اصبحت شبابية في غالبيتها . أيضا فان الضعف التنظيمي و فقر القيادات في الاحزاب الاخري ربما يؤدي لفوز الحزب الذي ستشكله لجان المقاومة (ان هي احتفظت بوحدتها) في الانتخابات القادمة .
لكن التحول لحزب سياسي سيجعل من اللجان حزبا سياسيا آخر ضمن مئات الاحزاب السودانية , و بالطبع فان كل من ينتمي لحزب آخر لن يكون مناصرا لحزب لجان المقاومة كما هو مؤيدا للجان الآن .
الخيار الثاني هو أن تتحول لجان المقاومة لتنظيم جماهيري قومي يعلو علي العمل الحزبي وبذلك يمكن أن تدعمه الجماهير من مختلف الاحزاب وتكون مهمته قيادة تغيير أجتماعي شامل تأخر كثيرا في بلادنا وكان يمكن لرعيل الاستقلال القيام به . فرغم أهمية الحكم الراشد في نهضة الدول الا أن البلاد لاتتقدم فقط بواسطة العمل الحزبي . في هذه الحالة ستتحول اللجان لتنظيم جماهيري قومي فاعل يعمل بهمة بواسطة الضغط الشعبي لتحديد الاولويات والاجندة التي تتنافس الاحزاب علي بلورة برامج لتحقيقها, وهذا في نظري شيء في غاية الاهمية. و لمعرفة أهميته ماعلينا الا قراءة تاريخنا الحديث لنتذكر ماهي الاجندة و الاولويات التي كنا نتصارع حولها طوال فترة مابعد الاستقلال! هل كان تحديد و توصيف ومراقبة تنفيذ برنامج نهضة تنموية شاملة تشمل كل السودان من الاولويات, تماما كما فعلت ستغافورة مثلا؟ هل كان من أولوياتنا القيام بمشروع قومي شامل لمحو الامية علي غرار مافعله الكوبيون بعد نجاح ثورتهم مباشرة, مما مكن كوبا في أن تسبق الولايات المتحدة و كثير من الدول الاوربية في نسبة من يجيدون القراءة و الكتابة من سكانها ؟ هل تم تحديد تفاصيل نهضة تعليمية شاملة بعيدة المدي ,في بلادنا, يشكل التعليم الفني نسبة عالية من معاهدها العليا؟
المشكلة في هذا الخيار(التحول لتنظيم جماهيري قومي غير حزبي) هو أنه لاتوجد خريطة عمل واضحة لكيفية تحقيقه, كما لاتوجد نماذج سودانية أو عالمية كثيرة يمكن تتبع خطواتها والمشي علي نهجها . من التنظيمات السودانية غير الحزبية التي أقتربت نوعا ما من هذا النموذج نظريا: هي جمعية اللواء الابيض التي أدرك الانجليز خطورتها وتم وأدها سريعا , ثم اتحاد نقابات عمال السودان و اتحاد مزارعي السودان في فترة تألقهما (خلال قيادة الشفيع أحمد الشيخ لاتحاد نقابات عمال السودان وشيخ الامين لاتحاد المزارعين). أيضا يعتبر تنظيم NAACP الأمريكي من الامثلة العالمية المضيئة في العمل الجماهيري المنظم المستدام الذي قاد تحولا اجتماعيا هائلا . فهذا التنظيم تأسس في عام 1909 بغرض الدفاع عن حقوق الملونيين بامريكا و العمل علي الضغط اجتماعيا و سياسيا و قانونيا لتحقيق كل مامن شأته رفعتهم في مجالات عدة كالتعليم , السياسة , الاقتصاد والحقوق المدنية . و قد نجح ذلك التنظيم نجاحا باهرا في مهمته التي حددها رغم أنه قد عمل في معظم سنواته في بيئة عدائية و عنصرية .
من الافضل أن يتم تحديد مستقبل لجان المقاومة في مؤتمر قومي شامل لكل اللجان , تتم فيه تحليل الخيارات المتاحة و أختيار أفضلها بواسطة الاغلبية , و لاشك أن تطور اللجان و الوجهة التي سيتم أختيارها سيكون لها تأثيرا كبيرا علي مستقبل السودان .
مدونتي:
https://hussein-abdelgalil.blogspot.com
husseinabdelgalil@gmail.com
ما أعنيه هو مستقبل لجان المقاومة بعد إسقاط النظام أو بعد انتهاء الفترة الانتقالية . ماذا سيكون دورها بعد تشكيل السلطة التشريعية و التنفيذية؟ فدورها الحالي يحدده بدقة وصف "المقاومة" في أسمها , فهي لجان شعبية تقود مقاومة سلطة إنقلابية وكل الدلائل تشير الي أنها ستنجح بأذن الله في تحقيق هدفها النبيل هذا. و تحقيق ذلك الهدف سيعني تشكيل سلطة تشريعية تمثل الشعب وتقوم بمراقبة أداء الحكومة . فماذا سيكون دور لجان المقاومة بعد ذلك؟
التفكير في مستقبل لجان المقاومة ليس ترفا ذهنيا بل هو محاولة لقراءة الخيارات المتاحة و استصحاب التجارب التاريخية في هذه القراءة. فكل التنظيمات التي نجحت في قيادة التحولات السياسية الهامة في السودان لم تستطع التأقلم مع التغيير الذي صنعته وأدي ذلك لاندثارها. فمؤتمر الخريجين الذي قاد حركة استقلال السودان , جبهة الهيئات التي قادت ثورة 21 أكتوبر , التجمع النقابي الذي قاد إنتفاضة 6 أبريل و حتي تجمع المهنيين الذي قاد إسقاط نظام الانقاذ لم تستطع أن تعيد تعريف دورها بعد النصر الذي قادته مما أدي لاندثارها كمؤتمر الخريجين , جبهة الهيئات والتجمع النقابي - أو اضمحلال دورها و إنشقاقها كتجمع المهنيين . أذن فالتجارب التاريخية ليست في صالح لجان المقاومة .
لو أختارت لجان المقاومة التحول لحزب سياسي فسيكون لها وجود منظم في كل مدن السودان وفي كثير من مناطقه غير الحضرية . سيمتاز الحزب الشاب دون غيره من الاحزاب الاخري بقدرته الفائقة في الحشد والتنظيم علي مستوي القطر بواسطة أفرعه التي تكونت أثتاء نضال الثورة وعركتها تجارب مقارعة الانقلاب اليومية .أيضا سيكون حزب اللجان هو الحزب السوداني الوحيد الذي تشكل من القاعدة للقمة Bottom-up وله جذوز راسخة في معظم أنحاء البلاد, وذلك عكس أحزابنا الأخري التي تتشكل قمتها في الاول . سيكون الحزب هو الكاسب الاكبر من التركيبة السكانية الحالية في السودان والتي اصبحت شبابية في غالبيتها . أيضا فان الضعف التنظيمي و فقر القيادات في الاحزاب الاخري ربما يؤدي لفوز الحزب الذي ستشكله لجان المقاومة (ان هي احتفظت بوحدتها) في الانتخابات القادمة .
لكن التحول لحزب سياسي سيجعل من اللجان حزبا سياسيا آخر ضمن مئات الاحزاب السودانية , و بالطبع فان كل من ينتمي لحزب آخر لن يكون مناصرا لحزب لجان المقاومة كما هو مؤيدا للجان الآن .
الخيار الثاني هو أن تتحول لجان المقاومة لتنظيم جماهيري قومي يعلو علي العمل الحزبي وبذلك يمكن أن تدعمه الجماهير من مختلف الاحزاب وتكون مهمته قيادة تغيير أجتماعي شامل تأخر كثيرا في بلادنا وكان يمكن لرعيل الاستقلال القيام به . فرغم أهمية الحكم الراشد في نهضة الدول الا أن البلاد لاتتقدم فقط بواسطة العمل الحزبي . في هذه الحالة ستتحول اللجان لتنظيم جماهيري قومي فاعل يعمل بهمة بواسطة الضغط الشعبي لتحديد الاولويات والاجندة التي تتنافس الاحزاب علي بلورة برامج لتحقيقها, وهذا في نظري شيء في غاية الاهمية. و لمعرفة أهميته ماعلينا الا قراءة تاريخنا الحديث لنتذكر ماهي الاجندة و الاولويات التي كنا نتصارع حولها طوال فترة مابعد الاستقلال! هل كان تحديد و توصيف ومراقبة تنفيذ برنامج نهضة تنموية شاملة تشمل كل السودان من الاولويات, تماما كما فعلت ستغافورة مثلا؟ هل كان من أولوياتنا القيام بمشروع قومي شامل لمحو الامية علي غرار مافعله الكوبيون بعد نجاح ثورتهم مباشرة, مما مكن كوبا في أن تسبق الولايات المتحدة و كثير من الدول الاوربية في نسبة من يجيدون القراءة و الكتابة من سكانها ؟ هل تم تحديد تفاصيل نهضة تعليمية شاملة بعيدة المدي ,في بلادنا, يشكل التعليم الفني نسبة عالية من معاهدها العليا؟
المشكلة في هذا الخيار(التحول لتنظيم جماهيري قومي غير حزبي) هو أنه لاتوجد خريطة عمل واضحة لكيفية تحقيقه, كما لاتوجد نماذج سودانية أو عالمية كثيرة يمكن تتبع خطواتها والمشي علي نهجها . من التنظيمات السودانية غير الحزبية التي أقتربت نوعا ما من هذا النموذج نظريا: هي جمعية اللواء الابيض التي أدرك الانجليز خطورتها وتم وأدها سريعا , ثم اتحاد نقابات عمال السودان و اتحاد مزارعي السودان في فترة تألقهما (خلال قيادة الشفيع أحمد الشيخ لاتحاد نقابات عمال السودان وشيخ الامين لاتحاد المزارعين). أيضا يعتبر تنظيم NAACP الأمريكي من الامثلة العالمية المضيئة في العمل الجماهيري المنظم المستدام الذي قاد تحولا اجتماعيا هائلا . فهذا التنظيم تأسس في عام 1909 بغرض الدفاع عن حقوق الملونيين بامريكا و العمل علي الضغط اجتماعيا و سياسيا و قانونيا لتحقيق كل مامن شأته رفعتهم في مجالات عدة كالتعليم , السياسة , الاقتصاد والحقوق المدنية . و قد نجح ذلك التنظيم نجاحا باهرا في مهمته التي حددها رغم أنه قد عمل في معظم سنواته في بيئة عدائية و عنصرية .
من الافضل أن يتم تحديد مستقبل لجان المقاومة في مؤتمر قومي شامل لكل اللجان , تتم فيه تحليل الخيارات المتاحة و أختيار أفضلها بواسطة الاغلبية , و لاشك أن تطور اللجان و الوجهة التي سيتم أختيارها سيكون لها تأثيرا كبيرا علي مستقبل السودان .
مدونتي:
https://hussein-abdelgalil.blogspot.com