داخل “مجلس السيادة”.. من سيكسب الجولة؟
منصة حرة
manasathuraa@gmail.com
طالما ارتضى تحالف "الحرية والتغيير" السير في طريق توقيع اتفاق مع "اللجنة الأمنية" لنظام البشير، وتم ضع إطار قانوني لهذا الاتفاق، عليهم الالتزام به وإن كان ناقصاً، ويكفيهم دفاع الأساتذة ساطع الحاج وابتسام سنهوري ونبيل أديب، عن هذا الإطار القانوني الذي رفضته مكونات ذات ثقل داخل "الحرية والتغيير"، ولكن "وقع الفأس في الرأس"، ويكاد الآن الاتفاق "الناقص" أن يجهض الثورة، ولا استبعد خروج "الثلاثي القانوني" غداً في أجهزة الإعلام لينفوا علاقتهم بالاتفاق "المعيب".
دائماً أسأل لماذا استعجل قادة سياسيين ورؤساء أحزاب توقيع الاتفاق، خاصة بعد جريمة "فض الاعتصام" التي أضعفت العسكر، وعزلت اللجنة العسكرية داخلياً وخارجياً، وتجاهل الشعب حالة الطوارئ التي فرضتها بالقوة، وتم كسر شوكتها في ذلك الوقت، وكادت أن "تسقط"، لولا السرعة الغريبة والمريبة في توقيع اتفاق "ناقص" به تناقضات وجدل، ادخل البلد الآن في مشاكل لن تخرج منها بخسائر قليلة، والتاريخ لن يعفي من ساهم في إجهاض الشارع بذلك الاتفاق الذي رقص له البعض دون وعي.
واليوم نشهد معركة جديدة بين مكون عسكري يجتهد تارة برفع العصا وتارة بمنح الجزرة، لتثبيت "حكم الكيزان" والإبقاء على المصالح والعلاقات والأنظمة القديمة، من موظفين وشركات وغيرها من المؤسسات التي دمرت الاقتصاد عبر "فساد منظم" وما زالت، وفي ذات الوقت يقطف ثمار العمل السياسي المدني الذي يقوده مجلس الوزراء بقيادة "المحترم" الدكتور حمدوك، في جولاته الخارجية (رغم قصور أداء عدد من الوزراء)، وسيضيف العسكر رفع السودان من قائمة "الإرهاب"، ضمن إنجازات فترة حكمهم الحالية.
وبالأمس خرج لنا "الجيش" ببيان يوضح خلاله أسباب إحالة الملازم أول محمد صديق إلى المعاش، ولكن للأسف دان البيان ضباط الجيش بمن فيهم أعضاء مجلس السيادة، والولاة وكل من له منصب سياسي، لأن قانون القوات المسلحة يمنع العمل السياسي، والآن هؤلاء الضباط يمارسون السياسية ضاربين بالقانون عرض الحائط، وفي ذات الوقت يستخدمون ذات القانون لضرب الضباط الذين حموا الثوار، ووقفوا بقوة ضد القتل والاعتقال، والآن كتبوا "بيان الإدانة" بأنفسهم، وأمامهم خياران إما تسليم السلطة للمدنيين، أو الاستمرار في طريق الانقلاب العسكري وحرق السودان.
وفي مقابل ذلك خرج عضو المجلس السيادي محمد الفكي سليمان، ببيان يؤكد فيه بقاء الملازم أول محمد صديق ضمن صفوف القوات المسلحة ومعه كل الضباط الوطنيين، ثم جاء التأكيد من البرهان بأن لا تراجع عن قرار المؤسسة العسكرية، واعتبر الأمر شأن داخلي يخص العسكريين ويجب على المدنيين عدم التدخل، وفي ذات الوقت تتدخل المؤسسة العسكرية في العمل السياسي المدني رغم الرفض الشعبي المتواصل لحكم العسكر، ولكن للأسف السبب هو "الثلاثي القانوني" والاتفاق "المعيب".
وكل هذا الاستفزاز يحدث للثوار من باب نحن "تمكنا"، وسنضرب كل من انحاز للثورة، وبالتزامن مع التحركات داخل "الجيش" يجري العمل على قدم وساق داخل البنوك والمؤسسات الحكومية، لمعاقبة وفصل وتهديد كل وقف مع الثورة، وفي الجانب الآخر "لجنة التفكيك" تتحرك بسلحفائية "تقول مقصودة".
واليوم، ستخرج مليونية "تتويج أبطال الجيش"، الذين انحازوا للثوار، ليثبتوا للانقلابيين الجدد، أن الشارع متماسك، ويعرف كيف يرد الجميل، وفي ذات الوقت، رسالة لمن يريدون تقسيم الشارع، بأن "مليونية 30 يونيو" الخالدة ستتكرر، ولن يرضى الشعب السوداني بعد ثورة ديسمبر بحكم عسكري، أو انقلاب جديد.
ننتظر من سيكسب الجولة الحالية داخل مجلس السيادة، هل سينجح العسكر في تمرير قائمة الفصل، والترقيات، أم سيتمكن المكون "المدني" من إرجاع "محمد صديق" ورفاقه إلى صفوف القوات المسلحة، أم سيخرجون لنا ببيان "توافقي" كالعادة دون ملامسة الأزمة الحقيقية، كما ننتظر ردة فعل "الثلاثي القانوني" الذي كان سبباً في كل هذه التناقضات والمشاكل عندما وضعوا وثيقة دستورية ناقصة ومعيبة، وجولة فصل الضباط الذين انحازوا للثوار لن تكون الجولة الأخيرة، وإنما هي مجرد جولة ضمن جولات مقبلة.
منصة مطلبية:
لن يستطيع الشعب السوداني دفع "ثمن المحاصصة" بتعيين 18 حكومة ولائية بكامل مخصصاتها المالية، وليس من المعقول الاستمرار في ذات التقسيم الإداري للنظام البائد، والذي ظللنا ننتقده بسبب المحاصصة والترهل الإداري والصرف البذخي.
لن نقبل بـ 18 ولاية بميزانية مهلكة، يكفي السودان 6 ولايات أو أقاليم متمثلة في (الشمال، الوسط، الخرطوم، دارفور، كردفان، الشرق)، بتقسيمات المجالس المحلية، ونرجو أن يتم هذا الأمر في أقرب وقت ممكن، لأن مسالة وجود هذا الكم الكبير من الولاة يفتح أبواب الفساد والمحسوبية، ولن تستطيع الدولة إدارة مواردها بطريقة سليمة..
دمتم بود