دارفور .. رحلة الدموع علي درب الدماء !!
منذ فبراير 2003 والموت يحصد الأرواح في دارفور والأزمة مشتعلة ومتواصلة ومواطن دارفور يحترق في موقد العذاب ويتألم ويحمل من الشقاء فوق مايحمل طوق الأحباء ، وأصبحت دارفور بمثابة الأزمة المستعصية وغمتها لاتنجلي وإسارها لايطاق وفصولها تضج بالحرمان والعذاب ،مفاوضات ومدن ووثائق من أبشي إلي أبوجا والدوحة والفشل ملازم لكل الاتفاقيات الموقعة ، ومنذ 11 عاماً يجلس الوالي محمد يوسف كبر في قصر السلطان وعمر كبر في ولاية شمال دارفور بعمر الأزمة وكل ماقيل عن حل الأزمة من قبل كبر وحكومة الخرطوم ذهبت أدراج الرياح والأوضاع تتدهور وتصل مرحلة أن توصف بأنها أكبر كارثة انسانية في العالم وفي رأي كثير من المراقبين والمتابعين أن المطلوب هو أن نقذف بأسئلتنا وإجاباتها التقليدية وأن نسعي إلي أسئلة وإجابات جديدة.
(1)
وتدهورت أحوال دافور ودخلت الأزمة في دروب وعرة و أصبح وجود والي شمال دارفور في مدينة الفاشر وماحولها - فقط – وتقع مناطق واسعة من الولاية في شرقها وغربها تحت سيطرة مناوي وموسي هلال وحتي مدينة الفاشر تعيش حالة من الفوضي والتفلتات الأمنية ، ولقي موظف من اللجنة الدولية للصليب الأحمر (اللجنة الدولية) حتفه في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، وكان نجم الدين صالح موسى بشارة يعمل كأمين مستودع لمخازن اللجنة الدولية. وقد أصيب برصاصة طائشة وهو في طريق عودته من عمله إلى المنزل . ومع تراجع وتدهور الأوضاع في دارفور ودخول الأزمة في عامها ال11 دق الحزب الشيوعي السوداني ناقوس الخطر وحذر من تجاهل الأزمة وبل مضي أكثر من ذلك وقال الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي يوسف حسين " دارفور تمضي نحو تقرير المصير".. وأضاف حسين – العنف يتصاعد في دارفور والأوضاع تتدهور وأزمة دارفور أكبر كارثة انسانية كماقال من قبل الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان .
(2)
ويري كثيرون أن الأزمة في دارفور رجعت إلي المربع الأول وربما أسوأ من المربع الأول خاصة مايتعلق بالجانب الانساني في ظل غياب المنظمات الدولية التي كانت تقدم المسكن والمأوي والغذاء والآن النازحين الجدد يفترشون الآرض ويلتفحون السماء وتعقدت الأزمة ووجدت الحكومة السودانية نفسها في مواجهة من كانوا معها في بدايات الأزمة ( موسي هلال) وهي تقدم خطوة إلي الأمام وأكثر من خطوة إلي الوراء والصراع بين كبر وهلال ينمو ويكبر و يقتطع موسي هلال لنفسه " إمارة خاصة" في داخل الولاية وكتب علي مدخلها – ممنوع الإقتراب – ومع تصاعد العنف وتراجع فرص الحل ( الرسمي) يقدم الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي يوسف حسين – خارطة طريق – للأزمة تبدأ بالتشخيص السليم لأسباب الصراع وقال حسين " منذ العام 2003 والحكومة تردد المقولات والمعلومات الخاطئة " ويري حسين أن التشخيص الخاطئ والنظرة الأحادية من قبل المؤتمر الوطني و البحث عن شماعة خارجية لتعلق عليها فشلها في معالجة الأزمة كانت ولازالت من أهم أساب تدهور الأوضاع في دارفور.
(3)
وظلت أزمة دارفور تطرح منذ إندلاعها ضفيرة من الأسئلة المتشابكة المتسقة أو المتضاربة حول أسباب الصراع بين دارفور والمركز وبين مكونات وقبائل دارفور وكان الوضع يتطلب من (أصحاب القرار) قبل أن تستدعي جملة الإجابات أو جملة اقتراحات الإجابات أن تلتفت لواقع انسان دارفور وللأسباب الحقيقية للصراع لتحديد –العلاج – للأزمة قبل أن تستفحل وتخرج من اليد – ويري يوسف حسين أن الحلول الامنية والحربية فشلت في حل الأزمة وأن الحكومة السودانية كانت تعمل من أجل مسح القاعدة الإجتماعية للحركات المسلحة بإستخدام مليشيات الجنجويد وذلك تحت مظلة حالة الطوارئ وبإستخدام سياسة تقوم علي المحاباة العرقية لبعض مكونات دارفور.. وبعد حديث حسين تواصل تشخيص الحزب الشيوعي السوداني لأزمة دارفور وقالت عضو اللجنة المركزية للحزب الأستاذة نور الصادق " الوضع في دارفور متأزم جداً والعنف متواصل والآن تشهد دارفور حركة نزوح كبيرة بسبب تصاعد العنف " ومضت نور الصادق في توصيف الأزمة ، الصراع في دارفور الآن في أكثر من مكان وبأكثر من وجه – صراع بين الحكومة والحركات وصراع بين القبائل والمحصلة نزوح أعداد كبيرة من المواطنين وأوضاع انسانية غاية في السوء ، مع النازحين القدامي هناك نازحين جدد بلا مأوي ولارعاية ومع أوضاع صحية متردية جداً.
(4)
ودخلت عناصر جديدة في أزمة دارفور تتمثل في الصراع بين مكونات الحكومة في دارفور –كبر وهلال – والصراع العنيف جداً بين القبائل العربية وكانت بعض وسائل الإعلام قد ذكرت أن الحكومة السودانية فقدت السيطرة علي مليشيات الجنجويد وفي بدايات الصراع بين موسي هلال وكبر وقفت الحكومة إلي جانب كبر ممادفع هلال لشق عصا الطاعة علي الحكومة المركزية وتكوين – مملكة خاصة – في أجزاء من ولاية شمال دارفور.. وكان نافع علي نافع قد أعلن وقوف المركز إلي جانب كبر عندما قال في أثناء زيارته الأخيرة للفاشر بعباءة – السلطة – وقال " إن من يخرج على المؤتمر الوطني ستأكله الذئاب " و اخرج نافع من السلطة والذئاب لم تأكل موسي هلال ويبدو أنها تقترب من يوسف كبر.
(5)
وللأزمة في دارفور أكثر من وجه وللحزب الشيوعي السوداني رؤية مغايرة للحكومة في تحليل أسباب الصراع وقال القيادي بالحزب الشيوعي وعضو اللجنة المركزية صالح محمود المحامي في المنبر الدوري للحزب حول سيناريوهات أزمة دارفور .." السياسات المعلنة في المركز تهدف إلي تدمير مجتمعات دارفور وبأساليب جديدة وعبر إستخدام أبناء دارفور ومايحدث في دارفور كارثة انسانية بكل المقاييس" وأضاف صالح محمود .. ضحايا الكارثة في دارفور يتحدثون عن جرائم بشعة جداً أرتكبت ضدهم ومشكلة دارفور هي مشكلة السودان في دارفور ويمضي صالح محمود قائلاً .. " الحكومة تعمدت نشر الفوضي في دارفور حتي لايتكلم أهل دارفور عن حقوقهم في السلطة والثروة وهي غير راغبة في حل الأزمة وفي طرد النازحيين الجدد الذين أستولوا علي الأراضي والحواكير " ولاسلام في دارفور بدون محاسبة والأجهزة العدلية في السودان غير راغبة وغير قادرة علي محاكمة الجناة .. إنتهت أقوال صالح محمود ولكن الأزمة في دارفور متواصلة والمعاناة الإنسانية مستمرة وفي القلب حسرة وفي العين دمعة.
hsn455@hotmail.com