دارفور … وصراع الحكومة مع المجتمع الدولي
د. حسين أدم الحاج
8 January, 2009
8 January, 2009
helhag@juno.com
د. حسين آدم الحاج
الولايات المتحدة الأمريكية
تمهيد:
يقول المثل العامى السودانى "لو إتنين قالوا ليك راسك ما فى, ألمسوا"! لكن الحكومة بدلاً من أن تفعل ذلك وتتأكد من أن رأسها موجودة بالفعل إلاَّ أنَّها تكابر وتلاوى وتنتهج مبدأ لا أرى, ولا أسمع, ولا أحس وبسبب ذلك تظل دوماً تدفع ثمناً غالياً ومرهقاً لها ولشعبها. إنَّ الشئ المشاهد فى الحكومات التى تحترم نفسها وشعوبها هو مسارعتها فى القيام بتحقيقات عاجلة وعميقة حول أى شكوى أو شك تنال من كفاءتها ومقدرتها على قيادة البلاد, وقد تتطور تلك التحقيقات إلى تعيين لجان قانونية مستقلة من شخصيات مشهود لها بالثقة والنزاهة رغبة فى الشفافية والتجرد من المصلحة الشخصية, خاصة إذا كانت القضية تتعلق بشرف الحكومة ومصداقيتها مثلما يتابع كل العالم الآن تحقيقات تقوم بها لجنة مستقلة لمعرفة ما إذا كانت إدارة الرئيس بوش الإبن قد أخفقت فى واجبها المشروع فى حماية أمريكا من هجمات 11 سبتمبر عام 2001م, لكنَّنا ظللنا, وللأسف فى نفس الوقت, نشاهد حكومة السودان تحاول السباحة عكس تيار المجتمع والدولى الهادر وأعرافها المعتمدة فى التعامل الشفيف خاصة فيما يتعلق بحقيقة الأوضاع فى دارفور, وهى سباحة ليست فى مستواها وسوف لن تقدر عليها, فالإنكار الأحمق والسذاجة الخرقاء فى التعامل مع الحقائق البينة سوف لن "تغطس إلاَّ حجرها", لكن المأساة الحقيقية تتمثل فى أنَّ ذلك قد صار جزءاً أصيلاً فى سلوك كبار المتنفذين فى الدولة, خاصة أولئك المسئولين عن ملف دارفور, يتصرفون حيال معضلة تتعلق بأرواح ملايين من البشر هناك وكأنَّهم يديرون إقطاعيات خاصة بهم وليست قضايا ومآسى بنى آدمين يتشاركون معهم فى شم نفس هذا الهواء, فالسلوك الرسمى المتبع منذ فترة طويلة فيما يتعلق بالكوارث المستفحلة بدارفور ظلَّت تقوم على مبدأ اللا مبالاة, والإنكار, ثمَّ تكرار الإنكار, فالغضب مع الإنكار, ثمَّ الإتهام بالكذب والنفاق ومعاداة الحكومة وكأنَّها الحكومة الراشدة المعصومة من الخطأ! لا يسلم من ذلك القريب أو البعيد, المحلى أو الأجنبى, المنظمات أو الدول, وهم إذ يفعلون ذلك تمضى شريط الأحداث والإبادة والإغتصاب ماثلة أمام أعين العالم بينما الحكومة تسد هذه بطينة وتلك بعجينة, وعندما تتدفق جموع الهاربين تجاه منافى الشتات فى دول الجوار وفيافى الخرطوم كشهادة على ما يعانونه من مسغبة فى ديارهم التى إزيلت يفسرها المسؤولون بكل بساطة على أنَّها مؤامرة ومبالغة, وتحاول إجبارهم للعودة إلى من حيث أتوا بل وتحاول مصارعة الجهات العالمية إن هى إستنكرت ما يحدث. إنَّ الظاهرة الخطيرة والمثيرة للقلق والإشفاق فى آن واحد فيما يتعلق بالسياسة الخارجية السودانية فى عهد الإنقاذ هى نزعتها الدائمة إلى إعتماد مبدأ غريب يقوم على اللولوة والمناكفة ومشاكسة المجتمع الدولى والمنظمات العالمية فى أمور بديهية بالرغم من الشواهد المتكررة حول هشاشة موقفها الدائم والتى لم يحدث يوماً أن صمدت أمام المواجهة العالمية الحاسمة بل كانت هى الخاسرة دوماً, ودائماً ما تتراجع لكن بعد فوات الأوان و"تاكلها ناشفة" بدلاً عن "مملحَّة", ومن المعروف فى مجال العلاقات الدولية أنَّ مثل هذا السلوك سوف لن يزول بمجرد زوال النظام بل يظل عالقاً بسيرة الدولة وشعبها لفترات طويلة, مثل تهم الإرهاب العالمى, والتى ستظل كشامة بارزة فى خد الجبين السودانى وشعبها البرئ من سياسات وفجور حكامها.
شريط الصراع بين الحكومة والمجتمع الدولى فيما يتعلق بأزمة دارفور:
إثباتاً لحقيقة مشاكسات الحكومة مع المجتمع الدولى حيال تطورات الأحداث فى دارفور نود أن ندلل عليها من خلال إستعراض سيرة من الوقائع والمناكفات بدرت من كبار المسئولين فى الدولة خلال العشرة أسابيع الأخيرة فقط, وتحديداً منذ نهاية شهر يناير الماضى وإلى لحظة التوصل إلى إتفاق لوقف إطلاق النار قبل أيام معدودة فى الثامن من الشهر الجارى بالعاصمة التشادية إنجمينا وسط حضور مراقبين دوليين بخلاف ما تشتهى الحكومة وغصباً عنها. لقد تتبعت سيرة تلك المناكفات من الصحف السودانية ووكالات الأنباء العالمية, بمعنى أنَّها ليست مفبركة, وقد أوردت عقب كل حدث منها مصدر الخبر وتاريخ صدوره وفى تسلسل تاريخى دقيق يعكس طبيعة مجرى الأحداث وردود الفعل, الشيئ الذى يزيد من مصداقية التوثيق, وهى عملية توثيق مهمة سأتفرغ لها خلال الفترة القادمة لتغطى كل مراحل هذه الثورة (ثورة دارفور) وقد تصدر فى أكثر من مطبوعة. وعلى العموم أود أن أشير إلى القارئ فى تتبعه لهذه السيرة الأنتباه وملاحظة ثلاثة أمور مهمة تتمثل أولها: فى الإتهامات الجزافية التى ظلَّ مسئولو النظام يطلقونها بمناسبة وبدون مناسبة حيال الأزمة فى دارفور, ثانيها: إنَّ ما تحتج عليها منابر المجتمع الدولى من تجاوزات تحدث فى إقليم دارفور تنكرها الحكومة بحدة بالرغم من الشواهد البائنة فى نزوح السكان بل وفرارهم إلى ملاذات آمنة خلف الحدود, وثالثها: ضعف كفاءة الدبلوماسية السودانية وتعامل الدولة الرسمى فى مجال العلاقات الخارجية, والخروج المقلق عن التقاليد المعروفة فى أدب المخاطبة, وإستخدام كلمات وعبارات نابية لا تمت للخلق السودانى الأصيل أو حتى تعاليم الأديان بصلة, الشيئ الذى قد يلقى برشاشها مباشرة على كل الوطن وشعبه, فإلى مضبط التوثيق:
* إتصالات ووساطة مصرية لمعالجة الأزمة الصامتة بين السودان وليبيا بعد اتهامات حكومية سودانية لطرابلس بمساعدة حركة التمرد المسلح في دارفور (الأيام 23/1/2004م).
* السيناتور فرانك وولف رئيس لجنة الموازنة بالكونغرس ينتقد حكومة الجبهة الإسلامية في حملتها الوحشية بولاية دارفور (سودانايل 26/1/2004م).
* تصنيف السودان على رأس 13 دولة فى العالم تمارس الإبادة الجماعية (سودانيز أون لاين 27/1/2004م).
* سفير بريطانيا بالخرطوم يشير إلى تأخر منح الأذونات والتأشيرات للمنظمات الإنسانية للوصول الى عواصم ولايات دارفور (الصحافة 28/1/2004م).
* وزير الإعلام الزهاوي إبراهيم مالك يؤكد رفض الحكومة المشاركة فى مؤتمر جنيف للمسائل الإنسانية (الأضواء 11/2/2004م).
* مبارك الفاضل مساعد رئيس الجمهورية يصرح برفض الحكومة تدويل قضية دارفور (الأنباء 13/2/2004م).
* توتر العلاقة بين الحكومة ومنظمة أطباء بلا حدود الفرنسية (الأضواء 18/2/2004م).
* هدى الحسيني, الصحفية بجريدة الشرق الأوسط, تصف ما يحدث بدارفور بسياسة التطهير العرقى (الشرق الأوسط 19/2/2004م).
* وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دوفيلبان يصرح في الخرطوم بأنَّ أزمة دارفور تهدد الإستقرار في المنطقة (الحياة 21/2/2004م).
* ريتشارد هويت عضو البرلمان الأوروبي يتهم الحكومة السودانية بإخفاء الصراع فى دارفور عن العالم و يضيف "لا يمكنهم أن يصوروا أنفسهم على أنهم أنصار السلام الذين يعملون لإنهاء الحرب الأهلية في الجنوب.. في وقت ينفذون فيه ما يوصف بأنه تطهير عرقي في دارفور" (الجزيرة نت 24/2/2004م).
* الامم المتحدة تشكك فى إستقرار الأوضاع بدارفور (الأضواء 29/2/2004م).
* أعلن السودان أنه سيرفض مشروع قرار يعتزم الإتحاد الأوربي تقديمه للجنة حقوق الإنسان بجنيف تحت المادة (19) المتعلقة بالعون الفني والخدمات الإستشارية إذا تضمن إدانة للحكومة بسبب قضية دارفور (الرأى العام 2/3/2004م).
* الإتحاد الأوروبي يتقدم بمقترح أمام الدورة "60" للجنة الدولية لحقوق الإنسان لإصدار قرار ضد السودان بإنتهاك حقوق الإنسان في ولايات دارفور (سودانيز أون لاين 3/3/2004م).
* أكدَّ رود لوبيرز رئيس المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة خلال زيارته لمخيم للاجئين السودانيين في تشاد إنَّ هناك فظائع ترتكب في إقليم دارفور, وأنَّ أي إتفاق للسلام بين حكومة الخرطوم والمتمردين في الجنوب يجب أن ألا يكون على حساب شعب إقليم دارفورغربي السودان (بى بى سي 3/3/2004م).
* دعت الولايات المتحدة الحكومة السودانية إلى نزع أسلحة المليشيات في دارفور, وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان إنَّ الولايات المتحدة تعهدت بالمساعدة في المفاوضات بشأن السماح لجماعات الإغاثة الإنسانية توصيل مواد الإغاثة إلى دارفور غرب البلاد إلا أن الحكومة السودانية تجاهلت عرضها (الجزيرة نت 3/3/2004م).
* قال وزير الدولة بالخارجية رداً على بيان وزارة الخارجية الأمريكية "إَّن الحكومة لا تخطر أية جهة أو تصدر نداءات أو إعلانات ولأنَّ من حقهم أن يقترحوا ومن حقنا أن نقرر"! مؤكداً إنَّ الرؤية التي وردت في الخيار الامريكي قد لا تكون مطابقة لرؤية الحكومة حول دارفور (الأنباء 4/3/2004م).
* أعرب وزير الخارجية الكندي بيل غراهام عن «قلقه العميق» من تدهور الوضع في منطقة دارفور، حيث تتكثف المعارك وعمليات تهجير المدنيين (الصحافة 5/3/2003م).
* الإتحاد الأوروبي يعرب عن قلقه "الشديد" إزاء تزايد المخاطرالتي يتعرض لها سكان دارفور ويدين بشدة الهجمات التي تقوم بها ميليشيات الجنجويد الموالية للحكومة علي القرى وعلى مراكز تجمع النازحين داخل دارفور (المشاهير 5/3/2003م).
* الحكومة السودانية تتحفظ على تصريحات المتحدث بإسم الخارجية الأميركية فى بيان حذر فيه من خطورة الأوضاع في دارفور (البيان 5/3/2003م).
* الحكومة تطالب الخارجية الأمريكية بمراجعة بيانها المتعلق بالأوضاع في دارفور, وقد وصفت الحكومة على لسان وزير الدولة للشؤون الانسانية الاستاذ محمد يوسف عبدالله بيان وزارة الخارجية الامريكية الخاص بالاوضاع في دارفور بأنه لا يستند علي معلومات، مطالبة بمراجعته (الأنباء 6/3/2004م).
* إتهم جاكوبس دي مايو رئيس الصليب الأحمر في القرن الإفريقي إن عمليات إنسانية أساسية وهامة في دارفور قد أصبحت مستحيلة منذ نوفمبر/تشرين ثاني الماضي. وأضاف "نعتقد أن هناك أزمة خطيرة للغاية". وقال فى مؤتمر صحفي في العاصمة الكينية نيروبي "لسنا في موقع يسمح لنا بمعرفة ما حدث بالضبط في دارفور، لأننا منعنا من الذهاب إلى هناك" (بي بي سي 7/3/2004م).
* ردت الحكومة السودانية بغضب على اتهامات لجنة الصليب الاحمر الدولي لها باعاقة تدفق المساعدات الانسانية للمتأثرين بدارفور، وقالت انها ظلت تعامل هذه المنظمة معاملة خاصة، وتعطيها اسبقية واولوية على غيرها من المنظمات (الصحافة 9/3/2004م).
* طالبت الحكومة الاتحاد الاوروبي للنظر في التقارير الخاصة باوضاع حقوق الانسان في دارفور بالمزيد من التعمق وبعد النظر. وشدد وزيرالدولة بوزارة الخارجية نجيب الخير عبدالوهاب لدي لقائه امس القائم باعمال سفارة هولندا بالخرطوم، الرئيس الحالى لسفراء الاتحاد الاوروبي اوريان كوجمانس، على قناعة الحكومة الراسخة بان من خرج بالباب لن يسمح له بالعودة من النافذة، وذلك في اشارة واضحة بشأن تعامل اللجنة الدولية لحقوق الانسان مع التقاريرالخاصة بالاوضاع الانسانية في السودان وسعيها لاعادة البلاد الى وصاية المقرر الخاص لحقوق الانسان بجنيف, وتشير (الصحافة) الى ان الاتحاد الاوروبي يزمع تقديم مشروع قرار توطئة لتقديمه للجنة حقوق الانسان في جنيف في دورته القادمة، لاخضاع السودان مرة اخري لوصاية اللجنة (الصحافة 9/3/2004م).
* إنتقدت منظمة «هيومان رايتس ووتش» للدفاع عن حقوق الإنسان مسلك الحكومة السودانية بشأن حقوق الإنسان فى دارفور. وقالت جيميرا رون الباحثة في شؤون السودان في بيان أصدرته المنظمة رداً على إعتقال الحكومة أثنين من موظفيها العاملين فى السودان أنَّه فى «خلال العام الماضي شنت الحكومة السودانية وميليشياتها حربا ضد سكان دارفور.. والآن تحاكم الحكومة من يحاولون حماية هؤلاء الضحايا». وتقول المنظمة إنَّ «الحملة التي تقودها الحكومة» في دارفور أدَّت إلى مقتل نحو 3 آلاف مدني (الشرق الأوسط 10/3/2004م).
* إتهم وزير الخارجية جهات - لم يسمها - بالسعي لإدانة السودان، وأكد رفض الحكومة ومقاومتها لهذه المساعي, ونبه إلي أنَّ التلويح بفرض عقوبات عبر قانون السلام الذي سيناقشه الكونغرس الامريكي في أبريل المقبل، أو التهديد بإعادة السودان إلي وصاية اللجنة الدولية لحقوق الانسان أوتهديدات أخري (لن تثني الحكومة عن موقفها تجاه فرض سلام شامل وعادل ودائم).. وأشار إلي أنَّ عددا من المؤسسات الدولية تتناول الآن الأوضاع في دارفور وإتخاذها ذريعة للضغط، وقال إنَّ الحكومة تسارع الخطي لإعادة الأمن والإستقرار إلي تلك المنطقة (الصحافة 10/3/2004م).
* صعّد الكونغرس الأميركي لهجته تجاه الحكومة السودانية, وتحدث رئيس اللجنة الفرعية لأفريقيا في الكونغرس السناتور إدوارد رويس بلهجة حادة في بداية الجلسة قائلا: "لا شك في تحديد الجهة المسؤولة عن الكارثة (في السودان), هذا الكونغرس يدين رسميا حكومة الجبهة الاسلامية القومية بجرائم إبادة. لن يكون الامر أوضح من هذا". واضاف: "ليس هناك شك في هوية المسؤول عن الدمار في إقليم دارفور في غرب السودان. الحكومة أدينت بحق على هجماتها على السكان في هذا الاقليم المعزول, دارفور تمثل سحابة منذرة بعواقب على عملية السلام, إنَّها تؤثر في المفاوضات وتزيد التعقيد الذي يمنع التقدم". ولاحظ السيناتور أن "صناع السلام أكثر بكثير من صناع الحرب في السودان. والسؤال المفتاحي هو ما اذا كانت القلة القليلة من السودانيين المستفيدين من الدمار ستتحكم في المستقبل" (الحياة 13/3/2004م).
* حمل مدير المعونة الاميركية مسؤول ملف مفاوضات السلام السودانية روجر ونتر على الخرطوم بشدة بسبب تفاقم الأوضاع في غرب السودان, وقال: "إنَّ ميليشيات الجنجاويد ترتكب المجازر وتنهب المناطق التي تقصفها الحكومة بالطيران". وقال إن "الحكومة لم تتدخل لردع الميليشيات على رغم وصفها لها بأنها خارجة على القانون". وحذر "من سلام لا يشمل دارفور التي تشهد أسوأ كارثة لا في أفريقيا فحسب, وإنَّما في كل العالم". ورفض تصريحات الحكومة بإنهاء الحرب في دارفور. كما اتهمها "بإغلاق الطرق أمام توصيل المعونات الانسانية" (الحياة 13/3/2004م).
* إعتبر وزير الشؤون الإنسانية إبراهيم محمود حامد شهادة بعض أعضاء الكونغرس ضد السودان وإتهام الخرطوم بالتسبب في تفاقم الوضع بدارفور بالمغرضة وتصب في معين المزايدات السياسية (الأضواء 13/3/2004م).
* كشف مصدر مطلع أنَّ توم فرالسن الذى سيبدأ اليوم زيارة للسودان يحمل مقترحا بنقل المساعدات الإنسانية من قواعد في تشاد إلى المتضررين في دارفور بصورة مماثلة لتجربة شريان الحياة التي تنطلق من مدينة لوكوشيكو الكينية. لكنَّ المصادر أكدت رفض الحكومة لهذا المقترح وتمسكها بنقل الإغاثة من مواقعها بالداخل عبر الممرات التي فتحتها أخيرا ، بإعتبار أنَّ الأوضاع مستقرة وآمنة (الصحافة 13/3/2004م).
* إتَّهم وزير الخارجية د. مصطفى عثمان إسماعيل السيد روجر وينتر، المدير المساعد للوكالة الأميركية للتنمية الدولية مسؤولا أميركيا في الشؤون الإنسانية بالتحيز إلى المتمردين السودانيين بنشره تقريرا مقلقاً حول الوضع الإنساني في منطقة دارفور, ووصفه الوزير بأنَّه "جزء من أولئك الذين ينضمون إلى مواقف الحركة المتمردة" في دارفور. وقد صرح وينتر خلال جلسة مع إحدى اللجان الفرعية في مجلس النواب بواشنطن إنَّ دارفور تشهد "بالتأكيد" "أخطر أزمة إنسانية في أفريقيا وربما في العالم" (سودانيز أون لاين 14/3/2004م).
* دعت اللجنة الفرعية لشؤون افريقيا بالكونغرس الامريكي لاجتماع هام وعاجل يوم الخميس الماضي للنظر في سير عملية السلام الجارية فى البلاد, وقد كثفت المداولات من نبرتها القلقة تجاه مجريات الامور في دارفور ورأت ان الازمة هناك تمثل كارثة انسانية كبرى وحملت الحكومة وزر ما يجري هناك, ورأى المتداولون انها تقود حرباً ضد المجموعات المعارضة لها بسبب التهميش السياسي والتنموي واشاروا الى ان ملاحقة القوات الحكومية لهؤلاء تسبب في مأسي إنسانية كبيرة, واتهم المتداولون الحكومة بتسليح مجموعات الجنجويد التي ارتكبت فظائع انسانية ضد المدنيين، ورفض المتداولون حجة الحكومة القائلة بأنها لا تستطيع السيطرة على مليشيات الجنجويد، مؤكدين أنها قادرة علي ذلك كما اتهموها بعرقلة انسياب المساعدات الانسانية للمتضررين في دارفور، وخلصوا إلى ان انفلات الاوضاع في دارفور هو حالة من حالات عدم الاستقرار في السودان التي من شأنها تشكيل تهديد مباشر لاتفاقية السلام بين الحكومة والحركة ورأوا أنها واحدة من الاسباب القوية التي تبرر الاستعانة بقوات دولية لحفظ السلام (الصحافة 16/3/2004م).
* دعت سفارة الولايات المتحدة الامريكية الاطراف المتصارعة في دارفور لوقف الهجمات على المدنيين، وقالت في نشرة صحفية عممتها أمس إنَّ مطلبها جاء بسبب الهجمات على المدنيين في كل من طويلة شعيرية وبرام ، الأمر الذي يستوجب حماية المواطنين ووضع حد للعنف وإطلاق سراح كل الرهائن وإحترام الحقوق المدنية والحريات في دارفور (الاضواء 18/3/2004م).
* إتهمت منظمة العفو الدولية الحكومة السودانية بتبني إستراتيجية لتشريد سكان دارفور, وقالت المنظمة فى بيان "مازالت الحكومة تقيد بشكل حاد وصول المساعدات الإنسانية في دارفور وتبدو غير راغبة في التعامل مع أزمة حقوق الانسان في المنطقة", وتابعت "نتيجة لذلك تعطلت المحاولات الدولية بما في ذلك محاولات الأمم المتحدة لحل مشكلة الوضع الإنساني وحقوق الإنسان في دارفور" (الشرق الأوسط 19/3/2004م).
* أعلن منسق الأمم المتحدة للعمليات الإنسانية في السودان موكايش كابيلا أن النزاع الدائر في ولايات دارفور غربي السودان يشكل اليوم أكبر كارثة عالمية على الصعيد الإنساني وحقوق الإنسان, وأفاد بأنَّ النزاع الذي إندلع بدارفور في شهر فبراير من العام الماضي أسفر عن سقوط أكثر من 10 آلاف قتيل وأكثر من مليون منكوب, وأشار إلى أنَّ ما يقع في المنطقة يعيد إلى الأذهان عمليات الإبادة الجماعية التي شهدتها رواندا، مشيرا إلى أن الفرق بين رواندا ودارفور هو عدد من ماتوا وقتلوا وعذبوا وتعرضوا للاغتصاب (الجزيرة نت 19/3/2004م).
* أعرب الإتحاد الأوروبي والوكالة الأميركية للتنمية الدولية واللجنة الدولية للصليب الأحمر عن قلقهم إزاء تدهور الوضع الإنساني في دارفور(الجزيرة نت 19/3/2004م).
* كشفت مصادر مطلعة عن سعي المجموعة الأوروبية والولايات المتحدة لإدانة السودان في الدورة (61) لحقوق الانسان المنعقدة حالياً بالعاصمة السويسرية جنيف, لكن المصادر السودانية قالت إنَّ هذه الجهات تسعى لتشويه صورة السودان بعد النجاح الكبير الذي حققه في الدورة السابقة (الرأى العام 20/3/2004م).
* ردت الحكومة بعنف علي تصريحات المنسق المقيم للأمم المتحدة في السودان موكيش كابيلا، الذي إتهم خلالها الحكومة بتقييد حركة قوافل الإغاثة وعدم حماية المدنيين في دارفور، ووصفتها بأنَّها كاذبة وغير محايدة وإتهمته بالفشل في مهمته كمنسق مقيم للأمم المتحدة بالبلاد, ووصف بيان صادر عن الشؤون الانسانية, تصريحات كابيلا بأنَّها شاذة وحملت الكثير من "الأكاذيب" حول حجم النزاع في دارفور وأرقام القتلي والمعتدي عليهم, ورأى البيان إنَّ كابيلا فقد أهم الصفات التي يجب أنَّ يتحلي بها الممثل المقيم، والمتمثلة في الحيادية بل تعداها إلي عمل سياسي مكشوف وتصريحات كاذبة. وبرر البيان دواعي تصريحات المنسق المقيم للأمم المتحدة للظروف الشخصية التي يمر بها كابيلا بعد إتفاق الحكومة والأمم المتحدة خلال زيارة مساعد الامين العام السفير توم فرالسن علي إنهاء فترة عمله بالسودان لفشله في القيام بمهامه (الصحافة 21/3/2004م).
* أبلغت الخرطوم الأمم المتحدة رسمياً بان مندوبها للشؤون الانسانية المقيم في الخرطوم موكش كابيلا شخصية غير مرغوب فيها واتهمته رسمياً بالافتقاد للحياد وتحوير الشأن الانساني لخدمة اجندة سياسية مدفوعة, ومضت المصادر لتأكيد ان الحكومة بصدد إيداع اشتراطات محددة ينبغي توافرها في خليفة كابيلا المفترض ابداله في اقرب سانحة اهمها التحلي بالنزاهة والخبرة في الشؤون الافريقية وفض النزاعات بجانب ضرورة تمتعه بسجل جيد، مشددة على ان الحكومة لن تتوانى في الصدع برأيها حيال اي مندوب اممي لا تتوفر فيه الشروط المطلوبة, واعتبر وزير الشؤون الانسانية ابراهيم محمود حامد توصيف ممثل الامم المتحدة اوضاع دارفور بالكارثية بانه «محض اكاذيب» لا تستند الى ارقام حقيقية او مرجعيات بعينها، واكد ان موكش كابيلا انحرف بحديثه عن سياق العمل الانساني الى الاجندة السياسية وزاد «قد يكون عملاً سياسياً مدفوعاً» ومضى ابراهيم محمود لتأكيد ان ما اثاره منسق الامم المتحدة «غير مسؤول» (الأضواء 21/3/2004م).
* إستدعت وزارة الخارجية السودانية أمس ممثل الأمم المتحدة المقيم في الخرطوم بالإنابة دكتور دون نيمال، وأبلغته رسمياً إحتجاجها على تصريحات ممثل المنظمة يوم الجمعة الماضي التي إتهم فيها الحكومة ومليشياتها بإرتكاب عمليات تطهير عرقي للقبائل غير العربية في دارفور(غرب)، وطلبت منه إبلاغ الإحتجاج إلى الأمين العام للأمم المتحدة (الشرق الأوسط 21/3/2004م).
* أكد وزير الشؤون الانسانية إبراهيم محمود حامد إستقرار الأوضاع الانسانية في دارفور وإعتبر حديث الكونغرس الامريكى عن تردى الأوضاع الإنسانية بأنَّه مزايدة سياسية. من جانبه نفى أمين الإتصال السياسى بحزب المؤتمر الوطنى ووزير الزراعة د. مجذوب الخليفة تسليح القبائل العربية ضد الزنجية في دارفور(الأيام 21/3/2004م).
* أكدت الحكومة مجددا رفضها لأية مبادرات دولية لعقد موتمر للسلام فى دارفور موضحة أنَّ باب الحوار مع متمردى دارفور مفتوح للتوصل إلى حل فى إطار قومي (سودانيز أون لاين 22/3/2004م).
* عبرت الحكومة عن عدم رضاها عن التقاير التى تنقل وتذاع بشأن الأوضاع في دارفور. وقال وزير الدولة بالخارجية نجيب الخير أنَّه نقل للسفير الفرنسى أمس عدم رضا الحكومة عن التقارير التى تنقل وتذاع بشأن الأوضاع في دارفور (الأيام 22/3/2004م).
* المجموعة الأوربية تتهم السودان بعدم التعاون في مجال حقوق الإنسان على خلفية الصراع الدائر في دارفور (سودانايل 24/3/2004م).
* إتهم قيرارد قالوشي القائم بأعمال الولايات المتحدة الأميركية في الخرطوم الحكومة السودانية بفرض تعتيم إعلامي على ما يدور في دارفور بغرب السودان. وقال في محاضرة مغلقة إقتصرت على أساتذة جامعة الخرطوم إنَّ الحكومة غير جادة لحل المشكلة وتفرض على الصحف حظراً لكي لا تنشر ما يدور هناك ولا يشار إلى النزوح الجماعي وعمليات القتل الجماعي. وأضاف وفقاً لأساتذة حضروا المحاضرة إنَّ الرئيس البشير يمكن أن يكون جيداً إذا تخلص من الدوائر الأمنية المحيطة به ونحن مستعدون لدعمه في إتجاه عقد مؤتمر حول دارفور طالما أنَّ المؤتمر سيفضي إلى حل سلمي للمشكلة (البيان 25/3/2004م).
* دعا موكيش كابيلا منسق الامم المتحدة للشؤون الانسانية في السودان إلى تشكيل محاكم لنظر جرائم الحرب لمحاكمة المسؤولين عن حالات الإغتصاب والنهب والقتل في القرى الإفريقية في منطقة دارفور بغرب السودان، متهما الدولة بالتواطؤ في هذه الجرائم. وقال فى الخرطوم «لا توجد أسرار.. الأفراد الذين يفعلون هذا معروفون. لدينا أسماؤهم». وأضاف في مقابلة مع وكالة رويترز «الأفراد الضالعون في هذه الجرائم يشغلون مناصب رفيعة» (المشاهير 26/3/2004م).
* إحتجاجاعلى وجود مراقبين دوليين وفد الحكومة رفض حضور إفتتاح مفاوضات نجامينا (المشاهير 30/3/2004م).
* دمغ وزير الخارجية د. مصطفى عثمان اسماعيل الممثل المقيم للامم المتحدة في السودان "بالكذب والخداع"، وشن مصطفى حرب كلامية عنيفة على د. موكش كابيلا الذي غادر البلاد امس, واعتبر اسماعيل ان نهاية فترة كابيلا بالسودان مؤلمة بالنظر لعلاقتها بخلافات بينه ورئاسته بجانب تصريحاته المتضاربة التي وصفها «بالنفاق», وعاود مصطفى الهجوم على مساعد مدير المعونة الامريكية روجر ونتر واتهمه "بمعاداة السودان" معتبراً زيارته والترويكا الاوربية لدارفور دليل على ان الحكومة ليس لها ما تخفيه (الأضواء 31/3/2004م).
* حذر الامين العام للمؤتمر الوطني بروفسر ابراهيم احمد عمر امس من تدويل قضية دارفور والتدخل الخارجي في مفاوضات إنجمينا وقال "الوجود الامريكي والاوربي والافريقي في مفاوضات انجمينا مهتم فقط بمسارات الاغاثة والعمل الانساني" وتابع "هذا هو المنطق الاساسي وهو ما نرفضه", وتابع "المراقبون الدوليون اتوا من اجل العمل الانساني وهذا لا نرفضه لكن لانريد ان يمددوا ويدخلوا في اطروحات اخرى" وأكد "لم نوافق على جهة سوى الرئيس التشادي" وشدد على أنَّ "قضية دارفور قضية سودانية ويجب حلها في الاطار السوداني السوداني ولا داعي للتدويل وإدخال دول اخرى" (الأيام 1/4/2004م).
* إتهمت الحكومة السودانية الأمم المتحدة بأنها "كذبت" بحديثها عن تجاوزات منهجية لحقوق الإنسان في دارفور, وقال وزير الخارجية السوداني مصطفى عثمان إسماعيل في تصريح صحفي إن بعض مسؤولي الأمم المتحدة لا يقولون الحقيقة حول الوضع في السودان، ووصف تصريحات هؤلاء المسؤولين بأنها "أكاذيب". وكان إسماعيل يعلق على بيان أصدرته أمس مجموعة من خبراء الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان انتقدت فيه ما أسمته التجاوزات المنهجية لحقوق الإنسان في دارفور (الجزيرة نت 1/4/2004م).
* صرَّح ثمانية من الخبراء الذين كلفتهم الأم المتحدة بإجراء تحقيقات عن الأحداث فى دارفور في بيان أصدروه فى نيروبى أن "المليشيات الحليفة للقوات الحكومية تهاجم المدنيين وتغتصب النساء والفتيات وتخطف الأطفال وتنهب القرى وتقضي على المواشي" (الجزيرة نت 1/4/2004م).
* حذّر وزير الخارجية الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل من ان الوجود الأمريكي والأوروبي في مفاوضات أنجمينا بين الحكومة ومتمردي دارفور، قد يؤدي إلى فشلها، واعتبر مشاركة الاتحاد الأفريقي فيها كافية. وأعلن عن موقفه الثابت من اقتصار المفاوضات على الوجود التشادي بصفتها راعية لها، والاتحاد الأفريقي «دون إعطائه المزيد من فرص التدخل» إنفاذاً لميثاق الأمم المتحدة, وأعرب إسماعيل عن خشية الحكومة بأن يكون لوجود مدير برنامج المعونة الأمريكية روجر ونتر تأثير سالب على مفاوضات أنجمينا، وقال إن الحكومة لم تغير نظرتها عن نشاطه "العدائي" تجاه السودان (الصحافة 1/4/2004م).
* وصف وزير الخارجية الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل الموقف الأوروبي تجاه قضية دارفور بأنه "يشوبه الكثير من الغموض والإزدواجية", وأوضح أنه رغم تقدم الحوار الأمريكي السوداني في مجال الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان "إلاَّ ان بعض الدول الأوروبية تسعى لتمرير مشروع قرار بإدانة السودان في لجنة حقوق الإنسان بجنيف", وجدّد وزير الخارجية رفض الحكومة للجلوس مع متمردي دارفور في وجود رقابة أجنبية، ورأى ان ذلك سيؤدي إلى تدويل القضية، التي قال إنها يجب ان تحل برؤية سودانية (الصحافة 1/4/2004م).
* رفضت الحكومة السودانية الاتهامات التي أطلقها مساعد الأمين العام للأمم المتحدة المكلف بالشؤون الإنسانية جان إغلاند بشأن دارفور, وكان إغلاند قد إتهم الحكومة السودانية بدعم مليشيات مسلحة تمارس التطهير العرقي في إقليم دارفور, وإعتبرت الخرطوم ما ورد في تلك التصريحات "مبالغة"، وقالت إن مشكلة دارفور تم إفتعالها للتشويش على التقدم الذي تم إحرازه في مفاوضات السلام السودانية الجارية حاليا بمنتجع نيفاشا الكيني (الجزيرة نت 3/4/2004م).
* دعت الولايات المتحدة الامريكية الحكومة السودانية إلى البطش بالجماعات شبه المسلحة التي يعتقد أنها المسئولة عن الهجمات التي تعرض لها المدنيون مؤخرا في منطقة دارفور. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية آدام إيريلي للصحفيين إنه قد بات واضحا للولايات المتحدة الامريكية أن حكومة الخرطوم تساند الجماعات التي دأبت على "إضرام النار في القرى وقتل الابرياء وإلحاق الضرر بهم". وأضاف إيريلي "إننا ندعو حكومة السودان إلى اتخاذ تدابير فورية لوقف جماعة جانجاويد والسماح بتدخل مراقبين من الخارج لمتابعة الموقف" (سودانيز أون لاين 3/4/2004م).
* قرر مجلس النواب الأمريكى بالتوافق بين الحزبين الجمهورى والديمقراطى قيام الكونغرس بالآتي:
1ـ توجيه ادانة شديدة لحكومة جمهورية السودان جراء الهجمات التي تشنها ضد المدنيين الأبرياء في اقليم دارفور الفقير بغربي السودان ومطالبة حكومة السودان بالوقف الفوري لهذه الهجمات.
2ـ مناشدة المجتمع الدولي لتوجيه إدانة شديدة لحكومة السودان جراء هذه الهجمات والمطالبة بوقفها.
3ـ مناشدة حكومة السودان للسماح بوصول المساعدات الإنسانية لسكان اقليم دارفور.
4ـ مناشدة الرئيس (رئيس الولايات المتحدة) بتوجيه مندوب الولايات المتحدة بهيئة الأمم المتحدة بتقصي منظمة الأمم المتحدة حول الأمر لتحديد إذا ما تم ارتكاب جرائم ضد الانسانية من قبل حكومة السودان باقليم دارفور (أخبار اليوم 3/4/2004م).
* أعلنت منظمة هيومان رايتس ووتش «مراقبة حقوق الانسان» ان الحكومة السودانية والميليشيات العربية تشنان حملة مشتركة من القتل والاغتصاب والنهب ضد الجماعات العرقية غير العربية في غرب السودان في اطار ما يعرف بسياسة "الارض المحروقة", وقال بيان للمنظمة الذى صاحب التقرير الذي صدر بعنوان «دارفور تشتعل.. الفظائع في غرب السودان» ان «القوات الحكومية والميليشيات العربية تقتل وتغتصب وتنهب في اطار حملة الارض المحروقة مدنيين أفارقة يشاركون قوات المتمردين انتماءهم العرقي» وقالت المنظمة ان الحكومة السودانية تجند وتسلح أكثر من 20 ألفا من رجال الميليشيات المنحدرين من اصول عربية وتقوم بعمليات مشتركة مع الميليشيات المعروفة باسم«الجنجاويد» (رويترز 3/4/2004م).
* وزارة الدفاع الامريكية تتابع الاوضاع بدارفور, وقال راديو صوت أمريكا إنَّ وزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون) تتابع عن كثب تطورات الاوضاع الإنسانية بإقليم دارفور السوداني لكنها لا تمتلك في "الوقت الراهن" اي خطط للتدخل العسكري إستجابة للازمة الانسانية التي خلفتها الحرب هناك، وقال الراديو إنَّ الولايات المتحدة لديها خيارات سابقة للتدخل العسكري من أجل أهداف انسانية خلال العقد الماضي مثلما حدث في الصومال ورواندا (أخبار اليوم 3/4/2004م).·
* إتهم دكتور مصطفي عثمان اسماعيل وزير الخارجية بعض المنظمات والجهات التي ليس لها وجود بدارفور وعلي رأسها دولة النرويج بالترويج لإتهام الحكومة بارتكاب ما تسميه هذه المنظمات بحملات التطهير العرقي لأن لديها مصلحة في ألا تستقر الاوضاع بدارفور بحكم علاقاتها وصلاتها بحركة التمرد ذات التوجهات اليمينية المتطرفة (أخبار اليوم 4/4/2004م).
* أعلنت الأمم المتحدة أنها ستحقق في مزاعم إرتكاب المليشيات التابعة للحكومة السودانية أعمالا وحشية في إقليم دارفور، الأمر الذي أدى إلى فرار مئات الآلاف من منازلهم,· وقال خوسيه دياز المتحدث باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة "في ظل الموقف الملح هناك تأمل المفوضية العليا في إرسال لجنة تقصي الحقائق خلال الأيام القادمة", وأضاف إنَّ بيرتراند رامشاران القائم بأعمال المفوض الأعلى يرغب في دخول اللجنة إلى غرب السودان وسط تقارير متزايدة من عمال الإغاثة واللاجئين (بي بي سي 6/4/2004م).
* الحكومة السودانية تتهم أمريكا بمحاولة تتدويل قضية دارفور, وصرَّح بروفيسور ابراهيم أحمد عمر الامين العام للمؤتمر الوطني بأنَّ الولايات المتحدة تسعي لابعاد تشاد وتولي ملف القضية واكد أنَّ الحكومة تعمل من اجل حل المشكلة ولا ترغب في تدويلها (أخبار اليوم 6/4/2004م).
* إستدعت الحكومة السودانية أمس، ممثل اللجنة الدولية للصليب الاحمر وإستوضحته حول تأخر انسياب المساعدات الانسانية التي تقدمها اللجنة في دارفور, واعتبر وزير الشؤون الانسانية ابراهيم محمود حامد تبريرات اللجنة الدولية بشأن تأخر توزيع المساعدات الانسانية بولاية غرب دارفور بحجة انعدام الأمن، غير منطقية. وقال الوزير في تصريحات للصحافيين امس انه ابلغ ممثل الصليب الاحمر عدم رضا الحكومة عن مسلك المنظمة في تخزين المساعدات الانسانية، وطالبها بالبدء فورا في توزيعها على المتضررين بالتنسيق مع الهلال الاحمر السوداني (الصحافة 6/4/2004م).
* حذر الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان من أن تحركا عسكريا من الخارج قد يصبح ضروريا لوقف ما سماها عمليات التطهير العرقي الجارية في دارفور غربي السودان. وقال في كلمة أمام لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بمناسبة الذكرى العاشرة للإبادة في رواندا إن موظفي الإغاثة الإنسانية وخبراء حقوق الإنسان يحتاجون للوصول إلى دارفور لتقديم مساعدات لمئات الآلاف من السكان الذين طردوا من ديارهم ونزح بعضهم إلى تشاد المجاورة. وأضاف أن هؤلاء الموظفين يحتاجون للوصول إلى الضحايا وإذا منعوا من ذلك فعلى المجتمع الدولي أن يكون مستعدا للقيام بتحرك سريع ومناسب، موضحا أن هذا التحرك يعني مجموعة من الخطوات قد تتضمن الوسائل العسكرية (الجزيرة نت 7/4/2004م).
* تحفظت الحكومة على تصريحات المتحدث باسم الخارجية الأميركية والتي حذر فيها من خطورة الأوضاع في دارفور ودعا الخرطوم لفتح المجال للمنظمات الانسانية الدولية للعمل في دارفور, لكنَّ نجيب الخير عبد الوهاب وزير الدولة بالخارجية إنَّ رؤية السودان تجاه قضية دارفور غير متطابقة مع الرؤية الاميركية (البيان 8/4/2004م).
* طالب الاتحاد الاوروبي الحكومة السودانية باجراء تحقيق حول ممارسات مليشيات القبائل العربية بدارفور «الجنجويد» لاستهدافهم المنظم لقرى ومراكز النازحين ودعا الحكومة لمحاسبة الجناة (سودانيزأون لاين 8/4/2004م).
* في تطور جديد للازمة الناشبة أصلاً بين الحكومة واللجنة الدولية للصليب الاحمر نقلت وزارة الشؤون الانسانية لممثل اللجنة في الخرطوم إحتجاجها الرسمي على إحتجاز الصليب الاحمر للمساعدات الانسانية بولايات دارفور والاحجام عن توزيع الاغذية للمتضررين بحجة تراجع الاوضاع الامنية هناك. وأكد وزير الشؤون الانسانية إبراهيم محمود حامد إستدعاء مسؤول اللجنة الدولية في الخرطوم امس وابلاغه عدم رضا الدولة حيال تصرف المنظمة مشيراً لامهاله سانحة اخيرة لتصحيح الوضع (الأضواء 8/4/2004م).
* طلب كوفى أنان قد في الذكرى العاشرة للمذابح الجماعية التي شهدتها رواندا وقتل فيها 800 الف بآلية تحذير مبكر عالمية تمنع وقوع هذه المذابح وانتقد اعضاء في الامم المتحدة «تعوزهم الارادة للتحرك». وقال انان «أشارك القلق العميق الذي عبر عنه الاسبوع الماضي 8 خبراء مستقلين عينتهم هذه المفوضية بشأن حجم انتهاكات حقوق الانسان وحجم الازمة الانسانية الاخذة في التكشف في دارفور» (الشرق الأوسط 8/4/2004م).
* رفض السودان أي مساعدة عسكرية خارجية اليوم الاربعاء بعد أن حذر كوفي عنان الامين العام للامم المتحدة من انه قد تكون هناك حاجة الى مساعدة لوقف التطهير العرقي في اقليم دارفور بغرب البلاد (رويترز 8/4/2004م).
* ندد الرئيس الاميركي جورج بوش أمس بالاعمال «الوحشية» التي تجري في منطقة دارفور في السودان، داعيا سلطات الخرطوم الى وضع حد لها «فورا». وقال الرئيس الاميركي في بيان صدر في كروفورد (تكساس، جنوب) حيث يمضي عطلة عيد الفصح ان «المعارك الاخيرة في منطقة دارفور السودانية فتحت صفحة جديدة في تاريخ هذه البلاد المضطرب. على الحكومة السودانية ان توقف فورا الاعمال الوحشية التي تقوم بها الميليشيات المحلية ضد السكان الاصليين وان تترك المنظمات الانسانية تصل الى المنطقة». واضاف «انني ادين هذه الفظائع التي تؤدي الى نزوح مئات الالاف من المدنيين وقد ابلغت الرئيس السوداني عمر البشير مباشرة بوجهة نظري» (الشرق الأوسط 8/4/2004م).
* حمل وزير الخارجية الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل بشدة على مكتب الامم المتحدة بالخرطوم وقال «ان مكتب الامين العام كوفي انان في الخرطوم واقع تحت ضغط منظمات لها اجندة»، واضاف «من قبل ابدينا وجهة نظرنا في التقارير التي يقدمها موكاش كابيلا مسؤول سابق لمكتب الامم المتحدة بالخرطوم وقلنا ان فيها الكثير من المبالغات تعكس تلك الضغوط»، كما حمل الوزير بشدة على نواب في الكونغرس وقال انهم يمثلون اجندات خاصة بهم وقال«لا نستبعد ان يتقدموا في الفترة المقبلة بمشاريع قرارات تدعم توجهاتهم تلك» (الشرق الأوسط 8/4/2004م).
* وصف وزير الخارجية مصطفي عثمان موقف الكونغرس من الأوضاع فى دارفور بالمحاولات المعهودة التي درج عليها ناشطون في الكونغرس ومنظمات طوعية توهماً للضغط على الحكومة التي حسبما قال «حصنت نفسها ضد هذه الاجراءات واصبحت تفهمها مبكراً», واعتبر في ذات السياق مطالبة البرلمان الاوربي حظر الطيران فوق دارفور غير مستغرباً لتأثره بتقارير المنظمات المغرضة والمتسمة بقدر من المبالغة، واكد الوزير ان الحكومة التزمت بمحاربة مليشيات الجنجويد ما دامت خارجة عن القانون (الأضواء 8/4/2004م).
* وجه المجلس الوطني أمس انتقادات حادة اللهجة ضد قرار البرلمان الاوربي الاخير بحظر الطيران في دارفور واعتبره تدخلاً في الشأن الداخلي السوداني الهدف منه تقويض جهود السلام الحالية. وقال انجلو بيدا نائب رئيس المجلس في مذكرة وزعت على الصحافيين أمس ان السودان استقبل في فبراير الماضي وفداً من لجنة التنمية بالاتحاد الاوربي باعتبارها لجنة لحسن النوايا ولم يستقبلها كلجنة تقصي حقائق واشار الى ان ذلك الوفد قدم تقريراً نهاية مارس الماضي لمجلس البرلمان الاوربي الذي اصدر قراراً بادانة السودان بشأن ما يزعمه من اتهامات لحقوق الانسان في جنيف . كما إنتقدت المذكرة بشدة تقليل القرار الاوربي من عملية السلام الجارية حالياً في نيفاشا التي اعتبرها القرار انها لا تمثل سوى «10%» من اهل الشمال و«10%» من اهل الجنوب وتجرى فقط بين لوردات الحرب فضلا عن التقليل من قيمة اتفاق السلام اذ لم يشمل دارفور (الرأى العام 8/4/2004م).
* طالبت الحكومة الكندية السودان باتخاذ اجراءات فورية بوقف القتال الدائر في دارفور بغرب السودان وناشد وزير الخارجية الكندي بيل جراهام الامم المتحدة ممارسة الضغط علي الطرفين لوقف اطلاق النار في دارفور بين الحكومة السودانية والقوات المتمردة (أخبار اليوم 8/4/2004م).
* أكدت مرسيدس تاتيي، نائب مدير منظمة اطباء بلا حدود، التي عادت لتوها من غرب دارفور، ان المشكلات عديدة حتى في المناطق التي تعمل فيها منظمات الاغاثة، ففي مورنييه في ولاية غرب دارفور هناك طبيب واحد لكل 100 الف لاجئ. وأكدت تاتيي أنَّها عالجت ثماني نساء تعرضن للاغتصاب ان حوالي 300 طفل في هذه المدينة يعانون من سوء تغذية حاد و1500 آخرين يعانون من سوء التغذية ويواجهون خطر الاصابة بوباء الحصبة المتفشي. وتضيف الطبيبة التي تم الاتصال بها في باريس ان رجالا ونساء وأطفالا عولجوا في المستشفيات من اصابات بأسلحة نارية وآخرين من تعرضهم للضرب (الشرق الأوسط 9/4/2004م).
* بدأت فى العاصمة التشادية إنجمينا أمس المفاوضات المباشرة بين وفدي حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان من جهة ووفد الحكومة السودانية بعد تعنت طويل دام اكثر من أسبوع إلى أن إستجاب وفد الحكومة لشروط الحركتين المتمثلة في أن تكون المفاوضات مباشرة وبحضور ممثلي المجتمع الدولي. خلال فترة هذا الاسبوع تعامل وفد الحركتين تعاملا حضاريا مع تمنع وتعنت وفد الحكومة التي كانت رافضة للمفاوضات المباشرة والحضور الدولي إلى أن استجابت لها (سودانيز أون لاين 8/4/2004م).
* فى أول لقاء مباشر بين الحكومة ومتمردي دارفور في نجامينا دخل الوفد الحكومي ووفدا حركة العدالة والمساواة وحركة تحرير السودان إلى قاعة في وزارة الخارجية التشادية حيث تجري المحادثات، يتقدمهم الرئيس ديبي ومراقبو الاسرة الدولية ولا سيما ممثل "الولايات المتحدة" و"الاتحاد الاوروبي" و"الامم المتحدة" و"مركز هنري دونان للحوار الانساني" وهي منظمة سويسرية غير حكومية. كما دخل وزير الدولة الفرنسي للخارجية رينو موزولييه الى القاعة وكان قد إستقبله قبل ذلك بقليل الرئيس ديبي في الوزارة، كما أجري رونالد موزيرالمسؤول بالخارجية الفرنسية محادثات مع الرئيس ادريس دبي قبل دقائق من بدء جلسة التفاوض, وكان الرئيس التشادي إدريس دبي قد كثف لقاءاته مع الحكومة ومتمردي دارفور لفك جمود المفاوضات التي بدأت منذ أسبوع بصورة غير مباشرة (الصحافة 7/4/2004م).
* أوضح الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل وزير الخارجية أنَّ الحكومة كانت ما بين أن تنهار مفاوضات إنجمينا أو أن تصل الى محطة وسطى نتمكن من الانتقال بها للأمام، مؤكداً ان الحكومة مازالت عند موقفها انه ليس هناك حاجة لوسطاء خارج تشاد والاتحاد الافريقي، مشيراً الى ان الوفد توصل الى حل وسط بأن يكون دور الأسرة الدولية كمساعدين يحكم ان ذلك يتفق مع ميثاق الامم المتحدة.وحول مطالبة البرلمان الاوروبي بحظر الطيران فوق سماء دارفور اكد ان البرلمان الاوروبي مثله والكونجرس واقع تحت تأثير بعض المنظمات وقال "لا استغرب صدور مثل هذا القرار" (الأنباء 8/4/2004م).
هل كل هذه الجهات, إضافة إلى المناشدات المحلية وبيانات روابط أبناء دارفور وتنظيماتهم المنتشرة حول العالم والأحزاب والفعاليات السودانية كلها مخطئة ومتآمرة ضد الحكومة؟ ثمَّ ما هذه "الجلبطة" فى السياسة الخارجية السودانية؟ وإلى متى تستمر علاقات السودان مع الدول الكبرى والمنظمات العالمية فى هذه الحالة من الجذب والشد والتحدى والإتهامات المتبادلة بينماالخاسر الوحيد فى النهاية هو الوطن وشعبه المغلوب على أمره؟ أما كان من الأفضل للحكومة أن تجرد قواتها من تلقاء نفسها وتوقف ذبح الأبرياء وحرق قراهم وتبسط الأمن وتسعى لحل الإشكالات القائمة دونما الحاجة إلى أوامر خارجية ومن أعلى الجهات العالمية؟ ثمَّ لماذا الإصرار على معاداة تلك الجهات والإنكار الممل وتكرار الإتهام بعدائهم للسودان؟ إنَّ هنالك مئات من الناس يموتون مع مغيب كل شمس فهل سمحت الحكومة لنفسها أن تتحدث عنهم أو تشير إلى مآسيهم يوماً من الأيام؟ هل سبق للحكومة ومسئوليها إن أدانوا أو حتى إستنكروا تلك المجازر من القتل والإغتصاب وحرق القرى؟ وهل أمرت بوقف القصف العشوائى للطيران الحربى على قرى الأبرياء وموارد مياههم؟ لقد علمنا الله سبحانه وتعالى فى حديثه القدسى إنَّ الظلم ظلمات بل وحرَّمه على نفسه وعباده, لكنَّه تعالى قد يسلط على الظالم من لا يخافه أو يرحمه جزاءً على ظلمه وما إقترفت يداه, فهل سلَّط الله سبحانه وتعالى الأمريكان والأمم المتحدة على الحكومة الإسلامية ومرتزقيها جزاءً لما يحدث فى دارفور؟ وعلى العموم إزاء ذلك تبرز الكثير من الأسئلة التى تتبادر إلى الأذهان وسط هذا الكم الهائل من المآسى مثل: هل تحترم هذه الحكومة أهل دارفور تحديداً وهل تعتبرهم مواطنين كاملى الأهلية حتى تركهم دون رقيب أو حسيب لتلك الفظائع من القتل والسحل؟ ولنضع هذا السؤال بصيغة أخرى: هل كانت الحكومة ستقف ذلك الموقف الساكن إذا حدثت واقعة واحدة فقط من تلك الوقائع على قرى فى مناطق أخرى بالسودلن؟ والأهم من ذلك كله هل كانت ستبادر من تلقاء نفسها وتتدخل لإنقاذ حياة أولئك الأبرياء كما تحاول أن تفعل حالياً لو لم ترفع الإرادة الدولية سيفها البتار فوق رأسها؟ نخشى أن ينطبق عليها المثل "تاباها ممعوطة.. تاكلها بصوفها"!
إنَّ الملاحظات التى يمكن أن نستنتجها من مسلسل الأخبار أعلاه, وفيما يختص بدبلوماسية السودان الخارجية, يمكن أن تتمثل فى الآتى:
(1) الدبلوماسية الفعالة والمثمرة تعتمد مبدأ العمل الهادئ والنفس البارد وإستباق الحدث, ولذلك تجد الدبلوماسيين الناجحين يتميزون دائماً بالبرود الذكى والحكمة وعدم الإنفعال ومجانبة التسرع فى الأحكام وإطلاق الحديث على عواهنه, خاصة إذا كانوا يمثلون دولاً بحالها, لكن ذلك لا يتأتى بين ليلة وضحاها فالدبلوماسية مدرسة بحالها والدبلوماسى الناجح هو من يصعد سلم العمل فيها من أول درجة ويتدرج صاعداً فى سلمها, وبقدر ما يصعد ويترقى فيها بقدر ما يكتسب كل يوم جديد ويتكشف له أسرارها ويبنى على ذلك مواقف متسمة بالحنكة واللباقة فى عالم السياسة الدولية المتغير دائماً.
(2) على مسئولى سياسة الدولة الخارجية تجنب حشر أنفسهم فى موقف التعامل بردود الفعل لأنَّ من شأن ذلك وضعهم دائماً فى موقف الدفاع, وقد يؤدى ذلك إلى جر سياسة البلد الخارجية فى تناقضات بين الممكن والواقع.
(3) إستخدام عبارات من نوع "الكذب" و"النفاق" و"العداء" و"المزايدة" فى التعامل الدبلوماسى والعلاقات الدولية تعتبر من الكبائر فى المخاطبات والتعليقات الرسمية, خاصة فى البلاد الغربية وتجاه المنظمات العالمية الكبرى, وقد تدمغ قائلها بصفة المراهقة الدبلوماسية, كما إنَّ الدولة المعنية قد تكون عرضة للإنتقام فى منعطفات لاحقة.
(4) الدولة الناجحة دبلوماسياً فى مجال العلاقات الدولية تتجنب دائماً التمترس خلف المواقف الحادة والثوابت الفارغة ومحاولة مسك العصا من النصف والتصلب حول أسلوب "رأيى فقط" (my way or highway), ولذلك دائماً ما تترك مجالاً رحباً للمناورة السياسية والتحرك بحرية بين مختلف الخيارات.
(5) نجاح سياسة الحكومة الخارجية يجلب لها إحترام شعبها وتزكيتهم لها, والعكس صحيح أيضاً إذ لا يعود عليها فشلها فى ذلك إلاَّ بالإستهجان والتهكم, ومن المعلوم أنَّ سياسة الدولة فى المجالات الداخلية والخارجية لها دور كبير فى صورة شعبها أمام العالم ونظرته لها, ولعلَّ السودانيون الذين يحملون جوازات سفر سودانية يحسون ذلك بلا مواربة خلال مرورهم بين المطارات العالمية.
واليوم وفي ظل تعنت النظام وإستخدام سياسة دفن الرؤوس في الرمال فيما يختص بالأحداث فى دارفور, وفي الوقت الذي ظلَّ يرفض فيه مجرد تواجد مراقبين في المفاوضات مع حاملى السلاح ها هي الأمم المتحدة تدعو إلي تدخل دولي فوري في دارفور مسنود بالقوة العسكرية, وها هو الرئيس الأمريكى يأمر ويزبد ويرعد فيهرع وزير خارجيتنا الهمام, الذى ملأ الدنيا زعيقاً ووزع التهم الجزافية يميناً ويساراً, يصحبه جيش من أركان حكومته وسفراء وممثلى نفس الدول التى ظلَّ يهاجمها, إلى دارفور ليتفقد الوضع الأمنى فيها ويطلق تهديدات جديدة ومغايرة كلياً بحسم مليشيات الجنجويد! وبدورنا نتساءل: أيهما أفضل وجود مراقبين دوليين (والله يحب المحسنين) أم التدخل العسكري المسنود بمجلس الأمن والأمم المتحدة؟
إنَّ الشيئ الذى نتمناه هو أن تكون هذه الحكومة قد وعت الدرس فى التعامل مع الأزمة فى دارفور, وأن تفى بوعودها, وهى مشكوكة فى كفائتها حيال ذلك على أية حال, وقد تحسس قادة الحركات المسلحة من ذلك بعد توقيع إتفاقية الهدنة فقد أكدَّ عبدالواحد محمد أحمد النور رئيس حركة تحرير السودان إنَّ حركته ملتزمة ببنود الاتفاق لكنَّه أضاف «نتساءل إذا كان الطرف الآخر ملتزما بالقدر نفسه أم انه سيتصرف كعادته», في إشارة إلى إتهامات للحكومة بنقض إتفاقات سابقة (الشرق الأوسط 10/4/2004م), ومن المهم أيضاً إدراك أنَّ المشوار للحل النهائى طويل ومليئ بالعثرات ويتوقف إلى حد كبير على مسلك الطرف الحكومى فى الوفاء بإلتزامات تلك الحلول وإستحقاقاتها, ويجب أن نشير أن المراحل الرئيسية بشأن ذلك يتمثل فى الآتى:
(1) ترتيب الجوانب الإنسانية وفتح المسارات وتوفيق أوضاع النازحين والمتأثرين بالنزاع.
(2) التفاوض حول ملفات الملاحق السياسية والتنموية وغيرها من القضايا العالقة ومثار النزاع.
(3) التحقيقات والمساءلات القانونية حول الجرائم المتعلقة بتهم الإبادة والتطهير العرقى.
وقد لا يخفى التعقيد المصاحب لكل من هذه الملفات ولذلك كان إصرار قادة الحركة المسلَّحة على المراقبة الدولية ضرورياً وربما يكون حاسماً فى دفع الأمور لنهايات مقنعة ومنطقية.
شكراً الدكتور موكيش كابيلا!
يقولون "أعرف الحق تعرف رجاله" والدكتور موكيش كابيلا, الهندى الأصل البريطانى الجنسية, لم يفعل غير قول الحق, كجانب أخلاقى وإلتزام أساسى بحكم طبيعة عمله بالوكالة الأممية, ولو كان هناك شخص غيره وعرف ما عرفه كابيلا فسوف لن يسعه إلاَّ أن يصرح به ولو كلفه ذلك مهنته, حقيقةً لقد مثلت كارثة مجزرة "رواندا" تحدياً حقيقياً لمسئولى البرامج الإنسانية بالأمم المتحدة, وتركت أثراً عميقاً فى وجدانهم تنزف دماً وألماَ كلما أحسوا بإحتمال تدهور الأوضاع فى بلد ما نحو تلك المأساة التاريخية, واليوم نشاهد معظم وكالات الأنباء الأمريكية, خاصة المحظات التلفزيونية المتخصصة فى البرامج الوثائقية, تفرد مساحات كبيرة لعرض ومناقشة مجزرة "رواندا" فى ذكراها العاشرة, ولماذا حدثت؟ وماذا يمكن للعالم أن يفعله إزاء أحداثاً مماثلة إذا ما وقعت فى مناطق أخرى من العالم خاصة القارة الأفريقية؟ لقد شاهدت نهاية الأسبوع الماضى واحدة من تلك البرامج من سلسلة "خط الواجهة" (Front Line) عرضتها محطة تلفزيون المجتمع (Public TV) وعلى مدار ساعتين متواصلتين, بسرد صوت هومى هولمز الرصين, عكست طبيعة تلك المجزرة وتناولتها من كل الجوانب والخلفيات, لكن أهم ما ورد فيها هو النقد الحاد الذى تعرضت له إدارة الرئيس بيل كلينتون وأجهزة الأمم المتحدة والمجتمع العالمى على ترددهم فى التدخل السريع قبل وقوع الكارثة, والتى حصدت أرواح أكثر من ثمانمائة ألف شخص فى خلال مائة يوم فقط, وإختتم البرنامج تقريره بتأنيب موظفى الأمم المتحدة لأنفسهم وهم يذرفون الدموع فى رواياتهم لما حدث, وكيف حدث؟ ولماذا حدث؟ وعليه إستناداً على هذه الخلفية يمكننا قراءة طبيعة مهمة السيد موكيش كابيلا, بل وحتى كوفى أنان نفسه, فهم يعلمون تمام العلم, وعن تجربة, ما سوف قد يحدث إن هم آثروا الصمت, وأطبقوا شفاههم عن النطق, أو تجاهلوا الأمور فى دارفور كما يفعل أهل النظام الحاكم فى الخرطوم فى وقت تطورت خلالها تلك المجازر بحيث لا يمرأسبوع واحد إلاَّ وتصعد مئات الأرواح البريئة إلى بارئها دونما ذنب جنوه, وحقيقة لم يكن السيد كابيلا ينطق بغير علم بل إنَّ الأخبار التى وردتنا أكدت بأنَّه كان يرفع تقارير يومية إلى مسئولى الدولة يطلب فيها إيضاحات وتفسيرات لأحداث محددة بعد أن يكون قد جمع, أو وصلته, معلومات وافية عنها, بحيث صار يعرف عمَّا يدور فى دارفور من مآسى وتجاوزات ربما أكثر مما تعرف الحكومة نفسها, لكنه ظلَّ لا يجد التعاون بل الإنكار والمكابرة ثمَّ الإتهام الزائف بالكذب فكان ما كان. ومما يؤلم له حقيقة أن تصدر تلك الإتهامات من وزير الخارجية نفسه الذى صرَّح بأنَّ بعض منسوبي الأمم المتحدة (فى إشارة لكابيلا) لا يصدقون فى وصفهم للأوضاع التي تجري بل يخلطون الأمور في بعض الأحيان للحد الذي يمكن أن يوصف ما يصرحون به بالكذب والخداع! (الأنباء 31/3/2004م), وقال نجيب الخير وزير الدولة بالخارجية بأنَّ تصريحات كابيلا حول دارفور لم تتوخ الدقة وتضمنت معلومات وأرقام مغلوطة وخاطئة وتجافى الطريقة العلمية الموضوعية المعهودة التى ظلت تتبعها الأمم المتحدة في معالجة مثل هذا الأمر, ووصف تلك التصريحات بأنَّها دعائية وفارغة من أي منطق وتميل إلى أنَّها تمثل رأي صاحبها وليس رأي الأمم المتحدة! (الأيام 22/3/2004م).
ولنطالع ما صرَّح به الدكتور كابيلا حتى نقف على الحقيقة كاملةً: لقد قال الرجل "كنت في رواندا وقت المذبحة ورأيت العديد من الأوضاع في جميع أنحاء العالم غير أن ما يحدث في دارفور أصابني بصدمة شديدة". وأضاف "هذا تطهير عرقي، هذه أسوأ أزمة إنسانية، ولا أعرف لماذا لا يفعل العالم شيئا حيالها". وقال إنَّ 75 شخصا قتلوا في هجوم شنته ميليشيا عربية على قرية طويلة لدى شروق الشمس قبل أسبوعين, و"إنَّ جميع المنازل والسوق والمركز الطبي تعرضوا للنهب وتم إحراق السوق وإغتصاب 100 سيدة وإختطاف 150 سيدة وطفل", كما أشار إلى تعرض العديد من القرى لمثل هذه الهجمات قائلا "قرية وراء قرية يتم تسويتها بالأرض", وأنَّ أكثر من 100 ألف شخص فروا إلى تشاد المجاورة غير إنَّهم تعرضوا لغارات عبر الحدود (الأنباء 31/3/2004م). (أ.هـ.). من جانبنا نؤكد تماماً أنَّ ذلك ما سمعناه من مواطنين فروا من تلك المجزرة, بل إنَّ الدكتور هارون عبدالحميد هارون, نائب برلمانى سابق عن دائرة طويلة وكورما, أصدر بياناً تم نشره فى مواقع على شبكة الإنترنت تشير إلى نفس تلك الأحداث وبتفاصيل مؤلمة أكثر مما أورده السيد كابيلا. إنَّ الحدس البديهى لأى مسئول فى الدولة فى تعامله الرسمى مع مثل هذه التصريحات يستدعى فوراً تكوين لجنة تحقيق قانونية أمنية عاجلة للتحقق من حدوثها, خاصة وأنَّها صادرة من مسئول أممى يقع ذلك فى صميم إختصاصه وسبب وجوده فى السودان, فهل قامت الحكومة يا ترى بإجراء تحقيق يثبت أو ينفى تلك التهم؟ وإذا كانت هناك تحقيقات تمت فهل نشرتها الحكومة على الملأ حتى يتيقن الناس من صدق أو كذب ذلك الرجل؟ حقيقةً لم نسمع بأى شيئ عن ذلك, مما يجعلنا نضع غضب الوزير الكبير ووزير دولته الصغير بين قوسين حتى إشعار آخر إلى حين إكتمال التحقيق الدولى القادم. وعلى العموم فقد سبق أن أمر والى شمال دارفور بإجراء تحقيق فى مذبحة كتم, فى مطلع شهر أغسطس من العام الماضى, وأكمل القاضى المكلف بذلك مهمته بسلام وسلمه للسيد الحاكم بصورة لمعالى وزير العدل بالخرطوم لكننا لم نسمع وإلى اليوم خبراً بشأن ذلك.
ختام:
لا شك فى أنَّ قضية دارفور وتداعياتها قد خلقت واقعاً جديداً فى السودان وهزَّت قناعات بالية بجدوى الركون إلى آليات الدولة التقليدية لمقابلة قضايا مصيرية تتعلق بأرواح البشر ومشروعية وجودهم فى هذه الحياة, كما أنَّها كشفت عن أخطاء منهجية وتصدعات مفصلية فى تركيبة الدولة السودانية, تاريخياً وحاضراً, تستدعى النظر إليها بعين الإصلاح ونفاذ البصيرة, ولعلَّ جلَّ مثل هذه الإشكاليات تظل تتمحور حول نوعية الإنسان السودانى ومدى قدرته على فهم نفسه وإكتشاف ذاته, تلك هى المعضلة ومن هناك يجب أن نبدأ الخطى فى طريق الإصلاح وهو ما سنتناوله فى محطات قادمة.