داعمو الانقلاب يخسرون..!! بقلم: اسماعيل عبدالله

 


 

 

المثل السوداني العميق الحكمة يقول:(لو أخبرك رجلان بأن لا رأس لك، تحسسه)، فمنذ مجيء انقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر من العام الماضي، أكدنا على أن مصير هذه الحماقة العسكرية هو الفشل، وأنه لن يحصد الداعمون لها من رموز اتفاق جوبا غير الريح، وها هو الافتراض الذي تقدمنا به قد تأكد بشكل لا يقبل التسويف، وها هي جوقة (الموز) – كما أطلق عليها ظرفاء المدينة – تتخبط وتترنح مثل الرجل الذي يتخطفه الشيطان من المس، وفنون السياسة وعلومها لا رابط يجمعها بمهارات استخدامات السلاح، وليس بالضرورة أن من يستخدم البندقية في القتل والتشريد يجد موطيء قدم بين صفوف المتخصصين في تكتيكات التدافع السلمي والمدني، وقد تجلى هذا التخبط الماراثوني المحموم في التكتل الجديد – الكتلة الديمقراطية – رئاسة الميرغني الصغير، وكما هي عادة حركات السلاح الساعية للسلطة بأي ثمن، ولو على جماجم الضحايا، أنها دائماً تلوذ بالفرار من الميدانين السياسي والعسكري لتحتمي بمن حاربته عسكرياً وسياسياً، فعسكرياً احتمت وراء ظهر القوات التي هزمتها في الميدان لتعود إلى مدارج السلطة، وسياسياً ارتدّت عن موجهات المدرسة الفكرية – السودان الجديد – التي تبنتها وقتياً لتعود وتقع في أحضان المدرسة القديمة – الطائفية.
من المُحيّر للعقول أن حركات السلاح هذه لها طواقم وجيوش من المستشارين والخبراء (الاستراتيجيين) المتحلقين حول الرئاسة العليا للحركة، لا يقدمون نصحاً ولا ارشاداً لهذه الادارة الفوقية ولا يرشدونها حتى لا تنزلق إلى مدارج الهلاك السياسي والعسكري، فلقد كانت هذه النهايات الهزيلة الحاصلة اليوم مرئية لكل صاحب بصيرة، فعصر السطو على السلطة عبر فوهات البنادق قد ولّى، ومهما تدثر الانقلابي برداء الديمقراطية والحكم المدني إلّا أن غريزته تتغلب على صوت ضميره الخفيت المنادي بالاقلاع عن سرقة أمانة الشعب، وما جرى من سلوكيات وأطوار غريبة لهؤلاء الانقلابيين (الموزيين) خلال السنة الماضية، أتت نتائجه اليوم مؤكدة على أمر واحد، هو خلو هذه الكيانات الكرتونية من وجود الكفوء المؤهل للجلوس على مقعد رجل الدولة، ولنا مع الانقلابيين ممن أوكلت إليهم الحقيبة الدستورية مواقف مخزية ومؤسفة، لا تتوافق مع خصائص الدستوري السفير لبلاده بالخارج – حادثة الاعتداء اللفظي لوزير المعادن الانقلابي على الناشطة الاسترالية التي تعود أصولها للسودان، وافتقار وزير مالية الانقلاب للياقة والدبلوماسية في ردوده على التجار بإحدى مؤتمراته الصحفية، والكثير من المآخذ التي صاحبت مسيرة العام الصادرة من شخوص مهزلة جوبا المناصرين للانقلاب.
التحية للجنود المجهولين (الثوار – المقاومين) الذين جعلوا هذا ممكناً، أولئك الصابرين على أرصفة طرقات المدن رافعين شعار الصمود والتحدي – اللاءات الثلاث – الذي سيستمر إلى أن تسقط أوراق التوت الكاشفة لعورات المتاجرين بدم الشهيد، وسيدوم رفع هذا الشعار في مقبل الأيام حتى بعد اكتمال مشروع الاستسلام التسووي المزمع التوقيع على مسودته بعد أيام قلائل، فالضغط الثوري هو الضمانة الوحيدة لإخراج الوطن من براثن العمالة والارتزاق والتآمر والكيد، ولا خيار آخر لجيل ديسمبر غير الاستمرار في إشعال جذوة هذا الشعار الرافض للمهادنة والتسوية الخانعة، فالمشهد العام ينبيء عن بروز (موزيين جدد) بعد القضاء التام على آثار الانقلاب، ومثل هؤلاء الانتهازيين الجدد الذين سيكتظ بهم مسرح السخف السياسي لن يقضي عليهم إلّا هذا الدواء الناجع – الممانعة والمقاومة والصمود والتحدي – الذي لا تخيب لسعاته المدنية السهلة والممتنعة، فكاميرا المقاومة الراصدة لرموز مهزلة العبث السياسي، الذي يجري أمام مرأى الجميع الآن، جديرة بأن تقدم التوثيقات المدينة للوصوليين المتكالبين على سلطة الشعب طال الزمان أم قصر، وهذه النتائج والمحصلات المنطقية التي بين أيدينا إنّما هي عبرة لمن أراد أن يعتبر لكل من يسوقه تفكيره لأن ينقلب عسكرياً على الحكم.

اسماعيل عبدالله
ismeel1@hotmail.com
3 ديسبمر 2022

 

آراء