دبلوماســية التجاوز

 


 

 




قبل عامين تقريبا ً ، صرّح مسؤول التعاون والعلاقات الدولية بحكومة جنوب أفريقيا خلال مؤتمر صحفي : (إن هبط البشير اليوم ووفقا ً للمعاهدة فسوف يتم اعتقاله ) ، في تلك السنة كانت جنوب أفريقيا تستعد لاحتفالات كأس العالم 2010 ، كتبت معقبة علي ذلك الحدث بأن الإهتمام بعلاقتنا بالدول الأفريقية يشكلها المثلث المعروف : الجوار ، الجغرافيا والفقر والأدعي أن نعمل بشكل أقوي علي تعميق علاقاتنا بدول القارة التي تربطنا معها تلك الشراكات خارج كون الأمر مرتبطا ً بمذكرة إعتقال أو إلتزام دول موقعة علي معاهدة ، ففي النهاية ما يستمر هو الشعوب . تكررت ذات النغمة من دولة ملاوي هذه المرة وتخرج رئيستها (جويس باندا) ، طالبة من الإتحاد الأفريقي منع الرئيس البشير من حضور القمة التي ستستضيفها بلادها في يوليو المقبل ، رد ّ السودان بأن ملاوي لا تملك حق تحديد من يحضر القمة ، هذا صحيح ولكن الرئيسة جويس باندا وضحت رؤيتها في إتجاهين دبلوماسيين حكيمين توجيه طلبها الي الإتحاد الأفريقي أي بلغة اللعب وضعت الكرة في ملعب الإتحاد الأفريقي ليحدد موقفه من طلبها ، الأمر الثاني إعتذرت الرئيسة عن إستقبال البشير وبررت أن بلادها تسعي لإسترجاع حزمة المساعدات الخارجية التي تم تعليقها خلال حكم سلفها (موثاريكا) بعد زيارة الرئيس البشير لملاوي العام الماضي ، بالطبع ليس بسبب زيارة الرئيس البشير وحدها توترت علاقات الجهات المانحة ومنها الولايات المتحدة مع دولة ملاوي ، بالتأكيد هناك أسباب أخري ولكن ما إستطاعت إعلانه تلك الدول وهي علي ثقة بأنه سبب سيجد دعما ً دوليا ً هو سماح ملاوي بزيارة الرئيس البشير . من حق رئيسة ملاوي أن تسعي لمصلحة بلادها ، بل ومن واجبها أن تغلق كل باب من شأنه أن يورط بلادها في عقوبات لا تتحملها ولا تجد مبررا ً قويا ً لتحملها فماهي المصالح التي سيعوضها السودان لملاوي ..؟ وهل بإمكان السودان أن يتصرف بطريقة مغايرة لو كانت الأوضاع معكوسة ؟ إعتماد السودان علي أن ملاوي ليس من حقها تحديد من يحضر القمة ، هذا كلام سليم ، ولكن ماذا إذا وافق الإتحاد الأفريقي علي طلب ملاوي وطلب صراحة عدم حضور البشير ؟ فهل سيغيب السودان عن هذا الحدث ؟ مع كافة الملفات المعقدة والمتشابكة التي يمكن أن نجد لها حلولا ً سواء كان من داخل القاعات التي ستعقد بها الجلسات أو من وراء كواليسها ، فالحوار والتفاوض في هكذا محافل فرصة لكل دولة تعتمد الحوار والدبلوماسية والدبلوماسية البديلة وخصوصا ً بالنسبة للسودان ولإكمال خط ّ التفاوض الذي بدأه مع دولة جنوب السودان ، فلربما هذا اللقاء الأفريقي الأجواء سيعيد الحميمية الي جوار وحوار إفتقدهما كثيرا ً ، فهل سيتعامل السودان مع هذا الأمر دون حساسية أو غياب الحضور الرئاسي ويتجاوزه بدبلوماسية حضور دولة السودان ، تشبها ً بدلوماسية وحكمة رئيسة لم تتجاوز سني حكمها الشهرين ؟

zizetfatah@yahoo.com

 

آراء