دعاة “تفويض العسكر”.. مخربون
منصة حرة
أولاً يجب علينا تثبيت حقيقة أن الشعب السوداني خرج في ثورة عظيمة، رافضاً الإنقلاب العسكري، وضد استغلال الحركة الإسلامية للمؤسسة العسكرية، لبطش الشعب والتنكيل به وسرقة ثرواته، وحلها للمؤسسات المدنية والعسكرية، وإعادة هيكلتها لتصبح في خدمة تنظيمهم الفاسد، وحقيقة أن الشعب السوداني لن يقبل بإنقلاب عسكري آخر بأي شكل من الأشكال، حتى وإن كان تحت مظلة حزبية على شاكلة أذهب إلى القصر رئيساً وسوف أذهب إلى السجن حبيساً، ويكفينا شرفاً الشعار المرفوع في كل الشوارع: "الجوع ولا الكيزان"..
اللعبة الآن أصبحت مكشوفة، ولا مجال للعودة إلى الوراء، لأن من يقف خلف محاولات تخريب الاقتصاد أصبح في مرمى هدف لجان المقاومة والأجهزة الأمنية الوطنية التي تعمل بتجرد وسط كومة من المندسين بينهم لإجهاض عمليات الكشف عن المهربين، وطالما عرف السبب بطل العجب، ونقول للفلول ومن يقف معهم ضد الشعب السوداني، إن محاولات تخريب الاقتصاد لن تجدي نفعاً، تماماً كمحاولات زراعة الفتنة بين القبائل وبث الرسائل العنصرية، والتي وجدت الرد الثوري الفوري برسائل وطنية ضد العنصرية والجهوية، وتم دحرهم وإفشال خططهم، والآن جاء دور الحرب الاقتصادية التي فضحت جهات كثيرة ما زالت تعمل ضد الثورة من داخل الحكومة..
خلال الأسبوع الماضي تم ضبط محاولة تهريب 19 ألف جوال دقيق مدعوم (سعة 50 كيلو جرام إنتاج مطاحن سيقا)، وهي في طريقها إلى تشاد، مثلها مثل كثير من السلع والثروات الأخرى من وقود وبصل وزيت وصمغ عربي وذهب.. إلخ.. تدخل إلى الجارة "تشاد" التي تستقبل كل هذا الكم الهائل من السلع المهربة تحت سمع وبصر السلطات ولا تحرك ساكناً، وبذلك بخوض ضد بلادنا حرباً سرية، ويقال أن التهريب يتم عبر "رشوة" جهات مسؤولة ليتم تمرير السلع المهربة إلى خارج الحدود، والغريب في الأمر أن 19 ألف جوار دقيق ليس بالكمية التي يصعب الكشف عنها، وعندما تم ضبطها بفضل الشرفاء من أبناء هذا البلد، تحفظت السلطات المحلية في مدينة الجنينة على الكشف عن الجهة التي تقف خلف هذا الفساد، ومن هنا نوجه رسالة مباشرة إلى مجلس الوزراء وخصوصاً إلى وزارة الداخلية لتوضح لنا في مؤتمر صحافي حقيقة من يقف وراء هذا التخريب، ولمن تتبع الشاحنات المحملة بـ 19 ألف جوال دقيق التي تم ضبطها، وكيف خرجت من مصنع سيقا، ونشر كل المستندات المتعلقة بهذه العملية في أقرب فرصة، مع توضيح مصير الشحنة، هل واصلت طريقها إلى تشاد أم عادت إلى حضن الوطن..
وقبل أيام أيضاً، ضبطت مباحث تموين محلية أمبدة بالتعاون مع لجان مقاومة سوق أبوزيد،50 جوال قمح مهربة وتم فتح بلاغات تحت المادة (4/ 3) طوارئ بقسم أمبدة جنوب، وحاول صاحب الدفار المهرب للقمح عرض رشوة للجان المقاومة بمبلغ 50 ألف جنيه، وغيرها الكثير من عمليات التهريب التي تنجح في بمساعدة الفلول الموجودين داخل الأجهزة الحكومية بمختلف مستوياتها، ونتمنى أن تتم محاكمات علنية ورادعة لكل المهربين تصل إلى الإعدام شنقاً في ميدان عام ليكون عظة وعبرة لكل مخرب..
ولم تقف عمليات التخريب وممارسة الفساد فقط عند حد الاقتصاد، بل تعدت إلى المطالبة العلنية للقوات المسلحة بعمل إنقلاب عسكري مرة أخرى وتقويض النظام الإنتقالي، في استغلال واضح لأجواء الحريات العامة التي جاءت بفضل الثورة، وبدأنا نشاهد خلالها ارتفاع الأصوات التي كانت تهمس في الماضي خوفاً من البطش، ولكن هناك فرق بين الحريات ومخالفة القانون والتخريب، وعلى السلطات فتح بلاغات فورية في مواجهة كل من يدعو إلى تفويض الجيش لعمل إنقلاب عسكري، في الوقت الذي ما زالت قيادات الإنقلاب المشؤوم في 1998 تواجه محاكمات بسبب تقويض النظام الديمقراطي عبر إنقلاب عسكري، فكيف بالله نسمع ونرى دعاة الإنقلاب يمرحون في الشوارع، والسلطات تغض الطرف عنهم في مشهد مخجل ومخزي ومحبط، هل هناك تخريب أسوأ من الدعوة إلى إنقلاب عسكري يعيد البلاد إلى مربع الدولة البوليسية، والحروبات الأهلية والعزلة الدولية والبطش والقتل والاغتصاب والنزوح؟.. لا وشرف الثورة العظيمة لا توجد خيانة أكبر من هذه الدعوات، ونطالب باتخاذ إجراءات قانونية فوراً ومساواتهم بالانقلابيين الذين يقبعون في الحراسات في انتظار المحاكمة، وشكراً لكل من يرفع شعار "الجوع ولا الكيزان"، "الجوع ولا حكم العسكر".. حباً ووداً..
الجريدة
نورالدين عثمان
manasathuraa@gmail.com