دعوة لترجيح صوت العقل قبل فوات الأوان .. المخرج إما التوافق وإما إنتخاب أو استفتاء عاجل

 


 

 

تتصاعد وتيرة التظاهرات والإحتجاجات من قبل لجان المقاومة، ويتصاعد العنف والقتل من قبل العسكر، يزداد الوطن نزيفا ودمارا، وتتعطل كل مظاهر الخدمة والحياة المدنية. كُلٌ يتشبث بشروطه وحقه المزعوم فى الحكم.
كشعب، نزداد إنقساما على انفسنا كل يوم. أيد خفية تعبث بمشاعرنا عبر الاشاعات والاخبار والفيديوهات المفبركة التى نالت من الجميع. يقنص هذا الشاب وتغتصب هذه الفتاة وكل يلقى باللوم على مجهول.
كثير ممن يدعون أنهم محللون أو خبراء أو ناطقون باسم هذا أو ذاك يطلون علينا عبر المحطات الفضائية لينطقوا سخفا يجعلهم ويجعل السودان معهم موضع تندر وتفكه لشعوب العالم حولنا، ونصر أننا شعب متفرد ومُعلّم لا يدانيه أحد! لا نريد أن نتعلم الدرس من ليبيا واليمن وسوريا والتدمير بايدى بنيها وبيد العدو الذى يتوشح ثوب الصديق والناصح الأمين.
العسكر يعتقدون أن الحسم فى تصعيد العنف والترهيب وإراقة الدماء. والسياسيون الحالمون يعتقدون أنه إذا بلغ بطش العسكر المدى وأريقت دماء الشباب وصُيّـِرت أجسادهم أشلاء، فالسوف يهب العالم لعزل هذا الحاكم وتنصيب ذاك بدلا عنه، ولو كان العالم فاعل لما غرقت مينمار فى مستنقع الدماء والتشريد عبر الحدود ووراء البحار.
لانريد أن يحكمنا أحد لأنه يملك البندقية ولسان حاله أحكمكم أو أقتلكم، ولا نريد لأحد أن يحكمنا لأنه قادر على تقديم أرواح شبابنا قربانا لا ينقطع الى أن يستجيب له العسكر.
أعود لأقول، إما التوافق بين الأطراف المتصارعة على حكومة إنتقالية تلم شعث البلاد وإما أن يُرد الأمر للشعب لأن يختار من يحكمه عبر انتخاب أو استفتاء على نحو عاجل. فاليتكتل من شاء من العسكر (جيش وحركات مسلحة) والمدنيين (أحزاب قديمة وجديدة ولجان مقاومة) ويطرح كل برنامجا وقيادة يختار منها الشعب أفضلها أو أقلها ضررا.
إن القول باننا نريد حكومة انتقالية تهئ الأوضاع لإنتخابات مثالية كلمة حق اريد بها باطل. فمن أين ستاتى هذه الحكومة الإنتقالية ونحن لانريد التوافق عليها وكل يصر أن يؤل الأمر اليه عبر البندقية أو القرابين البشرية ثم يقوم بتفصيل الإنتخابات على مقاسه. البعض يزعم أن الإنتخابات العاجلة ستعيد إنتاج حكم الكيزان أو الأحزاب البالية. هذه حجة فى منتهى الغباء والسذاجة. هل نحن شعب من الغباء وعدم الإستفادة من معاناة ثلاثين سنة من حكم الكيزان لكى نعيد انتخابهم أو انتخاب الأحزاب البالية التى لولا فشلها لما جثم الكيزان على صدورنا ثلاثة عقود؟ اذا كنا شعب بهذا الغباء ولا نميز بين ما يصلحنا وما يضرنا، فمن هذا الذى يريد أن يكون وصيا علينا ومن أين أتى بالحمكة التى يتفتقرها كل أهل السودان؟ وسؤال أخير، هل من عاقل يعتقد أن الكيزان لايسيطرون على الحكم فى السودان اليوم؟ كل من يصر على مد أجل الأزمة الحالية، فهو يخدم الكيزان وسيطرتهم على الأحداث فى السودان.
الإنتخاب أو الاستفتاء العاجل لن يفوز به من يملك المال أو السلطة، إنما سيفوز به المواطن الذى يملك الحكمة والإصرار أن يكون له وطن إسمه السودان.

8 يناير 2022
msafieldin@gmail.com

 

آراء