دعوة للسلام والتعايش الإيجابي
كلام الناس
البيئة الصوفية التي نشأت فيها أكسبتني قيم وممارسات المحبة والتسامح والتعايش والإخاء، لم نكن نعرف الخلافات المذهبية التي تؤجهها هذه الأيام في منطقة الشرق الأوسط القوى المعادية للسلام والخير.
لم نكن نميز بين أهل السنة وأنصار الشيعة ولا حتى بين المسلمين وغير المسلمين قبل أن تطفح على سطح السودان الحركة السياسية المتأسلمة التي تسلطت على الحكم عبر الدبابة.
ظلت الغالبية العظمى من أهل السودان متمسكة بقيم المحبة والتسامح والتعايش الإيجابي مع كل المواطنين، وتعززت أكثر روح الوسطية الراكزة في قيمنا الدينية التي ربطت الإيمان بالله بالإيمان بملائكته وكتبه ورسله.
فرغت هذه الأيام من قراءة كتاب" الشيعة ومحنة الإختلاف في العقل العربي" الصادر من دار المحجة البيضاء لمؤلفه عبداللطيف الحرز الذي استهدف الدفاع عن الشيعة ونقد الثقافة السلطانية و والعقل المتحيز.
لن أتوقف عند هجوم المؤلف على بعض الكتاب والمفكرين إنما يكفي التركيز على تنبيهه لمخاطر الثقافة الطبقية المتحيزة ودعوته للخروج من ثقافة الإعلام الحكومي إلى رحاب التفكير الحر.
في ذات الإتجاه جاءت دعوة الإمام الصادق المهدي إمام الانصار - القديمة المتجددة - الذي ظل متمسكاً ومبشراً بنهج الوسطوية في العالم أجمع، عبر كلمته مؤخراً بعنوان "هذا أو الطوفان".
دعا الإمام الصادق لإبرام ميثاق تعايش سني شيعي يقضي على التراشق ويقر تعايشاً سلمياً يوقف الحروب الفوقية المصطنعة في الشرق الأوسط وينهي الإستقطاب الخليجي بموجب تسوية سياسية تعزز سياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية.
دعا الصدق المهدي أيضاً للإتفاق على عقد اجتماعي يخرج بلادنا من الحوب والنزاعات والتفرغ لبناء مجتمعاتنا عبر مشروعات التنمية المتوازنة وبسط العدالة الإقتصادية والإجتماعية، وإبرام معاهدة ثلاثية عربية ايرانية تركية للتعايش الإيجابي بين شعوبنا كافة.
إضافه لذلك أكد الإمام الصادق ضرورة اتباع سياسة خارجية مع العالم المحيط بنا قائمة على تحقيق المصالح المشتركة بعيداً عن التبعية وعن العدائية لتحقيق السلام العادل في بلادنا وفي النطقة والعالم أجمع.
هكذا تتعزز قيم وممارسات المحبة والسلام والتعايش الإيجابي في بلادنا وفي العالم دون أن نفقد ذواتنا وثقافتنا العقدية والمجتمعية، بل نسهم إيجاباً في سلام ونماء وتقدم العالم.