دماء على النيل: الحرب المؤجلة بين السودان ومصر وإثيوبيا

 


 

 

 

تصاعدت حالة المواجهة بين السودان ومصر بدرجة غير مسبوقة خلال الأشهر الاخيرة وبدت كأنها مقدمة او نذر لمجابهة عسكرية شاملة وكما نعلم حسب التعريف الكلاسيكى للحرب فإنها: (نزاع مسلح تبادلي بين دولتين أو أكثر من الكيانات غير المنسجمة، حيث الهدف منها هو إعادة تنظيم الجغرافية السياسية للحصول على نتائج مرجوة ومصممة بشكل ذاتي. وحسب تعريف المنظر العسكري البروسي كارل فون كلاوسفيتز في كتابه عن الحرب أنها "عمليات مستمرة من العلاقات السياسة ، ولكنها تقوم على وسائل مختلفة." .ومن الواضح ان كلا من حكومتى البلدين تقدم ذرائع شتى لتبربر التصعيد المتبادل ولكنهما تخفيان الأسباب الحقيقية او على وجه الدقة السببب الوحيد - وهو : سد النهضة الذى بدأت اثيوبيا فى تشييده قبل ٦ سنوات ،
فقد نقلت العربية نت بتاريخ ٣ ابريل ٢٠١٧م : ( احتفلت اثيوبيا ، الأحد، بمرور 6 سنوات على بدء العمل في بناء ءسد النهضة وسط حضور رسمي وشعبي حاشد بموقع السد، المتاخم للحدود السودانية، مؤكدة إنجاز 57% من أعمال السد. وشارك في الاحتفال الرئيس الأثيوبي مولاتو تشومي، ونائب رئيس الوزراء رئيس المجلس التنسيقي لدعم سد النهضة دمقي مكونن، ووزير الدفاع سراج فقيس. وأعلن وزير الدفاع الأثيوبي سراج فقيس، خلال الاحتفال، اكتمال 57% من أعمال البناء في مشروع سد النهضة.وأضاف أن 72% من التوربينات قد تم تركيبها بالفعل في جسم السد الرئيسي، مشيرا إلى تركيب 16 توربيناً، 10 منها في الجهة اليمنى، و6 في الجهة اليسرى. من جانبه، وصف الرئيس الأثيوبي بناء السد بأنه "أكبر دليل وشاهد على عزم الأثيوبيين على خوض معركة لا هوادة فيها ضد الفقر، لكسر أغلال التخلف والسير نحو التنمية".وأوضح أن البلاد ستحتفل يوم 2 أبريل من كل عام بموعد بدء بناء السد. من جانبه، قال نائب رئيس الوزراء رئيس المجلس التنسيقي لدعم سد النهضة إن الطاقة الكهربائية التي سينتجها سد النهضة ستستفيد منها دول الجوار والمنطقة بجانب الشعب الأثيوبي. وشدد على أن العمل بالسد "لن يتوقف ولو لدقيقة واحدة"، من دون تحديد موعد انتهاء العمل بالسد بشكل نهائي.وتشيد اثيوبيا سد النهضة في منطقة "قوبا" بإقليم "بنى شنقول جمز" المتاخم للحدود السودانية.وتتخوف مصر من تأثير سلبي محتمل لسد النهضة على تدفق حصتها السنوية من مياه النيل ، البالغة 55.5 مليار متر مكعب، مصدر المياه الوحيد في مصر.بينما يقول الجانب الإثيوبي إن السد سيمثل نفعاً له، خاصة في مجال توليد الطاقة، ولن يمثل ضرراً على دولتي مصب النيل السودان ومصر). انتهى
فيما ذكرت وكالة الأناضول يوم الخميس الاول من شهر يونيو الجارى: (أكدت وزارة الري المصرية أن فيضان نهر النيل العام الماضي، الذي كان الأسوأ منذ 113 سنة، دفع البلاد إلى سحب مياه من المخزون الاستراتيجي في بحيرة ناصر.وقال عبد اللطيف خالد، رئيس قطاع توزيع المياه التابع للوزارة، اليوم الخميس، في حديث لوكالة "الأناضول" التركية، إن المؤشرات كافة تؤكد أن الفيضان، الذي انتهى في ٣١ من يوليو العام 2016 أقل من المعدل، من دون تحديد نسبة التراجع أو كميات المياه التي تم سحبها من بحيرة ناصر أقصى جنوبي البلاد.ونفى المسؤول المصري وجود أي صلة لهذا النقص بسد النهضة الإثيوبي، الذي لم يبدأ تخزين المياه فيه بعد.وأضاف رئيس قطاع توزيع المياه في وزارة الري أن حصة مصر من مياه النيل تبلغ 55.5 مليار متر مكعب فقط، وذلك في وقت يبلغ فيه حجم الاحتياجات المائية للبلاد 110 مليارات متر مكعب.) انتهى
ومن الواضح ان الحكومة المصرية لا تملك أوراق ضغط سياسة او دبلوماسية او اقتصادية ملموسة على الجانبين السودانى والإثيوبي بشأن السد ولكنها قادرة بالتأكيد - او انها راغبة - على التحرك عسكريا لتغيير قواعد اللعبة على الارض ويمثل السودان الحلفة الأضعف فيها لأسباب مختلفة منها حالة العزلة الدولية التى تواجهها الحكومة وهشاشة وضعه الداخلي اضافة الى تجربة مصر التاريخية فى الحالة السودانية حيث كانت شريكا استعماريا مع بريطانيا العظمى فى غزوه منفردة سابقا وبالاشتراك لاحقا . وربما تعتقد مصر أن إن اى ضغط على السودان سيؤدى الى اضعاف موقف اثيوبيا وهى صورة تعيد الى الذهن ماقيل منسوبا الى عنترة بن شداد فارس بنى عبس المشهور فى تاريخ العرب فمن أخبارعنترة التي تناولت شجاعته ما جاءعلى لسان النضر بن عمرو عن الهيثم بن عدي، وهو قوله. : (. قيل لعنترة: أنتأشجعُ العرب وأشدّه قال. : لا. قيل. : فبماذا شاع لك في هذا الناس قال. : كنت أقدمُ إذا رأيت الإقدام عزْماً،وأحجم إذا رأيت الإحجام حزماً ولاأدخل إلا موضعاً أرى لي منه مخرجاً،وكنت أعتمد الضعيف الجبان فأضربهالضربة الهائلة يطيرُ لها قلب الشجاعفأثنّي عليه فأقتله.
وهو القائل :
إنيّ امرؤٌ من خيرِ عَبْسِ منصِباً-
شطْرِي وأَحمي سائري بالمُنْصُلِ
وإذا الكتيبة أحجمت وتلاحظتْ-
ألفيت خيراً من مُعٍِّم مُخْوَلِ

هل هذه حرب قادمة لا محالة ؟ من المرجح حتى لو تأجلت بعض الوقت وكما قال الفيلسوف الفرنسي هنرى برجسون : ( الحرب هي تسلية الزعماء الوحيدة التي يسمحون لأفراد الشعب بالمشاركة فيها).
ومن أسف ان هذه الحرب ستخدم بالضبط ما أشار اليه برجسون: أنظمة متسلطة تبحث عن وسيلة تضفى عليها شرعية حكم مفقودة .


husselto@yahoo.com

 

آراء