دولة الشريعة والمواطنة – الإفك المفترى

 


 

 

تأتي هذه القصة الحقيقية ونحن من بين سلطة حاكمة ما فتئت تنادي فينا ليلاً ونهاراً بان حكمها قائم على منهج الإسلام "عقيدة وشريعة" عدلاً وقسمة سوية بين الناس، سلطة يتقرب بها حكامها للمساكين، وأصحاب الحاجات، دون أن يطمع الأقوياء فيهم، حكام يعيشون بين الناس مجيبين لأسئلتهم ومؤمنين لحاجاتهم، لا تحيط بهم بطانة السوء وحاشية الباطل والفساد، فتضلهم سواء السبيل، وبما يؤدي لئلا يكون ليوم القيامة عندهم حظاً من الذكر، حين يُنادي على الظلمة وأعوانهم، ثم يجمعوا في تابوت من نار فيلقون في نار جهنم، ولأن سلطة الحكم ظناً منها بأنها تحكم  بقيم الشريعة ظلت تسمعنا بأنها لا تميز بين أهل الولاء الحزبي والقبلي في الحقوق العامة وعامة الناس رداً على من يتحدثون عن التجزئة الوطنية وتصنيف الناس إلى درجات وطنية، ظلماً في إعطاء الحقوق. في ظل هذه الحالة إتصل بي المواطن السوداني عبد الرحيم التجاني، رجل أشعث أغبر، طالباً تحديد ميقات ومكان يلتقيني عنده، ليحكي لي مظلمته، ولا ستعجاله الأمر كان اللقاء عاجلاً بداري، حيث أبان بأنه قد ظُلم من سلطان دولة "الشريعة" التي لا يظُلم عندها أحد، الدولة التي لا يوجد من بين مواطنيها من هم درجة أولى وأخرين درجة ثانية، وليت المواطن عبد الرحيم حين قال مظلمته، قد ظلم في شئ له قيمة "أبداً". فقد ظلم في إستحقاق شرعي يتمثل في "قطعة أرض سكنية"، ومن الدرجات الدنيا ولا تزيد عن ذلك، والتي لو تدبرناها بعين البصيرة، وحكم الشريعة وعدل الحاكم الذي كان يزرف الدموع بكاءً وهو يطوف على رعيته ليلاً دون حراسة وكم هو حزين ليوم ميلاده خوفاً من سؤال الخالق له لأنه لم يسوي الطريق لبغلة عثرت في العراق، لأدركنا أن حظ وحق الناس الحقيقي منها لا يزيد عن "شبر" قد يكون "روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار". فقد ذكر المواطن عبد الرحيم أنه قد حرم من أستحقاقه في قطعة الأرض السكنية التي تمّ منحها للمواطنين بشرق النيل عبر مكتب أراضي الجريف شرق بالرغم من أنه كان من السابقين تقديماً والمستوفين شروطاً، وقد عجز بحثاً في إثبات حجته مع إدارة الأراضي التي أغلقت أبوابها في وجهه، وإستحال له مقابلة مسئوليها الذين بينهم وبين المواطنين يرزخ من مفاهيم شريعتهم اللهم الا لأهل الحظوة ولاءً حزبياً أو قرابة قبلية، أو ممارسة أخرى لا يستطيع عبد الرحيم فعلها ديناً وقناعة وقدرات. وعبد الرحيم يحكي مشكلته المأساة ظلماً، ثم ثقة أو أملاً في أن حضرة الفريق أول عنده القدرة، ويمتلك إمكانية المعالجة حظوة عنده أصحاب السلطة، وذلك ما علمته دولة "الشريعة" للناس تربية وطنية خاطئة في أن حل قضاياهم لا يتم الاَ بواسطة شخصية نافذة، أو قيادة حاكمة، ما كان يعلم ما كان تحدثني به نفسي، ويجول بخاطري، وما كان يدري أنه قد أخطأ الهدف، وضل الطريق، وسار في إتجاه لن يؤدي إلى حل مشكلته بل أنه سوف يفقد سانحة أن ينال إستحقاقه كمواطن في قطعة الأرض عند دولة "الشريعة"، التي تُميزّ بين مواطنيها وما جاءت الشريعة لذلك، ومرد ذلك يكمن في أن الفريق أول محمد بشير ما بات مؤتمراً وطنياً، ومن ثمّ ما أصبح له من حظ في الدرجات "الوطنية" من تقدير ، كما هو عبد الرحيم التجاني ومع ذلك فقد تعلمنا من علم القيادة أن القائد يجب أن يحافظ على الروح المعنوية لمرؤوسيه، وأن يرتقي بها وأن تعددت عوامل الإحباط المعنوي، ووفقاً لذلك فقد قررت ألاّ أخذله بالرغم من الإمتحان العسير إجتهاداً، بل جهاداً معه كما يقول أهل دولة المشروع الحضاري سالكاً للدروب غير الممهدة "دروب المؤتمر الوطني" وذات الإتجاه الواحد، في سبيل أن يتم منحه قطعة الأرض السكنية، خاصة وهو يمتلك كل الأوراق والمستندات الصحيحة، وفي ذلك قررت أن أتخذ " التقية" أسلوباً "والمقترب غير المباشر" خياراً خطة في أن يتم منح المواطن عبد الرحيم التجاني قطعة الأرض التي كم هي حق شرعي يستحقه. فكلفت أحد الأخوة من تجار العقارات وله إلمام بقضايا الأراضي، والذي أبدى إستعداده رغبة ثم خدمة في الله لأن ينال عبد الرحيم قطعة الأرض، إلاّ أنه فشل في تحقيق المطلوب رغماً عن كل ما قام به من إجتهاد ليزداد عبد الرحيم إحباطاً باثاً شكواه للذي لا يرد دعوة المظلوم ولو بعد حين وإن كان كافراً، مع تفكير جاداً في مغادرة السودان مهاجراً في أرض الله الواسعة، تاركاً زوجتيه وأولاده للذي لا يظلم عنده أحد. عند ذلك قررت أن أخوض معركة قطعة الأرض السكنية للمواطن السوداني الجنسية عبد الرحيم مع " دولة المشروع الحضاري؟!" عبر مكتب المدير العام للأراضي بولاية الخرطوم دون أن أسال من أوكلته سابقاً عن أسباب فشله في معالجة المشكلة، مع علمي بعد تحليل الموقف أن الفشل وارد، وبنسبة عالية وبهذا الموقف ذهبت إلى مكتب المدير العام لأراضي ولاية الخرطوم مع المواطن عبد الرحيم، وجميعنا لا يحمل أي درجة من درجات المواطنة، اللهم إلا ما كتبه عبد الرحيم عن مشكلته، وعند المكتب وجدت سكرتارية مدير الأراضي "شباب"، تبدو عليهم آثار النعمة والسلطان، فتذكرت "غسان مكتب الوالي"، وقد حددت الجهة التي يتبعون لها وهم يتلاعبون بالحواسيب التي أمامهم، دون إعارتنا أي إهتمام فآثرت ألا أعرفهم بشخصي، لإعتبارات قدرتها بعد تقييم سريع للموقف، طالباً منهم إمكانية مقابلة المدير العام للأراضي فكانت الإجابة أن السيد المدير، ذاهب الآن لإجتماع واليوم ليس يوم للمقابلة، وأثناء هذا النقاش معهم والحيرة تملؤني، متسائلاً "من أين آتى هؤلاء" وشتان بينهم وبين شباب الإنقاذ في عهدها الأول؟!"، خرج المدير من مكتبه، فطلبت منه دقيقتين من وقته شارحاً له بإيجاز مقتضب أصل الحكاية، فعلمها وأستلم المكتوب، واعداً بأن الرد عليه سوف يتم خلال أسبوع وذلك ما كان، مخاطباً به مدير أراضي الجريف شرق، حيث ذهبت وبرفقتي الأخ عبد الرحيم من بعد حين، فكان مدير الأراضي بالجريف شرق في إجازة، وكانت إفادة مكتبه أن الرد بالإفادة أرسل لمكتب مدير الأراضي للولاية، رافضين أعطائنا نسخة من الخطاب أو رقمه،  وحينها عدت إدراجي لمكتب مدير الأراضي، فكانت إفادة أولئك الشباب من أولاد المؤتمر الوطني الذين لا يعرفون من الإنقاذ إلا إسمها، ولعل بعضهم لا يدرك اسمها الأن الذي ما بات محبب الذكر  حتى للذين نفذوها، وقد عرفتهم هذه المرة بشخصي إختباراً وهم بذات سلوك وحال ما حدث سابقاً، مؤكدين أن خطاب الإستحقاق أرسل لمكتب الإسكان بأركويت ليقوم المواطن عبد الرحيم الذي غير معروفة درجته المواطنية بسحب القرعة، فكنا الأثنين حمداً لله سعيدين بإنفراج الأزمة، والتي بدأت من جديد وبصورة أخرى لحظة الدخول لمكتب الإسكان، حيث كانت المفاجاة بألا خطاب موجود ولا قطعة ارض مستحقة يتم سحب القرعة عليها، لتبدأ مشاوير الذهاب والآياب ما بين مكتب المدير العام للأراضي، والقيودات، والإسكان متمخضة عن فأر كبير الأمر الذي دعاني هذه المرة لأخاطب السيد مدير الأراضي بمذكرة شخصية سارداً فيها قصة عبد الرحيم التجاني والبحث عن قطعة الأرض المفقودة، ومعها "كرت" بإسمي بتاريخ 13/10/2014م، ومكتوب بخارج ظرف المذكرة "خاص" طالباً فيها تحديد ميقات لمقابلته، فكان شرط سكرتارية مدير الأراضي "الغسانية" أن يتم فتح الخطاب بواسطتهم، ولا حساب عندهم لكلمة "خاص" التي بظهر المذكرة ومن بعد ذلك يتم تسليم الخطاب للسيد المدير لتحديد ميقات المقابلة لعلاج موضوع بدأ البحث عن إيجاد معالجه له منذ الأسبوع الثاني من يوليو 2014م، وأبشرك أخي القارئ وجميع المواطنين الذين لا يحملون درجة المواطنية أن تحديد وقت المقابلة مازال عالقا، والأفضل أن أقول أنها مرفوضة أصلاً لذا لم تتم حتى هذا الحين، وهذه هي الدولة التي لا يظلم عندها أحد، وليس من بين مواطنيها من هم درجة أولى، وآخرين درجة ثانية، آملاً ممن يقرأ هذه الرسالة أن يحدد كم هي درجة المواطنة للفريق أول محمد بشير، وكم هي درجة المواطنة لعبد الرحيم التجاني في دولة الشريعة المفترى عليها، ومن بيننا قصة الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز حين دخلت عليه زوجته ووجدته جالساً في مصلاه، وأضعا خده على يديه ودموعه تسيل على خديه، فقالت مالك؟! فقال ويحك، فقد وليت من أمر هذه الأمة ما وليت، تفكيراً في الفقير الجائع، والمريض الضائع، والعاري المجهول، واليتيم المكسور، والأرملة الوحيدة، "والمظلوم المقهور" وأستمر سارداً مسئوليته تجاه رعيته محدثاً لها عن علمه بأن ربه عز وجل سيسأله عنهم يوم القيامة، وأن خصمه دونهم محمد صلى الله عليه وسلم، هكذا كان خوفاً من سؤال الله، ذلك هو الخليفة العادل الذي ليس لديه حاجب أو حرس يقف سداً بينه وبين رعيته  كما  يفعل أخوان "غسان"، ليس عنده مكتباً لمدير الاراضي تحرسه سكرتارية خاصة، ولم  تكن له مكاتب تغلق أمام أصحاب الحاجة، والمظلومين من عامة الناس لأن الناس كلهم عنده سواسية كاسنان المشط أنه الخليفة الذي يخاف حسابه قادته المكلفين بإدارة شئون الأمة الإسلامية ولا يستطيع أي منهم أن يخطئ في حق مواطن حتى تصل شكواه إليه. لقد هدفت رسالتي هذه التي أدركها كل من قرأها من بين ما هدفت إلى إثبات بعض المفاهيم التضيليلة التي تحدث في دولة الشريعة السودانية، التي لا تطبق مبدأ العدل، والمواطنة مساواة بين مواطنيها، تمييزاً سالباً بينهم، حيث التصنيف درجة أولى لمنسوبي المؤتمر الوطني وليذهب غيرهم إلى الجحيم، وذلك حال المواطن عبد الرحيم التجاني، والمواطن الفريق أول محمد بشير سليمان، اللذين ليس لديهما من الإستحقاقات الوطنية من حظ ولا إعتبارية لأن الإعتبارية ليس ميزة من مميزات الدولة الإسلامية القائمة على العدل والمساواة بين الناس وذلك ما يدفع بالإشارة للخليفة العادل عمر بن عبد العزيز الذي يقدم النموذج والمثال، إذ ليس لديه أخوان "غسان" الذين يحجبونه عن رؤية من يخدم من أمة المسلمين، أنه الحاكم الذي لم تدخل زوجته مجال الإستثمار، ومجالس نساء الأعمال، بل أخذ كل ثروتها وأضافها لبيت مال المسلمين، وعذراً أخي عبد الرحيم إن حُرمت ظلماً من حقك في قطعة أرض كان حظ حكامك فيها الدرجات المميزة والبنايات الفاخرة، ثم إعتذاري لك في أن فشلت في أن أحقق طلبك في نيل قطعة أرض هي لأسرتك وليس لك، وعزاؤك وعزائي وعزاء ملايين المواطنيين من اهل السودان الذين يعيشون نفس مشكلتك ان يقراؤا من كتاب الله ما فيه سكينة للنفس وبشرى للمظلومين ( كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) كَذَٰلِكَ ۖ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ (28) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ (29) ) صدق الله العظيم.  والسلام.


الفريق أول ركن/ محمد بشير سليمان
moh-bashir@hotmail.com
///////

 

آراء