دولة 56 التي سقطت أخلاقياً و دبلوماسياً قبل أن تهتز عسكرياً !!

 


 

 

(١)
قبل سنوات عدة حكى لي في كوالالمبور، ابن عمي البروفيسور عبدالرحمن النور عبدالرحمن ؛الأستاذ بالجامعات هناك كيف منع من رغبته في السلك الدبلوماسي ليصبح أكاديمياً؛ حيث أبعد وزير الخارجية أنذاك الاستاذ على عثمان محمد طه أسماء كل أبناء غرب السودان من القائمة رغم إجتيازهم لكل مراحل الإختبارات و المعاينات.
من الغباء و الغفلة معا الظن بأن علي عثمان قد تصرف على ذلك النحو لأنه كوز؛ كلا!!
لم يفعل علي عثمان غير تطبيق سياسة النخبة الشمالية الأقلية الحاكمة بالسودان منذ اسماعيل الأزهري الي عبد الفتاح البرهان.
و لا فرق في ذلك بين القيادي ب قحت المهندس خالد يوسف ( خالد سلك) أو اللواء عبدالرحمن الصادق المهدي و الزعيم الجديد للحركة الاسلامية علي كرتي أو صلاح قوش . فقط ان خالد سلك لم يجد مساحة كما وجدها علي عثمان او علي كرتي.
لذلك فإن الملح الآن قبل الغد ان يتذكر بعض أبناء الوسط و الشمال النيلي بأننا في عام 2024 - فلابد من تساوي الفرص ليتعافى الوطن و لأجل غد افضل للجميع.
ليتهم يعلمون بأن هذا الوطن يسعنا جميعاً و سيفيض خيره للعالمين من حولنا...!!

(٢)
صحيح ان محمد حمدان دقلو مجرد دمية لجاهل في يد كيان بترودولار خليجي، يخطط و ينسق له اللقاءات بزعماء الدول (من ناكري جميل السودان و السودانيين) تصحبه هالة من الاعلام الأقليمي الموجه من قبل ذلك الكيان الشرير، بجانب أقلام العاطلين المتسكعين و المأجورين في شوارع الخرطوم و أديس أبابا و مدن ذلك الكيان النفطي المعادي للسودان.
الا ان للفشل الدبلوماسي، بل السقوط الدبلوماسي للحكومة السودانية النصيب الأكبر في العبث الذي يجري الآن . و ذلك بسبب السياسات الإقصائية العقيمة المتراكمة و التي انتهجتها النخبة الشمالية في توظيف أبناء الوطن الواحد.
جولة حميدتي في الشرق و الجنوب الأفريقي أكبر دليل على ذلك السقوط الدبلوماسي، سبقه سقوط آخر أخلاقي عندما كان برنامج أغاني و أغاني يقدم فواصله الغنائية الطروبة بإحدي الفضائيات في الساعات التي ترمي فيها طائرات الانتنوف حمم البراميل الحارقة على أطفال أكواخ دارفور و كهوف جبال النوبة لتحرق و تقطع أوصالهم الطرية أصلاً...!!
كأنهما شعبين من كوكبين مختلفين و ليس شعب وطن واحد و أمة واحدة.
و في الصباح عندما تذهب الي مساجد الخرطوم و غيرها تجد صناديق التبرعات لأهل غزة(برغم انه عمل محمود في مجمله)، بينما اطفال السودان بمعسكرات اللجؤ و النزوح يطعمهم الأجانب(وسط امتعاض بالغ من قبل حكام الخرطوم) ..!!

(٣)
كنت قد كتبت قبل ما يقارب العقدين و أقتبس منه ما يلي(( منذ استقلال السودان تم شراء و صنع ملايين الأطنان من الأسلحة و المستلزمات العسكرية، و مازال.
اين ذهبت تلك الأسلحة و خاصة أننا لم ندخل في أي حرب أقليمية او دولية لحماية أراضينا او تأمين مصالحنا العليا؟؟
الإجابة: قد استخدمت لتقطيع أوصال الاطفال و النساء و الشيخ و العجزة في الهامش السوداني ( جنوب السودان سابقا، دارفور، جبال النوبة، جنوب النيل الأزرق).
لو سألتم اليوم اي عقيد او عميد او لواء او فريق أو فريق أول في الجيش عن سيرته الذاتية؛ فإنه سيقول لك ( و بكل فخر و غباء) بأنه قاتل في جنوب السودان او دارفور او جبال النوبة او انقسنا. اي انه كرس كل حياته المهنية في قتل المواطنيين السودانيين))...
إنتهي الاقتباس.
رغم ذلك ظللنا ندافع عن الجيش السوداني منذ اندلاع حرب 15 ابريل 2023 - لا لشيء غير الحفاظ على الدولة السودانية ( رغم إحن الدموع و الدماء). لأننا ندرك ما اصاب دول مثل العراق بعد حل الجيش هناك.
يمكننا إصلاح الجيش و إعادته الي المهنية و العقيدة القتالية السوية لكن لا يمكننا اعادة اصلاح الوطن اذا ما سقط في ايدي الغوغائيين المتعطشين للدماء و الذين جلهم مرتزقة من دول غربي افريقيا تحركهم دوافع النهب و السلب و الإغتصاب.
ذلك ما يقومون به الآن في مدن ولاية الجزيرة.
ما فعلوه بجامعة الجزيرة العريقة شيء مؤلم للغاية.

(٤)
من المحزن إتهامنا بأننا نهادن الكيزان او نناصرهم.
عندما كنا نعارض الكيزان؛ أتصور ان الاخ حميدتي كان ينتقل بين مهن يعرفها الكثيرون و لا أظن ساعتها قد سمع بلفظ (المعارضة) او بمفردة( الديمقراطية) و الجميل حقاً أنه في هذه الايام ينطقها بطريقة سليمة في جولته الحالية - هذا برغم أنه لا يعرف معنى المفردة !!
لكن الذي نخشاه هو اندثار الدولة السودانية.

(٥)
رغم إدراكي و تفهمي لخلفية الاخ الدكتور عبدالله حمدوك - بأنه موظف أممي و تكنوقراط و ليس بشخص سياسي، الا أنني كنت أتوقعه أفضل مما ظهر به.
من المضحك ان ينتظر الناس ديمقراطية تأتيهم من قبل وحشية الدعم السريع في الجنينة و أردامتا ( من طحي جثث الاطفال و الشباب و اطعام الاخرين منها) و اعمال النهب و السلب و الاغتصاب في الخرطوم و مدن و قرى ولاية الجزيرة.
هؤلاء لا ينتمون للحضارة الانسانية بالأساس فكيف لهم أن يأتوا بالديمقراطية؟؟
علمنا التأريخ بأن لا قوى خارجية انتصرت قط على السودان و السودانيين.
لذا فإن شعبنا على موعد مع النصر المبين.
فلا مناص غير الوقوف مع القوات المسلحة لحماية وحدة تراب بلادنا - ستأتي الاصلاحات لاحقاً.
المجد لجيشنا...!!

د. حامد برقو عبدالرحمن
NicePresident@hotmail.com

 

آراء