ديمقراطيات إنفجارية (3): بعد إنقلاب الانقلوساكسون يأتي الإبتزاز وشق الشارع 

 


 

مازن سخاروف
1 November, 2021

 

ريح خيانات نوفمبر: الإبتزاز بعد الإستعباط

مازن سخاروف: ديمقراطيات إنفجارية (3) بعد إنقلاب الانقلوساكسون يأتي الإبتزاز وشق الشارع

يوافق الفاتح من نوفمبر مُضيّ عام بالتحديد على فيديو عملته على قناتي المتواضعة بموقع يوتيوب.  موضوع الفيديو كان "حول قرار ترمب الرئاسي بتمديد وضع الطوارئ في السودان":


https://www.youtube.com/watch?v=9cMxi2zuFWg


 بعد "عملية البرهان" وضع "الأنقِلْز" رؤوسهم مع بعض وقاموا بتفعيل الجزء الثاني من الخطة: إبتزاز عامل السيمفوار بألا يحرك ساكنا ويقف متفرجا حين يخرج القطار عن قضيب الحديد.  الجزء الأول من الخطة كان بالطبع اعتقال سائق القطار (إختطاف المسار).  أعلن بايدن طلبه من الكونقرس بتمديد وضع الطوارئ من جانب الولايات المتحدة تجاه السودان في 29 أكتوبر 2031 (1), وتم ذلك فعليا اليوم 31 أكتوبر 2021

باختصار, كانت هذه إشارة تفعيل الخطوة الثانية: العودة إلى خنق الشعب السوداني بالقيود الإقتصادية من الخارج إضافة إلى الأزمة الداخلية الإقتصادية  المستفحلة.  ثم هاهو بنك الوسترن يونْيَن يعلن عن إيقاف التحويلات من وإلى السودان (2).


سفير الإمبراطورية على الخط: السايكو دراما الدبلوماسية

حسب إحدى الروايات, دخل في روع سفير البلاط البريطاني في الخرطوم أنه ناشط وثورجي فقام بالتصوير ومخاطبة أو "الدردشة مع" المتظاهرين يوم مسيرة 30 أكتوبر, وانتهى الأمر بأن اعتبرت السلطات نشاطات السفير تعديا لصلاحياته الدبلوماسية وأعطته مهلة ثلاثة أسابيع لمغادرة البلاد.  هذه الدراما المفتعلة كلها في تقديري جزء من "تحميس الطارة"  لوضع السودان وأخبار السودان على صفيح ساخن (استراتيجية "التنشنة") وتطويرا لخطة الأعمال لابتزاز البلد وأهله.


نشاز بنكهة أخرى: الدجاج الإعلامي العربي رهن إشارة الأسياد الأنقلوساكسون: شق الشارع والحرب النفسية

إنبرت قنوات متعددة منها الجزيرة والحرة لتدلي بدولها في اللعبة الجهنمية لمرحلة دفع الإنتقال نحو النهايات التي تجعل قلوب العباد أفرغ من فؤاد أمّ موسى.  النغمة الجديدة أن الشارع السوداني "منقسم". على سبيل المثال قناة الحرة وضعت أبي عز الدين قبالة عادل عبد العاطي مساء أمس الأول, 30 أكتوبر (3).  لينبري الأول ليتشدق بإنقسامية الشارع. ولا يهم ما يقول الثاني.  فـ"السجال الإعلامي" يحتاج رأيا يخدم أجندته.  وبقية الآراء فهي تشعل الأجندة وتنقلها إلى حالة تدجين الوعي الجماهيري فيعيش الدور المرسوم له.  الموضوع باختصار هو إدخال الشك إلى قلوب الجماهير في ثورتهم.  والآن رأينا بأم أعيينا ناشطين كنا نحسبهم من الأبرار المخلـَصين الذين ولدتهم أمهاتهم أحرار مثل "زول كافيه".  لكنه وللأسف أصبح "يشيل" و"يكاكي" مع دجاج العربان مردودا بكل هدوء و"عقلانية بدعة إنقسام الشارع (4).  وإنه لقول لو تعلمون عظيم.  كل هذي الحلقات التي قد تبدو منفصلة في تقديري تم الإعداد لها بإتقان وتنسيق بديع, مثل أفانين الخط العربي.  وأهم الحلقات كانت تعيينا قبل ستة أشهر للشخصية المحورية موضوع حلقة الأمس, جيفري فلتمان, "رجل الإنقلاب" الذي اختفى عمليا الآن (كما أخفى محاضر الإنقلاب).  تأكد الآن وعلى لسان الرجل أنه غادر الخرطوم ليس الأحد عشية الإنقلاب, بل صباح الإثنين يوم الإنقلاب نفسه (إنظر التصحيح أدناه).   يعني "جوووووة الجك".


ثافية الأثافي: "لا للمحاصصات الحزبية": الأيديولوجيا برة

ضمن كل غرائب وعجائب شغل الأنقلوساكسون الإبداع العجائبي في  التلاعب بعملية الإنتقال قبل وبعد الإنقلاب, أعدت البصر فوجدت أن الذي يستحق "لايك" لدرجة قف تأمل هو الدعوة المتجددة لاستبعاد الأيديولوجيا من الحراك السياسي واستنكار "المحاصصات الحزبية".  المتحزبون سابقا والمتنطعون والمؤمنون الجدد بدين "حكومة الكفاءات الوطنية" أعادوا الإنتشار في ملعب كبير لنزع حياء العقل من بعد فك عقاله تهافتا على التهافت.  بعضهم, مثل صحافي ضل طريقه إلى السياسة في تلفزيون السودان رفع عقيرته بثقة متطابقات الرياضيات, ليكون التماهي بين عنوان البرنامج الذي يستضيفه قبل أن يقول ما هو ماض لقوله, وبين ما يقوله فعلا, معلنا على رؤوس الأشهاد أن " الذين أوصلوا البلاد إلى هذه النقطة هم رجالات الأحزاب الذين يتمترسون خلف السيطرة على الكراسي" (5).   ويمضي مسهبا في وصف شمولية الحراك السياسي ومؤسسات ووزرات "السلطة الديمقراطية" في بريطانيا واليابان, تنزيها لذلك الحراك وتلك السلطة عن شطط الأدلجة ومحاصصات الأحزاب, فابتسم كون التمني ابتسام الأمل بعد أن بات يعبس عبوس اليأس.   ههنا من وحي الخيال الجموح (أو الإنتهازية منقطعة النظير) ينطلق قوس الإعيسر الموشّى من كل دار يزورها خطلُ العقل وكل ممشى.  رددتُ على الرجل بتعليق أسف  الفيديو, وفي اعتباري من يود من مشاهدي القناة وليس الإعيسر بكلام جاء فيه:

كلامك عن الأيديولوجيات غير صحيح ومضلل. لأن سُنة السياسة هي الأيديولوجيات. فليعلم الذين "نقنقوا" أن إستبعاد الأيديولوجيات من الحراك السياسي, يعني بالضرورة استبعاد العدالة الإجتماعية من الصراع الأيديولوجي.   (..) غاب عنك إنو في بريطانيا توجد حكومتان, الحكومة البريطانية وحكومة بريطانيا العظمى. (..). الإنت بتتكلم عنو ليس السلطة الديمقراطية, وإنما "الحكومة المنتخبة", أو البرلمانية.  إنتهى ردي.


أيها السيدات والسادة, يرى هذا الكاتب أن الأنقلوساكسون وعبيدَهم وإماءَهم قد رموكم عن قوس واحدة.  فما العمل؟  شعار "مدنياااااااااو" يحتاج لإعادة نظر (إكرام الميت دفنه).  فلنتدارس شعارا جديدا أكثر واقعية وإحتراما للمستقبل:  فلنتبنى شعار "دفاعياااااااااو", إبتداء بشرح وتثبيت حق الجماهير في الدفاع المشروع عن النفس جنبا إلى جنب مع المطالبة بحماية التظاهر السلمي من بطش السلطة.   وإلا فسيخرج علينا مجتمع الأنقلوساكسون الدولي بالقمصان العثمانية من دماء شهدائنا مشيدين بـ"سلمية" متظاهرينا ووحشية الطرف الآخر.  وحين نلعق جراحات الزمان الردئ لتجدنهم قد خلفوا رجلا على رجل وابتسموا ابتسامة الظافر بالفريسة, بينما يُختطف المسار ويتجلى الإبداع في تحوير وتطوير مشروع الإبتزاز والخنق الإقتصادي لأمة مستهدفة.

ما أقترحه: الإستعداد للعزلة في مواجهة الأنقلوساكسون. فهم سيشجعون الثورة السلمية حتى آخر قطرة دم سودانية.


مازن سخاروف, 31 أكتوبر 2021


*****************

* تصحيح: ذكرت في إفتتاحية المقالات (6) أن الحرب الأهلية الإنجليزية الأولى إنتهت بإعدام الملك تشارْلْز الأول.  الصحيح هو الحرب الأهلية الثانية.

** تصحيح: تصحيحي لجزئية في المقال الأمس ("الإنقلاب الأمريكي") أن إختفاء و"لبدة" جفري فلتمان, مبعوث وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون القرن الأفريقي كان إختفاءَ عن دوائر الضوء. فهو لا يظهر في محركات البحث العامة ولا في محركات بحث يوتيوب. لكن إستوقفني ألا يوجد أي تسجيل للقاء صحافي معنون بإسمه من طرف أي قناة ناطقة بالإنجليزية حتى الآن, رغم أن هناك قنوات فعلا أجرت معه لقاء, لكن ذلك اللقاء وضع ضمن برنامج أكبر للأخبار.


الذي اتضح حسب متابعتي, القنوات الوحيدة التي أجرت حوارا مع المذكور بعد الإنقلاب هي قنوات ناطقة بالعربية, ومنها سكاي نيوز عربية, في حوار فعلي. أما الجزيرة فقد نقلت عن حوار معاه أجرته قناة غربية هي بي بي إس.

PBS


في الحالتين كان الحواران المعنونان بإسم المبعوث فلتمان مدبلجين. قناة ربتلي الروسية هي القناة الوحيدة الناطقة بالإنجليزية التي أوردت خبرا مباشرا عن جفري الهارب, ولكن كان ذلك تغطية قصيرة جدا (أقل من نصف دقيقة) لزيارته قبيل الإنقلاب: وكما ذكرت في افتتاحية البوست, كانت الزيارة بين الجمعة 22 أكتوبر والأحد 24 أكتوبر.  أما الحوار الفعلي على شبكة بي بي إس كما ذكرت أعلاه فقد أجري مع فلتمان بتاريخ 28 أكتوبر 2021 وعرض في نفس اليوم.  كما ذكره فلتمان (أو أورده قسم الشؤون الأفريقية إنابة عنه) في رابط  على تغريدته الثانية بتاريخ 29 أكتوبر كما استبق في مقال الأمس.


----------------

(1) عدة مواقع نقلت الخبر.  راجع على سبيل المثال, الخبر على المشباك:

https://www.tellerreport.com/news/2021-10-29-biden-asks-congress-to-extend-the-emergency-related-to-sudan.rJvRd7ptLF.html

(2) وكالة رويترز, وسترن يونيَن يعطل عملياته في السودان بعد بيان الإنقلاب ,29 أكتوبر 2021.  المشباك:

https://www.reuters.com/world/africa/western-union-suspended-sudan-operations-following-coup-statement-2021-10-28/


(3) الحرة, حلقة بعنوان, تحت شعار مليونية 30 أكتوبر.. تظاهرات بالسودان رفضا لقرارات الجيش.

(4) فيديو على موقع يوتيوب بعنوان, "السودان في بيان | زول كافيه مع محمد عويضه" نشر بتاريخ 29 أكتوبر 2021, أي عشية مسيرة 30 أكتوبر. المشباك:

https://www.youtube.com/watch?v=mKB1hxfGe8o

(5) برنامج "غرفة متابعة" تقديم منتصر الامين ضيف الحلقة خالد الاعيسر, نشر على قناة تلفزيون السودان بقناة اليوتيوب بتاريخ 30-10-2021م.

(6) إفتتاحية المقالات هنا, ديمقراطيات إنفجارية (1): الخوازيق, الأنقلوساكسون, الإنقلابات ولعبة فترة الإنتقال .. بقلم: مازن سخاروف:

https://sudanile.com/%D8%AF%D9%8A%D9%85%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A5%D9%86%D9%81%D8%AC%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%A9-1-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%88%D8%A7%D8%B2%D9%8A%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D9%82/


رابط ثاني المقالات, ديمقراطيات انفجارية (0.أ) : دخاخينك. “دقسة” سودانايل, وإقحام إسرائيل في إنقلاب البرهان هنا:

https://sudanile.com/%D8%AF%D9%8A%D9%85%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%86%D9%81%D8%AC%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%A9-0-%D8%A3-%D8%AF%D8%AE%D8%A7%D8%AE%D9%8A%D9%86%D9%83-%D8%AF%D9%82%D8%B3%D8%A9/


رابط ثالثة المقالات, ديمقراطيات انفجارية (0.ب): السياسة في السودان و"المشكلة الأنقلوساكسونية” هنا:

https://sudanile.com/%D8%AF%D9%8A%D9%85%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%86%D9%81%D8%AC%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%A9-0-%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3/


رابط مقالة الأمس, الرابعة في ترتيب المقالات, بعنوان, ديمقراطيات انفجارية (2) خبايا الانقلاب الأمريكي: جفري لـَبَدْ والبرهان يبصم بس هنا:

https://sudanile.com/%D8%AF%D9%8A%D9%85%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%86%D9%81%D8%AC%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%A9-0-%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3/


==

مازن سخاروف, 31 أكتوبر 2021



jsmtaz2014@gmail.com

 

آراء