د. نافع والقفزة النوعية في إدارة الحملات الإنتخابية … بقلم: بابكر عباس الأمين
16 March, 2010
abass_a2002@yahoo.com
لا شك أن الدكتور نافع علي نافع, المسؤول السياسي والتظيمي للمؤتمر الوطني, له خطاب سياسي مقنع للناخبين والمراقبين في الحملة الإنتخابية. وقد قفز بإدارة الحملات الإنتخابية قفزة نوعية لم يسبق لها مثيل في تاريخ الإنتخابات السودانية منذ عام 1953. يستخدم الدكتور نافع مفردات عامية بسيطة, سهلة الفهم, بعيداً عن التعقيد والسفسطة والفلسفة, لأنها سهلة علي الأُميين وجماهير الأرياف والقري. وأسلوب الدكتور من الإقناع والمنطق لدرجة أن معظم الذين لا ينتمون للمؤتمر الوطني, أو غير المتعاطفين معه, سيدلون بأصواتهم لحزبه دون تردد.
لقد كان تساؤل الدكتور نافع, نائب رئيس المؤتمر الوطني, في محله عن جدوي الحكومية القومية (أهي أن يدخل عواجيز الأحزاب فيها؟). وهو مُحق لأن البلاد محتاجة إلي دماء شابة كقادة المؤتمر الوطني, وأن الذهن البشري تتدهور مقدارته عند الكبر. إضافة إلي أن أولئك (العواجيز) قد إبتعدوا عن ممارسة السلطة لعشرين عاما, وبالتالي, قلت خبرتهم السياسية وعلاقاتهم الدولية ومعرفتهم بالإدارة المالية. ولم يكن في عصر هؤلاء (العواجيز) تكنلوجيا ولم يتعاملوا مع الإنترنت. ودعا الدكتور نافع الأحزاب إلي التوحد خلف مرشح واحد (حتي يراها صرعي في رجل واحد في ضربة واحدة, أو يجزهم كلهم في ضربة واحدة). هذه منتهي الثقة في شعبية المؤتمر الوطني وبشري لإكتساحه للإنتخابات القادمة مُقدما و(الأمر محسوم).
وهذه الثقة ليست ناتجة عن فراغ أو للإستهلاك, إنما مؤسسة علي رضا الناخبين بمنجزات الإنقاذ, التي أبسطها تمزيق فاتورة إستيراد الغذاء والملابس (نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع), بعد أن كانوا شحاتين قبل الإنقاذ. إضافة إلي التوجه الإسلامي, وتطبيق شرع الله, الذي من ثماره تحقيق العدالة الإجتماعية, وإنحسار الجريمة, وعدم إنحلال المجتمع وخلو دار المايقوما من أطفال السفاح. لقد كانت فتياته النواهد كاشفات الرأس لا يعرفن الحجاب قبل حكم الحركة الإسلامية. ولم يكن لجندي أو ضابط القوات النظامية لحية, كأنهما في دولة علمانية أو ملحدة أو مسيحية أو هندوسية, وليس في دولة تطبق شرع الله. والحقيقة أن قبول المؤتمر الوطني بالإنتخابات هو في الأساس فضل منه لبقية الأحزاب يستوجب الشكر, وليس حقاً. لقد كان بإمكانه رفضها والإستمرار في الحكم بمفرده كنظام معمر القذافي (40 سنة), أو الحزب الشيوعي الصيني (60 سنة), أو الحزب الشيوعي الكوبي (50 سنة).
وأضاف الدكتور نافع, نائب رئيس الحزب, بأن الحركة الشعبية من الذكاء بحيث أنها لن تقبل بمكيدة (أحزاب الهوان الضعيفة) بالموافقة علي تأجيل الإنتخابات. أما قطاع الحركة الشمالي فهو (متلجلج وليس أصيل). ولو كان لياسر عرمان ذرة كبرياء لسحب ترشيحه لأن (تلجلجه) قد إنكشف وبات واضحٌ للعيان وضوح الشمس في الظهيرة. والحقيقة أن المرء يحتار في (تلجلج) قطاع الشمال و(عدم أصالته) لأنه ليس هناك ما يبرره, وحتي إنتمائه للحركة الشعبية غير مُبرر لأنه مسلم وشمالي. وعن وهم المعارضة بإعادة التسجيل والإحصاء وتشكيل المفوضية فهذه (لجلجة واللجلجة باطلة).
وهنا لابد من نصيحة للأحزاب أن تلتزم بكلمتها لأن هذا ليس من شيم السودانيين, وحتي الصغار منهم يوفون بإلتزامهم ولا (يتلجلجون) ويعلمون أن (اللجلجة باطلة), فما بالك بقادة الأحزاب (العواجيز). وبعد أن أدركت الأحزاب (وهنها وضعفها) وعدم إستعدادها وحان وقت الجد, لجأت إلي الكلام (الملولو) ولكن (زمن الكلام الملولو فات). لقد أخطأ أحد قادة الأحزاب من (العواجيز), عندما قال بأن لغة الدكتور نافع (لغة سلخانات). وذلك لأن إستخدام المفردات العامية موجود حتي في الأدب, كشعر الراحل إسماعيل حسن ومحجوب شريف. ومما يجدر ذكره, أن بعض أعداء الإسلام, في سعيهم للتأثير السلبي, علي أداء المؤتمر الوطني الإنتخابي, يروِّجون بأن هناك نهب للمال العام من قادة الإنقاذ. بل أن البعض يفتري علي الله الكذب بأن هناك أرصدة سرية لبعضهم في سويسرا وماليزيا. إلا أن هؤلاء يجهلون فلسفة الحكم الإسلامي, والتي هي في الواقع تقول إنما السلطة إبتلاء يتطلب المجاهدة والتضحية بالوقت والفكر والمال.
ولقد سبق أن وصف الدكتور نافع أحزاب المعارضة ب: (الميوعة والتحلل والتفسق والرقص والمجون). ولا بد للأمة أن تحرص علي عدم منح ثقتها لأحزاب بهذا المستوي, لأنها قد تفرض تدريس مادة الرقص في مدارس الأساس, أو مادة ممارسة الحب في الثانوي, أو تقوم بتحويل المساجد إلي كبريهات ودور بغاء. وبما أنه هنالك سوابق لأحزاب (العواجيز) في هذا الصدد, فلا بد للشعب أن لا ينتخبها, لأن الذي (يجرب المجرب مصيره الندم).
كما كشف سيادته بأن مصادر تمويل أحزاب المعارضة تأتي من (الكبريهات والمريسة). هذا بالطبع سيؤدي إلي نفور الناخب من تلك الأحزاب لأن بائع وشارب وحامل المريسة حرام, وبالتالي, تمويلها حرام. وإن كان البعض قد أفتي بأن شرب لبن, أو أكل لحوم, أو إستعمال صوف الضأن والغنم التي تأكل فضلات المريسة حرام, فما بالك بتمويل الحملة الإنتخابية التي ستقرر مصير الأمة؟ وبما أن ما بُنِي علي حرام فهو حرام, لذا, فلا قدر الله, إن فاز ياسر عرمان, فإن فوزه حرام ويجافي الشريعة. كما سبق أن وضح الدكتور نافع بأن (المعارضة لا تقيم صلاة الجمعة). ومن ترك صلاة الجمعة, رغم وضوح آيتها, فلا شك أنه ترك بقية الصلوات. والصلاة تفرق بين المسلم والكافر, وهي عماد الدين فمن تركها فقد ترك الدين ومن أقامها فقد أقام الدين.
والحقيقة أن التعذيب, الذي دار في بيوت الأشباح بإدارة الدكتور نافع, لم يكن بالمبالغة والتهويل الذي صوره الإعلام الغربي والصهيوني المتربص بالمشروع الحضاري. نعم كان هناك تعذيب, ولكنه محدود, للتمكين ولتأمين الثورة من أعداء الإسلام من الملحدين والشيوعيين والعلمانيين والطابور الخامس. ولا يمكن أن نقبل إدعاءات البعض بأن التعذيب حرام, وقد وجدت له الإنقاذ فتوي. ولا يعقل أن يكون بقية السودانيين يفهمون الدين أكثر من الإسلاميين بورعهم المعروف وعلمهم الفقهي الغزير.
ولا يمكن أن يكون العميد الريح قد مورست فيه الفاحشة, ليس لأنه فعل لم يعرفه تاريخ أجهزة الأمن السودانية, بل لأنه يتنافي وخُلق الإسلاميين. أما ذاك المحامي الذي إدعي بأن ساقه قد بُترت من جراء التعذيب, فقد فنَّد الشيخ الترابي كذبه بأنها بُترت من مرض السكر. لقد كان النظام الإسلامي من العدالة بحيث أن شيخه يتفقد الرعية بإستلام تقارير يومية من كل المستشفيات, ويعلم كل الذين بُترت سوقهم من السكر أو حوادث المرور في السودان.
أما الأستاذ صلاح قوش, فقد غطي البُعد الخارجي والوزن العالمي للإنقاذ بالقول الفصل: (إن الفكر الإسلامي بالسودان الذي قادته الإنقاذ شكَّل خطراً علي الغرب بتقديم نفسه لقيادة العالم الإسلامي)!!! بالطبع كان العالم الإسلامي دون قيادة قبل 1989, فسدَّت الإنقاذ ذلك الفراغ الخطير. ولا بد للمسلمين أن يحمدوا للإنقاذ هذه الرسالة لأن الأمة بلا قيادة كالقطيع بلا راعي. ولكي تتوحد الأمة وتواصل رسالتها في التمسك بهويتها وتحدي الغرب, من الأفضل لها تبايع الإنقاذ علي الخلافة الإسلامية.
أما إيران, وأبحاثها الفضائية, وأسطولها الحربي, وصواريخها, فهذه مجرد حملة إعلامية شيعية القصد منها خطف قيادة العالم الإسلامي, والإنقاذ أولي بالقيادة لأن الغالبية سُنية. ورغم إدعاء النظام الإيراني بإسلاميته وفخره بثورته, فإنه يتعاون مع الغرب إستخبارياً في مكافحة الإرهاب ويحتفظ بسجون سرية للمخابرات الأمريكية. ولكن رغم الحصار الجائر, فحاشا لرجال الإنقاذ أن يركعوا لدول الإستكبار و(الخوف من عبيد الله), (كالمرجفين والخونة) (د.نافع). ولا نحتاج لتكرار أن سبب الحصار علي السودان هو خوف الغرب وعملاء الكنيسة والصهيونية من المشروع الحضاري.
أخير وليس بآخر لا بد من تذكير الناخبين بفتوي هامة, فإن الذكر ينفع المؤمنين. قال الشيخ عبدالحي يوسف إن علي السودانيين إنتخاب المرشح (الأقرب لله), ولعله نسي أن يضيف (لقد عدلت فنمت ياعمر). وخير الختام تذكير الناخب بالبيان الذي أصدرته مجموعة من علماء مسلمين سعوديين وسودانيين دعوا فيه الحكومة للحفاظ علي (هوية السودان العربية الإسلامية). كما نصح أولئك العلماء, جزاهم الله خيرا, الشعب السوداني ب (رفض تقرير المصير).
ألا هل بلغت؟ فاللهم فأشهد.