ذكريات مؤلمة … بقلم: امير حمد _برلين
5 January, 2010
احتفى البطل في إحدى فيضانات النيل العارمة " كان النيل قد فاض ذلك العام أحد فيضاناته تلك التي تصبح أساطير يحدث بها الآباء أبنائهم .."لم
يبت الكاتب في انتحار البطل غرقا, بل ترك المؤشرات كلها تدل على غرقه.
هنا نقرأ ( الإيحاء ) في أسلوب الكاتب وتركه الحوادث مفتوحة لشحذ خيال ألقارئ . مثلما ظهر البطل فجأة في حياة الراوي تعملق فيها و ظل طيفا أبديا يلاحقه حيثما حل, فالراوي مثلا في هذا الفصل يلتقي شخصيات تعرف البطل وتتذكره تماما, فيأخذ البطل طابع الشخصيات المرموقة والمعروفة على مستوى القطر.......
نجح الكاتب في رسم شخصية البطل كشخصية معروفة وسهل بذلك الانتقال سريعا إلى عالمه فما أن سنحت السانحة بذكر حادثة كانت أو شخصية أو مرحلة معينة إلا وحالم يصبح البطل بؤرة الأحداث .
في نهاية الأمر, استسلم أهل ود حامد لوفاة البطل غرقا ( أخلدوا إلى الرأي لابد قد مات غرقا وأن جثمانه قد استقر في بطون التماسيح التي يعج بها الماء في تلك المنطقة ......."
تذكر الراوي الأمسية التي قرأ فيها البطل الشعر الانجليزي وهو مخمور والأمسية الثانية حينما قص عليه سيرة حياته وتسكعه من ثم في طرقات ود حامد الليلية محاولا التخلص من سيرة البطل .
وكما ذكرنا فإنه أصبح هاجسا تعملق في حياته برمتها " لقد عشت خمسة وعشرين عاما لم أسمع به ولم أره ثم هكذا أجده في مكان لا يوجد فيه أمثاله وإذا بمصطفى سعيد رغم إرادتي جزء من عالمي فكرة في ذهني , طيف لا يريد أن يمضي في حال سبيله ..."
2
جريمة وانتحارات_المسرح اللندني
لساء حول البطل ألدون جوان:
من الملفت للنظر في هذه الرواية هو تقسيم وادراج الكاتب لقصص الشخصيات" بين تفاصيلها مما يثير القارئ لاكمال قرأتها " علما بأن الكاتب لم يأت بكل قصة شخصية مفردة وبكاملها وإنما جزئها ليدرج
مايتناسب من أجزائها مع سلسلة الرواية وفقا لتطور الاحداث . بهذا نعي أن الكاتب " اختار خلاصة " السيرة الذاتية للشخصيات الثانوية المشاركة كالفتيات اللندنيات., ومحجوب وبنت مجذوب......لم تكن خلاصة السير الذاتية لهذه الشخصيات إلا امتدادا للكشف عن شخصية البطل وحياة الراوي الذي انفرد بدوره كنقيض لشخصية البطل فظهر أكثر للعيان كما أنه كان المحب لأرملة البطل وامتدادا لجده . ما أن أكمل البطل النابغة دراسته بسرعة وعين أستاذا للاقتصاد في الجامعة بلندن إلا وتفتحت شخصيته كزر نساء_ دون جوان , لم يهمه سوى طلب اللذة" واسقاط النساء في حباله، ثلاثة نساء انكليزيات وقعن في فخ حبه وانتحرن من ثم لاكتشافهن لخديعته لهن, ومسرح الوهم الذي صاغه بدربة بالغة \ إستراتيجية الاغراء .
عبر تذكر الروي للبطل الذي انتحر غرقا " نقرأ سيرة حياة البطل وفقا لما ذكره للراوي في منزله أثر حادثة مجلس الشرب , والرسالة المختومة بالشمع الأحمر التي تركها له قبل اختفائه_انتحاره كما سنرى لاحقا -. تمتد تفاصيل لقاء ومعيشة البطل مع زوجته ( جين موريس ) طيلة فصول الرواية وكما ذكرنا فان الكاتب جزء تفاصيل الحوادث بدريه بين متون الرواية ليشوق القارئ ويربط حبكة الرواية .
Amir Nasir [amir.nasir@gmx.de]