ذكري إعدام البطل الشهيد

 


 

 


بسم الله الرحمن الرحيم
وجهة نظر

تقريبا من مواليد أربعينات القرن التاسع عشر بقرية قوز عبد السلام    شرق مدينة المحيربا وأمه التاية بت عبد السلام ووالده محمد إمام إدريس، تعّرف علي المهدي بقرية طيبة الشيخ عبد الباقي عندما كان يبني في قبة أستاذه القرشي ود الزين.
كان من أوائل مؤيدي المهدية وشارك في جميع المعارك ماعدا كرري،  ولم يخدش فيها إطلاقا، كما شارك مع الشريف أحمد ود طه ، وأُسرفي معركة توشكي حيث إستشهدت والدته.
 بعد عودته من الأسر، سعي البطل الشهيد بما يملكه  من فصاحة وعلم ورجاحة عقل  وصفات قيادة وتديُن بنشر مباديء وتعاليم المهدية بقصائده  وحفظه للقرآن  والمديح وراتب المهدي، بل جاهر بعدائه للمستعمر وإتسعت شعبيته وأعلن أن الوطن لابد أن يحكم بالشريعة الإسلامية، فإلتف حوله كثير من أنصار المهدي وتجمعوا في الرواكيب بقرية التقر حوالي 4كلم شرق المحيريبا.
إن ثورته هي إمتداد طبيعي للثورة المهدية وقد حاول المستعمر إثنائه عن آرائه وأفكاره بكل السبل من ترغيب وتهديد ولكنها  باءت بالفشل بل إزداد مؤيدوه وصارت الرواكيب بالتقر معسكرا للتجمع من كل قري المنطقة بإختلاف قبائلهم مناصرة ومؤازرة له، فقد وحد أنصار المهدي خلفه.
حضر المفتش الإنجليزي منكريف بصحبة المامور المصري محمد شريف لقرية ودشنينة للذهاب للتقر لمقابلته  وباءت كل محاولات  شنينة  بإثنائهم عن الذهاب ، وعندها أسرعت شقيقته ِرقية جرياً للتُقروأخطرته بقدوم المفتش والمامور، وكان ذلك في يوم29/4/1908م. إستفزاز المفتش والمامور له عجل بقتلهما وهرب الحرس لودشنينة.
كانت معركة كتفية نقطة فاصلة في ثورته ، ولحكمته  وحسن قيادته آثر أن يهاجم الجيش الإنجليزي ليلا وهم نيام ، فكان  ذلك ، ولكن أحد الأنصار   ونشوة الفرح هتف وكبر الدين منصور، وعندها إستشعر القائد الخطر فأطلق مدفعه حاصدا جنوده  وأنصار  البطل الشهيد  فمات من الإنجليز الكثير وإستشهد بعض  أنصار   الشهيد.
محكمته كانت بمدينة الكاملين تحت المادة 93 من قانون عقوبات السودان في يوم 7/5/1908م وقد حكم علي أحمد ودركابي ومضوي محمد إمام بالإعدام شنقا  وتم تنفيذ الحكم بودمدني.
البطل الشهيد حكم عليه بالإعدام شنقا حتي الموت وقد طافوا به معظم قري  الحلاوين في  ظاهرة  تؤكد حقد المستعمر ومدي إذلاله للشعب السوداني ممثلا في اللاإنسانية  وهويطوف بالبطل الشهيد قري المنطقة من أجل ذرع الخوف والوهن في أنصاره  ، أنصار الإمام المهدي، وعندما جيء  به إلي  مصطفي قرشي حيث سوق منطقة الحلاوين مُكبلا بالحديد في يوم الأحد17/مايو/1908م، وودع أهله في إباء وشموخ ورباطة جأش ورجولة  وهو يتبسم ويشجعهم علي الجهاد والعمل علي القضاء علي المستعمر وطرده من الوطن ، وصعد إلي المشنقة وهو يُكبّر في شجاعة نادرة وبسالة أبطال ورجولة  الحلاوين التي عُرفوا بها منذ نعومة أظفارهم وإلي يومنا هذا، وتم تنفيذ الحكم إعدام شنقا حتي الموت فبكته النائحات وخلدته شقيقته رقية بمناحة  تصدح بها الركبان إلي يوم يبعثون، ودفن بالقرب من قرية مصطفي قرشي وسوي الإنجليز قبره بالأرض ولكن  شجاعة شقيقاته واظبن علي  أن يكون القبر شاهدا  علي جسده الطاهر   شهيدا من أجل الوطن وعزته وكرامته، ومازال قبر الشهيد في تلك البقعة  خلف الترعة تظله شجرة وارفة، ولايفوتنا أن نذكر بالفخر والإعزاز زيارة الدكتورة تابيتا بطرس في مئويته لقبر الشهيد وفي معيتها د. يوسف أحمد المصطفي وزير العمل و الخير النور وزير صحة الجزيرة ود. كمال عبد القادر وكيل الصحة وقيادات كيان أبناء منطقة الحلاوين وهم يحتفلون بالمئوية .
إنه بطل بقامة أمة وشعب ووطن،
منطقة الحلاوين تضم حوالي  90 قرية  وأكثر من 30 كمبو  وتمثل مدينة المحيريبا  مركزها وقد كان مجلس ريفي المحيريبا في عهود سادت وديمقراطيات بادت منارة يشع منها العلم والمعرفة والخدمة المدنية والنظام والتنظيم والمؤسسية، كانت المحيريبا مركز إستنارة، ولكن شاءت الأقدار عبر الدكتاتوريات العسكرية أن يتم تقليص مركزها ، بل وتُنزع منها الريادة لأنها مصنفة  منطقة  ديمقراطية وحرية رأي وفكر وإستنارة ضد الأنظمة الشمولية العسكرية منذ عهد عبود وإلي يومنا هذا، ولهذا تدهورت فيها الخدمات ، ونبصم أن معظم البني التحتية بالمنطقة كانت  ثمرة الخدمات الإجتماعية لإتحاد المزارعين  عندما كانت له شنة ورنة.
المنطقة الآن تفتقد لكثير من الخدمات الضرورية من تعليم وصحة ومياه وإنارة القري  وخدمات شبابية وحتي طريق  الشهيد من قنب للمحيريبا لم يصلها بل تقاصر عنها  بأكثر من كلم، وكلية المحيريبا التقنية كان أبناء المنطقة وكيان أبناء منطقة  الحلاوين يمنون أنفسهم بأن يطلق عليها إسم الشهيد ، ولكنهم  صدموا وتحسروا كيف لاتكرم الحكومة الشهيد  وتطلق إسمه علي هذه الكلية وترفيعها  لتصبح  بإسمه جامعة تقنية؟
بطلنا الشهيد عبد القادر محمد إمام ودحبوبة ضحي بأعز ما يملك الإنسان –روحه- من أجل إعلاء قيم الحق والدين ، ومن أجل  الوطن والمواطن وعزته وكرامته ، ولكن هل وجد البطل الشهيد ودحبوبة التكريم اللائق به من الحكومة ولائية أو إتحادية؟؟شقيقته رِقية خلدته بمناحة أبدع فيها المرحوم بادي محمد الطيب ، :: وفي لحظة الشنق أنشدت شقيقته رقية ::
بتريد اللطام أسد الخشاش الذم
 هزيت البلد من اليمن للشام                             
سيفك للفقر قلام ديما في التقر أنصاره منذرين
                          بالصفاء واليقين حقيقة أنصار دين
العمد الكبار الليهم نقر سنو     

                          الهوج والشرق طار النوم منو
الكفرة النجوس ما بخشو من اللوم
                    كتلت الرجال خليت جمالوم تحوم
عبد القادر قام رتب الأنصار
                               في كتفية ديك كم شبعت للصقار
الأعلان صدروأتلمت المخلوق
                             وبعيني بشوف أبرسوة طالع فوق
كان جات بالمراد واليمين مطلوق
                                      ما كان ينشنق ود ابكريق في السوق

                            
كل أبناء المنطقة من أقصاها لإدناها يتوقون لأن تصبح كلية المحيربا التقنية
جامعة ودحبوبة التقنية وهذا مطلب لجد يسير بأن يُطلق إسم الشهيد علي منارة علمية بالمنطقة تخليدا لإسمه  وتضحيته وإستشهاده من أجل الوطن، ألا يستحق هذا التكريم؟
أما مستشفي ودحبوبة التعليمي نتمني من السيد الوالي أن يُسجل زيارة له عبر شارع ودحبوبة ليقف بنفسه علي مدي تدهور الخدمات الصحية في كل المنطقة ومازال سور مستشفي الشهيد يئن من  الشوك، وبقية مستشفيات المنطقة تحتاج لنفرة وزيارة وتحديث، فهذه  منطقة كانت ومازالت منارة سامقة ترنو  إلي مسئول يقف شاهدا علي أطلال خدماتها ليعمل  من أجل تحديثها وفاءا وعرفانا وتكريما للبطل الشهيد عبد القادر محمد إمام إدريس ودحبوبة،
كسرة: مازال أحفاده علي الدرب سائرون ، والمنطقة منارة سامقة في العلم  والفهم والدراية، فقط تحتاج لجهد رسمي وزيارة مسئول ليس أقل من الوالي  إيلا ، يتفقدها قرية قرية  ومدينة مدينة ومرفق مرفق، ليجلس لإهلها ويستمع لهم ،
ألا هل بلغت أللهم فأشهد

    
sayedgannat7@hotmail.com

 

آراء