رئيس المجلس السيادي وحاكم دارفور … مسؤولان عن أمن دارفور..!! بقلم: اسماعيل عبدالله
قبل أن يغادر رئيس المجلس السيادي مطار الفاشر بعد أن نصّب حاكم دارفور، أوصاه فقال: إن دارفور أمانة في عنقك، ثم صعد الى مدرج طائرته المتجهة الى الخرطوم تاركاً وراءه ارض مضرجة بالدماء، دامعة أعين نساءها حزينة وجوه شيوخها وباكية قلوب اطفالها تعج بالحروب السياسية والخلافات العرقية، لم يكشف رئيس المجلس السيادي قبل مغادرته الفاشر عن خطته المشتركة مع حاكم دارفور، ولم يتعرض لدورهما في بسط الأمن وترسيخ اسباب الطمأنينة بين بؤساء دارفور، فبعد أن غادر لم يستقر حاكم الاقليم بعاصمة الاقليم ولم يضع التدابير الكفيلة بحلحلة مشكلات الأمن والفقر والمرض، الناجمة عن مخلفات الحرب اللعينة الممتدة منذ مطلع الألفية الثالثة حتى كتابة هذه الأحرف، السيد حاكم دارفور عرف عنه الاكثار من سفره الداخلي وتعدد رحلاته الخارجية، كما أنه اشتهر بترداده لعبارة أن جلوسه بالخرطوم دافعه الحرص على متابعة تحصيل الأموال الموعود بها من الخزينة المركزية، واكبر صدمة اصابت سكان دارفور حينما حمّلهم مآلات الاوضاع عندما خاطبهم في زيارته الأخيرة للجنينة قائلاً: انكم وحدكم من تملكون اسباب الحل وعليكم أن لا تنتظروا نزول الملائكة من السماء لكي تقدم لكم يد العون، هارباً من مسؤولياته المباشرة باعتباره رأس قمة الهرم الاداري واكبر مسؤول في الهيكل الحكومي المحرك لكل صغيرة وكبيرة، فهروبه هذا هو نفس الهروب الذي مارسه رئيس المجلس السيادي بعد حفل التنصيب، فيبدو واضحاً أن هذا الأقليم المنكوب غير معترف بمشكلاته من قبل رؤساء (السيادة الوطنية) والسلطات المركزية المتعاقبة في ادارة دولاب الدولة الحديثة التالية للاستقلال.
الأمن المجتمعي وحراسة الحدود من اوجب واجبات الحكومة وليس من مهام المواطنين، والتفريط فيه بالشكل البارز والفاضح في ولاية غرب دارفور الحدودية هذه الأيام يستوجب الاستقالة، الاقالة، أو الاسقاط الكامل لحكومة الامر الواقع الانقلابية، والاخفاق في تأمين المواطن في الجنينة وبورتسودان وكسلا ودنقلا وكادقلي لا يجب أن تعلق خيباته على رقاب القبائل والكيانات المجتمعية، أما تحويل ارض الاقليم الى ميدان لصراعات التنافس الحزبي والسلطوي الدائر في الخرطوم، وجعلها ساحة لتصفية حسابات الكتل السياسية وتحقيق رغبات المجموعات الملائشية المسلحة، لا يجب على ممثلي الحكومات الثلاث - المركزية والاقليمية والولائية - أن يسيروا على دربه اللاوطني، فهذا الصراع المحموم والمدعوم من اجندة الخارج ومؤامرات الداخل لن يظل محصوراً على هذه الأرض، بل سيتعداه الى مساحات أخرى شاسعة وواسعة من الوطن الكبير، ومن يظن أن اشتعال النار ببيت جاره لن يصيبه بالشرر لو لم يسهم في اطفاء حريق بيت الجار، يكون من الواهمين، وستصيبه ورطة جحا الذي استبعد وصول الرذيلة الى بيته عندما ضربت اطراف المدينة، فحاكم الاقليم ورئيس السيادة خاب أملهما في الجلوس الآمن المطمئن على الكرسي بعد تلك الاحتفالية الكبيرة بفاشر السلطان، التي ضربت فيها الدفوف ورقصت على سوحها الميارم، فها هي الجنينة اليوم ترسل الرسائل الحزينة للخرطوم وللفاشر معاً، وتقول لهما أن صولجان الحكم لن يقدر على الامساك به من تلطخت يداه بالدماء، وقد وقّعت دار اندوكة وختمت على صحيفة جوبا الصفراء بمداد من دم وقالت للجنرالين أن ارجعا الى حيث اتيتما.
اقليم دارفور تصدر احداث السودان منذ نهاية القرن التاسع عشر حتى مدخل الألفية الثالثة ومايزال، وكان سبباً رئيساً في هزيمة مشروع دولة الاخوان المسلمين القابضة بيد الدكتاتور المخلوع، فخلعته من كرسيه باسباب تراكم الضغط الدولي والاقليمي الذي كان وراءه دارفور التي بحجم مساحتي دولة فرنسا، والمتصدرة للمشهد السياسي منذ انبلاج فجر الثورة المهدية قبل مائة واربعين عاماً، وما تزال تؤثر في سيرورة الدولة السودانية الحديثة، ومعالجة مشكلاتها بالمسكنات ليس من مصلحة الوطن الأم، بمعنى أن الحل الجذري لأزمة دارفور هو بمثابة الحل الشامل لأزمات الدولة السودانية، وفي سياق آخَر أن آخِر تمظهرات الصمود الوطني والمبدئية والتفاني من أجل البناء الوطني الصادق وتأسيس الوطن الذي يسع الجميع، شكلتها قضية دارفور بكشفها للخلل البنيوي للعمود الفقري للدولة السودانية الحديثة، واصرارها على اجراء العمليات الجراحية القاسية التي لم تتعود عليها الشعوب السودانية الأخرى الداجنة والمدجنة من قبل اجندة المراكز الاقليمية الماضية والحاضرة – الامبراطورية العثمانية في الماضي القريب - والجامعة العربية في الحاضر المعاصر، وهذه الخصيصة الدارفورية معهودة منذ أن كانت سلطنة مستقلة بوسط افريقيا محتفظة بهويتها الاسلامية والافريقية في ذات الوقت، ومحافظة على سيادتها الوطنية التي حجزت لها مكانة رفيعة في ذاكرة الشعوب الاوروبية منذ الحرب العالمية الأولى، فدارفور كانت وما تزال مكان صراع محتدم ومستمر - بريطاني - فرنسي - تركي - الماني - روسي - عربي - صيني، واستقرار دارفور من استقرار السودان، وقصور وعي الجنرالات المتخرجين من المؤسسة العسكرية وقصر نظرهم تجاه مشكلات دارفور، هو ما سيورد عموم البلاد موارد الحرب والدمار، أسألوا الرئيس الأسبق جعفر محمد نميري الدكتاتور الذي لا يقهر والذي قهرته دارفور بفرضها لجندها المخالف لاجندة دستوره، وذلك بأن اجبرته على تعيين من اختارته حاكماً لها، واسألوا الدكتاتور الآخر عمر حسن البشير الذي وضعته دارفور على قائمة المطلوبين للعدالة الدولية.
اسماعيل عبدالله
ismeel1@hotmail.com
28 ابريل 2022
الأمن المجتمعي وحراسة الحدود من اوجب واجبات الحكومة وليس من مهام المواطنين، والتفريط فيه بالشكل البارز والفاضح في ولاية غرب دارفور الحدودية هذه الأيام يستوجب الاستقالة، الاقالة، أو الاسقاط الكامل لحكومة الامر الواقع الانقلابية، والاخفاق في تأمين المواطن في الجنينة وبورتسودان وكسلا ودنقلا وكادقلي لا يجب أن تعلق خيباته على رقاب القبائل والكيانات المجتمعية، أما تحويل ارض الاقليم الى ميدان لصراعات التنافس الحزبي والسلطوي الدائر في الخرطوم، وجعلها ساحة لتصفية حسابات الكتل السياسية وتحقيق رغبات المجموعات الملائشية المسلحة، لا يجب على ممثلي الحكومات الثلاث - المركزية والاقليمية والولائية - أن يسيروا على دربه اللاوطني، فهذا الصراع المحموم والمدعوم من اجندة الخارج ومؤامرات الداخل لن يظل محصوراً على هذه الأرض، بل سيتعداه الى مساحات أخرى شاسعة وواسعة من الوطن الكبير، ومن يظن أن اشتعال النار ببيت جاره لن يصيبه بالشرر لو لم يسهم في اطفاء حريق بيت الجار، يكون من الواهمين، وستصيبه ورطة جحا الذي استبعد وصول الرذيلة الى بيته عندما ضربت اطراف المدينة، فحاكم الاقليم ورئيس السيادة خاب أملهما في الجلوس الآمن المطمئن على الكرسي بعد تلك الاحتفالية الكبيرة بفاشر السلطان، التي ضربت فيها الدفوف ورقصت على سوحها الميارم، فها هي الجنينة اليوم ترسل الرسائل الحزينة للخرطوم وللفاشر معاً، وتقول لهما أن صولجان الحكم لن يقدر على الامساك به من تلطخت يداه بالدماء، وقد وقّعت دار اندوكة وختمت على صحيفة جوبا الصفراء بمداد من دم وقالت للجنرالين أن ارجعا الى حيث اتيتما.
اقليم دارفور تصدر احداث السودان منذ نهاية القرن التاسع عشر حتى مدخل الألفية الثالثة ومايزال، وكان سبباً رئيساً في هزيمة مشروع دولة الاخوان المسلمين القابضة بيد الدكتاتور المخلوع، فخلعته من كرسيه باسباب تراكم الضغط الدولي والاقليمي الذي كان وراءه دارفور التي بحجم مساحتي دولة فرنسا، والمتصدرة للمشهد السياسي منذ انبلاج فجر الثورة المهدية قبل مائة واربعين عاماً، وما تزال تؤثر في سيرورة الدولة السودانية الحديثة، ومعالجة مشكلاتها بالمسكنات ليس من مصلحة الوطن الأم، بمعنى أن الحل الجذري لأزمة دارفور هو بمثابة الحل الشامل لأزمات الدولة السودانية، وفي سياق آخَر أن آخِر تمظهرات الصمود الوطني والمبدئية والتفاني من أجل البناء الوطني الصادق وتأسيس الوطن الذي يسع الجميع، شكلتها قضية دارفور بكشفها للخلل البنيوي للعمود الفقري للدولة السودانية الحديثة، واصرارها على اجراء العمليات الجراحية القاسية التي لم تتعود عليها الشعوب السودانية الأخرى الداجنة والمدجنة من قبل اجندة المراكز الاقليمية الماضية والحاضرة – الامبراطورية العثمانية في الماضي القريب - والجامعة العربية في الحاضر المعاصر، وهذه الخصيصة الدارفورية معهودة منذ أن كانت سلطنة مستقلة بوسط افريقيا محتفظة بهويتها الاسلامية والافريقية في ذات الوقت، ومحافظة على سيادتها الوطنية التي حجزت لها مكانة رفيعة في ذاكرة الشعوب الاوروبية منذ الحرب العالمية الأولى، فدارفور كانت وما تزال مكان صراع محتدم ومستمر - بريطاني - فرنسي - تركي - الماني - روسي - عربي - صيني، واستقرار دارفور من استقرار السودان، وقصور وعي الجنرالات المتخرجين من المؤسسة العسكرية وقصر نظرهم تجاه مشكلات دارفور، هو ما سيورد عموم البلاد موارد الحرب والدمار، أسألوا الرئيس الأسبق جعفر محمد نميري الدكتاتور الذي لا يقهر والذي قهرته دارفور بفرضها لجندها المخالف لاجندة دستوره، وذلك بأن اجبرته على تعيين من اختارته حاكماً لها، واسألوا الدكتاتور الآخر عمر حسن البشير الذي وضعته دارفور على قائمة المطلوبين للعدالة الدولية.
اسماعيل عبدالله
ismeel1@hotmail.com
28 ابريل 2022