ربع قرن بين معسكرين

 


 

 


*أساطير صغيرة




يحكى أن بانتهاء 30 يونيو الذي انصرم تكون حكومة (الإنقاذ الوطني) قد بلغت من العمر ربع قرن بالتمام والكمال. خمسة وعشرون عاما مضت سريعاً وكأنها ساعات من عمر هذا الزمان الممتد في الأزل. ربع قرن مرّ وانقضى، شاخ البعض وتداعى في قلب (الدوامة)، كما ولد آخرون وشبوا وولجوا دوامة (الربعية)، ومات – بلا شك- كثيرون، واغترب وهاجر...الخ وبالتأكيد هنالك من يتذكر "تلك الساعات" وكأنها الآن: البيان، الطوارئ، المحاكمات، الوعود، و"نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع" تلك الأناشيد، والألقاب الهوليودية، والتحديات الكونية الكبرى، والصراع الذي دشن من أول يوم واستمر حتى الآن ما بين فريقين؛ المعارضون المراهنون على انتهاء (الإنقاذ) سريعا، وأنصارها ممن يراهنون على استمرارها، ربما إلى الأبد!

قال الراوي: في البداية، بين أطياف واسعة من المعسكرين؛ بدا الرهان وكأنه (مزحة) تأخذ معناها من تأكيد ويقينية كل معسكر على حقيقة ما راهن عليه. معسكر المعارضين (العريض حينها) ركز بشكل كبير وربما لأكثر من ثلاثة أعوام متتالية على رقم بعينه ظل يتكرر كلما دار الحديث عن عمر (الإنقاذ) واحتمالات استمرارها من مواتها؛ كل المنسوبين إلى هذا المعسكر سواء على مستوى القاعدة أو القيادات كانوا يرددون في ثقة يقينية غريبة أن الأمر لن يتجاوز "تلاتة شهور بس، والفيلم دا بنتهي"، "تلاتة شهور ما تزيد جماعتك ديل يوم تاني"، ديل أديهم تلاتة شهور، والضحك يشرطهم"، هكذ تتكرر ذات الشهور الرهانية الثلاثة إلى أن (فجأة) سكت الناس عنها.. ماذا حدث؟ وكيف؟ وأين؟

قال الراوي: هناك المعسكر الآخر طبعا: أنصار الإنقاذ، أولئك الذين بدأوا معها منذ كانت (تخطيطا في الظلام)، أو أولئك الذين وجدوا فيها (ضالتهم المنتهزة)، المهم أن أعضاء هذا المعسكر في مقابل مقولة التحدي المطلقة من المعسكر الآخر (المقولة الزمنية – الوقتية – ما يعنينا هنا)، انقسموا هم أنفسهم إلى كذا معسكر، بعضهم التزم الصمت والعمل (الإنقاذي حفرا وكسرا)، بعضهم تفرغ للتحدي الصريح كلاما "مية سنة عديل، مسمار أبدي.. قاعدين"، والبعض الثالث بدا مترددا غير واثق فامسك عصا الزمن من النصف إلى أن تسحب عليها رويدا رويدا حتى أوصلته إلى (الربعية).. أين؟ وكيف؟ وماذا حدث؟

ختم الراوي؛ قال: 25 عاما، وكم من مياه عبرت تحت الجسر!

استدرك الراوي؛ قال: ربع قرن وكم من مياه تسلقت هذا الجسر!

*زاوية يومية بصحيفة (اليوم التالي)


منصور الصُويّم
mansourem@hotmail.com

 

آراء