رحلة الضياع من الظلم والتهميش لأبناء النوبة فى صفوف الحركة الشعبية .. بقلم / آدم جمال أحمد

 


 

 

رحلة الضياع من الظلم والتهميش لأبناء النوبة فى صفوف الحركة الشعبية وأسباب الفشل فى جبال النوبة

1-2

بقلم / آدم جمال أحمد  -  سدنى – استراليا

 

     يعتبر عام ١٩٩٢ م بداية العدد التنازلى للحركة الشعبية فى جبال النوبة ، إذ تضافرت عدة عوامل .. منها ما هو متعلق بالحركة نفسها والظروف المحيطة بها ، ومنها ما هو متعلق بظرف خارجى هدفه الأساسى إضعاف الحركة الشعبية وشل حركتها ، والحكومة دفعت بشدة فى هذا الإتجاه .. خاصة بعد أن فقدت الحركة الشعبية الكثير من مواقعها فى جبال النوبة .. والمناطق التى إستطاعت السيطرة عليها فى الأطراف الشرقية لمدينة كادقلى .. فى جبال هيبان والتيرا وأطورو والشواية عدا مدينة هيبان ، وكذلك الشريط الذى يحيط بعنق مدينة كادقلى من الجنوب والجنوب الغربى حتى الشمال الغربى بداية من طروجى ومروراً بالبرام – المساكين – الريكة – شات الدمام - شات الصفية – وكرنقو عبدالله حتى ميرى شمالاً.

وشمل التمرد معظم جبال أرياف كادقلى .. مثل جبال كرنقو وكيقا الخيل والصبورى واللقورى ، ومجلس أم دورين والمنطقة الشمالية من ريفى الكواليب المتاخم لريفى هيبان ، وتمدد غرباً الى منطقة الدلنج ليشمل ريفى سلارا وجبال كتلا وتيمين وجلد ووالى .. وريفى لقاوة فى مناطق تلشى وتيما .. وكان الجو متوتراً كطبيعة أجواء الحرب ، ومن نتيجة ذلك أن خلت هذه المناطق من كل العناصر العربية أو الزعامات أو العناصر النوبية المسالمة ، ولم يبقى فيها إلا العناصر المتمردة أو المواطنون الذين غلبوا على أمرهم وحجزتهم الحركة الشعبية ، ونجم عن دخول الحركة  الشعبية لهذه المناطق خسائر بشرية وإقتصادية وإجتماعية فادحة ، ما زالت المنطقة تدفع ثمنها الى اليوم. 

شهدت منطقة جبال النوبة حوادث مأساوية وسلبية ما زالت تختزنها ذاكرة أبناء النوبة ، والتى تمثلت فى فقدان النوبة لأعداد كبيرة من المثقفين والمتعلمين والسياسيين الذين تعرضوا للإعدامات والتصفية الجسدية ، وبعضهم الآخر للاعتقالات التعسفية والتعذيب .. نتيجة لمجئ عدد من أبناء النوبة المنضوين تحت لواء الحركة الشعبية ، وإعترافهم بتواطؤ أخرين داخل المدن وخاصة مدينة كادقلى مع الحركة الشعبية ( التمرد ) ، فأطبقت عليهم الأجهزة الأمنية والإستخباراتية والعسكرية التى ترك لها المحافظ عبدالوهاب عبدالرحمن آنذاك حرية التصرف وأطلق يدها فى ظل تلك الأجواء المتوترة .. فلم تميز بين المتمرد الحقيقى أو غير المتمرد من أبناء النوبة بل كانوا جمعياً فى نظرها متمردون وخارجون عن القانون ، فقامت بتنفيذ أبشع الجرائم من قتل وتعذيب وتشريد وتهجير .. حتى طالت يد تلك الأجهزة فى ذلك الوقت بعض أبناء النوبة الإسلاميين من مناصروا نظام الإنقاذ نفسه.

إختلف الوضع العسكرى للحركة الشعبية فى هذه الفترة وصارت الحركة فى موقف المدافع ، الذى يفقد مواقعه واحداً تلو الأخر ، وأصبحت القوات المسلحة والدفاع الشعبى فى موقف المهاجم .. لذلك سوف نتناول الأوضاع بصفة عامة ودقيقة للرحلة الطويلة من الضياع والظلم والتهميش لأبناء النوبة داخل صفوف الحركة الشعبية .. والأسباب أدت الى الفشل فى جبال النوبة .. والظروف الموضوعية التى أحاطت بالحركة وجعلتها فى هذا الموقف:

 

[١]

 

فقدت الحركة الشعبية الزخم الثورى الذى كان طابع المرحلة الأولى ، فلم يحقق المقاتلون أهدافهم الكلية .. مما جعل الأمل يخبو فى النفوس ، لأن الخلافات بدأت تدب فى أوساط صفوف قادة النوبة الذين أسسوا الحركة الشعبية بالمنطقة ، وذلك حينما طرح سؤال عن نوعية وكيفية شكل العلاقة مع حركة القائد جون قرنق ، والتهميش الذى شعر به أبناء النوبة من قبل الحركة الشعبية الأم ، ونتيجة لتفاقم الخلافات قام القائد المرحوم يوسف كوة مكى بإعتقال عدد من خيرة قيادات النوبة الذين أسسوا معه الحركة بجبال النوبة ، وسجن مجموعة كبيرة منهم لمدة تصل الى إحدى عشر شهراً فى عام ١٩٩١ م ، ثم رحلوا فيما بعد الى قيادة دانيال أويد أكون ببحر الغزال ، وكان على رأسهم القائدان المناوبان عوض الكريم كوكو ويونس أبوصدر منزول والنقيب طارق كودى أبوراسين وأخرون ، وأخيراً تمت تصفيتهم .. إلا أن تلك التصفية لخيرة قيادات أبناء النوبة خلقت نوع من التذمر وأوجدت فراغاً قيادياً فى منطقة جبال النوبة ، وتركت المنطقة مرتعاً لضباط صغار يحاربون بلا قضية ولا هوادة .. وليس معهم هناك من يخطط أو يفكر لهم أو يبصرهم بمخاطر طريق ( التحرير ) ، لقد شكل إعدام أولئك القادة المؤسسين أو نفيهم أو تغييبهم صدمة قاسية لأبناء جبال النوبة الذين إنضموا الى الحركة من أجل ( التغيير والتحرر والبناء القومى ) .. فلذلك إنكمش دور أبناء النوبة داخل الحركة الشعبية وقل عطاؤهم ، مما حدا بمحمد هارون كافى ومجموعته التى إنشقت عن الحركة ووقعت فيما بعد على ميثاق السلام مع الحكومة ، لقد تضمنت الفقرة الخامسة من بيانها الذى أعلنت فيه إنفصالها عن الحركة الأم هذه النقطة: ( تعذيب وإعتقال وسجن وتصفية قيادى جبال النوبة بجانب إبعادهم عن الجبال الى الجنوب .. ) .. وتعتبر هذه واحدة من الأسباب التى دعتهم الى الإنشقاق عن الحركة الأم ، إضافة الى الصراعات التى نشبت بين أبناء النوبة داخل صفوف الحركة الشعبية .. بين أبناء جنوب الجبال وشمال الجبال ، حيث يعتقد أبناء جنوب الجبال أنهم أحق بقيادة الحركة ، لأنهم الأغلبية فى صفوف قواعد الحركة ، بالإضافة الى الصراعات التى ظهرت بين المسيحيين والمسلمين حول من هو أحق بقيادة الحركة الشعبية فى جبال النوبة ، حيث كان يعتقد دانيال كودى أنه أحق من يوسف كوة بالقيادة لأن المسيحيين أكثر من المسلمين فى قواعد عضوية الحركة ، إضافة الى أن أبناء هيبان وجنوب الجبال حيث يمثلون جلهم التيار المسيحى هم الأغلبية .. هذه الصراعات الخفية لم تصل الى مرحلة الإنشقاق وتكوين فصائل مختلفة ، إلا أنها حالت دون أن يستطيع أبناء النوبة توحيد كلمتهم داخل الحركة الأم ، لذلك إستفاد جون قرنق وحركته من هذا التناقض والوضع الذى لا يحسد عليه أبناء النوبة ، فجعل الكل يحتاج اليه .. الى أن وصل الأمر بمجموعة محمد هارون كافى أن تشق عصا الطاعة وتأتى الى السلام منفردة.

 

[٢]

 

قبل إنشقاق مجموعة الناصر فى ١٨ أغسطس ١٩٩١ م ، كان القائد جون قرنق فى قمة نشوة الإنتصارات التى حققتها الحركة الشعبية بالجنوب ، فلذلك بدأ قرنق فى إهمال الحركة الشعبية بجبال النوبة ، وحينها شعر أبناء النوبة بأنهم أصبحوا مهمشين داخل صفوف الحركة ومعزولين تماماً .. ويتجلى ذلك فى عدة صور تتمثل فى الآتى:

   

أ/ لم تمثل جبال النوبة فى وفد التفاوض أثناء محادثات أبوجا الأولى فى نيجيريا ، التى إنعقدت فى الفترة من ٢٦ مايو الى ٤ يونيو ١٩٩٢ م ، كما لم يؤرد أى ذكر لمنطقة جبال النوبة والأغرب فى الأمر لم تطرح الحركة الشعبية الأم موضوع جبال النوبة ، بل كان الطرح قاصراً على جنوب السودان فقط ، إضافة الى أن القائد المرحوم جون قرنق نفسه رفض ما تمخضت عنه مفاوضات أبوجا برئاسة رئيس وفده فى ذلك الوقت وليم نون ، إذ أعلن صراحة رفضه القاطع ما توصل عليه الوفد فى مؤتمر صحفى عقده فى كمبالا بيوغندا ، بحجة أن وليم نون لقد تجاوز التفويض الممنوح له ، ولقد قام القائد المرحوم جون قرنق بتقديم ورقة الى الحكومة النيجيرية أصر فيها على تبنى نظام ( الكونفدرالية ) وقيام دولتين منفصلتين فى السودان ، لكل منهما دستورها ومؤسساتها وقواتها المسلحة وعلاقاتها الخارجية .. وفى ذلك يعتبر خروج واضح عن قرارات أبوجا التى نادت بإيجاد صيغة دستورية فى إطار السودان الموحد .. مما جعل أبناء النوبة يشعرون بالضياع مرة أخرى ، لأنهم لقد قاتلوا مع الحركة الشعبية فى إطار ( السودان الموحد الجديد ) .. واليوم سيجدون أنفسهم أقلية فى دولة الجنوب المسيحية المرتقبة ، كما صرح بذلك القائد تلفون كوكو لوفد ( الاتصال من أجل السلام ) الذى كان يفاوض الحركة الشعبية فى منطقة جبال النوبة فى تلك الآيام ، وكما ذكر ذلك أيضاً القائد المرحوم يوسف كوة مكى نفسه للوفد المذكور أعلاه أنه إتصل بقيادة الحركة بعد مفاوضات أبوجا مستفسراً عن تهميش منطقة جبال النوبة ، مشيراً الى أنهم قالوا له أن مناطقهم تعتبر هامشية ( جبال النوبة والأنقسنا ) .. فلذلك سوف يطرحون مشاكلها ويأتون اليها بعد حل القضية الأساسية أى يقصدون ( جنوب السودان ) .. فى تلك الفترة صدم يوسف كوة أيما صدمة من موقف القائد جون قرنق وإستجاب لنداء قادة أبناء النوبة من أمثال تلفون كوكو جلحة ويوسف كرة القاضى بطرد الجنوبيين من جبال النوبة.

ب/ صرح جون قرنق واصفاً جنوب كردفان فى تلك الآيام بأنها تقع فى شمال السودان ولا تعنيها مشكلة جنوب السودان من قريب أو بعيد.

ج/ فى محادثة ملتقطة بين القائد جون قرنق والقائد يوسف كوة مكى تحدث الأخير فيها بمرارة شديدة ، وقال لقرنق ( أهكذا ترفعون أيديكم عن الجبال! ... ) وظل يوسف كوة فى تلك المحادثة يراود جون قرنق بأن لا يتخلى عن جبال النوبة ، مشيراً الى أنها صمام الأمان ومنطقة العمليات رقم إثنين والإحتفاظ بها أمر مهم .. وذكر له التالى:

 

١- يمكن من منطقة جبال النوبة تهديد الحكومة فى أى موقع وذلك لقربها من مدن عديدة.

٢- جبال النوبة حصينة تمثل قلاعاً متينة لا تؤثر عليها جميع معدات القتال.

٣- تعتبر جبال النوبة رقعة جغرافية واسعة ويمكن الاستفادة منها فى إعتماد الحركة على نفسها من ناحية الإمداد.

٤- السكان المحليون ضد السلطة الحاكمة فلى البلاد ويمكن الاستفادة منهم لأقصى مدى.

 

لقد كان موقف يوسف كوة فى ذلك يحاول التمسك بالحركة الشعبية الأم ، لأنها تعتبر المصدر الوحيد لسلاحه والشريان الذى يتنفس به من خلالها ، فإن تخلى جون قرنق عنه ورفع يده عن الحركة بجبال النوبة يعنى بذلك بالنسبة ليوسف كوة واحدة من إثنين إما إختناقها وموتها ببطء .. أو إستسلامها للحكومة فى ذلك الوقت.

 

[ ٣ ]

 

بدأت القوات المسلحة والدفاع الشعبى هجوماً مكثفاً على مواقع الحركة الشعبية المختلفة بمنطقة جبال النوبة فى تلك الفترة ، بداية بمعركة تلشى الشهيرة فى الفترة من يناير وحتى أبريل ١٩٩٢ م ، وكانت الحركة قد بدأت تعانى نقصاً حاداً فى الإمداد نتيجة لحركة القوات المسلحة النشطة بجنوب السودان ، إضافة الى عدم إهتمام الحركة الأم ، ويتضح ذلك جلياً من خلال المحادثة الملتقطة بين يوسف كوة ودانيال أويد أكون قائد منطقة بحر الغزال برمبيك الملتقطة يوم ٢٣ أبريل ١٩٩٢ م ، والتى أوردها وضمنها الدكتور سراج الدين عبدالغفار فى كتابه ( الصراع فى جبال النوبة ) والذى كان يعمل حينها مديراً لمنظمة البر الدولية فى كادقلى وكان شاهد عيان لكل الأحداث بالمنطقة .. وإلتقى حينها بالمراسل الحربى لجريدة الرأية فى ذلك الوقت الصحفى   موسى على سليمان ، ونحن إذ نستميحه عذراً بإستعراض بعض المقتطفات والوقائع ونص المحادثة لأهميتها فى إبرازها لوضع الحركة الشعبية بجبال النوبة فى تلك الفترة ، حتى يقف القارئ ومواطن جبال النوبة عليها لإدراك حقيقة ما كان يتعرض له أبناء النوبة بالحركة الشعبية من ظلم وتهميش وضياع بسبب الإهمال المتعمد من القادة الجنوبيين بالحركة الأم تجاه النوبة:

 

دانيال: السلام عليك يا رفيق إنشاء الله انت كويس؟.

يوسف: وعليك السلام ، زمن طويل لم نتقابل يا رفيق منذ عام ١٩٨٥ م ، وإنشاء الله أنتم بخير وكيف عاملين مع كلام العرب الكثير فى هذين اليومين ( يقصد عمليات القوات المسلحة والدفاع الشعبى شمال بحر الغزال ) .. وأبرزها عملية المغيرات صبحا .. التى دمرت العديد من معسكرات التمرد بالمنطقة.

دانيال: هذا كلام دعايات ولا شئ جديد ، وكيف أنتم ؟.  

يوسف: نحن بخير ولا تواجهنا مشكلة منذ شهر نوفمبر الماضى نحن يومياً فى حالة قتال ، لكن العدو لم يستطيع إحتلال أى منطقة من مناطقنا سوى تلشى.

دانيال: هذا خبر جيد والحمد الله المطر بدأ ينزل والمرور سوف يكون جيد جداً.

يوسف: المشكلة هى أنه من مكاننا الى ( بانارو ) ومن ( بانارو ) الى ( قوقريال ) الطريق سئ .. وقد أرسلنا ثلاثة أطواف لجلب الذخائر ، ولكن فشلت جميعها والطوف الأخير هرب جميع أفراده ، ونحن من هذه الناحية وضعنا سئ جداً ، ولذلك قلت أتحدث معك اليوم لتقوم بعمل شئ لإنقاذنا.

دانيال: المشكلة فى الماء .. وقريباً سوف ينزل المطر وتنحل مشكلة المرور والقوات ستصل حتى ( بانارو ).

يوسف: نحن فى حاجة ماسة لألواح طاقة شمسية والتى بطرفنا تعطلت وكذلك نحتاج الى بطاريات اﻟ ( ٣٤٠ ) لأن لدينا ثلاثة أجهزة إتصال متعطلة.

دانيال: سوف أرسل لك لوح طاقة شمسية أما بطاريات اﻟ (٣٤٠ ) غير موجودة عندنا ونحن نستخدم جهاز ( ياسو ) يعمل بمولد كهربائى.

يوسف: نعانى أيضاً من عدم وجود الأوراق والدفاتر لدرجة أننا نكتب الآن فى الأرض ، وكذلك بطاقات الشفرة الجديدة وحجار بطارية للراديو لمتابعة الأخبار.

دانيال: سوف أرسل لكم أوراق ودفاتر وكذلك بطاقة الشفرة الجديدة لتكون معنا فى الصورة ، وخلال أيام سوف نسمع أخبار جميلة .. ( لم يسمع بالطبع يوسف كوة الأخبار الجميلة حيث إستطاعت القوات المسلحة والدفاع الشعبى من قطاع بحر الغزال أن تقوم بإيصال القطار من المجلد الى مدينة واو بعد توقف دام ثمانى سنوات فى ٢٤ يونيو ١٩٩٢ م ، أى بعد شهرين من تلك المحادثة ، كما أن عمليات صيف العبور كانت قد بدأت زحفها قبل ذلك بشهر فى أول مارس ١٩٩٢ م ، محررة بذلك مدن الجنوب الواحدة تلو الأخرى ).

يوسف: كلام جميل وسوف نصمد حتى السنة القادمة ومشكلتنا هى عدم نزول المطر فى تلك المناطق ( بانارو ) ولولا ذلك لذهبنا هناك بأنفسنا.

دانيال: كلام جميل ، الدعم والقوات سوف تصلكم والمشكلة الوحيدة هى العطش وعند نزول المطر ستحل المشكلة نهائياً.

يوسف: أشكرك كثيراً يا رفيق وتحياتى للجميع .... إنتهى.

من خلال المحادثة عزيزى القارئ نلاحظ أن يوسف كوة ودانيال أويد رغم أنهما من الأعضاء الدائمين فى الحركة إلا أنهما لم يلتقيا منذ سبع سنوات .. وتؤكد المحادثة سوء أحوال الحركة الشعبية بالجبال فى ذلك الوقت من ناحية الذخائر والمعدات والإنقطاع عن قيادة الحركة الشعبية الأم ، أما قوات الدعم التى كانا يتحدثان عنها .. هى قوات ( جبريل كرمبة ) التى كانت تتواجد لحظة المحادثة فى منطقة قوقريال منذ أكثر من شهر خوفاً من العطش وإنتظاراً لهطول الأمطار ، وفيما بعد لقد أوفى دانيال أويد بتعهده وأرسل كميات من الذخيرة وصلت الى جبال النوبة فى شهر يونيو بصحبة ( جبريل كرمبة ) و ( محمد كوكو ) .. إلا أن جزء كبير من جنود تلك الحملة لقى مصرعه فى الطريق نتيجة للأمراض والتعب ، ولا سيما إذ كانوا يحملون الذخائر على رؤوسهم ، ولك أن تتصور عزيزى القارئ حجم الذخيرة التى يمكن أن يأتوا بها الى جبال النوبة قاطعين بها كل تلك المسافات وسط الطين والأوحال التى يسببها الخريف وتدفق المياه وجريانها.

 

[ ٤ ]

 

شكل وجود كلاً من ريك مشار ولام أكول بقواتهما بعد إنفصالهما عن الحركة الشعبية ، بالإضافة الى عمليات صيف العبور مشكلة ( لوجستية ) بالنسبة الى الحركة الشعبية بجبال النوبة ، فأصبح بذلك خط الإمداد طويلاً .. بل مستحيلاً فى بعض الأحيان ، حيث بعدت الشقة والمسافة بين الحركة الأم ومنطقة العمليات رقم إثنين ، وهذا ما يؤكده القائد يوسف كوة فى رده على تساؤل مجلة ( الوسط ) عن أنهم بعد أثنى عشر عاماً من التحالف مع الجنوبيين يبدو عسكرياً أن قواتهم لم تحقق أى مكسب على الأرض ، فقد كانت إجابته : ( الحركة الشعبية ككل فقدت أراضى كثيرة ، لكنها الآن تعاود زخمها .. صحيح أننا فقدنا أشياء كثيرة ومن مشكلاتنا الحقيقية أننا نواجه صعوبات لوجستية .. الإمدادات تستغرق زمناً طويلاً حتى تصل الى مواقعنا ، خصوصاً بعد إنفصال جماعة مشار ).

 

ونواصل فى الحلقة القادمة إنشاء الله ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

 

 

٥ أبريل ٢٠١٠ م                    -            سدنى  -   استراليا

 

Adam Gamal Ahmed [elkusan67@yahoo.com]

 

آراء