رحم الله الأستاذ المعلم طيب الذكر طه بلال محمد علي

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم
أسماه والده هكذا. وذهبت أبحث عن معنى الإسم طه والويكيبيديا تقول: إسم طه قد يعني:
• حروف مقطعة عند نطقها جاءت في أول سورة طه لا يعلم معناها إلا الله.
• جاء في التاريخ القديم أن اسم طه يعنى رجل عند الأنباط وهم سكان شمال العراق قديما وكان عندما يقال لأحدهم يا طه ينظر لمن يناديه.
• يُشاع أن طه، وهو عبارة عن حرفين مُقطّعين من فواتح السور في القرآن، اسم من أسماء الرسول محمد، بسبب سياق وجودهما قبل خطاب من الله للرسول محمد في سورة طه: ﴿ طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى ﴾ [طه:1]
ولد أستاذ طه على الحلال الخالص من الشوائب من والدين "الشيخ حاج بلال" الوالد الشهم الكريم المفضال الورع الهاش الباش ودائم الإبتسامة صاحب الدار المفتوحة للضيفان وعابري السبيل، قائد النفائر فى الظروف العصيبة وحاجة الناس للعون والمواساة فى الأفراح والأتراح ، وخلف كل رجل شهم كريم إمرأة كانت حاضرة حاجة "السُرة محمد شبرين" شقيقة بروفيسور احمد محمد شبرين. كانت فى شخصها ورقتها وحسن تعاملها وكرمها عالم آخر ، تسر الصغير والكبير بطيبة وابتسامة أناس كأنها كانت من كوكب سماوي لا نعلمه. هي وزوجها قاما بكفالة الكثيرين من الذين ليس لهم أهل أو صحاب خاصة اولئك الذين كانوا من بقايا "رقيق" لأسر لفظتهم عند الكبر. أذكر منهن "بحر النيل" التي كانت ضريرة وقضت سنين عمرها حتى شاخت على عنقريبها تحتاج الرعاية الكاملة فكانت السرة لها بنتا خدوم وكان بلال الإبن البار يكرمها ويطيب خاطرها ورفع من شأنها حية وعند الوفاة بإقامة العزاء ثلاثة ايام متوالية ومن بعدها نفس الفيلم يتكرر وتكون " عطامنه" التي صارت فى حاجة لكفيل يستر كبرها وعوزها فكان الخير والعطاء والتكفل برعايتها حتي وفاتها من قبل يد "أبوفاطنة" الهمام "شيخ بلال" وأم عبدالقادر وطه " السرة". هكذا ولد طه ونشأ وترعرع وكبر متغذياً من ثدي در هذ المناخ الذي لم تلوث أجواء عوالمه نفايات الشياطين من بني الإنسان.تخرج من مدرسة بربر الثانوية العليا وكان نصيبه من الدنيا الفانية المهنة الشريفة التي تستحق التبجيل وقوفاً له، فصار معلما ثم ناظراً قدوة لمدرسة مرموقة وإماما أيضاً ناصحا الأمة.
• آخر مرة إلتقيته كانت العام 2015 وانا وأسرتي كنا نغادر مدينة بربر صبح شتاء أكرم الله فيه العباد بوفرة خيرات الأرض من خضروات وفواكه غمرت الأسواق، ونحن نتوقف بسوق المدينة لنشتري بعض الزاد للرحلة إذا برجل مكشوف الرأس وبجلباب ناصع البياض يهرول مسرعا نحو سيارتنا وابنسامة تنور محياه إحتواني بطيبته وبراءة نفس لا تعرف الكراهية أو الضغائن ، فقال لي أنا هنا عندي طبلية خضار وأحرص على هذا الحال لأنني الآن فى المعاش فلا بد من حل وبديل لكي نعيش ، الحمدلله أنني قد حصلتكم لأودعكم. صمم وبكم أخرجني من عالم الحس والحضور إلي حلم فى ليلة شتوية يطول فيها زمن الموت الأصغر وتسافر الروح من جسدها لتهيم فى عوالم الغيب فتخيلته واقفاً فى مقدمة الفصل ممتلكاً عقول الصبية يغذيهم صادقاً بالعلم والمعرفة التي ترفع من قدرهم على سلم يؤدي إلي المستقبل المجهول ، ولكنه المعلم الممتاز هو الذي يجعل منهم من يتخيل ماذا سيكون والأيام التي تعده بذلك تنتظره وهو يشتاق لها كشوق الظمآن للماء. كان أمامي ساعتها حقيقة وأنا لا أصدق ، بائع خضار فقط حصيلة كل معاشه " طبلية" بسوق خضار بربر وبالأمس كان ناظراً لمدرسة كبيرة يديرها بتلاميذها ومعلميها، إنه بعينه وقد أفقت من غيبوبتي "الأستاذ طه بلال" !. يا للحسرة. لكن لأن الذهب لا يصدأ والنفس العفيفة لا تسمح لصاحبها إلا أن يركن لمثل ذلك الخيار الصعب طريقه ، أعني " الكسب الحلال" حتى وإن صعبت ظروفه أو قلت فائدته. هكذا كان الأستاذ ومعلم الأجيال طه بلال وكان صاحب هذا الخيار . وكوالده نعم الرجل الخلوق كان حافظاً لسانه ونفسه من الزلل ونشهد له بالاستقامة وشرف التدين الحقيقي الغير مزيف أو ملوث بروث متاع الدنيا الزائل من ألقاب ومسميات لا علاقة لها بأساس دين الإسلام الذي بني على أركان خمس، لا سادس لها، فلا تنام أعين الجبناء إذا لم يعجبهم هذا القول الحق • • لك الرحمة والمغفرة من رب رحيم وكريم والفردوس الأعلى أسألها لك من الله وفيها لك مرتبة الصالحين والعباد المخلصين مع النبيين والصديقين، وأسال الله أن يعوضك أهلاً أفضل وأخير من ما خلفت وراك فى الدنيا الفانية من أهلها ذوي الشقاق والنفاق وسفك الدماء وانتهاك الحرمات ، وأسأله لك الشراب من الكوثر وأن يجعل قبرك روضة من رياض الجنة وان يجعل البركة فى ذريتك وأن يحفظهم من سوءات عرض الدنيا الزائل. إنا لله وإنا إليه راجعون • لعزاء الحار للأسرة وكل الأهل بالقدواب والخرطوم • • فى الختام، أهديك فى عليائك صورة جالت بحاطري الآن من ذكرياتنا أيام شقاوة الطفولة تحوطنا بركات والدينا وأغاني وحكايات عطامنه وبحر النيل وخيرات جزائر حارتنا

فى حارتنا وجنب بيتنا
كانت جنينة عم ابراهيم
الكان بعيونو بخوفنا
قميصه سديري بدون أكمام
عضلاته كملاكم من الجزر الكاريبية
لكن فى غيابه كنا فيها نسرح
نفتش أعشاش الطير والقمرية
هناك فى الحيطة الفي النص
كانت النخلة المحنية
ترقد على الحيطة مرتاحة
علينا تجود بتمر العافية
"كرموش" لكن بسخاء وحنية
بس المشكلة وين؟
إذا وقعنا فى شرك عم ابراهيم
وهاك يا جري إذا واحد شافو
من خوف عيونو الغضبانة
وعصاته تلوح فى الهوا ملوية
نهرب نتشتت هنا وهناك
حتى فى دروب الشوك المنسية
الرحمة يا رب لعم ابراهيم واستاذ طه
يارب فى الفردوس الأبدية
وياحليل زمن ابراهيم وجنينته العمرانة
حليلك يا النخلة المحنية
وحليلك أستاذ طه
وحليلها فى السوق الطبلية
عبدالمنعم

aa76@me.com

drabdelmoneim@gmail.com
////////////////////////

 

آراء