رحيل ذاك الرجل الذي دخل رواكيبنا ودواخلنا .. وداعا سعد الدين ابراهيم

 


 

 

o.yousif@icloud.com

   كان المجلس القومي للاداب والفنون قبلة ومنارة لكل اهل الفنون والآداب والثقافة واحسب ان فترة عملي هناك كانت من اخصب فترات حياتي حيث اتيحت لي  ولحسن الخط، فرصة التقرب الي ذاك الرهط الطيب من المبدعين السودانيين ممن كانوا يمثلون كل المجالات الأدبية والثقافية ولم يكن المجلس وحده بالطبع القيم على امر الثقافة السودانية فقد كانت هناك اجسام ثقافية اخرى انشات لذات الغرض منها مصلحة الثقافة ومعهد الموسيقى والمسرح اضافة الى الجمعيات الأهليه والخاصة.اما جهازي الإذاعة والتلفزيون فقد مثلا دور الخزانة التي أدت دورها في حفظت تراث هذا البلد..

    الكلام الفوق كله جاء خاطرة بسبب ان حظي العاثر لم يسعفني ان أتعرف على ذلك الشاعر الذي كانت كلماته تتسلل الى الروح بعفويتها المتناغمة.. ومن يكون غير سعد الدين ابراهيم والذي تسلل هو من هذه الدنيا في هدوء مثلما عاش فيها بذات الهدوء.. تعلمنا كلمات الحب الاول حينما كنّا نغازل الحسان في أيامنا بروائع كلمات أغنيات سعد الدين واللاتي على قلتهن الا أنهن كن دررا غوالي فمن منا لم من لم يردد مع عركي

    سوى ليكم بادينا شاي
    وحالبالكم ضراع الليل

    وايه عشان تفرحو كلكم.. وانتشينا وتمايلنا وطربنا مع عركي ونحن ننساق زي الشُعَاع بين رواكيب سعد الدين واوض عركي علشان نتاوق معاه لتلك الحبيبة الفرضية والتي سوا لينا بايدينا شاي وايه كمان من لبن ضرعات الليل زياده كمان..ياسلام ياسعد الدين كيف لك هذا الخيال البازخ؟

    كان ابو السعود احد رواد تلك المدرسة الواقعية الجديدة والتي بدأت بالخليل فرح في قدلاته عند شارع بيتنا في ابروف ولقد استفاد بالتالي سعد الدين من ذاك الارث الخليلي ومفرداته الجديده والمتميزة..(حافي حالق) والذي في تقديري انه  كان قد وضع حجر الاساس لمدرسة واقعية جديدة تأثرت بها الاجيال اللاحقة..وليس ذلك بغريب على سعد الدين ذلك الشاعر المتمرد المعروف بذكائه مما أتاح له ان يخلق لنفسه مفردات افادته في كتاباته النثرية في عموده الراتب ( النشوف اخرته)..

    لم يذكر احد ان سعد الدين قدم عمل درامي حتى انا الفقير لله المتابع لك ولابداعك لم أكن  حقيقة اعلم ان لك باب عريض وعريق (ومن السنط كمان) الى ان سمعت صريره من استاذي جمال محمد احمد عليه رحمة الله عند لقائه لهم عنده او لقاءنا لهم في مكاتبهم وعم جمال لا يجامل ابدا مهما كانت مكانتك عنده.. انتبه استاذنا جمال لتمثيلية باب السنط كعمل درامي إذاعي وكتب عنها في صحف تلك الايام واشاد به كعمل متميز وتنبأ لكاتبه(الشاب وقتها سعدالدين ابراهيم) بمستقبل ناجح وقد صدق استاذنا جمال فقد اصبح ذاك الشاب الطموح احد من يشار اليهم بالبنان في حيواتنا الثقافية...

    وشوفنا اخرتا ياسعد الدين واخرتا كوم تراب لذاك الجسد الذي لم يتحمل صاحبه المهووس بالإبداع ولكن ستبقى حكاوي الحبيبة وتلك الاخرى المابتسال عن ظروفك ونسأل نحن رب الرحمة ان يرحمك وهو من كتب على نفسه الرحمة....


    عثمان يوسف خليل
    المملكة المتحدة
    o_yousef@hotmail.com

 

آراء