رداً على الرد (الموضوعى) للإستاذ تاج السر حسين … بقلم: هانئ رسلان
12 September, 2009
كنت قد أشرت فى ردى على السيد ممثل حكومة الجنوب والأخ سارة، إلى نيتى إغلاق باب هذه الردود والملاسنات ذات الغرض، لأنها ليست سوى قضايا إنصرافية معروفة الهدف، ولن تؤدى إلا الى الإنجرار إلى متاهة مواقف لسنا طرفًا فيها من الأصل، فضلا عن أن هذا يخالف النهج الذى إختطه برنامج دراسات السودان وحوض النيل ، بفتح الباب للجميع والتعاون مع الجميع فى إطار الأهداف التى سبق أن أشرت إليها، ولا داعى لتكرارها .
إلا أننى رأيت الرد على ما كتبه الإستاذ تاج السر لسببين: الأول أنه عنّون رده (بالموضوعى) فى محاولة لإيهام القارئ بذلك، وهو الغارق فى الشخصنة إلى إذنية ( وسوف أوضح ذلك بعد قليل )، والثانى أنه وصف كتابته هذه بأنها شهادة على أنشطة برنامج دراسات السودان وحوض النيل، بإعتباره من المداومين على حضور هذه الانشطة، وهذا صحيح فهو من المداومين، ولكنه لوّن حديثه بما أملاه عليه الغرض والهوى ومواقفه الشخصيه، ولذا لزم التوضيح والتصحيح لوضع الإمور فى نصابها .
(1)
يقول الإستاذ تاج السر أننى أظهرت عدم الموضوعية فى ردى المشترك على ممثل حكومة الجنوب والاخ سارة عيسى، وان هذا يمثل إستخفافا (واستحقار) من جانبى للسيد فارمينا صاحب المكانه الرسمية، ويقول انه رغم أن رد فارمينا أتسم بشئ من العنف ، إلا أنه ( تاج السر ) يرى أن هذا العنف مبررًا بعد قبامى بتوجيه إتهامات إلى حركة أو حزب السيد فارمينا مستخدما الكلام الذى تقوله( أبواق الإنقاذ).
أولا ياإستاذ تاج يبدو أنك لم تقرأ المقال الأصلى ولا الرد، وما زلت تكرر الاسطوانة المشروخة إياها حول الإنقاذ وما تردده الانقاذ، وهذا كلام خارج الموضوع أصلاً، والرد واضح ووافى وقد ناقش هذه المسألة بتدقيق، وكان من المفترض أن تقرأه جيدًا.. أم ُتراك غير معنى بمناقشة الموضوع أصلا، ودخلت إلى هذه الحلبة لغرض فى نفس يعقوب . لقد أشرت إلى مثل تصرفك هذا فى ردى سالف الذكر، ولا أظن أن هناك فائدة تُرجى من إعادة إيضاح ما سبق إيضاحه .
أما الرد المشترك فله سبب موضوعى، وهو أن المقدمة كانت مشتركة للموضوعين معا، ولم يكن من المناسب تكرارها بطريقة القص واللزق. وأما ما تصفه انت ( بالاستحقار) للسيد فارمينا فإننى لا أجد مبررا على الاطلاق لمثل هذا الوصف من جانبك، وأنت بنفسك تقول أن رد السيد فارمينا قد إتسم (ببعض العنف)، إلا أن الحقيقة أنه لم يراع مقتضيات موقعه الرسمى بعد أن ورطه الشخص الذى كتب له الرد، فى التوقيع على صياغات وشتائم ومضامين لاتليق بموقعه، الأمر الذى كان يعطينى الحق فى الرد بالمثل .. ولكنى لم أفعل ولم أستطرد فى الكثير من الموضوعات التى أثارها رد السيد فارمينا، لأنى كنت عازفا عن توسيع هذا الخلاف، لانه ليس خلافا شخصيا كما ذكرت، وشخص السيد فارمينا كان ومايزال محل إحترام، وأظن أننى أوضحت مقصدى بشكل أعتقد انه كاف لذوى البصائر..
وأما سؤالك غير اللائق - ولا أريد أن أصفة بأكثر من ذلك – عما إذا كنت سوف أرد على السيد/ كمال حسن على ( ممثل حزب المؤتمر الوطنى السودانى بالقاهرة) بنفس الطريقة .. فقد ناقشنا هذه القضية المفتعلة بما يكفى، ورغم ذلك أقول لك يا سيد تاج وبعزم تام : نعم سوف أفعل ، وهذا فى حالة أنه تحدث مستخدما مثل هذه الاوصاف، وليس هناك داع لان أزيدك من الشعر بيتا أو أبياتا.. ولكنى أنصحك إذا أردت أن تقول شيئاً ، بأن تأتى إليه بوضوح ومن الطريق المستقيم.
(2)
فيما بتعلق بالاخ سارة عيسى، وقولك بأننى تورطت فى القول بأنه رجل. كان من الأولى بك أنت ألا تتورط فبما لا تعرفه.. وإلا فلتقل لنا من هى؟ وهل لديك أى معطيات او مفردات مختلفة عن هذا الشخص؟ .. الواضح من ردك أنك لاتعرف، ومن ثم كان لزامًا عليك أن تلتزم الصمت، مادمت لا تمتلك جديداً لتضيفه نفيًا أو إثباتًا.. أليست هذه هى مقتضيات الموضوعية يا إستاذ تاج؟ .. تقول أنه لن يرضينى إذا خاطبنى الأخ سارة بالطريقة نفسها .. وأقول لك أين عقلك يارجل؟ وماذا سوف يقول صاحبك هذا لى ؟ فأنا ظاهر للعيان بإسمى ورسمى حاملاً لوحى.. فأين هو؟ وإذا كان يناسبه هذا السلوك فى الاختباء فهو حر.. ولكن لماذا يتقول على الناس بالباطل؟
أقول لك مرة إخرى أن الأخ سارة هو كما وصفته فى ردى السابق، ولدى أيضا معطيات إضافيه لم أفصح عنها، وما ذكرته عنه لم يكن على سبيل المعارك اللفظية .. وعليك أنت أن تسأل ألاخ سارة لماذا لا يخرج إلى الناس ويتحمل مسئولية إتهاماته والغمز واللمز والتلفيق و(شغل) الأمراض النفسيه الذى يقوم به .. هل لأنه إرتكب فى السابق ما يخشى إفتضاحه الآن، أم أن لديه مصالح يريد أن يحافظ عليها. أم أنها محض هواية فى القيام بهذه النوعية من الممارسات .
(3)
يزعم الاستاذ تاج فى مقطع آخر من رده ، أننى أقوم من خلال إدارتى لندوات برنامج دراسات السودان وحوض النيل بقمع المعارضين ومنعهم من التعبير عن أفكارهم بصورة كاملة، وأننى أستخدم عنصر الزمن حينما أشعر أن حديثهم يذهب فى إتجاه عكس ما يحب ( قادة المؤتمر الوطنى) ...هكذا ؟ ويضيف الإستاذ تاج أنه كان يناشد الاخوة ويحثهم على الاستمرار، الى أن إضطر هو للتوقف .. وسوف نؤجل القصة الحقيقية لهذا التوقف، والتى بني عليها الأخ كل هذا الخداع الذى أسماه رداً موضوعيًا . أما الآن فلننظر فيما أورده :
يعرف الاخ أن الزمن المعتاد لأى جلسة هو ساعتين، ولكننا كنا نستغرق ما بين ثلاثة ساعات ونصف إلى أربعة ساعات فى الجلسة الواحدة، وأكثر هذا الزمن كانت تستغرقة المداخلات من القاعة، وليس ممكنا من الناحية العملية ان تطول الجلسة الواحدة إلى خمسة أو ستة ساعات مثلا.. ولذا كان المطلب المتكرر فى جميع الندوات هو التقليل ما أمكن من الديباجات والولوج رأسا إلى النقطة محل النقاش.. فهل هذه هى الإدارة التى تسميها ضغوطًا يا سيد تاج ؟ أم أن طريقة فهمك للأشياء من حولك قد هيأت لك أنه إذا صادف ولم تتحدث أنت بالتحديد فى لقاء ما، بسبب ضيق الوقت، فإن هذا يعبر عن عدم الحياد، باعتبار إنك ممن ( يمتلكون المقدره على الحديث والمعلومات عن هذا التنظيم ويستطيعون تعريته للرأى العام المصرى والعربى) طبقا للإشارة التى وردت فى مقالك..
لقد عقدنا فى البرنامج ما يقرب من سبعين ندوة ولقاءاً حتى الآن، وكانت غالبية ضيوفنا من الإتجاه المعارض لنظام الانقاذ، وبعضهم تفضل بالإسهام فى أنشطتنا أكثر من مرة مثل الإمام الصادق المهدى والسيد مبارك الفاضل ومجموعة قيادات العدل والمساواة، فاذا كان المتحدث الرئيسى على المنصة معارضًا، وتتمحورتقييماته للوضع ضد سلطة الانقاذ بطبيعة الحال، ويُنقل ذلك عبر الصحف والفضائيات، فمن الواضح أن هذا يتناقض مع قولك أننى أسعى بعد ذلك للسيطرة على النقاش، فالطريقة الأجدى هى السيطرة من المنبع أليس كذلك ؟ .. وماالذى يجعلنا من الأصل نتفاعل بشكل إيجابى مع القيادات المعارضة، ما دمت أنا أعمل بهذه الطريقة (المختله) التى تصفها لصالح جهة معينة. وإذا سلمنا بفهمك الملتوى هذا .. فكيف أحرف النقاش إذا كانت الغالبية من الحاضرين ممن ينتمون إلى الصف المعارض، ومن ثم فغالبية التعليقات من القاعة والمنصة معًا، سوف تكون ضد هذه الجهة التى أساندها.. يا أخى أن أصحاب العقول فى راحة، والمثل يقول : إذا كان المتحدث مجنون .. خلّى المستمع عاقل.
إن الاجابة الواضحة المستقيمة والبسيطة، هى أننا نتعاون فى أنشطتنا مع الجميع .. لأنهم بالنسبة لنا جميعا سودانيون، ومن ثم فاننا نستقبلهم بنفس الدرجة من الحفاوة والاحترام .. وإذا كنت لاترى هذه الحقائق أو تحاول أن تنكر هذه الوقائع فهذا شأنك الخاص، الذى لا نملك إزاءه شيئا.
(4)
بالنسبة لبعض مناضلى الكيبورد.. فمن الواضح أن العبارة الوحيدة التى ذكرتها فى ردى عنهم، قد أزعجت ضميرك الأخلاقى وحسك المرهف، ولكنى أراك ولم يرمش لك جفن، وأنت تزّور كلامى، وتتقول عّلى مالم أقله.. وهذا حديث مكتوب، والنص مازال ماثلاً بين أيدينا، فما بال باقى حكاياتك وقصصك ؟
لقد ذكرت فى ردى بالنص " وفى أحيان اخرى تنتاب قلة من مدعى (النضال الكيبوردى) حالة من الفوبيا أو العصاب فيهرفون بالساقط من القول ... الخ "، وهذه العبارة واضحة تماما ، تتحدث عن بعض القلة المحصورة فى حالات بعينها وفى سياق معين ومحدد تمامًا ، وليس هناك ما يدعو لنكرره هنا مرة إخرى. بينما يتحدث الإستاذ تاج السر عن شئ أخر تماماً " أننى أظهرت إحتقارى لكتاب النت .. الخ " وبعد ذلك يبنى على (ما قاله هو من خياله ) حديثا طويلا ويثير قضايا وأسئلة عديدة إخترعها .. الخ. ولا أتصور أنه مطلوب منى يا أخ تاج أن أتعامل مع خيالاتك الخصبة هذه .
إن الطريقة التى أظهرتها هنا، تدل على واحد من أمرين : إما انك تفعل ما تفعله بسوء نية مسبق ، لأنك تريد أن تصل إلى إستنتاجات محدده سلفاً، فتختلق أشياء تنسبها للناس زوًا وبهتانا ثم تنبرى لمحاسبتهم على ما إقترفته يداك. أو أنك رجل حسن النية جداً، ولكنك حين تقرأ لاتعى ما هو مكتوب (كما هو مكتوب) .. بل تفهمه بطريقتك الخاصة والمتفرده، التى تجعلك فى مثل هذه الحالة من التشوش .. وتدفعك أيضا الى الغضب والانفعال غير المبرر كما يظهر من مواقفك .
(5)
يقول الأخ تاج أن (عدم التزام الحياديه تجاه قضايا السودان صار واضحا فى جميع مشاركات الاستاذ هانى رسلان الحواريه ... وفى القنوات الفضائيه خاصة بعد موضوع المحكمه الجنائيه).. يبدو أن هذا هو مربط الفرس وبيت القصيد يا أخ تاج ، والترجمة الحرفية لهذه النوعية من الخطابات الموجهة للآخرين أنه : لا يجب ولا يحق أن يكون لك رأى مخالف، وإذا حدث وسألك أحد عن رأيك، فلا يجب أن تتحدث بقناعاتك.. بل بقناعة الأخ تاج والمجموعة التى يجالسها على المقهى إياه..
وأريد أن أسألك : لماذا توقفت عند أزمة المحكمة الجنائية بالذات؟ .. فقد كان لى أيضًا موقف مماثل ضد القوات الدولية وهى أزمة سابقة لأزمة المحكمة ؟ .. من الواضح يا استاذ تاج أنك إخترت أن تفسر هذه المواقف بإعتبارها تأييدًا للإنقاذ والبشير، بينما أراها أنا من زاوية إخرى.. هى الدفاع عن كيان الدولة فى السودان أن يذهب أدراج الرياح، فأى نظام مثل الانقاذ أو غير الانقاذ سوف ينتهى لا محالة، وفى فترة زمنية لا تذكر قياسًا بأعمار الشعوب.. فليذهب هذا النظام إذن، ولكن قبل ذلك يجب أن يتم الحفاظ على الدولة، وبمعنى أدق إذا ذهب النظام فيجب ألا يكون ذلك عبر وسائل قد ينتج عنها إنهيار الدولة أو تفكيكها.. لانه سيكون فى حكم المستحيل بعد ذلك إعادة جمع ما تفرق، والمثال العراقى مازال ماثلاً تنطق به الدماء والاشلاء وملايين القتلى واللاجئين .. وقد أثبتت التطورات العديدة أن المحكمة الجنائية لم تكن سوى أداة لأحد الإقترابات، وأن الحدوته كلها تدور فى إطر إخرى .. وعلى كل حال إذا كان لديك رأى يحمل ترتيبا آخر ويرى أن أزمة المحكمة الجنائية كانت بمثابة الفرصة المثالية للتخلص من الإنقاذ بغض النظر عن أى إعتبارات إخرى، فهذا حقك .. ولكن ما ليس من حقك هو إنكارك على الآخرين ان يكون لهم رأيهم الخاص بهم. وقد قال الامام الشافعى " رأينا صواب يحتمل الخطأ.. ورأى غيرنا خطأ يحتمل الصواب" . هذه هى القاعدة الذهبية عند إختلاف الرأى يا استاذ تاج ، وإذا تأملت فيها قليلاً فقد تهدأ بعض الشئ وتصبح أكثر تسامحاً وتصالحا مع نفسك ومع الآخرين.
(6 )
يتبقى السؤال: ماالذى أدى إلى كل هذا الإنفعال وقلب الحقائق وخلط الامور؟
كان الإستاذ تاج دائم المشاركة فى أنشطتنا، ولم يتوقف إلا مؤخرًا، بسبب لا علاقة له من قريب أو بعيد بكل ما توسع فى الإشارة اليه فى رده (الموضوعى)، وقد حدث ذلك تحديداً منذ الندوة التى عقدناها، قبل فترة وجيزة للمهندس بكرى أبوبكر صاحب ومدير موقع سودانيز إونلاين، التى إنسحب خلالها الأخ تاج مغاضباً ..
كان يحلو للأخ تاج السر أن يقدم لمداخلاته فى أنشطة برنامج دراسات السودان بإعتباره متحدثًا بإسم الأغلبية الصامته، وفى المقابل كنت كثيرًا ما أقدمه بدورى- على سبيل التلطف والمودة – بما يحب أن يصف نفسه به. وقد تفضل فى إحدى المرات بزيارتى فى مكتبى بالأهرام وأهدانى كتابا مهمًا عن الفكر الجمهورى، وقد تقبلت هذه الهدية القيمة بالشكر والامتنان. هذه كانت طبيعة وحدود العلاقة التى كانت تربطنا بالأخ تاج.. فلماذا إنقلب على عقبيه يا ترى ؟
يعود ذلك – بإختصار- إلى عدم إعطاءه فرصة التداخل والتعقيب فى ندوة الأخ بكرى، الأمر الذى أوقع فى ظنه أننى أتخذ منه موقفا، بينما كان الواقع غير ذلك تماماً . وبدون الدخول فى كثير من التفاصيل: كانت عضوية الاستاذ تاج قد إوقفت فى منبر سودانيزاونلاين، فبدأ فى مطاردة الاخ بكرى بمكالمات تليفونية متتاليه من القاهرة تحمل تهديدًا ووعيدًا وسبابًا، الأمر الذى أزعج بكرى كثيرًا واضطره لتغيير رقم هاتفه فى الولايات المتحدة، وحين إُعلمت بهذه التفاصيل قبيل الندوة، توقفت عن إعطاء المداخلة للاستاذ تاج لاسباب عدة يستطيع القارئ أن يستنبطها: يأتى على رأسها ضرورة الحفاظ على كرامة الضيف واحترامه من أن يتعرض لأى موقف سلبى، والحرص ثانياً على أن تمر الندوة بسلام فى سيرها المعتاد ، وثالثا الحرص على الاستاذ تاج نفسه لكى لا يجمح به الانفعال وتتطور هذه المسألة سلبًا الى ما يجب العمل على تفاديه و تحاشيه من الأصل .
ويبدو أن ذلك قد حرم الإستاذ تاج مما كان يتصوره فرصة يتحينها للصدام أو لتصفية حساب، .. هذا باختصارما تصوره الأخ موقفًا ضده، وما الجأه إلى سلسلة من الانفعالات كان من بينها رده الموضوعى هذا .. لقد رويت هذه الحكاية مضطرًا- ولستُ أذيع سراً فهى معلومة لآخرين - لايضاح الخلفيات التى ينطلق منها الاستاذ تاج والطريقة التى يدير بها انفعالاته واختلافاته المتكاثره والتى لاتعنينا فى هذا المقام .