diaabilal@hotmail.com
سئل الأستاذ محمد إبراهيم نقد من قبل عن نمط من الشخصيات لا يحبذ التعامل معها.. قال: (أصحاب الآراء المسبقة في كل شيء).
كثيرون هم الذين يعتقلون أنفسهم في مواقف مغلقة واكليشيهات محفوظة، يطابقونها مع المواقف والأحداث، وفق متطلبات الظرف ومقتضيات الحاجة، دون عميق فكرة ولا سابر غور، مثلهم كالببغاوات عقولهم في آذانهم.
حينما بادرت مع آخرين بانتقاد الطريقة التي عوقبت بها فتاة الكباجاب وتناقلتها الأسافير، لم أفعل ذلك بعد دراسة جدوى شخصية أو سياسية لأبني على نتائجها موقف محدد أو اختار زاوية نظر تحقق لي مصلحة أو تحميني من غضبة غاضب.
كان الفاصل الزمني بين المشاهدة والشروع في الكتابة لا يتجاوز الربع ساعة فقط.. الزملاء بالصحيفة حينما شاهدوا انفعالي بالحدث، نصحوني على لسان رجل واحد ألا أكتب، لأن انفعالي البادي لهم سيخرجني من نطاق الموضوعية لأسقط في وحل التهور والآراء الفالتة.
لم يكن بإمكاني الاستجابة لنصائحهم، فكتبت رأيي في ما رأيت. ولو أنني قررت الكتابة اليوم في ذات الموضوع لما اضطررت للحذف أو التخفيف، بل ربما كان عليّ أن أضيف المزيد من عبارات الإدانة والاستهجان، لتلك الطريقة البربرية التي جلدت بها تلك الفتاة، فمهما كانت سيرتها الذاتية سيئة، فإن ذلك لا يبرر القسوة ولا يعطي الحق للعسكري (قدوقدو) أن يمتع نفسه بصرخات امرأة، في حضرة قاضٍ لا يميز بين العقاب والانتقام وبين تنفيذ القانون وممارسة رغبات التشفي.
بعض الكائنات الاسفيرية التي تختبئ خلف أسماء كودية وعدد من مناضلي الكيبورد في بعض مواقع الانترنت من الذين قرروا الاحتماء بالجغرافية ومعونات العجزة في مشاريع إعادة التوطين وشهادات اللجوء السياسي المفبركة اعتبروا انتقادنا للشرطة محاولة لتبرئة النظام من المسؤولية وحصر الذنب في عدد محدود من رجال الشرطة.
وما تم التعبير عنه في حقنا هو انعكاس لحالة انكسار نفسي تعاني منه هذه المجموعات التائهة التي حولت مشاريعها في مقاومة ومناهضة النظام لمشاريع رغائبية خائرة وخائبة، تفرغ غيظها في الشتائم والإساءات، ثم تنام على وسائد بيضاء وموسيقى إفرنجية هادئة في انتظار الثورة المحمية بالأوهام، تريد لمن في الداخل أن ينجزوا مهمة إسقاط النظام نيابة عنهم، لعل الأيام أن تأتي بهم يوماً في قوافل كرزاي أو في طائرات أحمد الجلبي.
نقول لهؤلاء من هو راغب منكم في إسقاط النظام عليه ألا ينتظر ذلك في المهاجر البعيدة وخلف الأسماء الكودية، ويدفع بالنساء لمواجهة إخوة (قدوقدو) في وسط الخرطوم!!
وفي بعض صحف الخرطوم حاول البعض وضع كل من تفاعل مع حادثة الفيديو في خانة أعداء المشروع الحضاري وأعوان التآمر الخارجي.. أحكام زيتية مسبقة تريد تقسيم الحالة السودانية الملتبسة إلى فسطاسين فصاليين (كفار قريش في مواجهة الصحابة الأبرار)!!
لم نعد نبالي من الوقوع في مرمى النيران المتقاطعة بين طرفي التطرف في الساحة السودانية، أصحاب الآراء المسبقة والأجندة المغلقة والألسنة الحداد.
لكن ما يؤسف له أن كثيراً من القضايا العادلة تصاب بضرر بالغ حينما تتحول لمشاريع استثمار سياسي من قبل المعارضين وبوابات هروب عبر نظريات المؤامرة من قبل الحاكمين.
أما نحن يا أستاذي النبيل عادل الباز قدرنا أن نأخذ بمقولة المسيح: (قل كلمتك وأمضي)، ولن نقع في فخ الاختيار بين الطغاة والغزاة حسب نصيحة أحلام مستغانمي.
تعليق:
لقد فاجأنا الاستاذ اسحاق فضل بهجوم على مادة (السروريون في السودان) باعتبارها من إنتاج (السوداني)، لا أعرف لما عجل الرجل في ذلك قبل أن يكلف نفسه قراءة ماكتب، ليعرف أن المادة منقولة من قناة العربية مع ردود الفعل التي أثارتها، لا أدري لماذا يطلق الرجل رصاصه قبل أن يجهد نفسه قليلاً في تحديد أحداثيات الهدف؟!!.