رد على الصحفى مجدى الجلاد .. فى حديثه عن السودان!

 


 

 


royalprince33@yahoo.com
فى المقال السابق أنتقدنى قارئ كريم بسبب رفضى وصف الدكتور الترابى (بالمفكر)، وهذا من حقه، لكن من حقى أن أحكم على الترابى بأنه ليس مفكرا، فالمفكر لا يناقض نفسه والمفكر لا يدلى بغير الحقائق والمفكر لا يستغفله شخص عادى مثل (البشير)، واذا كان الترابى مفكرا فهو مفكر البسطاء، وبعض المتعلمين لا المثقفين .. ومن يظن أن (عمر البشير) ليس تلميذا للترابى، فعليه أن يقرأ كتاب العميد/ هاشم ابو رنات (اسرار جهاز الأسرار) عن حقبة مايو بكاملها 1969 – 1985، ليرى كيف أن (البشير) وفى عام 1985 وخلال فترة الأنتفاضه بالتحديد كان مكلفا من قبل (الجبهة الأسلاميه القوميه) لتأمين أرشيف جهاز الأمن وعدم وصول  ايادى الشيوعيين والبعثيين وباقى الأحزاب اليه!
دون شك فيه ما يشينهم.
وقارئ كريم آخر استهجن وصفى للمصريين بالأخوان والأشقاء، وكأنه يريد منا أن نصبح راسبين فى مادة العلاقات الدوليه مثل (نظام) الأنقاذ، الذى رفضت أمريكا أن تمنح وزير شبابه ورياضته تأشيرة دخول لأ راضيها لأنه من فصيلة (الدبابين)، فاذا كان وزير الشباب والرياضه ينظر له (كارهابى) فماذا عن باقى الوزراء والمسوؤلين؟
وصحيح ان النظام المصرى (السابق) اساء للعلاقات السودانيه المصريه، خاصة بعد حادثة أديس ابابا عام 1995، وعومل الشعب السودانى معامله سيئه وغير كريمه من قبل السلطات المصريه فى وقت فتحت فيه ابواب (مصر) للقتلة والمجرمين من كوادر المؤتمر الوطنى، بل شكل لهم  النظام السابق حمايه ضد المحكمه الجنائيه، بعد أن اعترف بانقلابهم وجلب لهم الأعترافات من الدول العربيه والغربيه.
لكن هذا كله وغيره من سلبيات لا يمنعنا من أن نعمل لتأسيس علاقة مودة وصداقة ومصالح مع شعب مصر، شريطة أن تتشأ على ندية وأحترام متبادل.
اما ردى على الصحفى (مجدى الجلاد) على مقاله الذى نشر على صحيفة (المصرى اليوم) التى يرأس تحريرها بتاريخ 28/7/2011.
جاء فيه ما يلى:
((إلى كل الأطراف واللاعبين .. إلى المجلس العسكرى وحكومته.. إلى ائتلافات الثورة وقادتها ومفكريها ومنظريها.. إلى ا لإخوان المسلمين وقادتهم وأعضائهم وأنصارهم وحزبهم.. إلى السلفيين بأطيافهم ومنابرهم وأتباعهم.. إلى الأحزاب القديمة والجديدة والوليدة.. إلى مرشحى الرئاسة المحتملين وغير المحتملين.. إلى الشعب المصرى كله: نحن أمة فى خطر.. أنت - قطعاً - لست بحاجة لأن أقول لك أين هى مكامن الخطر.. فما المسؤول بأعلم من السائل.. الخوف يسكن الجميع.. والخطر يفترش خريطة مصر..!
إلى كل اللاعبين والمقامرين: ثمة مصير ينتظرنا سوف نكتبه بأيدينا.. أمامنا النماذج واضحة.. ففى ظل الحالة الراهنة إما أن نصبح العراق.. لبنان.. السودان.. أو «تركيا والبرازيل وماليزيا».. أربعة مصائر، ثلاثة منها أقرب إلى الجحيم، والرابع هو الحلم الذى يراودنا جميعاً.. هو الحلم الذى قامت من أجله الثورة، وهو أيضاً ما لم نفعل من أجله شيئاً حتى الآن..!
العراق.. يوماً ما كان قوة العرب الصاعدة.. بلداً يمتلك عناصر النمو وفرص التطور.. ثروات طبيعية بلا حدود، وقوى بشرية تخترق الحدود.. لذا كان لابد من «اغتيال» هذا البلد العربى قبل أن يتحول إلى قوة عظمى فى الشرق الأوسط، وسواء كان بيد صدام حسين أو بغبائه السياسى أو بمؤامرة دولية، أو كل ذلك معاً، أصبح العراق مستعمرة للغرب، وبؤرة للعنف، وأرضاً خصبة للإرهاب.. والمحصلة: ضاع العراق.. وبترت أمريكا وإسرائيل اليد اليسرى من جسد العرب..!
لبنان.. واحة العرب الساحرة.. مشروع نموذجى لدولة سياحية بلا أعداء.. كان لابد أن تتحول إلى كيان طائفى لا يعرف التسامح.. أكلت نفسها بنفسها.. وأراد لها الغرب وإسرائيل أن تصبح «ملعب» لكل الدول وأجهزة المخابرات، وصادقت هى على هذا القرار بخاتم الطائفية الدينية والسياسية.. ومن يصعد جبل بيروت سيلمح دمعة قانية تنحدر من السفح إلى خدّ المدينة الجريحة دائماً.. والمحصلة: شعب متحضر يعشق الحياة، لكنه يعيش فى «ملعب» كبير للأعداء..!
السودان.. سلة غذاء العرب التى تعيش على الكفاف.. أرض تنبت على نفسها.. وشعب عريق ومثقف.. بوابة مصر والعرب إلى أفريقيا.. وبلد يحتضن النيل فى عنفوانه.. كان بمقدوره أن يصبح قلب العرب النابض بالخير.. لذا كان لابد من تقسيمه، ومخططات التقسيم والتفتيت تولد دائماً من رحم الطائفية الدينية أو العرقية.. ومن أجل ذلك تعمل أجهزة المخابرات دائماً.. فقأ الغرب عيناً للعرب.. وسوف يمضى السودان عقوداً وعهوداً فى تضميد جراح التقسيم، لكنه لن ينسى أنه ذاته كان أحد الأسباب الرئيسية فى نجاح المؤامرة.. والمحصلة: بلد كبير يمشى على «عكاز مكسور»..!
مصر أيها المقامرون هى كل هؤلاء مجتمعين.. هى العراق بثرواته الطبيعية والبشرية بل ويزيد.. وهى لبنان بسحرها وأكثر وفتنتها للسائحين وأشد.. وهى السودان بأرضه ونيله واتساعه وخيره.. وهبها الله عز وجل من كل بقعة ووطن آية.. هى اليد اليمنى للعرب التى لم تُبتر بعد أن ضاع العراق.. وهى دفقة التسامح ومخزون التماسك بعد أن تمزق لبنان.. وهى الجسد الواحد المتوحد بعد تفتيت السودان.. هى القلب إذن.. والقلب سر الحياة، وآخر ما يستسلم فى أعضاء الجسد.. فهل ندرك ما نفعل الآن؟!
نحن أيها المقامرون نوجه طعنات نافذة إلى القلب.. لم نتعلم الدروس ولم نتفحص المصائر.. نلهث وراء مكاسب شخصية ونتطاحن على مصالح ضيقة.. ولأن مصر جمعت فضائل شقيقاتها، فإن الخطر عليها أعظم.. مصير العراق غير بعيد، وسيكون بأيدينا.. عنف ودم وسيادة مهددة.. ونيران الفتنة فى لبنان لها رماد فى أرضنا، وليس صعباً على من يريد إشعالها أن ينفخ قليلاً، ونحن سنكمل كل شىء.. وشبح تقسيم السودان يطل من فم الأفعى، فإذا كانت دعوات حماية الأقليات الدينية فى مصر تُطرح الآن على استحياء فإن التاريخ علمنا أن المخططات الكبرى والمؤامرات العظمى تبدأ دائماً على استحياء..!
فى العراق ولبنان والسودان.. كان «المصير» يكتبه أهل الدار.. تلك هى الوصفة السحرية التى توصل إليها الغرب.. ونحن فى مصر لا نتعلم من الآخر، وإنما نهوى دائماً التعلم فى أنفسنا..!
كلنا نجلس على مائدة قمار كبيرة.. مائدة تمتد من أسوان إلى الإسكندرية.. مائدة لها عروق وشرايين وتتدفق فيها الدماء.. وأدوات اللعبة سكاكين وسنج وحجارة و«مولوتوف» ومؤامرات وصفقات وشعارات جوفاء.. والقلب يدمى.. والنبض يخفت.. والمقامرون يواصلون اللعب فى قلب مصر..!
■ المصير الرابع.. لاحقاً.!
((أنتهى مقال الصحفى  مجدى الجلاد)).
ونحن نقول للأستاذ (مجدى الجلاد) نشكرك على ماكتبته فى حق شعب السودان، لكننا بذات الحرص ومن منطلق الأخوه نحذركم من مستقبل أشد سوءا من حال السودان ولبنان والعراق، اذا لم ترعوى جماعة (الدين السياسى) وتغلب المصلحه الوطنيه على المصالح الشخصيه وقد خبرناهم جيدا، ولولا القمع والتآمر الأقليمى والدولى لشاهدتهم يحلقون اللحاء ويركضون امام جماهير الشعب السودانى وهى تطاردهم (حاره حاره .. وزنقه زنقه)، جراء ما فعلوه بالسودان وشعبه، فهاهو الجنوب العزيز قد أنفصل ودارفور نيرانها متقده وشرق السودان يئن من الجراح، وابناء النوبه يذبحون ويبادون ويقصفون بالطائرات.
والفساد الأخلاقى فى بلد محافظ مثل السودان خلال حكمهم اضحى لا يصدق والفساد المالى والرشوه ونهب المال العام والتطاول على البنيان والمرتبات والحوافز الضخمه لفئة منهم لا يمكن أن يقارن بمصر أو أى بلد خليجى.
ومهما طال الزمن هم زائلون ومبعدون عن السلطه وسوف ينتزعون منها (سلما) أو (حربا).
لكن المشكله تكمن فى اخوانهم بمصر الذين يرون رغبتهم  هى (القانون) وهى (الدستور)!
واذا كانت مقاصد (الشريعه) هى الحريه والديمقراطيه والعداله الأجتماعيه،  كما يدعون، فلماذا لا ينص علي تلك المبادئ هكذا مجرده فى الدستور؟ ولماذا الأصرار على اضفاء شكل الدوله الدينيه عليه، وفى ذلك تغول على حقوق أصحاب الديانات الأخرى وعدم مساواتهم بالمسلمين مما يؤدى فى المستقبل لأستقطاب وتدخل أجنبى؟
والتاريخ أصبح لا قيمة له ولا يمنح الدول تميزا، فهاهى امريكا دوله تأسست خلال أقل من 300 سنه، لكنها تسود العالم الآن وتقوده من أذنيه.
والسودان مثل (مصر) تماما بلد له تاريخ وحضاره، تنكر له المؤرخون  وتآمروا وعرف أهله بالكرم والأخلاق الفاضله قبل دخول الأسلام أراضيه، للأسف اضاع (الأسلامويون) الجدد تلك المبادئ والقيم وروح التعائش السلمى ودولة (المواطنه)، فانفصل وأنقسم وتشتت وتشرزم.
وكنا دائما نقول أن (مصر) دولة مؤسسات، ففؤجئنا باختفاء مؤسسه ضخمه وهامه وعريقه مثل مؤسسة (الشرطه)  من الشوارع وخلال ساعات قلائل، ولولا الوعى الشعبى واللجان التى تشكلت سريعا لهدمت بيع وصلوات ومعابد ومساجد ولنهبت كثير من الحقوق.
الخطر المحدق على مصر استاذ مجدى الجلاد كبير وربما يفوق كثيرا ما حدث عندنا .. والتخلص منه يحتاج الى أكثر من الشجاعه.


 

آراء