ركاب سرجين وقيع

 


 

 

 

manasathuraa@gmail.com

 

هناك من يصنع التغيير بالعمل المتواصل، وهناك من يأتي بعد التغيير ليبحث عن موضع قدم، يعني بالدارجي "زول ميتة"، وهؤلاء الذين يأتون بعد التغيير لا يعرفون قيمة الجهد والمعاناة التي كانت سبباً في هذا التغيير، لذلك تجدهم يبحثون دائماً عن الحلول السهلة غير المكتملة.
الحقيقة التاريخية التي أمامنا، تقول إن تنظيم الحركة الإسلامية استغل الجيش لسرقة السلطة، وظل خلال الـ30 عاماً الماضية يحمي نظامه القمعي عبر المؤسسات العسكرية من جيش وشرطة وأمن، وبسبب هذا الاستغلال فقدنا آلاف الشهداء في حروب أهلية وقبلية، وقدم عشرات الشباب أرواحهم فداء للوطن، حتى اشتعلت أعظم ثورة في تاريخ السودان لإسقاط نظام الإنقاذ المباد.
تحدثنا سابقاً عن ضعف الوثيقة الدستورية، وأنها ستسهم في وجود دولتين متشاكستين، دولة مدنية ممثلة في مجلس الوزراء وقوى الثورة، ودولة عسكرية تمثلها المؤسسات العسكرية من جيش وشرطة وأمن مضافاً إلها وزارتي الدفاع والداخلية، وأشرنا إلى خطر بقاء هذه المؤسسات دون تفكيك وإعادة هيكلة بعد الثورة، وكارثة وجود شركات خاصة بميزانية منفصلة، ونبهنا إلى أن هذه المؤسسات مصممة للدفاع عن النظام البائد وغير مؤهلة بشكلها الحالي لحماية الثورة والديمقراطية، وها هي الأحداث اليومية تثبت ما ظللنا نحذر منه.
ما يحدث كل يوم من انفلات أمني وصراعات قبلية، تقع مسؤوليتها المباشرة على الأجهزة الأمنية، وما صرحت به د. آمنة والي نهر النيل، عن توجيهات عليا للقيادات العسكرية بعدم حضور اجتماع اللجنة الأمنية بالإضافة على سحب القوات من المنشآت الحكومية، مع استصحاب تصريحات الفريق أول ركن الكباشي عن هشاشة الوضع الأمني في البلد، بالإضافة إلى تقاعس الأجهزة الأمنية في حسم أحداث بورتسودان وحلفا الجديدة والجنينية وغيرها، تؤكد دون ادنى شك، أن الدولة العسكرية تعمل بكل جهد لإفشال الحكم المدني، وقطع الطريق أمام الديمقراطية.
ونقول للمؤسسة العسكرية، ما قاله أهلنا، ركاب سرجين وقيع وصاحب بالين كضاب ومساك دربين ضهيب، وعلى المؤسسة العسكرية ركوب سرج الثورة والانحياز بكل صدق وتجرد إلى الحكومة المدنية، والعمل على حماية المكتسبات، وتفكيك التمكين داخل كل الأجهزة الأمنية وإعادة هيكلتها، وعدم الانسياق خلف خطابات الفتنة ودعاوي ضرب الفترة الانتقالية وكسب ثقة الشارع.. أو عليها ركوب سرج النظام البائد ودولته العميقة التي لم يطالها التغيير بسبب حمايتها من قبل الأجهزة العسكرية، وسيطرتها على مليارات الدولارات في الشركات التابعة للمؤسسات العسكرية وتحمل النتائج.
الوضع الحالي لا يحتمل ركوب سرجين، فالثورة مازالت مشتعلة، ولجان المقاومة ما زالت يقظة وتترقب تحقيق المطالب، وملفات محاكمة الشهداء وتفكيك التمكين وتحقيق السلام وتحسين الأوضاع المعيشية لم تتقدم بسبب العراقيل، ولا خيار أمام الشارع السوداني اليوم سوى طريق الثورة، فهل تتعظ المؤسسة العسكرية وتعي الدرس، وتبدأ في أداء مهامها بشجاعة في بسط الأمن وحماية الدولة المدنية، وحسم التفلتات والفتن القبلية، لنرفع لها القبعات احتراماً أو عليها مواصلة الاستقطاب الحزبي وحماية الدولة العميقة وعرقلة التغيير لتجني بذلك سخط الشعب وتفقد احترامه.. هل تتعظ؟.. دمتم بود

الجريدة

 

آراء