رماة الحدق .. لايحدث إلا فى مصر

 


 

د. أحمد خير
26 November, 2011

 



يقولون ان مصر بلد العجائب ، وإن كانت العجائب قد كثرت فى هذه الآونة فإن مصر أضافت إحداها إلى عجائبها العديدة حيث خرجت إلى الشوارع والأماكن العامة مجموعات من الشباب لتضع ملصقات بها صورة ضابط شرطة (ملازم أول ) مصرى كتب عليها "مطلوب" ومن يدل عليه سينال جائزة مقدارها خمسة آلاف جنيها مصريا . وقبل نهاية اليوم إرتفعت قيمة الجائزة إلى مائة وعشرة ألفا من الجنيهات  ، ولازال سيل التبرعات مستمرا .
بدأت الحكاية فى الخامس والعشرين من يناير الماضى عندما أصيب الشاب الدكتور/ احمد حرارة فى المظاهرة المليونية التى أنهت حكم الطاغية حسنى مبارك . فقد على إثر ذلك  إحدى عينيه . وكان ذلك عبارة عن وسام شرف وضريبة مستحقة فكتب الثوار على الضماضة التى وضعوها على عينه " 25 يناير " تخليدا لذكرى ثورتهم الشبابية ولم يكن الدكتور الشاب يعلم أن القدر مخبئ له مفاجأة أخرى عندما شارك فى مليونية الـ 19 من نوفمبر الجارى ، حيث تلقى قذيفة مطاطية فقد على أثرها عينه الأخرى . حاول من فى ميدان التحرير إسعافه ولكن دون جدوى ففقد عينه الأخرى وبعد الإسعافات اللازمة وضعوا على عينه ضماضة أخرى وكتبوا عليها 19 نوفمبر .ونتساءل: هل لعبت الصدفة أن يفقد الشاب الدكتور/ احمد حرارة عينه الوحيدة التى كان يرى بها ثمرة كفاح وعمل دائب فى ميدان التحرير الذى أصبح رمزا لعزة مصر وكرامتها ؟! بالطبع لا . لقد كان هناك ضابط شرطة سجلته عدسات وكاميرات شباب التحرير قد وجه قذيفة مطاطية مع سبق الإصرار والترصد إلى عين الشاب احمد حرارة ليفقده نعمة البصر . نعم سجل الحادث بالصوت والصورة لضابط فقد فى لحظات الحس الإنسانى ليقوم بعمل طائش لايمت لشرف الجندية فى شئ !  وكان أن وزعت صورة ضابط الشرطة فى جميع أنحاء القاهرة والمحافظات الأخرى الشئ الذى دفعه ليتوارى عن الأنظار ويختفى حتى من مكان سكنة خوفا من بطش الثوار ! لقد عمل ثوار التحرير بهمة ونشاط لجمع المعلومات عن ضابط الشرطة من " رماة الحدق " وإتصلوا برقم هاتفه فردت والدته التى أطالت فى البكاء وهى تتوسل الثوار بان يبقوا على حياة ولدها الوحيد " الطائش " كما وصفته . ولكن كل ذلك لم يدفع الثوار إلا إصرارا للبحث عنه  للقبض عليه وتقديمه للعدالة ليكون عبرة لغيرة ويدفع ثمن فعلته النكراء . كما أن الجماهير لازالت تتبرع بالمال لزيادة قيمة الجائزة لتسريع القبض على الضابط الهارب !
لقد عهدنا أن ترصد الأموال للقبض على عتاة المجرمين الفارين من العدالة ، ولكن من المستغرب أن ترصد أموالا للقبض على رجل عدالة ! وهذا بالطبع سيضاف إلى مايحدث فى مصر من عجائب ! وإنا لمنتظرون لما ستجلبه الأيام القادمة . ولازال الشاب الدكتور/ احمد حرارة يحمل ضماضتان يؤرخان لثورة شباب مصر ، واحدة (25 يناير ) ضد مبارك والثانية (19 نوفمبر )  ضد يقايا نظام مبارك .
فى المليونية الأخيرة فى 19 نوفمبرالجارى ، فاجأت جماعة الإخوان المسلمين جميع الفصائل الأخرى بإنسحابها من ميدان التحرير بقرارها فى اللحظات الأخيرة بعدم المشاركة وذلك مهادنة للمجلس العسكرى ! وكان أن أطلقت عليهم النكات ، منها " لما الرجالة تنزل الميدان ، الجماعة تقعد فى البيت ."   
Ahmed Kheir [aikheir@yahoo.com]

 

آراء