رمادية ضمان أدوات البقاء للمؤتمر الوطني
17 February, 2010
كل المؤشرات والدلائل تشير الي أن المؤتمر الوطني بولاية البحر الأحمر يعاني من خلل كبير في نهجه وتعاطيه للسياسة فهو حزب متناقض في مكوناته وفي ممارساته وفي كثير من دوائره يصارع نفسه بنفسه. حزب لا تعرف المؤسسية إليه سبيلا فهو حزب يكاد ينسي مرجعيته الإسلامية متخذا من القبلية منهاجا في توزيع المهام والاختصاص لدرجة ضيقة جدا حتى النخاع. وهنالك كثير من المؤشرات توضح أن المؤتمر الوطني بالولاية ضعيف ويكاد يكون ميتا ولم يتبق إلا أن تأكل الدابة منسأته فيخر صريعا ويقول الذين كانوا يخافون من جبروته لو كنا نعلم ذلك ما كنا لبثنا في العذاب كل هذه المدة. وقد قال مالك عقار يوما : كنا نحسب إن للمؤتمر الوطني أنيابا حادة وعندما أدخلنا يدنا في فمه وجدنا أن المؤتمر الوطني بلا أسنان. كل المؤشرات توضح أن المؤتمر الوطني بالولاية بلا أسنان والدلائل كثيرة جدا منها:-
1- انتخابات اتحاد جامعة البحر الأحمر الأخيرة:-
كأنها كانت معركة كبيرة فقد تم حشد كل شئ لها وكان الاستنفار في الولاية 100% ، تم إعداد خيمة كبيرة أمام أمانة المؤتمر الوطني وتم تكوين لجنة دائمة استمرت أكثر من أسبوعين برئاسة والي الولاية وعضوية كل حكومته الموقرة وكل أمانات المؤتمر الوطني وكل القطاعات وعضوية المجلس التشريعي الولائي والمحلي بالإضافة الي اتحاد عام نقابات الولاية. هكذا تم إعداد كل هذه القوة لمواجهة طلاب في جامعة البحر الأحمر لا يملكون مصاريف حملتهم الانتخابات ولا يجدون للمال العام سبيلا. والغريب في الأمر النتيجة بعد كل هذا الحشد كانت هزيلة بفارق بسيط هو فرق 68 صوتا تقريبا. لو تم ادني تنسيق بين الطلاب المعارضين لفاز الطلاب علي الحكومة الولائية. مجموع ما تحصلت عليه قوائم الطلاب الذين سقطوا فرادي أكبر مما تحصلت عليه حكومة الوحدة الوطنية.
2- الإحصاء السكاني ومحافظة البحر الأحمر:-
الإحصاء السكاني كان قاصمة الظهر بالنسبة للمؤتمر الوطني في محافظة البحر الأحمر لا يعقل منطقا وعقلا بل وخيالا أن تكون بورتسودان اقل كثافة من دروديب أو هيا ، الإحصاء السكاني الأخير أفقد المؤتمر الوطني المصداقية وتعاطف سكان مدينة بورتسودان. نسبة المدارس والمستشفيات والميناء وعدد المخلصين وعدد الأسواق ونسبة الاستهلاك للأدوية والأقمشة والأدوات الكهربائية للدقيق والرغيف تشير أن بور تسودان هي أكثر كثافة سكانية من دروديب وهيا. لقد ظلم المؤتمر الوطني مدينة بورتسودان لدرجة أن نصيبها في الدوائر القومية أصبح دائرتين فقط وهي الدائرة الشرقية والجنوبية أما الدائرة التي تمت تسميتها جزافا بالوسط فهي دائرة ريفي القنب والأوليب التي تمتد من البحر المالح الي نهر النيل وهذا ظلم كبير لنظارة الأمرأر التي يسعي كثير من المتنفذين الي تغييبها عمدا مع سبق الإصرار من الساحة السياسة لحاجة في نفس يعقوب. المؤتمر الوطني أخطأ في تقديراته بظلم بورتسودان فهي المدينة التي تكون الرأي العام في الولاية ويستحيل أن تحكم ولاية البحر الأحمر بدون كسب الرأي العام في مدينة بورتسودان. لهذا ولأشياء أخري كثيرة لن تصوت بورتسودان بأغلبية لصالح المؤتمر الوطني.
3- الإفتراضات الخطأ والتحليل غير المنطقي:-
يعتمد المؤتمر الوطني علي نسبة التسجيل في توقعاته في الفوز في الانتخابات القادمة ولكن التسجيل لا يعني بالضرورة بشر وتواجد حقيقي وكلنا يعلم أن أرياف الولاية ليست بها كثافة سكانية بهذا القدر وأنا متأكد أن نسبة التصويت في الأرياف سوف تكون هزيلة جدا وسوف تساهم في تضليل حسابات الحكومة الاتحادية التي تتوقع دعما انتخابيا كبيرا للسيد الرئيس عمر حسن البشير. في ظل هذا التنافس الحزبي والإثني الشديد في كل المستويات سوف يجد المؤتمر الوطني نفسه وحيدا تزروه الرياح مما كسبت يداه من ظلم وتزوير وتجويع وتخويف. الواقع المعاش والمنطق والعقل يقول إذا لم يجد المؤتمر الوطني أو قل حزب الحكومة بالولاية سبيلا للتزوير لا محالة فهو ساقط، ودائما الحكومات لا تغلبها الحيل ولكن هذه المرة صعبة وتحتاج الي كفاءات عالية ولا أحسب أن للمؤتمر الوطني كثير عضويةٍ ذوي كفاءة إن لم يكن يعج بالأمية. نسب التسجيل العالية في الأرياف وهمٌ وخيالٌ أسكر المؤتمر وأبطأه في اعتماد البرامج المقنعة لإقناع الجماهير. نسبة التسجيل العالية في الأرياف مجرد أسماء وليست بشر، ولا تغني ولا تسمن ولا تستطيع أن تُترجم كأصوات انتخابية وأتوقع أن يحصد المؤتمر الوطني السراب إذا لازم هذا النهج العقيم في الافتراض والتحليل.
4- التوزيع الإثني للدوائر الانتخابية في المؤتمر الوطني:-
مثله مثل باقي السودان وكعهد وعادة النظم الشمولية اعتمد المؤتمر الوطني الإثنية معيارا وحيدا في الدوائر الانتخابية ولكنه أخطأ خطأً كبيرا في إدارة الولاية بهذه الطريقة ونسي عموديات لا تقل عن النظارات بشيء، نسي الشعياياب والارتيقة والأشراف والكميلاب فهذه العموديات هم الأصل والفصل كما يقولون، وتاريخ البجا يكون خاليا من الزينة والاكسسوارات بدون هذه العموديات، هذه العموديات هي ملح الطعام بالنسبة للبجا . المهم ارجو ان يتجاوب المؤتمر الوطني مع هذه العموديات بطريقة أفضل وأجدي فهم كم صوتي يغلب كل الموازيين، وهم أيضا كم نوعي وكيفي يجد كل الاحترام والتقدير في كل الولاية.4- ضعف الولاء ورمادية الانتماء:-
الكل يتعامل مع المؤتمر الوطني باعتباره حكومة وليس حزب، والانتماء للحزب بهذا الاعتبار له مخاطره القريبة والبعيدة. من المخاطر الآنية والقريبة إظهار الولاء خوفا من الحكومة وحفظا علي المصالح والحقوق الأساسية. هؤلاء الذين ينتمون للحكومة ولا يؤمنون بمبادئ الحزب يمكن أن يكونوا خطرا حقيقيا علي الحزب وقد يلعنون الحزب سرا ويؤيدونه جهرا. عندما تكون الحكومة باطشة ينبغي لها ان لا تحسب أبدا بروز أسنان المتجمهرين في سور أو حظيرة الحزب تبسما، فالإنسان الذي هزمته وظلمته والذي يدفع كل مصاريف التعليم لأبنائه وكل تكلفة فاتورة الدواء حتى البنج والقطن لا يكون ولائه للحزب الحاكم إلا تقية وخوفا علي ما تبقي من وظيفة لا تغنيه من التسول والتوسل في أحايين كثيرة، وخوفا من الملاحقة البعدية أو ملاحقة ما بعد الانتخابات إذا نجحت الحكومة. ومن المخاطر البعيدة هي أن الولاء لحزب الحكومة يذهب ويختفي ويفني بزوال الحكومة مثله مثل الاتحاد الاشتراكي الذي لم يتشرف بمقعدٍ برلمانٍ واحدٍ في الحكومة الديمقراطية.والأخطر في ولاية البحر الأحمر ان الحزب الحكومي ليس لديه برامج سياسي ونشاط سياسي. الحزب كله يعتمد علي شخصية الوالي النافذة والمدعومة بقوة من الحكومة الاتحادية.
5- تحالف الأحزاب ضد المؤتمر الوطني:-
مهما ضعفت إمكانيات الأحزاب فهي ليست ضعيفة لدرجة الانبطاح كما يعتقد المؤتمر الوطني. حاول الرئيس الأسبق جعفر نميري ان يمحو الأحزاب ويفنيها ولكنه فشل، وفي النهاية داهنها وتعامل معها في إطار الاتحاد الاشتراكي ولكن في النهاية ذهب الاتحاد الاشتراكي وبقيت الأحزاب واستلمت البرلمان. إذا أتيحت حرية حقيقية أتوقع ان يذهب المؤتمر الوطني كما ذهب الاتحاد الاشتراكي. وللحقيقة والتاريخ نظام مايو كان ارحم بالسودان من المؤتمر الوطني الذ تتناقص أرض المليون مربع في عهد.
هذه بعض المؤشرات وسوف نواصل سرد المتبقي من مؤشرات في مقالاتنا القادمة.
Taha Bamkar [tahabamkar@yahoo.com]