رمضان سودانيا ليبيا مصريا عراقيا وكويتيا .. بقلم : بدرالدين حسن علي

 


 

 


badrali861@gmail.com

يا جماعة أقول ليكم
حاجة ! اللهم إني صايم ، لن أحدثكم عن رمضان في السودان خاصة في الصيف
، كلكم تعرفون ذلك ، ولن أحدثكم عنه في إيران ، أو أفغانستان وأذربيجان
وباكستان وسلطنة عمان واليابان وكردستان ، لن أحدثكم عنه في كندا ، فأنتم
تعرفون ذلك ، صحيح أنني حضرت رمضان في العديد من البلدان ، العربية
والأوروبية ، ولكن إلى جانب السودان فأكثر بلدين عربيين حضرت فيهما رمضان
هما مصر والكويت ، كما حضرته في ليبيا والعراق .
رمضان هو أجمل شهور
السنة في بلاد المسلمين، يحبونه ويقدسونه ويستقبلونه بفيضٍ من الشوق
والفرحة، ويتسابقون في إظهار الجمال حولهم في كل شيء. و لكل بلد بريقها
ورونقها الخاص في هذا الشهر، لكل بلد عاداتها وطقوسها التاريخية ونكهاتها
الخاصة التي تضيفها على رمضان، لكل بلد وجباتها الرمضانية التي لا تغيب
عن مائدة الإفطار، يختلفون ولا يتشابهون إلا في شيء واحد، وهو أنك أينما
كنت فستكسر صيامك بالتمر ، وفي السودان شوية أبريه وحلو مر!

!
مصر هي أصل أبرز
العادات الرمضانية المعروفة حالياً، فأول من أيقظ الناس على الطبلة هم
أهل مصر، فوالي مصر “إسحق بن عقبة” هو أول من طاف على ديار مصر لإيقاظ
أهلها للسحور، وفي عهد الدولة الفاطمية تولى الجنود الأمر، حتى ظهرت
شخصية “المسحراتي” ثم انتشرت في البلاد المجاورة مثل الشام والمغرب
و”فانوس رمضان” أول من عرفه هم أهل مصر حيث يعود تاريخه إلى الخليفة
الفاطمي، وحتى ابتكار الحلوى الرمضانية مثل الكنافة والقطايف يعود تاريخه
إلى الفاطميين أيضاً ، وظل المصريون يتوارثون تلك العادات حتى يومنا هذا،
الفوانيس المتناثرة في الأحياء التاريخية والمساجد القديمة، الخيام
الرمضانية، موائد الرحمن، ولا ننسى المشروبات الرمضانية مثل “الخروب”
و”التمر الهندي”، و”الفول” الذي هو الوجبة الرئيسية في السحور المصري
والأكلة الشعبية الأولى في مصر، حيث يعودتاريخه إلى الفراعنة .

.
حضرت رمضان في ليبيا إذ أنني
زرتها عدة مرات ، المرة الأخيرة كانت لبيع سيارة زوجتي عقب الغزو
العراقي للكويت ، كان ذلك في العام 1990، شاهدت العديد من المدن الليبية
، كانت ليبيا هادئة جدا ، قابلت عددا من السودانيين لم ألتقيهم منذ
سنوات، لاحظت أن الأرض ملأى بالزيتون والبلح واليوسفي ولا أحد يلتقط
شيئا .


من أراد أن يحتل ليبيا ، فليحتلها في
رمضان، هكذا قرأت وهكذا يصف الليبيون الواقع اليومي في بلادهم أيام
رمضان ، فمع دخول الشهر الكريم يتغير نظام حياة المجتمع الليبي ويصبح
النوم الهواية المفضلة للأغلبية خاصة فئة الشباب الذي لا تنتهي أحلامه
إلا مع العصر أو قبيل آذان المغرب.

قال لي أحدهم : مع كل بداية رمضان في هذه السنوات
التي يأتي فيها صيفًا، تفقد المدن الليبية حركتها المعتادة ويصبح الهدوء
والركود سيد الموقف، الشوارع خالية من المارة إلا من البعض القليل من
التجارأو من الحرفاء، داخل البيوت نظام الحياة انقلب بين النوم في النهار
والسهر في الليل، الكل ينهض متأخرا متثاقلا وبالمناسبة رمضان شهر يرتبط
لدى الكثير بالنوم والخمول والراحة في النهار والسهر والسمر خلال الليل.
حضرت رمضان في العراق ، سألني أحد
العراقيين : أصائم أنت أم فاطر يا يا باذنجان ، هكذا ينادوننا ، قلت له :
قال الله سبحانه وتعالى: >أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو غلى
سفر فعدة من أيام أخر...إلخ ثم أضفت ضاحكا : + أو في العراق ، ألم يقل
الحجاج بن يوسف الثقفي ، إني أرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها وإني
لصاحبها ، وإني لأرى الدم يترقرق بين العمائم
واللحى ، ألم يقل إن للشيطان طيفا وإن للسلطان سيفا مثلما قال البشير ؟؟؟
العراق البلد العربي الوحيد الذي لا يحلو للناس التجوال إلا في موعد
الإفطار !!!!!وبرضو تقولي شنو وتقولي منو ؟؟؟؟؟

" عساكم من عواده”…”مبارك عليكم الشهر”… بتلك الجمل
يهنئ أهل الخليج بعضهم بعضًا بمناسبة شهر رمضان الكريم، هم أهل “التمر”
و”القهوة”، تتشابه تهانيهم ويتشابهون في الأطعمة الرمضانية مثل الأرز
المكبوس والبرياني، و”السمبوسة” التي لا تخلو منها المائدة الرمضانية
الخليجية، ومؤخرا الهوت دوق ! ومشروب “الفيمتو” الذي هو أقدم وأشهر
مشروب تقليدي على الموائد الرمضانية الكويتية ، فلها في رمضان من بين
جميع الدول جو روحاني خاص
الكويت عشت
فيها 12 عاما، أوعك تكلمني عن التقدمية والديمقراطية ! حققت فيها الكثير
من الإنجازات ، لم يفتني ولا رمضان واحد خلال تلك السنوات ، يتجمع الناس
يومياً حول مدفع الإفطار حيث تقام المسابقات والفعاليات المختلفة ، و
هنا يجب أن أذكر تقليداً رمضانياً خاصاً لا يقام إلا في دول الخليج وهو
“القرقيعان” باللهجة الكويتية، أو “القرنقعوه” بالقطرية، أو “القرقاعون”
في البحرين، أو “القرنقشوه” في عمان، ومهما اختلفت المسميات ففيه يدور
الأطفال بالأزياء الشعبية وينتقلون من دار إلى دار يغنون ويطلبون الحلوى
“القرقيعان” ويضعونها في أكياس من قماش يعلقونها في رقبتهم، وهذا يكون في
منتصف الشهر من رمضان.
أكون بذلك قد حضرت
رمضان في وسط إفريقيا وشمالها ، في الشام والخليج ، ما أحلاك يا رمضان
في كل الأزمان وفي كل الأوطان !!!!

 

آراء