رمضان شهر الغفران .. بقلم : الشيخ احمد التجاني

 


 

 





رمضان الأهداف والمقاصد

إن الله سبحانه وتعالي  غني عن خلقه وهم الفقراء إلي رحمته وإلي ماعنده  لاتضره معصيتهم ولاتنفعه طاعتهم ولاينقصه كفرهم .... وهوما عليه كان ولايزال قبل الخلق وبعدهم غنياً حميدا.
وأن من  حكمه تعالي أن بين لعباده الحكمة والفائدة التي تعود عليهم من إتباع أوامره وتكاليفه .... فنجده سبحانه يشير إلي الفائدة الدنيوية الناتجة عن أداء الفرائض مع ذكر الثواب الجزيل الذي أعده الله للمؤمن في الاخرة مقابل تلك العبادة وذلك التكليف . فالصلاة عون للمسلم في أن يتحمل صروف الدهر ويصبر علي مصائبه وذلك في قوله تعالي ( واستعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين ) وهي كذلك محصنة لصاحبها من الفحشاء والمنكر .
والزكاة طهر للمسلم ودرء للمفاسد الإجتماعية وإشاعة التكافل والتعاون بين أفراد المجتمع وتطهيراً للأغنياء من البخل وتزكية للفقراء من الحسد قال تعالي ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ) والحديث ( وما نقص مال من صدقة ).
والحج موسم جامع تتجلي فيه  وحدة المسلمين علي إختلاف ألسنتهم وألوانهم يجتمعون في مكان واحد ويتجهون نحو قبلة واحدة ويعبدون رباً واحداً وبزي واحد وفي الحديث ( من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ).
أما الصوم فقد إمتاز  علي بقية العبادات بان قال  الله تعالي فيه في حديثة القدسي ( كل عمل إبن ادم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به )  ....  فالإنسان يصوم منه كل شئ فالعين صومها أن لا تري محرماً والأذن تصوم بأن لاتسمع إلا طيباً واليد تصوم بأن لاتمدها إلي أحد بأذي والرجل تصوم بأن  لا تسعي بها إلا إلي الخير والفرج يصوم من الحلال والحرام في نهار رمضان واللسان يصوم عن الغيبة والنميمة والقلب يصوم عما سوي ذكر الله .
إن المؤمن بقدر ما هو صائم من الشرور والشهوات فأنه مطالب أن يفطر علي فعل الخيرات فالعين إفطارها ان تنظر في خلق الله متفكرة ... وفي قرآنه متدبرة والأذن فطورها أن تسمع الطيب من القول واليد إفطارها السخاء والكرم والعطاء وما أحسنه في رمضان فكان رسول الله صلي الله عليه وسلم أجود مايكون في رمضان  , والرجل فطورها الذهاب إلي المساجد لإقامة الصلوات في جماعة والتراويح والتهجد وأن تترك النوم إلي ذلك اليوم المجموع له الناس وذلك  اليوم المشهود
وكذلك اللسان إفطاره الذكر وقراءة القرآن ... فأركعوا وأسجدوا وأفعلوا الخير في هذه الشهر فالعمل فيه الأجر مضاعف والفريضة فيه بسبعين فريضة فيما سواه فإذا فعلت  ذلك تكون قد حققت الغاية من رمضان ألا وهي التقوي وتكون قد أتخذتها درعاً ولبستها ثوباً ( ولباس التقوي ذلك خير ).
هذا هو الصيام الذي أراده الله لعباده لعلهم يتقون والتقوي قد سلك لها الدين سبلاً كثيرة وجعل التوسل إليها بوسائل عديدة منها الصيام وإذا لم يتوفرللمؤمن شعور بتقوي الله في نهاية صومه فليعلم أن في صومه علة . ولذلك جعل الله للصيام شهراً كاملاً ليكون الإصلاح شاملاً  في الأنفس وفي الأبدان وفي القلوب والوجدان لأنه إذا صدقت إرادة التغيير في أنفسنا والمتمثلة في التقوي علينا ان نحولها إلي واقع يتمثل في سلوك نظيف ولسان عفيف وخلق شفيف وتعامل نزيه . والرسول صلي الله عليه وسلم لم يلبث يذكر فوائد الصوم والتقليل من الطعام والذي هو وسيلة لمحاربة  الشيطان وذلك في قوله أن الشيطان يجري من الإنسان مجري الدم فضيقوا مجاريه بالصوم كما حذر من الشبع وعواقبه في قوله ( المعدة بيت الداء)
وقال الصوفية في ذلك : قال يحي  بن معاذ : لو كان الجوع يباع في الأسواق ماكان لطلاب الأخره أن يشتروا غيره .
وقال سعد بن عبد الله : لما خلق الله الدنيا جعل المعصية في الشبع وجعل العلم والحكمة في الجوع .
وقيل الجوع نور والشهوة نار وقودها الشبع ولذلك لاغرابة ان تكون غاية الصوم التقوي فهي تصحح العمل وتفتح له أبواب القبول قال تعالي ( إنما يتقبل الله من المتقين) والتقوى تتساوي مع الصبر في غاياته ... أليس الصوم هو الصبر علي الحرمان من ضروريات الحياة وشهواتها والصبر نصف الإيمان وحسبنا من رمضان أنه يبث في قلوبنا  تقوي الله وهي جماع  كل خير وأساس كل فضيلة وهي ذلك المؤثر النفسي العميق.
والتقوي يصدقها العمل فهي الصدق في التعامل والامانة في الأداء والشجاعة عند اللقاء والصبر علي البلاء والعفة عند الحاجة والعدل في الحكم والعفو في الظلم والرحمة في التعامل وضبط النفس عند الغضب .... فإذا اجتاز الصائم الإمتحان ونجح في إكتساب التقوي كان ذلك عوناً له في إكتساب المقاومة المستمرة في مستقبله فكل موقف تواجهه فيه شهوة جامحة او رغبة ملحة او بلاءً إجتماعياً هو في الواقع إبتلاء متجدد لإرادتك ومدي رسوخ تقواك التي تحققت لك في رمضان فاثبت وتثبت .
يجب إغتنام الفرص في هذا الشهر ... شهر الخير والإنفاق وأنت لاتدري أأنت مدرك رمضان القادم؟ أم لا وعسي أن يكون لك عتقاً من النار .
أفعلوا كل خير في هذا الشهر وتكرموا وأعطوا وتصدقوا ومن إستطاع ان يمد لجاره أو صديقه أو رحمه كيساً للصائم فليفعل لعله لايلقاك أو تلقاه بعد عامه هذا         ( ومن فطر صائم فله اجر صائم ) .فطروا الصائمين وأرحموا المساكين وتعرضوا لهم في الطرقات وأدعوهم لموائدكم وأحيوا سنة الإفطار الجماعي في الأحياء والمساجد والزوايا والشوارع فذلك خير وذلك فعل محمد صلي الله علي وسلم وأصحاب محمد ...فهل أنتم على آثارهم مقتدون ... وفي الحديث ( لاتحقرن من المعروف شيئاً وأتقوا النار ولو بشق تمرة ) او كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم .   


ahmed altijany [ahmedtijany@hotmail.com]
/////////////////

 

آراء