زيارة وفد مجلس الأمن وحق السيادة … بقلم: د. احمد خير/واشنطن
أن تكون هناك حكومة ومعارضة فى الدولة المعينة فهذا أمر طبيعى ولاغبار عليه ، ومهما تكن الخلافات بين الأثنين فهذا لايعنى أن يقف أحدهما موقفاً محايداً أمام قرارات شبه مصيرية . اليوم نرى موقفا لابد وأن يقرب بين الحكومة والمعارضة حيث لامجال للتشفى ، كما لامجال للحياد . ما يدفعنى لهذا القول هو زيارة وفد مجلس الأمن للسودان .
نعم ، فى شرعنا " ادخلوا البيوت من أبوابها " فلايمكن القبول بأن تؤتى البيوت من نوافذها أو من أى منفذ آخر غير الباب الرئيسى .
لقد وصل وفد مجلس الأمن إلى السودان عن طريق جوبا ثم من هناك توجه إلى درافور ثم إلى الخرطوم . إذن أعضاء المجلس فرضوا الإنفصال حتى وان كان فى مخيلتهم ووصلوا عن طريق عاصمة الدولة المفترضة فى جنوب البلاد متجاهلين حكومة المركز فى الخرطوم . والسؤال: لماذا يستقبل الوفد إستقبالا رسميا من قبل الحكومة المحلية فى دارفور أو فى الخرطوم ؟
تجاهل الوفد لسلطة المركز كان لابد وان يواجه بتجاهل مماثل من قبل الجهات الرسمية محلية كانت أو مركزية . أعضاء الوفد ماكان عليهم التعامل مع السلطة فى الخرطوم بهذه الطريقة المهينة حتى وان كان الرئيس مطلوبا من قبل المحكمة الدولية . فالقضية هنا ليست قضية رئيس ، انها قضية دولة لها كيانها المتمثل فى شعبها الذى لايقبل الضيم ولا التجاهل من أية جهة مهما كانت . بكل أسف معظم اللافتات التى رفعت فى وجه أعضاء الوفد كانت باللغة العربية بعكس اللافتات التى رفعت فى جوبا ! كان لابد للسلطة المحلية فى دارفور والمركزية فى الخرطوم أن يعطوا أهمية كبرى للافتات التى تعبر عن إستنكار زيارة الوفد التى فى إعتقادى أنها تحاول ان تعطى شرعية والضوء الأخضر لإنفصال الجنوب .
على مجلس الأمن أو أية جهة أخرى العلم بأن لهذا الشعب كرامة ولابد لتلك الكرامة ان تصان ومهما كانت المبررات .
إمتناع أعضاء الوفد من لقاء الرئيس عمر البشير ليس معناه أن لايوضع إعتبار لسلطة المركز وماكان للوفد الدخول إلى السودان عن طريق جوبا . وحتى ان سمحت لهم حكومة الجنوب بذلك فكان بالأحرى على حكومة المركز ألا تعترف بدخولهم السودان إلا عبر بوابتها الرئيسية الخرطوم وبالتالى ماكان يجب أن يسمح لهم بالتجوال حسبما يشاؤون فى أقاليم السودان المختلفة ولقاء الأفراد والجماعات فى دارفوربحجة الوقوف على أمر الإدعاءات حول مايرتكب ضد المواطن السودانى من إنتهاكات.
السؤال المحير هو : لماذا تقبل السلطة فى الخرطوم بسياسة الأمر الواقع معتقدة أنها إذا وقفت أمام تلك الزيارة سيتشدد مجلس الأمن فى تطبيق قرار القبض على الرئيس وتقديمه للمحكمة الدولية ؟! مهما تكن المبررات فكان على حكومة المركز التمسك بحق السيادة ولاتسمح لأى كان دخول الأراضى السودانية بدون إذن مسبق من حكومة المركز وإلا اصبحت البلاد عرضة للإنتهاكات .
أن مجلس الأمن من حقه أن يفرض قراراته ولو بالقوة ولكن ليس من بين تلك الحقوق إنتهاك سيادة دولة ليست فى حالة حرب معه ولم يصدر قرارا بالحرب ضدها . ثم ان التخويف بإلقاء القبض على الرئيس ليس معناه أن يأتى وفد المجلس إلى البلد المعين للوقوف على مايجرى على أراضيه .وهناك العشرات ممن يكتبون التقارير ولاحاجة للمجلس ان يرسل وفدا على هذا المستوى إلا إذا كان يريد أن يرسل رسالة إلى حكومة الخرطوم تقول بشرعية حكومة الجنوب فى إتخاذ قراراتها بدون تدخل المركز . وإن كان ذلك هو الهدف ، لماذا رضخت حكومة المركز لقرار وفد لم يضع الإعتبار لحق السيادة الذى هو محفوظ بالقوانين الدولية وليس لمجلس الأمن أو أية جهة أخرى حق إختراق ذلك الحق ؟!.
على السلطة فى الحرطوم أن تضع حق هذا الشعب فوق كل الحقوق . وليس لها حق التنازل عن سيادتها حتى وإن كانت عصا المحكمة الدوليه مرفوعة فى حق رأس الدولة . نعلم أن هناك إنبطاحا من قبل السلطة فى الخرطوم عندما يتعلق الأمر برأس الدولة ولكن إلى متى سيظل هذا الإنبطاح فى الوقت الذى تلعب فيه حكومة الجنوب دور حكومة المركز وفى العلن والماعاجبو يشرب من البحر ؟
Ahmed Kheir [aikheir@yahoo.com]