“سحر خليل” العرفان في مثواها شموخ

 


 

 

محمد عبد المنعم صالح

في الأدب الصوفي القديم مفهوم الحب يأخذ سياقا مختلفا يصل إلى مستوى أعلى من التأمل الروحي والعرفان .. بل يتم إستخدامه كاداة للتأمل والتخلص من خواص البشرية ليصبح رمزًا قويًا للحب الإلهي والبحث الروحي عن الحقيقة المطلقة.. كذلك يعرفونه بأن هذه المشاعر في ظاهرها حبًا بشريًا محضًا، لكن يستبطن تحول في أدب التصوف إلى طريق نحو الفناء في الذات الإلهية وتحقيق العرفان الكامل..

علي سبيل المثال قصة مجنون ليلى لاتزال جزءًا من نسيج الأدب الصوفي، حيث تتجاوز حدود الحب البشري لتكشف عن أبعاد أعمق تتعلق بمعاناة العاشق الصوفي في سعيه وراء الله، تمامًا كما سعى قيس وراء ليلى. ولعل هذا الربط بين الحب العذري والعشق الإلهي هو ما يميز تناول المتصوفة لقصة مجنون ليلى كانموزج ..

أذهب أكثر فأقول أن الحب في التصوف وسيلة للوصول إلى الله ، فهو أشبه بالنار التي تحرق العاشق وتذيبه في محبوبه، فيتحول من حب مادي إلى حب روحاني يتجاوز حدود الجسد.. يقول مولانا جلال الدين الرومي في هذا السياق "في كل عشق حقيقي، تجد نفوسنا تذوب، لتكتشف ذاتها الحقيقة" . هذا يوازي تماما ما ظل يردده الصوفيون فمن عرف نفسه فقد عرف نفسه فقد عرف ربه وهنا يكمن الوصول ..
هذا التماهي في الآخر الذي إستوعبني في مسيرة معرفة نفسي ثم سيري في المسير هو ما تيقنت انه يحدث معي منذ أن توفرت كل الشروط أن نكون أنا و زوجتي الأحب الي قلبي وروحي "سحر خليل" سيدة نساء الكون كما يحلو لي أن أناديها نبت في أمر تحول علاقتنا من صداقة الي إرتباط .. فمشاعري منذ أن قررت تتويجها بإعترافي لها صراحة لم تصبح محض مشاعر عادية بكل صدق ، بل تحولت يوما بعد يوم إلى حالة روحية تجاوزت حدود العاطفة البشرية لتصل إلى حد أنني بشكل يومي أري في كل شئ يخصها عظمة الله عز وجل ، ومن ثم عرفت ماهو العشق الإلهي في المستوي الصوفي الفلسفي والذي كنت من قبل أعتبره نوعا من الأسطرة ..
ذات السياق الذي ظل الصوفيون يرون في كل حب بشري صادق صورة للباحث عن الله..
فالرمزية الروحية لكل قصة عشق بشري صادق دائما في الرواق الصوفي هي محمّلة بالرموز العميقة عند الصوفيون التي يستخلصون منها دلالات روحية.. أغوص أكثر لأقول أن المحبوبة في معظم أدب المتصوفة ، قد تكون رمزًا للجمال الإلهي، والعاشق هو الباحث الذي يلهث وراء هذا الجمال ليصل إليه عبرها .. تماما كما قال مولانا محي الدين ابن عربي في هذا السياق "كل ما أحببته من الكون هو مجرد مظاهر لجمال الحقيقة المطلقة ، ومشاعرنا في مستوي بشريتنا ماهي إلا تجسيد لهذا الخلط الفطري الروحي ." ..

إن المجازيب الصوفيون الذين يهيمون على وجهوهم ليسو مجرد عشاق فقدو عقولهم بسبب حب عادي ، بل هم عشاق سعو وراء الجمال الإلهي الذي لا يمكن لمسه أو تحقيقه الا من تحقق خواص بشريتهم في العالم المادي كمرحلة فتتحول قصة العشق من مستوي البشرية إلى رحلة عرفانية في داخلها ، حيث يصبح كل ألم أرضي يعانيه الطرفان خطوة نحو الاقتراب من الحقيقة (الذات الحقيقة) .. لذلك نجد أن المتصوفة كثيرا مايرددون "إن العشق الذي يترك في القلب جراحا عميقة هو العشق الذي يفتح أبواب الحقيقة." وعليه، فإن تجربة حب بشري صادقة ليست مجرد قصة حب عاطفي في إطار العادي ، بل هي رحلة عميقة لاكتشاف الذات من خلال هذا العشق ذات البعد الروحي.. ينظر المتصوفة كذلك إلى التجارب العاطفية كمرآة تعكس الرغبات الروحية للإنسان .. فكلما عانى العاشق، كان أقرب إلى اكتشاف حقيقة ذاته، وهو ما تعكسه الآن مشاعري تجاه القديسة زوجتي الأحب الي قلبي وروحي " سحر خليل " سيدة نساء الكون في تواصلي المستمر معها أنها لم تكن سوي رحلة مستمرة إليها ، و لم تكن سوى تمثل لأشواق روحية عبر قلبها وروحها الموغلة في الطهر ..

غدا نواصل ...

mohamed79salih@gmail.com

 

آراء