سخف في الاعلام المصري!

 


 

 

diaabilalr@gmail.com

مكالمة هاتفية مع المستشار الإعلامي للسفارة المصرية في الخرطوم عبد الرحمن ناصف.

أربع دقائق وانتهى موضوع المكالمة.

لم أفوِّت مناسبة المحادثة للتطرق لأمر آخر أراه مهماً وضرورياً.

كنت حريصاً على توصيل استيائي كصحفي سوداني، من دور بعض أجهزة الإعلام المصرية، في الإساءة للسودانيين.


إساءات متجاوزة للحدود والذوق.

الحدود الجنوبية لمصر، أصبحت في الإعلام المصري واحدة من بوابات الشر.

وفي مرات يروج البعض لفكرة (كل الشر يأتي من الجنوب).

(حلايب وتهريب السلاح والإرهاب وأخيراً الملاريا)!.

المستشار عبد الرحمن ناصف رجل هادئ ومهذب، يختار كلماته بعناية وحرص، لطبع شخصي لا بحكم المهام الموكلة إليه.

ولناصف حرص كبير على سلامة العلاقات السودانية –المصرية؛ حرص يتجاوز دوره الوظيفي كمستشار.

الرجل محب للسودان والسودانيين، وله تواصل مع أغلب الإعلاميين.


ناصف يرى أن ما يحدث من بعض الإعلاميين في مصر تجاه السودان، لا يتجاوز التصرفات الفردية الشاذة، وليس توجهاً سياسياً للدولة، أو لقطاعات واسعة أو مؤثرة في المجتمع.

ما قاله المستشار الإعلامي صحيح. الأمر لم يصبح قاعدة عامة، فكثير من العقلاء في مصر يتعاملون مع السودان باحترام، وبما يستحق من تقدير واعتبار.


ولكن ما يحدث حالياً من تجاوزات، "ظاهرة" متنامية بوتيرة متسارعة.


وفي مصر كل ما يقال في الإعلام ويردد باستمرار، يتحول لقناعات لدى الجماهير.

ورغم سذاجة بعض الاتهامات وسخفها، لكنها سرعان ما تنتشر بصورة قياسية.

الآن أصبح ظهور الملاريا في أسوان مؤامرة سودانية!.


الاتهامات لو اقتصرت على ما هو سياسي، كان يمكن التعامل معها في إطار الموضوعية ونطاق المعقول.

ولكنها تمضي لأبعد من ذلك.

بإمكانك أن تسيء لفرد.

ومن حقه أن يصفح عنك.

-لاعتبارات تخصه أو لسجية في طبعه-

ومن حقك أن تهاجم حكومةً ما.

ومن حقها أن تهمل ذلك.

- لمصالح ترتجيها أو مخاوف تخشاها-

ولكن إياك أن تسيء لشعبٍ، فذلك لا يُغتفر.

لأنّ للشعوب ذاكرة مضادة للنسيان!.

لكل فرد أن يعتقد في نفسه وفي دولته ما يشاء من العظمة والكبرياء. ولكن يجب ألاّ يتم ذلك باستصغار الآخرين وازدرائهم.

لا أحد يجادل في عظمة مصر ولا في تاريخها.

ولكن في المقابل، لا يوجد سوداني سليم الوطنية والوجدان، يقبل بوضع سُمعة شعبه في صناديق القمامة!.

قاموس العلاقة بين البلدين لأسباب كثيرة شديد الحساسية، تجاه عبارات النقد المباشر، لأن العلاقة ظلت لسنوات طوال محتجزة في عبارات المجاملة والملاحظات اللطيفة.

(المطلوب الصراحة لا الوقاحة).

جهاز التنفس السوداني سريع التهيج، إزاء أي تصريح مصري، يشتم منه  رائحة الازدراء أو الاستعلاء.

ما يكتب في بعض الصحف المصرية، ويقال في الفضائيات ، يثير موجة من العطاس في السودان.


عوامل الحساسية السياسية بين الخرطوم والقاهرة معروفة للجميع.

أهمها كان قبل الإطاحة بحكومة الإخوان، وعزل الرئيس محمد مرسي،  وهي قضية سد النهضة الإثيوبي.

وثانيها موقف الشارع الإسلامي في السودان مما حدث للإسلاميين في مصر من قتل واعتقالات.

ويظل ملف حلايب خميرة العكننة في العلاقة من أيام مبارك، مروراً بفترة مرسي، وانتهاءً بحكومة عدلي منصور وربما يتصاعد في حقبة السيسي الجديدة.


سأحكي لكم عن تجربة شخصية في التأثير السالب لبعض الاعلاميين المصريين .

أذكر في مباراة مصر والجزائر التي أقيمت في السودان قبل خمسة أعوام

كنت من المتحمّسين جداً للفريق المصري، وهو يُواجه الجزائر بإستاد المريخ بأم درمان.

وكنت مستاءً جداً من سماع أو قراءة ما أشتم فيه رائحة مشاعر معادية للمصريين، إن كان ذلك داخل السودان أو خارجه.

ولكن بعد المباراة وما صاحبها من ادعاءات وأكاذيب واستفزازات، روج لها عدد من كبار الإعلاميين في مصر؛ عرفت كيف يسهم بعض الإعلاميين المصريين، من طالبي الشهرة عبر منافذ الإثارة الرخيصة، والبطولات الزجاجية، في خلق مشاعر سالبة تجاه دولة يستحق شعبها كل الود ووافر الاحترام.


توضيحات علي كرتي

مكالمة هاتفية مع السيد وزير الخارجية، علي كرتي، تمَّت قبل مغادرته إلى ألمانيا.

الرجل بهدوء وذوق، أوضح لي أن بعض ما يراه غير دقيق، في تناول الصحف السودانية والعربية، لما جاء في موضوع منصات الصواريخ الإيرانية التي رفضت الخرطوم نصبها على البحر الأحمر عقب الاعتداء الاسرائيلي على مصنع اليرموك في الخرطوم.

كرتي قال إن التحريف لم يتم من قبل صحيفة الحياة السعودية على نص الحوار، ولكن في الخبر المنقول عن الحوار، الذي جاء فيه أن الصواريخ كان يراد توجيهها "ضد السعودية".

بعض الكتاب السعوديين، نظروا لتصريحات كرتي باعتبارها رسائل ابتزاز لدول الخليج.

والبعض هؤلاء، لهم مواقف مسبقة من الحكومة السودانية، ليست قابلة للمراجعة والتغيير، تنتظر فقط المناسبات لتعبر عن نفسها.

الدرس المستفاد من هذه الحادثة الدبلوماسية، أن ما قيل في حوار الحياة السعودية كان من الأفضل والأسلم أن يقال في اللقاءات الثنائية المباشرة،  لا في الصحف، حتى لا يُستغلَّ لنقيض ما يراد منه.

العلاقة مع دول الخليج وإيران، من طبيعة الملفات التي لا يمكن أن تعالج في العراء السياسي والإعلامي. هي تحتاج لمكان صحي شبيه بغرف العمليات، لتجنُّب التلوث وتدخلات الأصابع الماكرة.

/////////

 

آراء