سدود الشمال.. من أين تؤكل الكتف؟ (5-5)
manasathuraa@gmail.com
.. بعدما انتظمت الصفوف في كل مكان عبر العالم، وتوحدت الحناجر خلف هتاف (لا للسد ) جلس المتربصون يتحينون الفرص، وبدأوا يتعاطون مع نهج السرية، يظهرون خلاف ما يبطنون، لعلمهم المسبق بانهم قلة لا كلمة لهم بين الأهالي ولا وزن حقيقي، و هتاف (لا للسد) من الصعوبة تزويره فالشوارع لا تخون، فالسد ليس كانتخابات يمكن تزوير نتائجها كما يحصل عادة، وليس بحوار يمكن الترويج لمخرجاته عبر إمكانيات الحزب الحاكم وواجهاته السياسية، لا سادتي السد مصير أمة وتاريخ شعب، السد معركة بين البقاء والفناء، وهنا لا يوجد حد فاصل بينهما سوى الموت من أجل الأرض والانسان..!!
.. سددوا طعنة على ظهر المناهضة عندما إستهدفوا مركز الإشعاع الوحيد لها في العاصمة، وهو دار أبناء المحس بالخرطوم، وبدأوا في تعكير المياه للاصطياد فيها، بالترويج للسلطات الامنية، بأنه ناد رياضي إجتماعي ينشط في العمل السياسي المعارض ضد الحكومة، وبأنه ناد غير ملتزم بدستوره ويتناول قضايا مناطق السكوت وحلفا، وهنا كان المقصد تفتيت وحدة القضية النوبية الرافضة لسدود دال وكجبار تحت راية واحدة، وكلمة واحدة، وهي اللجنة الدولية لمناهضة السدود والتي تضم كل لجان المناهضة في الداخل والخارج، وهي القيادة الفعلية للعمل المناهض، وليس هناك تقسيم للنوبيين بأن هذا محسي وهذا سكتاوي وذلك حلفاوي ودنقلاوي، لا .. ظل الشعب النوبي شعب واحد وسيظل مصيره مصير مشترك، ليس هناك من هم امام السد او خلفه، فجميعهم سيؤكلون حين يؤكل الثور الابيض في دال او كجبار..!!
.. خرجت المسيرات الاحتجاجية من كل قرى السكوت وانتظمت في مدينة عبري الصامدة، وفي هذا التوقيت بالضبط تلعثمت الحكومة، وأخطأت كل حساباتها وخططها، حين ظنت بأن لا قدرة لأهالي تلك المناطق بالخروج والحشد، ولكن خابت كل التوقعات وخرج الآلاف يحملون شعارت لا للسد، ولا للتهجير ولا للاغراق، ومأساة عبود لن تعود، خرج الصغار والكبار الرجال والنساء، جميعهم توحدوا تحت راية الرفض للسد، وما كان وقتها من المتربصين الا إستغلال قصيدة حماسية ليوصموا أهل المنطقة (بالشيعة) لعلمهم المسبق بالصراع السني الشيعي في المنطقة وربط الصراع بالتمويل السعودي والخلافات الإيرانية، ولكن أيضا خاب أملهم وطاش سهمهم مرة اخرى، وظلوا يرددون بين الصفوف، أيضاً بأن أهالي مناطق دال لم يرفعوا شعارت (لا لسد كجبار) وإكتفوا فقط بدال كنوع من الفتنة والتفرقة، وأيضاً خاب أملهم، وكان الرد المناسب لهم (إعلان إردوان) الذي خرج لؤكد للجميع سلمية مناهضة السدود و وحدة هدفها ومصيرها، ودعوة كل الشرفاء الى الإلتفاف حول لجان المناهضة والتي تعتبر اللجان الشرعية المنتخبة وعدم الإلتفاف للمتربصين بوحدتها وأهدافها المصيرية، بالتلويح احيانا بحمل السلاح، او نشر القصائد الحماسية الخادشة للحياة والذوق العام، والترويج لها عبر مجموعات منابر التواصل الإجتماعي، لتشوية صورة المناهضة بين العامة، ولكن أيضاَ طاش هذا السهم، وخاب مسعاهم.. !!
.. الواجب المقدم اليوم وغداً هو الإلتفاف حول لجان المناهضة ودعمها بالمال والأفكار والكادر النشط، وتشكيل حائط صد قوى ومتين يصعب إختراقه في مقبل الأيام، وليعلم كل النوبيين حول العالم بانهم يواجهون نظام سياسي يتلون كالحرباء حسب المواقف، والغاية في أدبياته تبرر للوسيلة، وخيارات الوسائل هنا لا سقف لها ولا حدود.. والمجد والخلود لشهداء المناهضة.. ولا للسد.. ودمتم بود
الجريدة