سعي إثيوبيا السلمي للوصول إلى منفذ بحري هل هو مشروع قانون دولي؟!!

 


 

ايوب قدي
2 December, 2023

 

في الـ 13 من أكتوبر 2023، ألقى رئيس الوزراء الإثيوبي “آبي أحمد” خطابًا متلفزًا حول “الضرورة الوجودية لإثيوبيا في الوصول إلى منفذ بحري ” أمام البرلمان الاثيوبي كحق طبيعي لإثيوبيا، حيث يرى أنه لابد من مناقشة فكرة وجود منفذ دائم ومستقل على البحر الأحمر.والسؤال الذي يطرح نفسه هو وما هي الوسائل التي يمكن ان تتبعها لتحقيق ذلك ؟ وهل القانون الدولي بجانب اثيوبيا ؟ما هي التحديات التي سوف تتوجهها لتحقيق ذلك ؟ وما هو المقابل الذي ستدفعه اثيوبيا سلميا اذا تحقق ذلك ؟
وفي معرض تقديمه لوجهة نظره حول كيفية حصول إثيوبيا على الوصول المباشر إلى البحر من خلال الدبلوماسية والقانون الدولي في ندوة حول الاستخدام العادل للموانئ من أجل السلام والتنمية المستدامين في القرن الأفريقي، وجمعت الندوة علماء إثيوبيين من جامعة أديس أبابا ومؤسسات أخرى.
قال مستشار وزارة الخارجية وعضو فريق التفاوض بشأن سد النهضة السفير إبراهيم إدريس إنه ينبغي النظر في التجارب الدولية بشأن العديد من الممارسات في هذا الصدد، هناك ممارسات مختلفة حيث تحصل البلدان غير الساحلية على الوصول إلى البحر من خلال نهج مربح للجانبين.
قال السفير إبراهيم إنه على سبيل المثال، توصلت السعودية والأردن إلى اتفاق لتبادل الأراضي مكن الأردن من امتلاك ميناء، وأضاف أن أنجولا حصلت على ميناء من الكونغو بعد اتفاقية 1988.
وهناك أيضًا اتفاقيات دولية صدقت عليها إثيوبيا والتي من شأنها أن تساعد البلاد على الوصول إلى البحر من خلال الدبلوماسية والقانون الدولي.
وكان هناك الكثير من الممارسات التي تمكن إثيوبيا من اتباع نهج تعاوني مربح للجانبين يمكن أن يضمن وصولها إلى الميناء، وهناك وضع مواتٍ إذا نظرت الدول المجاورة لنا بصدق إلى رغبة إثيوبيا في تحقيق المنافع المتبادلة، وأن السؤال هو كيف يمكننا إقناعهم؟ وأكد إبراهيم أن هذا يجب أن تكون مهمتنا، خاصة علماء بلادنا.
كما حث السفير دول المنطقة وقادتها على النظر في الأمر لأنه يعزز التنمية المتبادلة والاستقرار الدائم في المنطقة.
وعليه، لاقى خطاب الدكتور آبي أحمد استجابة كبيرة في الإعلام الإثيوبي والأوساط السياسية، وتحديدًا لدي بعض المحللين ، بينما أثار مجموعة من المخاوف لدي بعض دول الجوار.
و قال وزير الدولة للشؤون الخارجية السفير مسجانو أرغا، ، إنه يجب على الدول أن تتفهم أن مسألة المنفذ البحري لإثيوبيا تقوم على مسألة المنفعة المتبادلة والترابط الإقليمي.جاء ذلك في تصريح خاص له لوكالة الأنباء الإثيوبية ، وبحسب أرغا ،تدفع إثيوبيا ثمنا باهظا بسبب مُنعها ، من استخدام ميناء علي البحر الأحمر ، علي الرغم من قربها من البوابات والمنافذ البحرية .
وأضاف ،أنه مع تنامي القوة الاقتصادية لإثيوبيا وزيادة عدد سكانها، أصبحت قضية المنفذ البحري مسألة بقاء بالنسبة لإثيوبيا، وليست مسألة أختياروليس هذا فحسب بل أن إثيوبيا ستواصل سعيها للوصول لمنفذ بحري ، بطريقة سلمية، مستفيدة من حسن الجوار والصداقة التي تربطها بجيرانها وباستخدام المبادئ الدولية.
وبحسب مسجانو، أن مسألة البوابة البحرية لإثيوبيا هي مسألة بقاء ،ولذلك إنها ستواصل تعزيز جهودها الدبلوماسية من خلال إعطاء وقبول طلب المنفذ البحري من خلال المفاوضات والبديل السلمي.
واوضح أرغا ، إن قضية المنفذ البحري لإثيوبيا يجب أن تفهم بشكل إيجابي من قبل الدول المجاورة و العالم أجمع.مضيفا ، أن إثيوبيا لا ينبغي أن تستفيد من البحر الأحمر فحسب، بل يجب أن تشارك أيضًا في الأنشطة الخاصة في المنطقة ،تؤثر على المصلحة الوطنية لإثيوبيا بطريقة إيجابية أو سلبية، و إن الأنشطة في المنطقة لا ينبغي أن تستبعد إثيوبيا.
واوضج مسجانو ،إنه لذلك يتعين على الدول أن تتفهم أهمية المنفذ البحري لإثيوبيا بأنها هي مسألة تنمية متبادلة.
كيف ستحقق اثيوبيا ذلك ؟!
ويري الدكتور أندرو كوريبكو المحلل الأمريكي المقيم في موسكو: إن جميع البلدان غير الساحلية تتمتع بالحق القانوني الدولي في الحصول على منفذ موثوق إلى البحر. ولذلك، فإن سعي إثيوبيا السلمي للوصول إلى البحر هو أمر مشروع من حيث القانون الدولي. ويهدف ذلك إلى تجنب الأزمات ذات الدوافع الاقتصادية بشكل استباقي والتي يمكن أن تهدد الاستقرار الإقليمي. كما يشير علماء العلاقات الدولية إلى أن المعضلات الأمنية الإقليمية مثل تلك التي يعاني منها القرن الأفريقي يمكن حلها بشكل أفضل من خلال مبادرات بناء الثقة المشتركة التي تعود بالنفع على كل طرف أو على الأقل لبعض المشاركين في هذه المعضلة دون الإضرار بالمصالح المشروعة للآخرين.
إمكانية توقيع اتفاقيات تكفل لإثيوبيا الاستفادة من موانئ دول الجوار: حسب الاستاذه عبير مجدي- رئيس برنامج الدراسات الأفريقية في احدى مقالاتها ،وذلك وفقًا للقانون الدولي في الفقرة 125، الذي ينص علي توقيع اتفاقيات ثنائية تنص علي احترام سيادة الدولة على أراضيها ومياها الإقليمية، وعدم الإضرار بمصالحها الوطنية، بعيدًا عن سيناريو الصراع وخوض الحرب، حيث أن لإثيوبيا تاريخ طويل من الجهود العسكرية والدبلوماسية للحصول على منفذ بحري، باءت كلها بالفشل. وكما هو معروف، فإن هناك 17 دولة حبيسة مثل إثيوبيا تتمتع بضمانات استخدام الموانئ المجاورة عبر اتفاقيات ثنائية.
وعليه، بإمكان إثيوبيا الاستفادة من أكثر من ميناء مطل على البحر الأحمر والمحيط الهندي، مثلما طرح آبي أحمد في خطابه الأخير، حيث أشار إلى ميناء “زيلع” في صوماليلاند التي تقع في شمال الصومال نظرًا لقربها الجغرافي حيث تعد علي بعد 17 كم من الحدود الصومالية مع جيبوتي، وهناك خيار آخر يقع علي “عدوليس” الواقعة في ساحل إريتريا جنوب مصوع، مع إمكانية النظر إلى “مصوع” وعصب” كخيار آخر، وكما هو معروف لا تزال إثيوبيا تعتمد على جيبوتي.
يعد هذا السيناريو هو الأرجح، من خلال مواصلة السعي لإبرام اتفاقيات لتأسيس وجود بحري في منطقة القرن الأفريقي، حيث قد عرض آبي أحمد أن تمنح حكومته 30% من أسهم الخطوط الجوية الإثيوبية، أو شركة “إثيو تيليكوم” وهي شركة اتصالات إثيوبية، مقابل حصص مماثلة في موانئ بالدول المجاورة، بالتالي ثمة ضرورة لإثارة نقاشات سياسية حول الحلول الممكنة، ليس لغرض الاستيلاء على موانئ الدول المجاورة، بل للوصول إلى اتفاقيات منصفة، بما في ذلك العروض التي قدمها آبي أحمد، لاستفادة الدول المطلة على البحر من ميزات تجارية في إثيوبيا .
في مقابلة خاصة مع وكالة الأنباء الإثيوبية قال موسى شيخو الباحث في الشؤون الأفريقية إن المنفذ البحري لإثيوبيا هي قضية مصيرية لـ 120 مليون نسمة وأمراً وجودياً بالنسبة لإثيوبيا، مشيراً إلى أن أهمية المنفذ البحري تتصارع القوة العظمى عليه، ورغم القرب الجغرافي لإثيوبيا على مرمى حجر من البحر الأحمر.
واضاف إن لإثيوبيا حق قانوني في استخدام منفذ ميناء، مضيفاً أن ما تطلبه البلاد من منفذ بحري لا يتحدد على جهة معينة، وأن البلاد تسعى لتحقيق ذلك بطريقة دبلوماسية وبطريقة تتيح لشعوب القرن الافريقي في التمتع بالتكامل الاقتصادي بين الدول.
واكد إن الميزات التي تنفرد به إثيوبيا في القرن الافريقي هو تداخل القبائل الموجودة في القرن الافريقي مع بعضها البعض وهو ما يجب على جمع شمل هذه القبائل بثقافاتها وربطها اقتصاديا.
وأوضح أن المطلب الإثيوبي للمنفذ البحري ليس كما يروج له الاخرين بأن إثيوبيا تريد الحرب او الاحتلال، بل استقلال ما في الداخل والخارج بطريقة دبلوماسية عبر تبادل المنافع بين الدول.
وأن الموقف الإثيوبي يتمثل في التنمية المشتركة مع الدول، وأن سد النهضة خير دليل على ذلك وأن اثيوبيا اثبت به نيتها الحسنة بعدم الاضرار بالأخرين وينطبق ذلك على المنفذ البحري.
واخيرا قال رئيس الوزراء قبل أيام قد قدم توضيحا لأعضاء مجلس النواب الإثيوبي ، وقال أنهم ذكروا أن مسألة المنفذ البحري لأثيوبيا تستند إلى قانون الأعمال ولا تتعدى على مصالح وسيادة أي دولة.
لذا، تحاول إثيوبيا أن تقود مبادرة التكامل الإقليمي في القرن الإفريقي، وما تحتويه من مشروعات إقليمية عديدة، لكي تحقق أهدافها المتمثلة في ربط البنية التحتية بين إثيوبيا ودول المنطقة كما هو الحال في مشروع “لابسيت” الذي يربط بين دول كينيا وإثيوبيا وجنوب السودان وميناء لامو، بالإضافة إلى إمكانية توافر بدائل استراتيجية فيما يتعلق بالموانئ البحرية، وذلك قد يعزز من التكامل الاقليمي الذي تدعو له اثيوبيا والوصول الي منفذ بحري عبر التكامل والقانون الدولي .

eyobgidey900@gmail.com

 

آراء