سمح بيناسو ! … بقلم: د . احمد خير / واشنطن
24 January, 2010
يسألونك عن السودان .. كيف بالله البلد ؟! والإجابة حتما ستكون : السودان سمح بيناسو .
السودانيون فاقوا غيرهم فى فلسفة الأشياء بغض النظر عن الزمان أو المكان ! شعب طيب ..نعم ، شعب يحب الحياة .. بالحيل ، شعب صبور .. مافى كلام ، شعب ودود .. خالص ، شعب خلاق .. دى عايزه ليها وقفه شويه . تسألنى ليه ؟! أقوليك .. إذا كان الشعب ده خلاق ، وفنان ، وكل الكلام البتقال عليهو .. خلق شنو؟! وإتفنن فى شنو طوال النصف قرن الماضى ؟! سيقول قائل : الشعب ده ماطلع الإنجليز ، الشعب ده ماعمل أكتوبر ، الشعب ده ما أسقط نميرى ! الشعب ده .. هنا حنقيف .. الكلام كمل ! مافى بطولات تانيه ! الشعب نعم طلع الإنجليز وعمل أكتوبر ، لكن الجاب عبود للحكم منو ؟! وكذلك الجاب نميرى للحكم منو ؟! ماياهو الشعب ده ذاااااااتو ، وله ناس من كوكب آخر ؟!
زمان ، أيام ما كان رصاص " ديجانجو" بيلعلع فى سينما كلوزيوم ، و " سرتانا لايرحم " و " سنجام " على كل لسان ، وفريقنا القومى لكرة القدم ملك من ملوك إفريقية فى فن اللعبة ، وأغانينا تتغنى فى إثيوبيا ومعظم دول الجوار ، كان شعبنا فنان بحق وحقيق . الآن سينما كلوزيوم أغلقت أبوابها وبات ينعق فيها البوم ! وأغانينا تراجعت حتى على مستوى السودان ! وكرة القدم ، وهذه حدث ولاحرج أصبحت فى خبر كان ! وأن درجة الإستهتار باللعبة وصلت إلى أن يتولى أمر اللجنة الأولمبية واحد فى حياتو مالعب حتى دافورى ! بلى ، يمكن ! لكن كرة قدم ، دى كتيره وواسعة حبتين ! وتحت سمعه وبصره تدهورت كرة القدم وصار كل سودانى يتحسر وهو يشاهد مباريات كأس الأمم الإفريقية وعلم السودان غير متواجد على أية صارية ! نشاهد الجابون وبنين وزامبيا والكاميرون ونيجيريا ومصر وتونس والجزائر ! وبعد أيام سترتفع أعلام بعض الدول الإفريقية فى جنوب إفريقية ، وبكل أسف لن يكون من بينها علم السودان ! هل نبكى على أيام مضت أم على ما هو آت؟!
إذا تمعنا فى أحوال السودان بصفة عامة ، سنشهد تباين واضح فى مناحى كثيرة ، ففى الساحة السياسية اليوم ، تجد الأستاذ / محمد إبراهيم نقد ، مرشح نفسه لرئاسة الجمهورية ( هذا جميل وهو رجل محترم ومناضل جسور ) ، لكن الحزب الشيوعى ده ماياهو الحزب الشيوعى اللى فى منتصف الستينيات من القرن الماضى ، أيام ماكان السيد الصادق المهدى على سدة الحكم ، ومحمد إبراهيم خليل (ما خليل إبراهيم بتاع الكعه إياها ) رئيس الجمعية ( إسبيكر) صوتوا فى الجمعية التأسيسية (البرلمان ) وتم عزل أعضاء الحزب الشيوعى المنتخبين من قبل الشعب ، وزيادة على ذلك تم تحريم نشاط الحزب ؟! ذلك كان فى زمن الديمقراطية ! أما الآن وفى زمن الشمولية والحزب الواحد الحاكم ومن نفس الإخوان الذين طالبوا بطرد النواب من الجمعية التأسيسية ( البر لمان ) يمارس الحزب الشيوعى نشاطه وسكرتيره العام يرشح نفسه لرئآسة الجمهورية !! هل فى أجمل وأحلى من كده ؟! دى ماتحصل إلا فى بلد فنان مثل السودان ! بلد العجائب !
طبعا من حق نقد أو أى شخص آخر ترشيح نفسه أو ممارسة أى عمل سياسى ، وأنا مع ذلك ميه ميه ، ولكن ، فقط أتعجب أن يطرد حزب ويوقف نشاطه فى زمن الديمقرطية ، ويمارس نفس الحزب وبعض القيادات القديمة " أدعو الله لها بطول العمر" نشاطهم فى زمن الحزب الواحد الحاكم ! ده فعلا يدل على أن هذا الشعب يا إما فنان أو قد فقد عقله ( أوت أوف هز مايند ) وفى كلتا الحالتين لابد من الإعتراف بأنه كلما ضاقت حلقاتها فإن هذا الشعب سيجد المخرج !
وعشان كده ، إذا سأل سائل عن السودان ، مهما كان الحال ومهما كانت الضائقة الإقتصادية ، والإنهيار السياسي ، ستكون الإجابة : السودان سمح بيناسو !
Ahmed Kheir [aikheir@yahoo.com]