سيادة الرئيس وحتمية القرار الصعب … بقلم: د. احمد خير / واشنطن

 


 

د. أحمد خير
28 August, 2010

 



المتطلع فى تاريخ الأمم سيلاحظ الكثير من القرارات الصعبة التى إتخذت من قبل زعماء بعض الدول ممن حفر التاريخ إسمهم مخلداً لما قاموا به .
المشاهد للحالة السودانية الراهنة لابد وان يعترف بأنها محتاجة لقرار شجاع و صعب . وهذا القرار لابد وان يتخذه سيادة الرئيس . وبالتالى ياسيادة الرئيس نناشدكم بأن تتمعنوا فى واقع السودان ومستقبله . إذا ما إستمريتم على ما أنتم عليه وبنفس ممارسات العقدين الماضيين سيجر السودان إلى مستنقع سيتصعب عليكم إخراجه منه .
إسمحوا لى أن أقول بأنكم قد حاولتم إقامة حكم إسلامى فى السودان ، ولكن لم يحالفكم التوفيق فى التطبيق .وبالطبع لكم أجر المحاولة .  أعلم أن الخطأ لم يكن كله من جانبكم لأن الظروف الدولية التى تمخضت عن أحداث 11 سبتمبر 2001 لعبت دوراً أساسياً فى إتخاذ كثير من الدول موقفأً ضد كل ماهو إسلامى مما أدى إلى أن يقع السودان فريسة لتلك الظروف .
عليكم ياسيادة الرئيس التمعن فيما سيكون عليه حال السودان مع مطلع العام القادم .  أنكم ترون الجنوب حتى وهو فى منظومة الدولة الحالية  يتصرف كدولة ذات سيادة بمعزل عن المركزبدعم داخلى وخارجى . يمنح التأشيرات للزوار والوافدين إليه ويقوم بخطف طائرات الدولة ! إذا تمعنتم سيادتكم فى تاريخ الخلافة الإسلامية ستلاحظون أن ضعف المركز قد تسبب فى تمرد بعض القبائل وإستمر الحال برغم مقاومة المركز إلى أن ضعف سلطان الدولة ثم إنهارت . وكما تعلمون أنه ليس من العيب أن نأخذ العبر من الماضى ولكن العيب هو أن نكرر أخطاء الماضى أو نتعامى عنها إلى أن تصاب الدولة كلها بالشلل وتصبح مرتعاً لكل من تسول له نفسه الإنقضاض عليها ولاينتظر إلا التوقيت المناسب . والتوقيت المناسب فى حالة الجزء الجنوبى هو الإيفاء بمتطلبات نيفاشا بحلول مطلع العام القادم .
ان كثير من الدول الإفريقية المجاورة التى لاتظهر العداء للسودان فى الوقت الراهن  ستظهر أنيابها إذا ما إنفصل الجنوب . وذلك بسبب أنها لاتريد أن تشهد الحروب الأهلية بالقرب أو داخل حدودها . حتى الدول الصديقة التى تعمل بسياسة المصالح لن تجدوا منها الدعم المطلوب وعندها لن ينفع الندم ولا عبارات العتاب .
سيادة الرئيس ، هناك القرار الصعب الذى ينتظركم .ولابد من إتخاذه ألا وهو المناداة بتكوين حكومة قومية تتسلم مهام الحكم فى السودان . عندها ياسيادة الرئيس ستخرج الجماهير السودانية مهللة بقراركم التاريخى الشجاع وسيكتب التاريخ محاولتكم قيام دولة إسلامية وأن التيارات الداخلية والإقليمية والدولية  وقفت حجر عثرة أمام محاولتكم . وبالرغم من ذلك نجحتم فى تضميد الجراح .وبمراجعة بسيطة لما حدث فى معظم أنحاء العالم ستلاحظون كم من حزب تسلم السلطة وخرج عنها ثم عاد إليها بعد مراجعة للنفس وللآخر وللظروف الدولية التى باتت تعتبر المؤثر الحقيقى فى  سياسات الدول .
نعم ياسيادة الرئيس ، قلها وبقوة . أعلم  انه قرار صعب ولكن هو قرار مطلوب وموضوعى  وإن لم تقلها ياسيادة الرئيس سيواجه السودان بقرارات أصعب ستؤدى إلى تفتيت البلاد .
تمعن سيدى الريئس وكلى ثقة فى أنكم ستفضلون دخول التاريخ كصاحب القرار الصعب فى سبيل وحدة البلاد ومستقبلها .
والله الموفق .
         
 

Ahmed Kheir [aikheir@yahoo.com]

 

آراء