(سيداو) وثيقة تعري تناقض الفقهاء! (1)

 


 

 

 

 

اتفاقية القضاء علي كافة اشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) بمعايير الاخلاق هي وثيقة اشتركت مع جوهر الأديان والفلسفات سماوية وارضية في مطلب العدالة، كما انه منذ ان خلقت الاكوان كان سعي الإنسان الحثيث في إيجاد مجتمعات تكفل العدالة والمساواة وتحفظ الكرامة الإنسانية، ينعمون فيها بحقوق وواجبات مواطنة واضحة يؤدونها برضا واقتناع دون اكراه، كما انه وارد في الإسلام الحث علي نصرة العدالة الشاملة (وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا) وبحسب هذا المعيار العدلي وضعت وثيقة (سيداو) الفقهاء في محك خطير لاختبار مصداقية الزعم بان في الشريعة الإسلامية الحلول لقضايا المرأة المعاصرة، وقد اعلن مجمع الفقه الاسلامي (الحكم الشرعي عدم جواز التوقيع أو المُصادقة على اتفاقية سيداو، ولو مع التحفظ، وأعلن المجمع، عن تحفظه على جملة من مواد بروتوكول الميثاق الأفريقي لحقوق المرأة، لمخالفتها “شرعنا وأعرفنا") 9 مايو 2020 وبحسب البيان اجيزت الفتوي منذ 10 مارس الماضي، واستند على دراسة انعقدت منذ أكتوبر 2020.
وقبل التطرق لنقاط تحفظات البيان ( الشرعي)، لابد من تأكيد ان مواقف هذه المؤسسة بإضافة الشئون الدينية عبر تاريخها الطويل لم تكن الا منابر تابعه للحكام، حتي اصبحوا طبقه تليهم في الفساد كما برهنت بذلك تقارير لجنة إزالة التمكين وتفكيك النظام البائد، أوجدوا كهنوت وقداسة دينية زائفة لفتاويهم، بحيث يعتقد العامة انها القول الفصل في أمر الدين، ولابد لجميع المسلمين ان ينصاعوا لها ومن يخالفها يكون خارج حياض الدين، ما بين التكفير والزندقة، ولقد شهدنا خلال الثلاثين عاماَ الماضية كيف انه خوارين جبناء في امر الحق وقضايا المرأة، ولم نسمع قبلاً لدوائرهم المسماة (الدائرة المحلية الدستورية) او (دائرة فقه الاسرة) بفتاوي ضد استغلال الدين ومخالفة الشريعة الإسلامية او اذلال المرأة، بل تحالفوا مع الحكام وفصلوا لهم فتاوي تجيز ضربهن، امتهانهن، اغتصابهن، واباحة حرماتهن. كما خرسوا عن الحق، ولم نشهد لهم بيانات عن حمامات الدم والمجازر التي ارتكبت في شهر رمضان العظيم، وعار بيوت الاشباح، ودماء اهالي دارفور وجبال النوبة، وجنوب كردفان وكجبار، والمناصير، والشرق وغيرها من مخازي الإسلاميين في البلاد. فان اقبلوا اليوم في ظل الحريات ليعيقوا رفع التمييز عن المرأة، ليعلموا انهم احوج ما يكون لتجديد الخطاب الديني في إيجاد حلول لوقف التمييز ضد النساء من داخل الدين تتناسب ومكتسباتهن.
كما تناول البيان في تعريفه (لسيداو) فقرة تحت عنوان (الفردية: بمعني النظر للمرأة كفرد، وليس كعضو في اسرة ذلك ان الحضارة الاوربية تقوم على الفرد والفردية وهذا ما يتعارض مع نظرية الإسلام الذي وان اعترف للمرأة بما توجبه إنسانيتها من حقوق، فانه لا يقوم اصلاً على نظرية الغاية الفردية...الخ) انتهي. الشاهد ان هذه الفقرة تحليلية وليس نصاً في الاتفاقية، صور البيان الفردية في حق المرأة كأنها (الاسترجال) ومقاطعة الكيان الاسري والخروج عليه والتخلي عن أدوارها فيه، وعلى العكس من ذلك تسعي (سيداو) للحفاظ على كرامة المرأة وكينونتها داخل اسرتها، بتحسين أوضاع مجتمعاتها التقليدية برفع التمييز عنها وليس الخروج عليها، ليتم التعامل معها كإمراه انسان، حتى تصح الاسرة وتكون معافاة واَمنة من العنف والتسلط الذكوري الذي يقود الي خراب وتصدع الاسر! (2) (اتخاذ المناسب من التدابير التشريعية وغيرها، بما في ذلك ما يقتضيه الأمر من جزاءات، لحظر آل تمييز ضد المرأة؛).. كما انه فات علي فقهاء المجمع ان المرأة السودانية تتمتع بحقوق الفردية بالقوانين الدستورية التي اعطتها الحق في حرية الحركة والتنقل، السفر، والإقامة والسكن اين شاءت وكيف اختارت دون محرم كما هو حادث في السعودية بفهم تطبيق الشريعة الإسلامية التي تمنع ذلك بنصوص قطعية! والشاهد ان الإسلام في أصله سابق للغرب هو دين الافراد والمسئولية والحرية، وان الغاية هي إنجاب الفرد الانسان من رجل وامرأة بحيث يكونوا سواسية امام الله في العبادات وامام المجتمع والقانون، الرقيب والحسيب عليهم ضمائرهم قال تعالي (ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة) وقوله تعالى (ولا تزر وازرة وزر أخرى),
ورد في البيان (وحتمية الصراع وديمومته لتنال المرأة حقوقها: فالخطاب الانثوي هو خطاب يؤدي الي تفكيك الاسرة ويعلن حتمية الصراع بين الذكر والأنثى وهو خطاب يهدف الي توليد القلق والضيق والملل بين الزوجين، ويقوم علي ان المرأة لا يمكن ان تحقق هويتها الا خارج اطار الاسرة) انتهي، وبتجاوز لتعريف (الانثوية) و( النسوية) نقول للفقهاء ان هذا اختزال لوثيقة تمثل الحقوق الدستورية للنساء، وان خطاب ( النسوية) عماده المساواة امام القانون وليس مساواة المسطرة والميزان، وان حتمية الصراع بين الذكر والأنثى ناتج للفهم الديني الذي تستند عليه قوانين الأحوال الشخصية، ويجيز ضرب النساء والتعنيف بهن، والنظر اليهن بنقصان العقل والدين، وانه لا ولية لهن علي انفسهن، وان نصيبهن من الرجل في الزواج الربع، ولا يحق لهن شراكة العصمة والطلاق، ويؤكد ان شهادتهن علي النصف من شهادة الرجل كما ان الصراع كذلك حين يقع الظلم بتزويج الطفلات القاصرات، وممارسة العادات الضارة بسند من الدين. ..ونواصل

 

tina.terwis@gmail.com

 

آراء