سيكلوجيا المواقف الحدية

 


 

 

حسن أحمد الحسن
من هو من السودانيين من لم يتضرر من الجنجويد قتلا ودمارا ونهبا ونزوحا وتشريدا وإفسادا للذوق العام ؟
لكن هناك من يتخذ من الأمر ملهاة واداة لتصفية حسابات نفسية وشخصية وسياسية في حالة جذر مروعة يشهدها تاريخنا الاجتماعي والاخلاقي .
ان يكون لديك راي ناقد للقيادة العسكرية في تقصيرها وسوء تقديريها لايعني ذلك انك مع الجنجويد . ان تطالب بوقف الحرب والدمار لا يعني ذاك انك مع الجنجويد .
ان تتحفظ على استغلال انصار النظام السابق لأجواء الحرب وتنتقد تحكمهم وتوظيفهم لهذا المناخ لتصفية حسابات مع قوى الثورة او قحت او تقدم لا يعني ذلك انك تظاهر الجنجويد .
ان تكون ضد نوايا هيمنة العسكر والشمولية في الاستمرار في احكام قبضتهم بالقوة وكبح شعارات الثورة لا يعني ذلك انك ضد الموسسة العسكرية والجيش الوطني .
ان تفضح الفساد والانتهازيين من الذين يريدون استثمار الحرب ومعاناة الضحايا لتحقيق المكاسب لايعني ذلك انك تساند الجنجويد. ببساطة لان مليشيا الدعم السريع هي اسوا منتج للنظام السابق ورئيسه وبعض انصاره مدنيين وعسكريين ولان الدعم السريع الذي دافع عنه وحماه قادة الجيش وفتحوا له مخازن السلاح ومناجم الذهب هو اكبر كارثة دمرت هذه البلاد وشردت مواطنيها ولان من تسبب في كل ذلك لابد أن يساءل ويحاسب ويحاكم لا أن نطالب بان نصفق له ونطبل له وان لم يفعل احد فهو من الخونة ليس هناك شخص وطني محترم يفعل ذلك .
هناك من المشفقين من يقول دعونا نقضي اولا على هذا الخطر الذي صنعناه بايدينا ثم نخضع للمحاسبة بعد ذلك قد يكون هذا حديثا مقبولا نوعا ولكن ليس من باب ان نصنع طاغية جديد نغني له ونصفق له مكافأة له على تسببه في الهلاك والدمار الذي أوردنا موارده بسوء تقديره وقيادته ، فجميع الدول التي تحترم شعوبها يخضع قادتها للمساءلة والمحاسبة على إخفاقاتهم ويعتذرون لشعوبهم . ومهما تطول هذه الفوضى ستنتهي حتما ظاهرة الجنجويد والحركات المسلحة والمليشيات ولوردات الحرب اليوم او غدا رغم اننا وبلادنا سندفع ثمنا غاليا لذلك ولكن هناك فرق كبير بين ان نحرر وطننا ونعيد بناءه من جديد وبين ان نصفق ونهتف بغباء لنصنع جيل جديد من الطغاة والمستبدين والانتهازيين .
انتبهوا ايها السادة فليس بالضرورة ان من يخالفك الرأي او من هو ليس على هواك هو نصير للجنجويد الذين دمروا بلادنا وشردوا اهلها او انه عدو لجيشه الوطني الذي يريده قويا منيعا قادرا على حماية الارض والعرض ، او عميلا لدولة معينة ينتقدونها نهارا ويتاجرون معها ليلا ويتخذونها ملاذا لاطماعهم فليكن وعينا اكبر من اي مشاعر سلبية تجاه بعضنا البعض.
وليكن حبنا لبلادنا اكبر من حبنا لانفسنا وذواتنا ولنا في قادة البلاد وسيرتهم في الحكم والحكمة من الرعيل الاول اسوة حسنة .

 

 

آراء