قصة جنرالين وشعب

 


 

 

بدات بطموحات جنرالين تحت يد كل واحد منهما جيشا او مليشيا ومنذ ان بدا التباعد بينهما بدا كل يحشد قواته في مسرح لم يكن هو المسرح المناسب على الاطلاق في قلب العاصمة التي طالما راى بعض لوردات الحركات المسلحة انها الفريسة التي يجب نهش جسدها بدوافع غير مفهومة فمنهم من قال لجنوده لا تهدموا مبانيها بل اسكنوا فيها ومنهم من قال لولانا لاصبحت خرابا تسكنه القطط.
واصبح الوطن اسيرا لطموحات لوردات المليشيات وحلم والد الجنرال الذي قال انه راى فيما يرى النائم ان ابنه حاكما . اما الاخر فزين له مستشاريه انه الاجدر بحكم البلاد . واصبح كلا الجنرالين يتربص بالاخر حتى وقعت الواقعة فتحولت اجمل عاصمة عشنا فيها طفولتنا الى خراب واصبحت شوارع مدنها ارصفة للجثث والشظايا مجهولة الهوية التي تسكن نوافذ الابرياء وتسكنهم القبور . ولم يكن الفاعلان معزولان عن الوشاة واصحاب الهوى والاحقاد فخرجت كل الافاعي من سجونها وجحورها لتبث احقادها كل يغني على ليلاه وفردوسه المفقود بين الدماء وركام الخراب . فخرجت الانقاذ بكل اكابر مجرميها تبحث عن ثارها من شعب اطاحها في رابعة النهار وخرج تتار المليشيات القادمة من اقاصي حدود الغرب الافريقي بعمائمهم الغبراء تعيث الفساد في المدن قتلا وتدميرا ونهبا وكانها على ثار وغبينة من ذلك النيل الذي اختر الله مجراه وسكانه وانعامه فاصبح القصر رمز السيادة مرتعا للفوضى واصبحت القيادة رمز القوة هدفا لسلاح الفوضى وتحطم الامل القريب كزجاج النوافذ والسيارات . وشتان مابين دماء ودماء . دماء سالت من شباب غض في سبيل عزة وطن وشعب وحرية ودماء تسيل بلا هدف وبلا مبر.
نعيش في وطن مستهدف من اركانه تحيط به طموحات الجيران ويسكنه تسيب حكامه الذين لايدركون قيمة وطنهم ولا يحبونه كما ينبغي بل ينظرون تحت اقدامهم ويتقاتلون على مكاسبهم ومزاياهم الا من رحم ربي . وطن مفعم بالخيرات لم يرزقه الله بحكومة قادرة قوية وحكام مسؤولين غير متهافتين بل ضعاف كبغاث الطير يبخسون شان بلادهم ويبيعونها للمستثمرين نظير الرشاوى وابخس الدراهم ليس لهم همة لبناء بلادهم لتقود قارتها وتستنهض قدراتها حكام ليس لديهم الانتماء الكافي والوعي والخبرة المطلوبة فاستهان ببلادنا الجيران وبشعبنا من نلج اليهم ليس بسبب منهم بل بفعل منا نحن . لضعف امرنا وقلة حيلتنا وعجز اعلامنا وفقر ادارتنا وعشوائية منسوبينا فكانت الصورة لا تليق بماضينا ولاترقى لمستقبلنا ومن يهن يسهل الهوان عليه.
مانريده اليوم بعد ان تضع هذه الحرب العبثية اوزارها ان نفكر استراتيجيا حول الاخطار التي تحيط ببلادنا وان تشكل حكومة طواريء من كل طيف الثورة ومن الخبراء وان ينصرف الجيش لبناء قدراته التي انهكتها هذه الحرب بعد ان ينهي قصة المليشيات والاختراقات من اي قوى سياسية كانت بالامس وصيا عليه او تطمع ان تكون . وان يكون جيشا قوميا وطنيا مهنيا لا مجال فيه ولا يفتح ابوابه للمتملقين والمطبلين من مرتزقة الانظمة الشمولية وان نعلن مشروعا قوميا لبناء مادمرته الحرب وهذا لن يتم الا بحكومة قادرة وعبر حكومة متعاونة مع المجتمع الدولي والاقليمي وان نعيد ترتيب وصياغة واقعنا من جديد وان يفهم انصار النظام البائد ان من اجرم سيقدم للمحاكمة العادلة وان تنظيمهم السياسي سيقول الشعب فيه كلمته في الانتخابات اما الشهداء فلن تسقط حقوقهم واما المجرمون فلا تسامح او مساومة واما الثورة وشعاراتها فتظل باقية وهادية واما المفسدون فدونهم قانون من اين لك هذا ولا مجال بعد اليوم لمليشيا او حركة مسلحة مهما كان الثمن ومرحبا بكل قوى سياسية او حزبية دون اقصاء فالاحزاب تحاكم عبر الصناديق والانتخابات والمفسدون والمجرمون والقتلة عبر المحاكم . لابد من بناء دولة الموسسات المدنية القوية ودولة القانون لابد من اصلاح وتطوير اجهزة العدالة والاجهزة النظامية لنكون دولة مؤسسات لا دولة عشائر وادارة اهلية ومليشيات وحركات مسلحة ان فعلنا ذلك سننهي الفصل الاخير من هذه القصة المؤلمة ونفتح اولى الصفحات لقصة التنمية والاستقرار .

 

آراء