شخصيات …..حيوات ومواقف -7- … بقلم: امير حمد _برلين

 


 

د. أمير حمد
15 February, 2010

 

 

   

عائلة روبنسن

 

تمثل عائلة " روبنسون " التي استقبلته في القاهرة , حلقة وصل بين السودان ولندن وقد كانت هذه العائلة نموذجا ايجابيا " للاندماج "في المجتمع الشرقي \القاهرة دون أن تجابه بشروط ولوائح من قبل السلطة كما  تفعل أوروبا اليوم في "اندماج" الأجانب في المجتمع الأوروبي . فمستر روبنسون كان مهتما بالعمارة الإسلامية وجمع المخطوطات وأسلم ودفن في مقبرة الأمام الشافعي " .

وصلت القاهرة فوجدت مستر روبنسون وزوجته في انتظاري فقد أخبرهما مستر ستكول بقدومي........

كان مستر روبنسون يحسن اللغة العربية ويعنى بالفكر الإسلامي وبالعمارة الإسلامية وزرت معهما جوامع القاهرة ومتاحفها وآثارها وكانت أحب مناطق القاهرة إليهما منطقة الأزهر ......... وننفرد بمقهى جوار جامع الأزهر ونشرب عصير التمر هندي ويقرأ مستر روبنسون شعر المعري".

بقدر ما فقد البطل من (حب واعتناء ) من قبل والدته فقد منحته لهما مسز روبنسون فكانت له بمثابة الأم في وجوده في القاهرة , وحينما حكم عليه في لندن , بل وبعد اختفائه \ انتحاره /إذ ظلت تكاتب الراوي وتسأله عن أبنائه كما شرعت في كتابة سيرة حياته إلى جانب سيرة حياة زوجها مستر روبنسون . ومثل ما اندمج مستر روبنسون في القاهرة ومجتمعها انسجمت كذلك مسز روبنسون " كان لون عينيها كلون القاهرة في ذهني رماديا أخضر يتحول بالليل إلى وميض كوميض اليراعة....."

يظل الكاتب يؤكد لنا برود البطل رغم ما منحت له هذه العائلة من حب واعتناء

" كانت مسز روبنسون تقول لي:

أنت يا مستر سعيد إنسان خال تماما من الضحك ..... ألا تستطيع أن تنسى عقلك أبدا......وحينما حكم علي في الاولدبيلي بالسجن سبع سنوات لم أجد صدراً غير صدرها أسند رأسي إليه، ربتت على رأسي وقالت لا تبكِ

يا طفلي العزيز. لم يكن لهما أطفال كنت مشغولاً بنفسي فلم احفل بالحب الذي أسبغاه علي ، كانت تحنو علي كما تحنو الأم على ولدها ---وكانا على الرصيف  حينما أقلعت الباخرة من الاسكدرية ورأيتها من بعيد وهي تلوح بمنديلها ثم تجفف الدمع من عينيها والى جوارها زوجها ---وفكرت في حياتي في القاهرة ----أحبتني زميلة ثم كرهتني وقالت لي أنت لست إنسان أنت آلة صماٌء -----.)

لقد أحبت مسز روبنسون البطل حبٌاً أمويا ليس لأنها لم تحظ بأبناء فحسب وإنما لحنوها عليه وادراكها  لخلوه من أسما طاقة يمنحها ألله للإنسان ---طاقة الحب

لقد اهتمت مسز روبنسون بالبطل كثيرا  " القاهرة مدينة ضاحكة وكذلك مسز روبنسون ، كانت تريدني أن أناديها باسمها الأول –اليزابيت –لكنني كنت أناديها باسم زوجها ، تعلمت منها حب موسيقى  باخ ، وشعر كيتس وسمعت عن مارك توين ، لكنني لم أكن استمتع بشيء وتضحك –وتقول آلا تستطيع أن تنسى عقلك  أبدا "

سافر البطل مبحراً من الإسكندريةإلى لندن فذكره البحر بوجه أمه –(...... دائم التبدل والتحول مثل القناع ألذي على وجه أمي )

 هنا تبدو ألصورة واضحة للحب :أللأحب:  إذ يردف حب واعتناء مسز روبنسون بالبطل صورة  وجه أمه كوشاح وخلوها من الحب 

كانت مسز روبنسون تكاتب الراوي متفقدة لأسرته " زوجته وولديه .كانت مسز روبنسون  بمثابة الأم النموذجية للبطل   إذ منحته الحب والاهتمام وكانت حاضرة في محاكمته . لقد حذرته من جين موريس فلم يهتم بتحذيرها ,وبكي على صدرها حينما حكم عليه بالسجن لمدة سبعة أعوام . تذكر الراوي كل هذا وهو يسرح نظره في صورتها وزوجها مستر روبنسون المستشرق الذي أحب القاهرة وأسلم ودفن في مقبرة الأمام الشافعي وبعد وفاته كاتبت مسز روبنسن  الراوي بصدد استعدادها لمساعدة ابناء البطل و شرعت   في كتابة سيرة حياته وحياة البطل " إنني أشغل نفسي بتأليف كتاب عن حياتنا ...." وتقول واصفة للبطل " .... كان مشهورا غير قادر على تقبل السعادة إلا لمن أحبهم وأحبوه حبا حقيقيا مثلي ( وزوجي ) ..... لقد لفت  الأنظار هنا إلى البؤس الذي يعيش فيه أبناء قومه سأكتب عن الدور العظيم الذي لعبه تحت وصايتنا كمستعمرين لقد كان طفلا معذبا ولكنه أدخل على قلبي وقلب زوجي سعادة لا حد لها

 

Amir Nasir [amir.nasir@gmx.de]

 

آراء