شريكا نيفاشا. . . حوار الزمن الأخير قبل الاستفتاء … تقرير: خالد البلولة ازيرق

 


 

 


 

يلتقيان بأديس أبابا

 

حراك اقليمي بدأت وتيرته تزداد مع اقتراب موعد الاستفتاء لجنوب السودان مطلع يناير القادم خاصة من دول الجوار، حيث حملت الأنباء القادمة من العاصمة الامريكية مقر مجلس الأمن الدولي الذي ناقش الاوضاع في السودان أول امس، نبأ عقد جولة جديدة بين الشريكين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية يوم الاثنين المقبل بالعاصمة الأثيوبية اديس ابابا بدعم من الاتحاد الافريقي لبحث ترتيبات عملية اجراء الاستفتاء لجنوب السودان كآخر استحقاقات عملية السلام في السودان.

ويأتي اجتماع أديس أبابا المعلن عنه والذي من المؤمل ان يشكل محور نقاش جديد بين الشريكين حول ترتيبات تنفيذ الاستفتاء والقضايا العالقة به، بحث امكانية تقديم الدعم الفني واللوجستي للشريكين للاضطلاع بتنفيذ المهمة كما هو متفق عليه، خاصة وان الاجتماع المزمع يأتي بعد مناقشة مجلس الأمن الدولي أول أمس للوضع في السودان بناءً علي التقارير المقدمة من ممثليه في السودان، حيث أعلن الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان هايلي منقريوس ان علي المجتمع الدولي ان يشجع ويحث الاطراف علي البقاء علي المسار لضمان تطبيق اتفاق السلام الشامل ومواصلة جهود احلال السلام، مشيرا الي ان المؤتمر الوطني والحركة الشعبية أبلغاه انهما يريدان مشاركة أوسع من الامم المتحدة بشأن الاستفتاء للمساعدة في ضمان تصويت نزيه، واضاف «ان الامم المتحدة مستعدة لتقديم الدعم الفني واللوجستي الي هيئات الاستفتاء، الا أنه أكد ضرورة تشجيع وحث الاطراف علي القيام بالاجراءات الضرورية في اسرع وقت ممكن.

ويولي الاتحاد الافريقي ودول الجوار السوداني عملية الاستفتاء في جنوب السودان أهمية كبيرة لما لها من تأثير علي الاوضاع في المنطقة، فيما يسعي الاتحاد الافريقي الذي يتطلع لوحدة السودان من خلال حق تقرير المصير للجنوب الي حث الدول الافريقية لدعم خيار وحدة السودان والحفاظ عليه حسبما اعلن قادته. ويأتي لقاء الشريكين «المؤتمر الوطني والحركة الشعبية» بالعاصمة الاثيوبية أديس ابابا وبدعم من الاتحاد الافريقي تتويجاً لمسعاه الرامي لتحقيق وحدة السودان، مسعي يبدو أنه تشاطره فيه أغلبية دول الجوار السوداني، وحول مغزي اجتماع اديس ابابا والملفات المتوقع مناقشتها وما تسفر عنه قال السفير الرشيد أبو شامة ، لـ«الصحافة» ، ان الاتحاد الافريقي ربما يبحث تأثيرات الانفصال علي دول القارة الافريقية لأنه يناقض ميثاق منظمة الوحدة الافريقية التي تنص علي الحفاظ علي الحدود التي تركها الاستعمار، مشيرا الي ان الاجتماع سيبحث المسائل العالقة مثل «ترسيم الحدود، والبترول، ومصير قسمة الثروة فيما يخص البترول حال اختار الجنوب الانفصال، ومسألة الديون الخارجية وتقسيم مقدرات الحكومة الموجودة، وتوقع ابوشامة من خلال مداولات الملتقي ان يصر الوفد الحكومي علي قضية الالتزام بمقررات نيفاشا بأن يعزز الطرفان الوحدة وان لايدعو طرف للانفصال، مشيرا الي ان الحركة الشعبية لن تعترض علي هذا الطرح ولن تتحدث عن الانفصال بالصوت العالي، ولكنها ستصر علي ان القرار هو ارادة المواطن الجنوبي وانه ليست لها يد فيه».

ويبدو من واقع الحراك الدولي والاقليمي حول قضية حق تقرير المصير المرتقب ان الاتحاد الافريقي يرمي الي تثبيت ميثاق منظمة الوحدة الافريقية الداعية للحفاظ علي حدود الدول الافريقية كما ورثت من الاستعمار، وتجنيب القارة الافريقية توترات جديدة في المنطقة حال اختار الجنوب الانفصال وانتقال تلك العدوة الي دول الجوار السوداني، لذا يبدو بحسب مراقبين من خلال مؤتمر اديس ابابا الاثنين المقبل انه سيسعي الي تحقيق تلك الاهداف بمحاورة الشريكين حول امكانية جعل الوحدة جاذبة أو تحقيق ضمانات ان لا يمتد تأثير الانفصال الي دول الجوار. وكانت دول الايقاد قد عقدت قمة بين الشريكين في مارس الماضي بحثت من خلالها سير تنفيذ اتفاقية السلام وترتيبات حق تقرير المصير، وذلك بمشاركة وفدين علي مستوي عالٍ من الشريكين حيث قاد وفد الحكومة نائب الرئيس الاستاذ علي عثمان محمد طه، فيما قاد وفد الحركة الشعبية وحكومة الجنوب الفريق سلفاكير ميارديت نائب رئيس الجمهورية. ولكن الدكتور صلاح الدومة استاذ العلوم السياسية بجامعة ام درمان الاسلامية قال لـ«الصحافة» ان الداعين للاجتماع «الاتحاد الافريقي والامم المتحدة» يريدون ان يسجلوا موقفا في القضية، مشيراً الي ان قرار الوحدة او الانفصال يتخذه تنفيذيون في «الولايات المتحدة والحركة الشعبية والمؤتمر الوطني» ، مشيرا الي ان المحصلة النهائية لقرارهم هي التي تحدد الوحدة او الانفصال، واضاف الدومة «ان اللقاءات الثنائية الهدف منها قراءة آخر التطورات النهائية للقرار المتخذ، بمعني هل هناك مستجدات لتعديل وجهة نظر القرار أم لايوجد جديد، وقال هؤلاء ان المتحاورين يعكسون فقط وجهات نظر محددة اذا هناك جديد يدعو التنفيذيين لتغيير قرارهم ام لايوجد» واشار الدومة الي أن الوحدة هي من ثوابت الاتحاد الافريقي، لكن في الآونة الاخيرة لن يوجد التزام بالثوابت بل بالمصالح، مشير الي ان هذه الثوابت اصبحت قابلة للتفاوض لأن قادة الاتحاد الافريقي معرضون لضغوط امريكية».

ويأتي اجتماع اديس ابابا الاثنين المقبل وسط تباين كبير في موقف الدول من الوحدة والانفصال، حيث اشار وزير الخارجية علي كرتي أول أمس الي ان امريكا في حيرة من أمرها بسبب موقفها من الوحدة والانفصال بسبب جماعات الضغط التي تؤيد وتشجع الانفصال مما يؤثر علي سياساتها الخارجية، واكد كرتي ان عددا من الدول الأفريقية كانت تدعم خط الانفصال، ولكنها تراجعت عن مواقفها خوفاً علي مصير صراعاتها الداخلية، ولكن مازال بعضها يدعم الانفصال ويشجعه لأطماعه الخاصة، متهماً يوغندا بأنها ليست بعيدة من هذا الباب، وأشار الي ضعف الدور المصري في قضايا البلاد، وضعف معلوماتها عن تفاصيل الحياة السياسية في السودان وتعقيداتها، لافتاً الي ان السودان ليس الدولة التي تلتفت اليها مصر فجأة لحل قضاياها لان السودان يمثل عمقاً استراتيجياً مهماً لها. ويأتي اجتماع اديس ابابا المرتقب بعد سلسلة من الاجتماعات الثنائية المشتركة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية في عدد من الدول ولذات الاجندة، فقبل لقاء الايقاد بشريكي نيفاشا في نيروبي مارس الماضي قبيل الانتخابات، سبق لمصر أن استضافت ورشة في فبراير الماضي بين الشريكين لبحث مسألة تقرير المصير ومستقبل السودان قاد وفد المؤتمر الوطني لها الدكتور نافع علي نافع نائب رئيس المؤتمر الوطني، فيما كان وفد الحركة الشعبية برئاسة امينها العام باقان أموم، وذلك بهدف تقريب وجهات النظر بين الشريكين حول مسألة تحقيق وحدة السودان، وهو المؤتمر الذي جددت من خلاله الحركة الشعبية مسألة علاقة الدين بالدولة كشرط لجعل خيار الوحدة جاذبا، واستمر المؤتمر الذي رعته مصر تحت اشراف مدير المخابرات عمر سليمان، ثلاثة أيام كمساهمة من مصر في الاضطلاع بدورها للمصير المشترك بين الدولتين «مصر والسودان» وبما يسهم في مواجهة التحديات التي يمر بها السودان حاليا وعلى رأسها تعزيز وحدته واستقرار الأوضاع في دارفور، وتوفير الأمن والاستقرار.

ولم تمض اشهر قليلة علي لقاء الشريكين في القاهرة لبحث القضايا الخلافية والمستقبلية للسودان خاصة حق تقرير المصير لجنوب السودان، حتى التأم اجتماع وفدين يمثلان كذلك الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني بالعاصمة الأمريكية واشنطن التي استضافت ملتقي لبحث القضايا الخلافية بينهما في يونيو 2009م، ووصف مراقبون وقتها الملتقي بانه يمثل بادرة أمريكيه لتدشين مرحلة جديدة في مسيرة العلاقات السودانية الأمريكية التى اصابها الجمود زمناً طويلاً، حيث ذهب دكتور مصطفى عثمان اسماعيل مستشار رئيس الجمهورية في تصريحات صحفية بالقاهرة الى «ان الملتقي الذي يعد الاول مع الادارة الامريكية الجديدة والحكومة السودانية سيشكل منبراً للحوار بين الجانبين لمناقشة كافة القضايا، واضاف ان الحكومة تعول على الملتقي في ترجمة التفاهم الذي بدأ خلال زيارة المبعوث الامريكي غرايشن ورئيس لجنة العلاقات الخارجية جون كيري للخرطوم الى خطة عمل، وقال ان الخرطوم تري تغيراً امريكياً تجاهها بحذر، وان هذا التغير لم يترجم بعد الى خطة عمل وافعال».

 

khalid balola [dolib33@hotmail.com]

 

آراء