شعــب منخــور

 


 

 



ثلاثة (أقاويل) ، من أفواه قائليها مباشرة دون عنعنة أو مداراة ، كما أنها تنطوي علي التفاؤل المفرط بإمكانية خروج الشعب السوداني إن تواصل إرتفاع الأسعار أو رُفع الدعم عن المحروقات والذي تحدي وزير المالية أن يؤتي بخيار غيره بديلا ً ثم لم يكتمل أسبوع التحدي حتي خرج ببيان دعم الجنيه من الخارج ـ وإن كان ضنينا ً في كشف الخارج وطبعيته ـ المهم أن الشعب السوداني لن يخرج ولن يحسّ بأي سخط تجاه أي قرار أو شبه قرار بزيادة أي شئ وكل شئ .. عفوا ً هذا ليس إستهانة بروح الشعب السوداني أو ضخامة كبريائه أو تمدد عزته ، رجوع الي الأقاويل ثم عودة حرة مباشرة ، ثم إن أحد القائلين هو السيد (نافع) مستشار رئيس الجمهورية وقوله ووصفه لـ(من يتحدثون عن الشعب السوداني والثورة ضد ّ الحكومة بسبب غلاء المعيشة بالحالمين ..)، الشعب السوداني كما أسلفت لن يخرج بثورة لا ضد ّ الحكومة ولا معها ولا بسبب غلاء المعيشة ولا غيره .. لماذا؟ هذا هو السؤال المحترم والذي سأحاول أن أجيب عنه إجابة محترمة ، السبب سادتي أن الشعب السوداني صار شعبا ً منخورا ً ـ بالطبع ليس بسبب أن كل فرد لديه منخاره الخاص ـ ولكن منخور بمعني أن ما بداخله أصبح (فاضي) ، تبخـّر أي حلم هكذا دفعة واحدة أو علي مدي بضع وعشرين دفعة، ما أجادته حكومة الإنقاذ هو نخر الشعب، تماما ًكما تنخر الطاهية المحترفة ثمرة الباذنجان أو الفلفل أو الكوسة (قلت إنني سأحاول أن تكون إجابة محترمة) . ويمكنك الإستدلال كقارئ متقصي عند مشاهدتك لشاب ثلاثيني، يجلس علي نصف (كرتونة) موضوعة علي حجرين متجاورين ، وحتي ينتصف النهار تتحول جلسته الي تهالك ويتحول نصف الكرتونة الي منديل ورق ، أما بضاعته المزجاة فلا يزيد رأسمالها عن مائة جنيه ، ومجهوده اليومي لأداء هذه الميلودراما فبالتأكيد أكبر ، وأما روحه فمنخورة ، وليطمئن كل من يشكك في خروجه بشأن إرتفاع سعر اليورو ، لأن يوروهاته هو شخصيا ً ـ ذلك الشاب ـ سيأتي ويفرشها كل صباح  وحتي ينتصف النهار تتحول جلسته الي تهالك ويتحول نصف الكرتونة الي منديل ورق متسخ . القائل الثاني هو البرلمان وهجومه المتعاطف مع الشعب علي سياسة رفع الدعم وإنه سيقود لسخط المواطنين علي الحكومة ويدفعهم للخروج الي الشارع ، نصف التساؤل علي هجوم البرلمان يقول : وماذا يجدي سخط شعب منخور، أما نصف التساؤل الثاني والخاص بخروجه الي الشارع فهو : أي شارع ؟ فبالأساس الشعب بالشارع : نصفه بميدان (جاكسون) ، ربعه بالإستادات والربع الآخر (مشتت) علي الشوراع ، لكن إطمئنوا ليست كل الشوارع تفضي الي ميدان التحرير .
zizetfatah@yahoo.com

 

آراء