شـكْلـة داخل البيت الزجاجي !!
محمد موسى حريكة
1 February, 2023
1 February, 2023
عقب توقيع إتفاقية نيفاشا 2005 وهبوط جيوش الحركة الشعبية من الأحراش وقمم الجبال إلي المدن ، حذر وقتها الراحل جون قرنق دي مابيور من خطورة نشوب صراع داخل هذه الأوضاع المستجدة التي جاءت بجيوش الحركة الشعبية علي مشارف الخرطوم (سوبا) أوفي الشرق (كسلا)أو في مناطق تماس عدة في (كادقلي ) وغيرها وقد شبه الوضع القائم وقتها بالبيت الزجاجي ممازحاً (أي شكلة جوة بيت دا ما حيفضل شباك ولا كرسي ولا حتي زول ،البيت كلو حينتهي).
يبدو أن الحكمة في التعامل مع وضعية ذلك البيت الزجاجي الأن غائبة تماماً، وكثر المشاغبون عديمي الخيال ،وارتفعت عقيرة الخطاب العدائي في خضم التعقيدات السياسية ومآلات الانتقال ، ذلك الخطاب الذي كلما بدت إشكالية سياسية ،سرعان ما هدد بالحرب بدلاً عن إستيلاد الحلول السياسية الممكنة تجنباً للدمار ومثالاً خطابات (عقار ،صندل ،أردول ، الماظ وآخرون)، غير أن من أكبر المهددات الامنية علي قاطني ذلك البيت الزجاجي ،هو ذلك العداء المستتر والذي أخذ في الظهور إلي العلن في الآونة الاخيرة ، بين قائد الجيش السوداني البرهان ونائبه السيادي محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع ، خاصة إذا أخذنا في الإعتبار أن بزوغ ذلك الحلف قد بني علي منصة السلطة والنفوذ ، ثم تطور لاحقاً إلي حلف ثروات إقتصادية دون أن يمتلك كلاهما مشروعاً أو رؤية وطنية ذات بعد شامل لبناء الدولة ومتطلبات الدولة الحديثة وكيفية الإجابة عن الأسئلة الملحة التي تكتنف الفضاء السوداني .
لقد بدا واضحاً تحقق نبوءة الصراع بين (البرهان -دقلو)في ذلك الهمس في منتديات الخرطوم ولياليها القلقة وباتت تفاصيل المشهد السياسي في بعده الداخلي والإقليمي والدولي لديها القدرة علي نزع قناع النفاق السياسي الذي أعتمده الرجلان في ذلك الحلف غير المقدس والذي من المؤكد أنه الأن يفتقد تلك الرياح الطيبة التي تدفع بأشرعته في بحار السياسة خاصة أن كلا الرجلين يفتقدان للبوصلة وأبجديات الرصد والتنبؤ.
هنا نصبح مُدينين تماماً للبنيوية سواء مدارس ألان بارت أو ألسنية سوسير إو حتي ذلك المثل البسيط أن المرء يختبئ تحت لسانه. وذلك تبسيط غير مُخلْ في قراءة ذهنية الصراع وفق كلمات متساقطة ، وخطاب سياسي لا يعدم التنمُر في فضاءات الرجلين الإكثر تأثيراًفي تلك القبة الزجاجية.
(القوات المسلحة تنأى بنفسها عن الإرتزاق)...ذلك مجتزأ من خطاب سياسي للبرهان في النيل الأزرق إي حاضرته الدمازين قبل أسبوعين وهو يخاطب حشداًمن الجنود وغيرهم من الحاضرين ، هنا لابد أن ينهض سؤال والبحث عن الدلالة والتوصيف أين الارتزاق الذي عناه البرهان ، فهو قطعاً لا يعني بوب دينار أو الألماني رولف إشتاينر اللذان إرتبط نشاطهما بالسياسة السودانية في سبعينيات القرن الماضي ،ولكن الذي يتبادر إلي الذهن فاغنر ،حميدتي ، قوات كل من مني وجبريل ومشاركتهما في الحرب الأهلية في ليبيا ، ولكن وبغربلةٍ سريعة فإن فاغنر وحميدتي تتسيد الذهن ، وفي الأسبوع الماضي وفي تخريج دفعات عسكرية أكد الفريق الحسين قائد الأركان السودانية وبحضور البرهان في خطابه أن الجيش السوداني لا يمارس (الارتزاق ) هنا يبدو جلياً أن تهمة الارتزاق التي تدور في خطابات المؤسسة العسكرية تأخذ طريقها المباشر نحو الحليف الأعظم حميدتي ، خاصة أنه وقبل أسابيع ذكر حميدتي أن قواته قد حالت دون وقوع انقلاب في أفريقيا الوسطي وأن قواته قد قامت باغلاق الشريط الحدودي الرابط بين أفريقيا الوسطي والسودان متهماً جهات لم يسمها بأنها ضالعة في تعكير صفو السلام في أفريقيا الوسطي وهنا لابد من أن تنهض جهة (قوة)عسكرية سودانية لتنفي عن نفسها تهمة الارتزاق والنشاط العسكري خارج مسرح الخارطة السودانية .
ولتعزيز فرضية هذا الصراع فقد جاء تحت عنوان إندلاع العداء في أفريقيا الوسطي بين حميدتي والبرهان يثير إستياء أمريكا (موقع (Africa intelligence ) بتاريخ 26يناير 2023.
وذكر ذلك الموقع أن الصراع يدور حول السيطرة علي مناجم الذهب في فاكجا علي خلفية تنافس رفيع المستوي بين حميدتي والبرهان ومحاولات مجموعة فاغنر الروسية للتوسع في التنقيب في ذلك الشريط، وبالطبع لابد من الأخذ في الاعتبار التحالف الوثيق بين حميدتي وفاغنر والذي عززته زيارة حميدتي الي موسكو غداة إندلاع الحرب الاوكرانية وتصريحاته المثيرة أن السودان يقف إلي جانب روسيا في حماية أراضيها ! وكذلك فإن تحالفات فاغنر في السودان لم تقف علي حميدتي وحده بل تتخطاه إلي شبكة غامضة يديرها إسلاميون ومتنفذون من الشركة السودانية للمعادن وتنشط هذه الجماعة في حقول التعدين في شمال السودان تديرها شركة (مروي قولد) وهي ليست بعيدة عن جهات عسكرية نافذة في المؤسسة العسكرية.
وعلي ذات السياق تبدأ خيوط الصراع تأخذ طريقها الأكثر وضوحاً ، ففي يوم الجمعة والسبت الموافق20 و 21يناير 2023 دارت معارك عنيفة في ذلك الشريط الحدودي بين السودان وأفريقيا الوسطي حيث نصب مقاتلو حركة السيلكا المتمردة علي نظام أفريقيا الوسطي مدعومة بمقاتلين سودانيين كميناً لعناصر شركة فاغنر الروسية في منطقة (أنداها )الحدودية مما اودي بحياة سبعة روس من عناصر فاغنر .
في يوم 29من يناير 2023توجه البرهان قائد الجيش في زيارة خاطفة إلي تشاد عاد بعدها مكللاًببيان محادثات ختامية جاء فيه أن البلدين يقفان معاًضد الأنشطة الإرهابية وأعمال التطرف التي تهدد إستقرار البلدين ، ولم يتطرق البيان الختامي لنشاط (المرتزقة) مع أن ذلك هو ما يقض مضاجع محمد دبي الذي وجد نفسه الان محاصراً بجماعات فاغنر في أفريقيا الوسطي وأثنيات من قبائل حدودية مشتركة مع كل من ليبيا والسودان ذات أطماع عابرة في السلطة والثروة باتجاه أنجمينا .
وفي اليوم التالي غادر حمدان دقلو الي أنجمينا بعد ساعات من زيارة البرهان ، حيث يصعب التكهن حول تلك الزيارة المتعجلة ،هل هي لنفي وقائع أثارتها السلطات التشادية أمام البرهان ، أم أن تلك الزيارة مجرد قلق سياسي لإجلاء ولو ملامح أكتنفت زيارة قائد الجيش .
حتي الان فإن دمج القوات بما فيها قوات الدعم السريع والجيش السوداني تحت قيادة موحدة لا زال بنداً للمناورات السياسية والمخاوف المتبادلة، وبما أن السياسة أضحت حالة عنكبوتية تتمدد خيوطها وقد قد تبدو خارج السيطرة إذا ما إقترنت بالوضع الإقليمي وتأثيراته المباشرة وتنامي النفوذ الروسي (فاغنر)في القارة الافريقية وانحسار الدور الفرنسي في مالي وبوركينا فاسو وأفريقيا الوسطي ،هذا بالطبع إضافة للعملاء المحليين ووكلاء الشركات العابرة في السودان وتفشي ظاهرة الجيوش القائمة والقادمة، مع إنعدام كامل لعقلية مدركة لتكوين تلك الناقلة البرية أي السودان كما سماها محمد ابراهيم نقد أو تلك العقلية المدركة والتي يمثلها الراحل قرنق والتي أدركت خطورة (الشكْلـة داخل البيت الزجاجي )
وها نحن حبيسين لدي كارتلات الذهب الدامي والفكرة الرعناء.
musahak@hotmail.com
يبدو أن الحكمة في التعامل مع وضعية ذلك البيت الزجاجي الأن غائبة تماماً، وكثر المشاغبون عديمي الخيال ،وارتفعت عقيرة الخطاب العدائي في خضم التعقيدات السياسية ومآلات الانتقال ، ذلك الخطاب الذي كلما بدت إشكالية سياسية ،سرعان ما هدد بالحرب بدلاً عن إستيلاد الحلول السياسية الممكنة تجنباً للدمار ومثالاً خطابات (عقار ،صندل ،أردول ، الماظ وآخرون)، غير أن من أكبر المهددات الامنية علي قاطني ذلك البيت الزجاجي ،هو ذلك العداء المستتر والذي أخذ في الظهور إلي العلن في الآونة الاخيرة ، بين قائد الجيش السوداني البرهان ونائبه السيادي محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع ، خاصة إذا أخذنا في الإعتبار أن بزوغ ذلك الحلف قد بني علي منصة السلطة والنفوذ ، ثم تطور لاحقاً إلي حلف ثروات إقتصادية دون أن يمتلك كلاهما مشروعاً أو رؤية وطنية ذات بعد شامل لبناء الدولة ومتطلبات الدولة الحديثة وكيفية الإجابة عن الأسئلة الملحة التي تكتنف الفضاء السوداني .
لقد بدا واضحاً تحقق نبوءة الصراع بين (البرهان -دقلو)في ذلك الهمس في منتديات الخرطوم ولياليها القلقة وباتت تفاصيل المشهد السياسي في بعده الداخلي والإقليمي والدولي لديها القدرة علي نزع قناع النفاق السياسي الذي أعتمده الرجلان في ذلك الحلف غير المقدس والذي من المؤكد أنه الأن يفتقد تلك الرياح الطيبة التي تدفع بأشرعته في بحار السياسة خاصة أن كلا الرجلين يفتقدان للبوصلة وأبجديات الرصد والتنبؤ.
هنا نصبح مُدينين تماماً للبنيوية سواء مدارس ألان بارت أو ألسنية سوسير إو حتي ذلك المثل البسيط أن المرء يختبئ تحت لسانه. وذلك تبسيط غير مُخلْ في قراءة ذهنية الصراع وفق كلمات متساقطة ، وخطاب سياسي لا يعدم التنمُر في فضاءات الرجلين الإكثر تأثيراًفي تلك القبة الزجاجية.
(القوات المسلحة تنأى بنفسها عن الإرتزاق)...ذلك مجتزأ من خطاب سياسي للبرهان في النيل الأزرق إي حاضرته الدمازين قبل أسبوعين وهو يخاطب حشداًمن الجنود وغيرهم من الحاضرين ، هنا لابد أن ينهض سؤال والبحث عن الدلالة والتوصيف أين الارتزاق الذي عناه البرهان ، فهو قطعاً لا يعني بوب دينار أو الألماني رولف إشتاينر اللذان إرتبط نشاطهما بالسياسة السودانية في سبعينيات القرن الماضي ،ولكن الذي يتبادر إلي الذهن فاغنر ،حميدتي ، قوات كل من مني وجبريل ومشاركتهما في الحرب الأهلية في ليبيا ، ولكن وبغربلةٍ سريعة فإن فاغنر وحميدتي تتسيد الذهن ، وفي الأسبوع الماضي وفي تخريج دفعات عسكرية أكد الفريق الحسين قائد الأركان السودانية وبحضور البرهان في خطابه أن الجيش السوداني لا يمارس (الارتزاق ) هنا يبدو جلياً أن تهمة الارتزاق التي تدور في خطابات المؤسسة العسكرية تأخذ طريقها المباشر نحو الحليف الأعظم حميدتي ، خاصة أنه وقبل أسابيع ذكر حميدتي أن قواته قد حالت دون وقوع انقلاب في أفريقيا الوسطي وأن قواته قد قامت باغلاق الشريط الحدودي الرابط بين أفريقيا الوسطي والسودان متهماً جهات لم يسمها بأنها ضالعة في تعكير صفو السلام في أفريقيا الوسطي وهنا لابد من أن تنهض جهة (قوة)عسكرية سودانية لتنفي عن نفسها تهمة الارتزاق والنشاط العسكري خارج مسرح الخارطة السودانية .
ولتعزيز فرضية هذا الصراع فقد جاء تحت عنوان إندلاع العداء في أفريقيا الوسطي بين حميدتي والبرهان يثير إستياء أمريكا (موقع (Africa intelligence ) بتاريخ 26يناير 2023.
وذكر ذلك الموقع أن الصراع يدور حول السيطرة علي مناجم الذهب في فاكجا علي خلفية تنافس رفيع المستوي بين حميدتي والبرهان ومحاولات مجموعة فاغنر الروسية للتوسع في التنقيب في ذلك الشريط، وبالطبع لابد من الأخذ في الاعتبار التحالف الوثيق بين حميدتي وفاغنر والذي عززته زيارة حميدتي الي موسكو غداة إندلاع الحرب الاوكرانية وتصريحاته المثيرة أن السودان يقف إلي جانب روسيا في حماية أراضيها ! وكذلك فإن تحالفات فاغنر في السودان لم تقف علي حميدتي وحده بل تتخطاه إلي شبكة غامضة يديرها إسلاميون ومتنفذون من الشركة السودانية للمعادن وتنشط هذه الجماعة في حقول التعدين في شمال السودان تديرها شركة (مروي قولد) وهي ليست بعيدة عن جهات عسكرية نافذة في المؤسسة العسكرية.
وعلي ذات السياق تبدأ خيوط الصراع تأخذ طريقها الأكثر وضوحاً ، ففي يوم الجمعة والسبت الموافق20 و 21يناير 2023 دارت معارك عنيفة في ذلك الشريط الحدودي بين السودان وأفريقيا الوسطي حيث نصب مقاتلو حركة السيلكا المتمردة علي نظام أفريقيا الوسطي مدعومة بمقاتلين سودانيين كميناً لعناصر شركة فاغنر الروسية في منطقة (أنداها )الحدودية مما اودي بحياة سبعة روس من عناصر فاغنر .
في يوم 29من يناير 2023توجه البرهان قائد الجيش في زيارة خاطفة إلي تشاد عاد بعدها مكللاًببيان محادثات ختامية جاء فيه أن البلدين يقفان معاًضد الأنشطة الإرهابية وأعمال التطرف التي تهدد إستقرار البلدين ، ولم يتطرق البيان الختامي لنشاط (المرتزقة) مع أن ذلك هو ما يقض مضاجع محمد دبي الذي وجد نفسه الان محاصراً بجماعات فاغنر في أفريقيا الوسطي وأثنيات من قبائل حدودية مشتركة مع كل من ليبيا والسودان ذات أطماع عابرة في السلطة والثروة باتجاه أنجمينا .
وفي اليوم التالي غادر حمدان دقلو الي أنجمينا بعد ساعات من زيارة البرهان ، حيث يصعب التكهن حول تلك الزيارة المتعجلة ،هل هي لنفي وقائع أثارتها السلطات التشادية أمام البرهان ، أم أن تلك الزيارة مجرد قلق سياسي لإجلاء ولو ملامح أكتنفت زيارة قائد الجيش .
حتي الان فإن دمج القوات بما فيها قوات الدعم السريع والجيش السوداني تحت قيادة موحدة لا زال بنداً للمناورات السياسية والمخاوف المتبادلة، وبما أن السياسة أضحت حالة عنكبوتية تتمدد خيوطها وقد قد تبدو خارج السيطرة إذا ما إقترنت بالوضع الإقليمي وتأثيراته المباشرة وتنامي النفوذ الروسي (فاغنر)في القارة الافريقية وانحسار الدور الفرنسي في مالي وبوركينا فاسو وأفريقيا الوسطي ،هذا بالطبع إضافة للعملاء المحليين ووكلاء الشركات العابرة في السودان وتفشي ظاهرة الجيوش القائمة والقادمة، مع إنعدام كامل لعقلية مدركة لتكوين تلك الناقلة البرية أي السودان كما سماها محمد ابراهيم نقد أو تلك العقلية المدركة والتي يمثلها الراحل قرنق والتي أدركت خطورة (الشكْلـة داخل البيت الزجاجي )
وها نحن حبيسين لدي كارتلات الذهب الدامي والفكرة الرعناء.
musahak@hotmail.com