شكرا حمدوك لقد كنت مواطنا صالحا فاضلا ونبيلا

 


 

 

============
اذا صدقت الأخبار باستقالة حمدوك ..فإن من حق الرجل علينا أن نذكر جهوده الطيبة التي بذلها من أجل الوطن...ونجد له العذر ..فقد كان متوقعا منه ذلك بسبب البيئة السياسية المتردية الطاردة للعمل الوطني في السودان.
كان لابد من أمثال حمدوك أن يستقيلوا بعد أن طفح الكيل وفاض ولم يعد بمقدور الرجل أن يقدم بأكثر ما قدم من التضحيات خصما من صحته وأسرته وسمعته التي حافظ عليها سنينا خارج السودان.
حمدوك ،رجل وطني غيور، فاضلا ونبيلا ،جاء لخدمة وطنه بنية صادقة وامانيا عراض ..ولكنه اصطدم وصدم بالواقع المرير الذي كانت تعيش فيه البلاد وحتي بعد نجاح ثورة ديسمبر المجيدة..
ورغم كل الصعاب والتحديات ،أطلق الرجل مقولته الشهيرة المتفائلة: سوف نعبر وننتصر .. ولكنه لم يجد منا من يعينه علي العبور ولم يساعده احد في مهامه الوطنية ، الا من باب المنفعة الشخصية او الحزبية، فقد كانت الساحة السياسية تعج ومتخمة بالفساد وغارقة فيه..وجد مراكز القوة القديمة والجديدة المتطلعة والحركات المسلحة المنفلتة ..وجد فساد الخدمة المدنية والامكنة تزكم الانوف..وجد كثرة المليشيات العسكرية وتعدد ولاءاتها لغير الوطن..و رغم كل ذلك لم ييأس واستطاع في فترة وجيزة أن ينجز من المستحيلات الكثير حتي أصبح تحقيق أهداف المرحلة الانتقالية قاب قوسين أو أدني..في كل المسارات تقريبا خاصة عودة السودان إلي المجتمع الدولي عزيزا مرحبا به،وانفتحت أمامه خزائن الأرض لتعمير ارض السودان واستثمار موارده الطبيعية وتصميم وقوة شبابه لبناء السودان الجديدة.
وبدأت معاول الهدم تحفر للرجل ..وخغافيش الظلام تحوم من حوله..ووقفنا نحن نتفرج والرجل يصارع وحده تلك الاهوال و( الثيران ) الهائجة و( الهمج) كارهة البشر، الشاردة،بل تمادي بعضنا في أذية الرجل ووصفه بالعاطفة الباردة وقلة الحيلة وردة الفعل البطيئة..بل بالخيانة والطعن خلف ظهور الحلفاء..ورغم كل ذلك ظل الرجل حليما لا يرد ،صابرا وصامدا من أجل الوطن وحمايته من الجبروت والطغيان الذي يعرف مصادره ..ولكنه في النهاية فهو انسان محدود القوة والقدرة علي التحمل ...فكان لابد له ان يستقيل..
شكرا حمدوك. لقد جيئت الي السودان ملبيا نداء الوطن ،وبذلت من الجهد المقدر ما بذلت خلال فترة رئاستك لمجلس الوزراء..وها انت تغادر موقع المسؤولية كما أتيته ،اول مرة،ابيض السيرة والسريرة..نظيف اليد واللسان، لم تسرق..لم تقتل، لم تغدر أحدا ولم تخن الأمانة..فشكرا لمعاليك فقد كنت بالفعل مواطنا صالحا ورجلا عفيفا ونبيلا..
د.فراج الشيخ الفزاري
f.4u4f@ hotmail.com

 

آراء