شهادتي للتاريخ (31-أ) طيف الحلول لسد النهضة ولماذا اخفقت مسارات التفاوض (السياسية والدبلوماسية والفنية والقانونية؟) وأين يدعم القانون الدولي للمياه الحقوق المكتسبة للسودان ومصر؟

 


 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

بقلم: بروفيسور د. محمد الرشيد قريش
الحلقة (31) الجزء الأول
من
شهادتي للتاريخ : صرح المخض عن الزبد
عند
موائد الرحمن الرمضانية الفكرية
إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا" (الأنسان 9)
حول
طيف الحلول لمشكلة سد النهضة وتداعياتها البالغة ولماذا أخفقت المسارات التفاوضية الأربعة ( السياسية والدبلوماسية والفنية والقانونية؟) !
وأين يدعم القانون الدولي للمياه الحقوق المكتسبة للسودان ومصر؟


بروفيسور د. د. محمد الرشيد قريش*
مستشار هندسي
دكتوراه الهندسة الصناعية والنقل (جامعة كولومبيا)
دكتوراه الموارد المائية--هيدرولوجيا وهيدروليكيا-- (جامعة مينسوتا).
ماجستير الفلسفة (M.Phil.) في التخطيط الاقتصادي والاقتصاد الصناعي(جامعة كولومبيا)
ماجستير إدارة الأعمال (M.B.A.) في الأقتصاد وبحوث العمليات (جامعة يوتا)
بيكالريوس الهندسة الزراعية (B.Sc. جامعة ولاية كاليفورنيا)
الشهادة المتوسطة في العلوم "Intermed. Sc." (جامعة الخرطوم)
شهادة النقل الجوي (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا M.I.T.)
شهادة "العلوم والتكنولوجيا والتنمية" (جامعة كورنيل)
S.M.A.I.I.E., S.M.S.M.E., M.A.S.C.E., M.A.I.A.A., M.C.I.T, M.A.S.Q.C., M.TIMS, A.M.A.S.A.E.

خبير التخطيط القطاعي للمياه والنقل والطاقة والتصنيع والعلوم والتقانة
وخبير قانون المياه الدولي ومفاوضات نزاعات المياه العابرة للحدود
وسابقا :الأستاذ بالجامعات الأمريكية والسعودية وزميل مركز (M.I.T.) للدراسات الهندسية المتقدمة
ومستشار الأسكوا واليونسكو
وخبير الأمم المتحدة وخبير منظمة الخليج لللأستشارات الصناعية
ومدير المركز القومي للتكنولوجيا
ومؤسس ومدير
مركز تطوير أنظمة الخبرة الذكية
لهندسة المياة والنقل والطاقة والتصنيع
****
"وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى "(الأنفال 16)
"وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِن تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً" (الكهف 39)


" هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ” (آل عمران 138)
"أنظر علي وجه أتم الي الوراء ، لتري لمدي أبعد الي الأمام" (ونستون تشرشل)

Ωاستهلال: مفاوضات سد النهضة والجمود السياسي
▪ تتسم مفاوضات سد النهضة وتداعياته الان بعدم القدرة على الحراك أو التقدم للأمام ، أي فيما يسمي "بالجمود السياسي"
(Political Gridlock)
▪فالأمر أشبه بالوضع الذي ينشأ عند تقاطعات الطرق وقت ازدحام المرور، عندما لا تستطيع المركبات عبور التقاطع ، أو التراجع للخلف بسبب دخول العربات -- المتلهفة للوصول لأهدافها -- للتقاطع ، وتغير اللون الي اخضر للعربات من الطرف الأخر قبل ان تعبر الأولي التقاطع، مما يؤدي الي توقف كل العربات عند منتصف التقاطع :المفارقة هنا ان هذه اللهفة تؤدي الي تعطيل الجميع بما فيهم السائق المسرع نفسه والمستبق للخيرات! والأمر يذكرنا بما يسمي ب"مأساة الشيوع" (Tragedy of Commons) في موارد المياة وغيرها ، مما سنأتي علي ذكره لاحقا!

Ωالمفاوضون ومحاولة "تربيع الدائره"
تعبير"تربيع الدائره"
(Squaring the Circle)
يشيرالي "الاستحالة" الكلاسيكية في الرياضيات اليونانية (القائلة "بأن من المستحيل أن تربع دائرة ما) ، بحيث اصبح تعبير "سيركل سكوير" يطلق علي من يستمر في محاولة فعل "المستحيل" على الرغم مما تقول له به الحقائق السياسية !
▪لكن في الرياضيات المجردة ، يتم تحويل "الاستحالات" إلى "احتمالات" قابلة الي أن تتحقق من خلال تغيير السياق أو الخلفية الإنشائية ، فنحن ننشد من هذه الحلقة تحري لماذا أخفق مفاوضو سد النهضة وتداعياته في تغير السياق ومن ثم النجاح في "تربيع الدائرة "؟ هذا ما سنجيب عليه في هذه الحلقة!

Ωمراجعات ما بعد جولات التفاوض:
▪ في عام 1950 اقترح آلان تورينج معايير لأختبار "أداء "الحواسيب (أقرأ هنا المفاوضات)، سميت لاحقا "اختبار تورينج" (Turing Test )
▪علي نفس المنوال يمكن للمرء أن يرسم معايير الرصد والتقييم لسير وأداء المفاوضات الجارية حول سد النهضة والتداعيات التي يطلقها ، للأجابة علي السؤال المطروح علي الساحة حول أسباب أخفاق جولات المفاوضات العديدة السابقة
ونحن اذ نقدم علي هذا العمل نريد أن نضرب مثلا في أن احد سمات المفاوضين الناجحين التي يبدو أنها غابت عن المشهد تتمثل في رصد و تقييم سير وأداء المفاوضات بعد كل جولة ، أي
(Post-Negotiation Review)
من خلال طرح أسئلة علي شاكلة:
*أي من افتراضاتنا تحققت وأيا منها لم تتحقق
*أين أخفقنا في استراتيجيتنا العامة؟
*كيف كان اداء "تكتيكاتنا" (مثل "الضغط" ، و"الأفخاخ" ، "تكتيكات السيطرة علي الأجندة " الخ…) ؟وأين أخفقت تلك التكتيكات؟
ولما لم يكن هناك شواهد تدل علي أن مثل هذه المراجعات كانت تتم، فاننا نطرح هنا هذه المراجعة الأفتراضية علها تسهم في تصحيح مسار المفاوضات المأزوم ولتمهد الطريق للحلقة القادمه عن "طيف الحلول لسد النهضة وتداعياته" التي يمكن أن تخرج المفاوضات من مأزقها الحالي

التوجهات المحتملة للمفاوضات :Ω

∆يمكن القول أن التوجهات المحتملة اليوم بالنسبة لسد
النهضة وتداعياته ، تتمثل في الأتي:
▪أن تواصل أثيوبيا الشعور بأنها حرة في المضي قدما وفق تصورها الخاص "لحقوقها" السيادية ، "وافق من وافق ، واعترض من اعترض" من الدول المتشاطئة ، و هو طريق معيب لأنه يحمل في طياته تهديدا للسلام الأقليمي ويشكل انتهاكا لميثاق الامم المتحدة والقانون الدولي!
▪أن تقدم دول الأحباس السفلي علي تفعيل أليات كسر الجمود كربط قضية السد بقضايا أخرى
▪أن يقدم المفاوضون علي إعلان نبذ الحرب في حوض النيل وتفعيل أليات تسوية النزاع المعتادة
▪أن يتم استدعاء التكنولوجيا للفصل في النزاع – باطلاق "سيناريوهات المحاكاة (Simulation)" على شاشات الكمبيوتركبديل للصدام الخ …مما سنفصله في الحلقة القادمة ان شاء الله

مشاغل الدول المتشاطئة ، محور المفاوضات التي جرت — ما أشبه الليلة بالبارحة!

▪تشكل الكثير من اعتراضات الدول المتشاطئة التاريخية علي مواقف بعضها البعض عناصر النزاع الحالي بين دول الأحباس العليا ودول الأحباس السفلي والتي ارتبطت بها اخفاقات المفاوضين الحالية، كما لخصها خطاب رئيس مجلس الوزراء المصري(محمد محمود) الأتي الي المندوب السامي لحكومة بريطانيا بتاريخ 1929-5- 7 (مع اضافات توضيحية من هذا الباحث):
∆” ألا تقام—بغير اتفاق سابق مع الحكومة المصرية:
أعمال ري أو توليد قوي(والمقصود هنا السدود(Dams, Levees etc.) والتحويلاتDiversions ) )
 "ولا تتخذ اجرءات علي النيل وفروعه أو علي البحيرات التي ينبع منها سواء في السودان أو في البلاد الواقعة تحت الأدارة البريطانية ، يكون من شأنها:
"انقاص مقدار الماء الذي يصل الي مصر"(التعبير العلمي هنا هو "تعديل حجم الجريان السطحي"
(Modification of Runoff Volume)
 "أوتعديل تاريخ وصول الماء" ]التعبير العلمي هنا هو "تعديل "منحني مدة التدفق"
(Flow Duration Curve-FDC)
أي تغيير"توقيت" الجريان السطحي لا تغير"حجمه")
" أو خفض منسوبه (بمعني تعديل مناسيب تدفقات الجريان السطحي والفيضانات)
علي أي وجه يلحق الضرر بمصالح مصر"

∆ و"منحنى مدة التدفق(FDC)" المشار اليه عاليه يوضح النسبة المئوية (٪ ) من الوقت التي تم فيها مساواة أو تجاوزتدفق النهر خلال فترة معينة من السجل
∆أهمية هذا الشرط هي أن "منحنى مدة التدفق" يحدد سعة محطات توليد الطاقة الكهرومائية (وإمدادات الطاقة) في جميع الأوقات—وعليه، فاذا لم يتم الألتزام بهذا الشرط فسيقود ذلك الي خفض حجم النوليد الكهرومائي في السدود السودانية والسد العالي!
ويمكن اليوم اضافة المشاغل المستجدة التالية الي ما جاء في ذلك الخطاب من مشاغل كلاسيكية لكل دول الأحباس السفلي ، مثل:
 -استكمال الدراسات الاستهلالية حول التأثيرات البيئة والأثار الناتجة عن السد
∆عودة استئناف المستشارين الفنيين لعملهم
بعد اجازة التقريرالفرنسي للأتفاق علي:
*فترة الملء للخزان
*تصريف النهر فترة الشحة المائية
*اجراءت تشغيل الخزان
(Reservoir Operating Rules)
∆سلامة السد
∆قضية كفاءة استخدام المياه
∆اقرار حقوق المياه المكتسبة للسودان ومصرمن قبل دول الأحباس العليا،لا التركيز في المفاوضات علي اتفاقية 1959 نفسها(دون التخلي بالطبع عن الأتفاقية من قبل السودان أومصر) سنعود لتوضيح هذه النقطة بتوسع لاحقا في هذه الحلقة

Ωمقاربات التفاوض حول قضايا المياه الماثلة:
هناك أربع ثقافات ومناهج عمل مختلفة جري بها التعامل مع قضايا المياه الماثلة ، تمثلت في:
∆المنحي السياسي
∆المنحي الدبلوماسي
∆ المنحي الفني (الهندسي)
∆المنحي القانوني


استدعاء "رجال"كيبلنج (Rudyard Kipling) الأمناء الستة" من أضابير ديوانه:

I KEEP six honest serving-men
)They taught me all I knew(
Their names are "What" and "Why" and "When"
And "How" and "Where" and "Who"!
I send them east and west
But after they have worked for me,
I give them all a rest.

دعنا نفحص اذا هذه المقاربات مبتدرين المسيرة علي خطي شاعر الأمبراطورية "كيبلنج"و مستنهضين "رجاله الأمناء"الستة علهم يفصحوا لنا عن سمات تلك المسارات الأربعة ، قبل أن يرسلهم "كيبلنج" في اجازة ، ولندلف نحن بعدها لنتحري في أين أخفقت تلك المسارات في تفعيل القدرات التي تحت يديها

 المنحي السياسي (Hydro-politics)

"السياسة هي تحديد من يحصل على ماذا ، ومتى وكيف"
(هارولد لاسويل عالم الأجتماع الأمريكي)

فهل المشكلة التي تدور حولها المفاوضات سياسية؟وماذا ينبغي أن نتوقع أن يكون اسهام السياسيين في قضايا المياه الماثلة؟
▪المنحي السياسي (Hydro-politics) معني هنا في المقام الأول بضبط ايقاع المفاوضات وفق أهداف سياسة محددة ، ولم يكن من مشاغله "ضبط النهر"(River Regulation) ، فتلك هي سياسة مائية فنية (Hydro-policy)!
▪وفي نزاعات المياه ، المنحي السياسي هو من يقوم عادة باطلاق عقال دينميات النظام الأقليمي لحوض النهر ، أي تلك التي تنطوي علي "معرفة ماذا"(معرفة "ما يتعين عمله"، أول رجال "كيبلنج" الأمناء)
((The "Know What" Level
وبالتالي يملي "الوجهة المنشودة" لمسار المفاوضات
(The "Know Where to" Level)
من خلال اختيار استراتيجية التفاوض
Hydro-politics Strategy) )
واختيار الوفد المفاوض الذي يعبر عن أهداف سياساته الكلية
▪والمتأمل في السوابق التاريخية العالمية لمقاربات (طرق) حل النزاعات المائية يجد أنها تتمحور عادة حول ثلاث مناهج(أواستراتيجيات)،ومفاوضو سد النهضة وتداعياته ليسوا اُستثناء من ذلك:
∆فأولي الخيارات هي "استراتيجية التفاوض التعاوني (التكاملي "(
((Collaborative Integrative Strategy
أي – بلغة "نظرية المباريات"- "لعبة غيرصفرية"
Non-Zero-Sum Game) )
●وهي استراتيجية توفرالحل المناسب "لمعضلة السجين"( Prisoner’s Dilemma) المعروفة لدارسي علم "بحوث العمليات"
(Operations Research)
●بمعني أن "قسمة الموارد" هنا يكسب فيها كل طرف
(Win-Win Situation)
من خلال خلق قيم Values) أي "خيرات") جديدة ، بدلا من التسابق لحصد الموجود من الموارد!
•وحيث مصالح الأطراف غير متضاربة
وتتضمن هذه الاستراتيجية:
*التعاون
*والمشاركة في المعلومات،
*والحل المشترك للمشكلات
∆وثاني الخيارات هي: "استراتيجية اللعب الأفتراسي في مباراة صفرية "
[Predatory “Zero-Sum (Win-Lose) Game]
، يتسابق فيها الكل أو البعض لحصد الخيرات ليكسب فيها أحد الأطراف كل شيء، وتذهب كل الخسارة للطرف الأخر!
∆وثالث الخيارات تتمثل في "اللعب الأفتراسي ذو المحصلة غير الصفرية"
[Predatory Non-Zero-Sum (Lose-Lose) Game]
حيث يتسابق الكل لحصد الخيرات الموجودة فيخسر الجميع وينتهي الأمر بدول حوض النيل الأزرق وقوفا عند مشارف "مأساة العموم"
(Tragedy of Commons)
أي الخراب للجميع نتيجة لتدافع الكل للأستحواز علي موارد النهر!

Ωكيف يتم اختيار النهج المتبني في قضايا المياه الماثلة؟
▪اختيار أيا من استراتيجيات التفاوض تلك يحكمه تباين ميزان توازن القوى المائي السائد بين الدول المتشاطئة
((Hydro-Balance of Power
، مما يستدعي فحص هذا الميزان عن كثب. دعنا نفعل ذلك:

عناصر ميزان القوي المائي الذي في ظله جرت مفاوضات سد النهضة ، ومالات حقوق المياه بعد اكتمال تشييد السد:

و"انما تعرف الشجرة من ثمارها، و من ثمارهم سوف تعرفونهم"(مثل مأخوذ من سفر متي)

Ωالميزات التي تتمتع بها دول الأحباس العليا:
أول الميزات ورأس سنامها تتمثل في هيمنة الموقع : فاثيوبيا ودول منطقة البحيرات تملك القدرة علي "نقر" دول الأحباس السفلي ، كما في حالة تلويث النهر، والتحكم فيه وتغيير تدفقه الخ… ، مع الكثير من فرص الأفلات من العقاب، و الميل دائما لترجمة هذه القدرات الي واقع علي الأرض: تذكر القول المأثور في السياسة الدولية: "توفر القدرات يخلق نواياها" (الدافعة الي العمل)
(Capabilities Create Their Own Intentions)
∆مفهوم "النقر" المشار اليه عاليه يرجع في أصله الي عالم الأجتماع الألماني ثورليف شيلدراب-ايبي
(Thorleif Schjelderup-Ebbe)
والذي استخدم عام 1921 تعبير "بروتوكول السلوك للنقر"
(Pecking Order)
لوصف النظام الطبقي لدي الدواجن ونوازع الهيمنة لديها حيث يتم التعبير عن الهيمنة المحصنة من ردود الفعل في علاقات الدجاج "بنقر" الدجاج الأكبر للأصغر منه ،والذي عليه أن يرضخ لذلك ، لكن بدوره يقوم "بنقر" الدجاج الأصغر منه ، وهكذا دواليك!

وثاني الميزات لدول الأحباس العليا تتمثل في توفر العديد من مواقع الطاقة الكهرومائية القابلة للاستغلال في تلك الدول
وبتبخر اقل من أي مسطح مائي بالمقارنة بنظيره من نفس الحجم في الأحباس السفلي
مع شبكة قوية من الأئتلافات الأقليمية (Coalitions) التي تميل للتوجه للعمل ضد جهات يري فيها عدم انصاف أوتهديدا بالهيمنة، اضافة لدعم الأطراف الدولية!
عناصر الضعف في موقف دول الأحباس العليا:
 دول الأحباس العليا لا تملك الكثير من "الحقوق المخولة "
(Vested Rights)
▪وهي حقوق مضمونة تماما، كحق قانوني بموجب السبق في الأستغلال (الأستحواز) المائي
(Prior Appropriation)
”ولا تملك "حقوق مكتسبة"
(Acquired Rights)
▪وهي حقوق تتأسس بمقتضي الأتفاقيات (كحقوق السودان ومصر في ظل اتفاقية مياه النيل لعام 1959)
وبندرة القوى العاملة الماهرة في مجال الموارد المائية من ذوي الخبرة في التحكم الهيكلي وغير الهيكلي في التدفقات المائية، وجمع البيانات، فمثلا وجدت "المجموعة الدولية المعنية بتصريفات الفيضان لسد الروصيرص
(The “Int’l Panel on Flood Discharges for the Roseires Dam --IPFDR)
▪أن سجلات الأمطار في المرتفعات الاثيوبية هزيلة
▪"ولا وجود لمحطات في عدة مناطق مهمة" في إثيوبيا
▪وأن "جودة البيانات ليست عالية جدًا"
" فمحطات ... اعتبرت جيدًة تدهورت في عام 1960"
▪وأن "البيانات الإيطالية (عن حوض النيل الأزرق في أثيوبيا) ملأي بالتناقضات الداخلية"
وهناك أيضا الأفتقار الي الموارد المالية اللازمة لتحقيق الطموحات المائية
كما أن مرحلة التنمية الأقتصادية الحالية التي تمر بها تلك الدول غير مؤاتية للاستفادة الواسعة من فرص استغلال الموارد المائية ، بسبب اعتماد مثل ذلك الأستغلال على الدعم الذي توفره:
▪القاعدة الاقتصادية
▪والقوانين والمؤسسات
▪والنشاطات التنموية التكميلية
▪والبني التحتية ذات الصلة
 مع عدم توفر بدائل منخفضة التكلفة للطاقة والنقل( 68)/ (71)، على سبيل المثال:
▪توليد حراري (بخاري أو نووي المنشأ) حتي لا تقع البلد اسيرة لتذبذب التوليد الكهربائي مع تذبذب الأيراد المائي
▪وارتفاع كلفة خطوط النقل الكهربائي الطويلة مع التبديد الكبير للطاقة الذي تنطوي عليه تلك الخطوط الطويلة
ووجود تناقضات عصية علي الحل بين أغراض التخزين دون التضحية ببعض الأهداف الأساسية لتشييد السد (ستأتي علي تفصيلها لاحقا ان شاء الله)

الميزات التي يتمتع بها السودان ومصر:
"حقوق مخولة " Vested Rights))وهي حقوق مضمونة تماما، كحق قانوني بموجب السبق في الأستغلال المائي
(Prior Appropriation)
 ثبتتها"حقوق مكتسبة"
(Acquired Rights)
تتأسست بمقتضي اتفاقية مياه النيل لعام 1959
مع توفرسعات تخزينية بأحجام مناسبة-السد العالي مثلا بانفراده حتي الأن في نهر النيل بخاصية "التخزين المستمر"
((Over-Year Storage والمبنية علي فكرة التخزين لسنين الشدة التي جاء بها النبي يوسف عليه السلام-- "تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ" – (يوسف 47) ، يتيح لمصر تخزين كل فائض التدفقات من النيل إلى أجل غير مسمى تقريبا وهي – علي عكس ما يعتقد الكثيرون-- يستفيد منها السودان علي نحو سنوضحه بالتفصيل عندما نتناول اتفاقية مياه النيل لعام 1959،
وتوفرقوى عاملة ماهرة في مجال الموارد المائية من ذوي الخبرة في التحكم الهيكلي وغير الهيكلي في التدفقات المائية
مع مرحلة تنمية أقتصادية مؤاتية للاستفادة الواسعة من فرص استغلال الموارد المائية ، بجانب توفرقدر معتبر من:
*النشاطات التنموية التكميلية
*والبني التحتية ذات الصلة
وتوفر بدائل منخفضة التكلفة للطاقة، على سبيل المثال: توليد حراري (بخاري المنشأ) يجنب البلاد:
▪أن تقع اسيرة لتذبذب التوليد الكهربائي مع تذبذب الأيراد المائي
▪وارتفاع كلفة خطوط النقل الكهربائي الطويلة مع التبديد الكبير للطاقة الذي تنطوي عليه تلك الخطوط الطويلة

عناصر الضعف في موقف السودان ومصر

وكما أسلفنا القول، فقد استخدم الألماني ثورليف شيلدراب-ايبي لوصف النظام الطبقي لدي الدواجن ونوازع الهيمنة لديها ، اذا:
فتموضع السودان ومصر في أدني سلم "التسلسل الهرمي الأجتماعي الطبقي للمياه"
(Water Pecking Order)
من نظام النهر، يمكن دول الأحباس العليا من "النقر"( أي الحاق الضرر) بالأقطار التي أدني منها في الهايراكية الهايدرولوجية ، وهي تستطيع ان تفعل ذلك بكثير من الحصانة ، وذلك لأفتقار دول الأحباس السفلي لقدرات مماثلة لدفع الضرر أولرد الأعتداء خارح نطاق العمل العنيف
∆من الجلي اذا أن عناصر القوة المؤثرة في الصراع المائي الحالي ترجح كفة دول ألأحباس العليا ، وذلك أساسا بسبب هيمنة الموقع النيلي الذي تحتله تلك الدول مما اسهم بصورة كبيرة فيما نراه الأن من أخفاق المفاوضين في المفاوضات الحالية

Ωالعناصر التي تغذي الصراع السياسي حول مياه النيل(2),(106)
تتمثل هذه العناصرفي الأتي:
•حقوق المياه القائمة
•التباين الكبير في إمدادات المياه و تقلباتها الواسعة بين الوفرة (الفيضانات) والجدب
(Low Flows)
•تشظي الولاية السياسية ودعاوي الحرص علي السيادة الوطنية مما يدفع الي عدم استعداد المتشاطئة لاسناد ادارة الموارد الطبيعية إلى سلطة جماعية مستقلة
•الطبيعة الشاردة للموارد
(Fugitive Nature of Resources)
" انك لا تستطيع أن تستحم في النهر مرتين“(هرقليطس)
•ومأساة العموم) “Tragedy of Commons)
فالكل يتكالب علي استنزاف تلك الموارد خشية أن يسبقه الأخرون في الأستحواز عليها
•أوجه القصور في تخطيط موارد المياه –فمثلا تخطيط المياه غير مدمج ومتكامل مع تخطيط استخدام الأراضي
•عدم كفاية التخطيط متعدد الأغراض / متعدد الأهداف(114),(94),(72)
Multipurpose /Multi-objective Planning
•عدم وجود نهج شامل ومتكامل
(Integrated Approach) لتنمية الموارد المائية
•تناقضات الاستخدامات الاستهلاكية للمياه وغير الاستهلاكية
(Consumptive vs.Nonconsumptive use)
•التركيز على الاستخدامات الاستهلاكية للمياه وتجاهل التبادلات (Tradeoffs) مع الاستخدامات غير الاستهلاكية (مثل مثل التوليد الكهرومائي والملاحة والصيد الخ…
•موسم الاستخدام، على سبيل المثال تناقضات التوليد لكهرومائي مع الزراعة والحماية من الفيضانات الخ…
•"نقطة التحويل" Diversion Point ) )- إذا أخذت المياه من التيارالمائي عند نقطة معينة، فإن الاستخدامات عند الاحباس السفلي المباشرة قد تتأثر سلبا
•عدم الكفاءة والهدر للمياه:
*كخسائر النقل والتوزيع
*و التسرب في القنوات غير المبطنة والقنوات الفرعية
*والنسب العالية للتبخر من الخزانات
*والجدولة غير الكفئة لإطلاق المياه
*والأدارة المستقلة (غير المتكاملة) للمياه السطحية والجوفية
*وطرق الري (Irrigation Methods) غير الكفئة (مثل الغمر الخ…)
*وعدم كفاية إعداد الأراضي واستخدام المياه
(Water Application)
*وعدم کفاءة نظم الصرف مما یؤدي إلی تشبع الأرض بالمیاه (Water-logging) أو الملوحة (Salinity) أو ترشیح مغذیات التربة
Leaching of Soil Nutrients) )
•والتفاوت والتغير في متطلبات المحاصيل
(Crop Water Requirements)
•والنمو السكاني المتسارع
•وخطط التنمية الزراعية المكثفة و متعددة الأهداف ، التي تؤدي الي النقص في كمية المياه وتدهور جودتها بسبب سوء استخدام الأسمدة والمبيدات الحشرية (Pesticides) ومبيدات الأعشاب (Herbicides)
•وامدادات المياه ذات الأصل العابر للحدود
(Trans-boundary Origin)
لكثير من الدول
•وعدم الألتفات الي ما جاءت به "الهيدرولوجيا الجديدة"( (New Hydrology و"التحول النوعي" ( (Paradigm Shift من تبصير في المدركات، *كتجدد الاهتمام بالتخطيط والتنمية على نطاق الحوض:
*و تبني المقاربات الأحتمالية
(Probabilistic Approaches)
*وزيادة الوعي البيئي
*وادراك أهمية التنمية المستدامة (Sustainability) للموارد المائية
*وزيادة الوعي بشبكة الأعتمادات المتبادلة"
“Web of Interdependencies”(95)
*وتزايد الأحساس بضرورة الألتفات الي قضايا الكفاءة (Efficiency) في كل مراحل المشروع المائي" كالحفاظ على المياه و القصد في استخدامها وتجنب السرف
( (Conservation Schemesالخ…

المنحي الدبلوماسي((Hydro Diplomacy
هل المشكة التي تدور حولها المفاوضات دبلوماسية؟ وماذا ينبغي أن يتوقع أن يكون اسهام الدبلوماسيين في قضايا المياه الماثلة؟
"السياسة هي فن الممكن ، والذي يمكن تحقيقة "
(أوتو فون بسمارك، المستشار الحديدي للجمهورية الألمانية الثانية ، 1871)
•الدبلوماسي معني بتفسير الظواهر السياسة ،
كأن يسأل مثلا "لماذا نشأت المشكلة"
•و يتسم المنحي الدبلوماسي بمعرفة ما يمكن أن نسميه:
"علاوة علي ذلك"
( "Know That" Level)
والذي يقع تأثيره المباشر علي هياكل (منشئات) نظام الموارد المائية واجراءات تشغيلها ، كأن يطرح الدبلوماسيون سيناريوهات (أسئلة) من شاكلة " ماذا لو فعلنا كذا وكذا)
•وتمثل الدبلوماسية أهم "أدوات"( اي أليات تنفيذ) السياسة الخارجية ومسرح رحب لممارسة فن الإقناع ، و تسوية النزاعات
• لكن غير متوقع من الدبلوماسيين في هذا الشأن سوي اتسامهم بمحو "أمية العلوم
(Science Literacy )
أي امتلاك وحدات متفرقة من المعرفة العلمية أو التقنية (حقائق ومهارات) ، مع التأكيد على النتائج العملية
•ذلك لأن تركيز الدبلوماسي علي قضية الماء مشتت تشتت وحدات المعرفة العلمية التي يختزنها انطلاقا من ما حققه من محو أميته العلمية ، واسهامه المأمول فيها يتأتي من قدراته في تحليل السياسات وهي مهارات مهمة في تقييم الخيارات السياسية للخروج بسياسة متوازنة وحكيمة،
•غير أن حصوله علي المعلومات المطلوبه لاتخاذ القرار --التي يحتكرها الفنيون -- يحجم من قدرته في الأسهام في الحل
 وبالنسبة للدبلوماسي ،فالسياسة الخارجية المائية يمكن تأخد واحد من منحيين:
*السياسة الخارجية المتسمة بأخذ المبادرات
(Initiative Foreign Policy )
• والتي تطرح مجموعة أوسع من الخيارات الدبلوماسية عنها من تلك التي تطرحها السياسة الخارجية البديلة والمؤسسة علي ردود الأفعال
Reactive Foreign Policies) )
• وهي تتطلب من الدبلوماسي الناجح افق تخطيط اطول وتحليل أعمق
• وكثيرا ما تبرز مثل هذه السياسة الأخذة للمبادرات كقيادة إقليمية أودولية ، في مقابل ذلك فان:
السياسة الخارجية المائية المرتكزة علي ردود الأفعال هي عادة:
•دفاعية، وتميل إلى انتظار الأحداث
•وسيئة التوقيت
"Mal-a-Propos" (Ill-timed)
•وقابلة للضغوط الخارجية
 وھﻧﺎك عادة ﺣﺎﺟﺔ ﻣﻟﺣﺔ ﻟﻟدﺑﻟوﻣﺎﺳﯾﺔ ﻟﻟﺗوﺳط ﻓﻲ مثل هذه اﻟﺻراﻋﺎت الأقليمية اﻟﻣﺗﻌﻟﻘﺔ ﺑﺎﻟﻣﯾﺎه
*وحتى لو لم يتمكن الدبلوماسيون من الاضطلاع بدور قيادي في قضايا المياه ، ينبغي أن يكونوا قادرين علي:
•لملمة وجهات نظر مؤسسات المياه داخل القطر لصياغة موقف وطني موحد
• وتحليل القضايا والمعلومات ، بما في ذلك تقييم أهداف المتشاظئة الأخرين وقدراتهم ،
وبما أن السياسة الخارجية هي امتداد للسياسة المحلية ، لا ينبغي صياغة السياسة الخارجية قبل صياغة جميع السياسات الوطنية التي تؤثر على السياسة الخارجية المائية، علي سبيل المثال :
 السياسة الزراعية
وسياسة الطاقة
,السياسة الصناعية والتجارية
 سياسة النقل والاتصالات
 السياسة البيئية الخ…

 المنحي الفني ( الهندسي)

هل المشكة التي تدور حولها المفاوضات فنية (هندسية)؟ وماذا كنا نتوقع أن يكون اسهام المهندسين في قضايا المياه الماثلة؟

"يكون العلم (Science) قد حقق وظيفته حينما يكون قد تحقق (من الأمر) بالتجربة ، وأبان، وأجلي الحقيقة"
(توماس هكسلي ، عالم الأحياء الإنجليزي)

∆ويتسم الفنيون ب"معرفة كيف"(أي "الدراية المائية المهنية)
(The Know-How Level)
ويختص الأمر هنا :
∆بكيفية ادارة موارد المياه (مثلا هل المشكلة في حوض النيل هي في نقص المياه أم في سوء ادارتها؟)
∆وبتصميم هياكل (منشئات) نظام الموارد المائية
∆وبوضع اجراءت تشغيلها والتي تتحكم فيها في النهاية دينميات النظام الأقليمي التي يطلق عقالها السياسيون!

∆ اسهام المهندسين الأميز في الحل يكمن عادة في نقل مشاكل العلاقات الدولية الفنية (كمشكلة سد النهضة):
*من إطار السياسة (والدبلوماسية)
*الي الأطار الأوسع ، اطار "النظام الفوقي الأعلى" ، كنظام "ما وراء العلوم والتكنولوجيا"
(S & T Meta-system)
∆ذلك لأنه "لا يمكن فهم أو وصف أي نظام (علي سبيل المثال نظام العلاقات الدولية) ضمن إطار العمل الخاص به
∆وللقيام بذلك ، يحتاج المرء إلى الذهاب إلى ما وراء إطار النظام المعطى ودمجه مع نظام ("ماوراء") النظام الأعلي مرتبة (مثل نظام العلوم والتكنولوجيا) ... مما يجعل من الممكن التغلب على التناقضات غير القابلة للحل داخل اطارالنظام الأصلي ...حيث يتم التغلب على عدم ملاءمة اللغة للحصول على وصف كامل للنظام الأصلي(هنا العلاقات الدولية) من خلال الانتقال إلى ما وراء لغة وصفية تتماثل مع اطار ما وراء العلوم والتكنولوجيا
[(S & T) Meta-System]
هكذا ينبهنا شاينن(Y . Sheinin) عالم السبرانية ((Cybernetics المعروف بما غاب عن الكثيرين ، ثم يضيف "لقد استخدم الناس بشكل غريزي لفترة طويلة هذا المبدأ قبل ... ان تمت صياغته في علم "التحكم الآلي":
* "فالناس ينشئون محاكم العدل من أجل حل النزاعات بين الأفراد ،
* وأما النزاعات العليا (القومية) فيتم حلها من قبل الدولة
*بينما النزاعات بين الدول فيتم التعامل من خلال القانون الدولي -أي حل النزاع بالذهاب دائما إلى ما وراء إطار النظام المعطى ، للنظام الأعلي مرتبة"!
واليوم ... العلم يضطلع بدور تحمل وظيفة "النظام الفوقي الاعلى":
 وهناك حالات لا تحصي في العلاقات الدولية عملت فيها العلوم والتكنولوجيا علي هذا النحو كوسيط (Mediator) أو محكم ((Arbitrator في حل النزاعات الدولية، علي سبيل المثال التحقق في:
*الأتهامات التي طالت السودان بالتهجير القسري للسكان في التسعينات من القرن الماضي
* سبرالأهداف الحقيقية لمشروع "النهر الليبي الصناعي العظيم" (GMMR)
*تحديد الجهة التي قصفت المفاعل العراقي عام 1985
* سبر دورالرادار الروسي "كراسنويارسك" عام(1983)
Siberian Krasnoyarsk Radar) )
* كشف مدي التزام الدول بشروط معاهدة منع الانتشار النووي
* استشراف تداعيات المواجهة بين اليابان والولايات المتحدة عام 1991حول أشباه الموصلات (Semiconductor Confrontation)
*الفرز بين الحرب الجرثومية المتعمدة والأوبئة المفاجئة (أي التفشي الطبيعي للمرض)

∆ وكما أشرنا عاليه ، يتسم الفنيون ب"معرفة كيف"
((The "Know-How" Level
،والتي تختص بالهياكل المائية وبرامج تشغيلها
بينما دينميات النظام الأقليمي التي أطلق عقالها المسار السياسي ، تتحكم في مألات هياكل (منشئات) نظام الموارد المائية وهذه الهياكل بدورها تتحكم في أنظمة تشغيل نظام الموارد المائية
وهنا نجد أن انخراط مهندس موارد المياه الناجح في قضايا المياه مكثف وهو يتمتع عادة بمهارات تحليلية متفوقة، وهذه المهارات مهمة :
* عند تقييم الخيارات الفنية، كتقدير الأحتياجات المائية للدول المتشاطئة أو
*تحديد أسس توزيع الأنصبة
(Water Shares)
*و توحيد (معايرة) السحب للمياه ، (أي تحديد نقطة مشتركة متفق عليها – نقطة "المقاصة المائية" --والتي يتم فيها قياس حجم الأنصبة المائية من أجل أغراض تقسيم مياه النهر) ،
*وتحديد أنواع الكفاءة المطلوب تحقيقها في استخدامات المياه ومتطلبات مياه المحاصيل
(Crop Water Requirements)
ومعدلات فقدان الماء الخ…
*وفي تحديد مدي (اتساع) المسؤوليات المرتبطة بتلك المهام
* وفي توسيع "المنظور(أي الأفق) المائي" ، على سبيل المثال ، مدي الروابط مع السياسات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية الخ …
∆ولهذا ، فأن المطلوب من مهندس الموارد المائية ، ليس فقط محو "أمية العلوم (Science Literacy )" كما في حالة الدبلوماسيين ، بل "محو الأمية العلمية" ((Scientific Literacy ، والقدرة علي التفكير النقدي والإبداعي ،
∆والتشديد على العملية طويلة الأجل والمدى، لا علي النتائح الأنية و قصيرة المدي ،
∆كما يفترض فيه الفهم العميق للعمليات المائية الرئيسية والعلاقة بين مكونات عمليات المياه المختلفة
∆ولمهندس الموارد المائية ، عتبة عالية
(High Threshold)
في تناوله لموضوع "اليقين" ( Certainty، المرتبط بقضايا المياه) للوصول إلى النتائج المطلوبة ، على سبيل المثال ،
*توفر يقين بنسة 95% ضروري لتحديد السببية المحتملة (Probable Causality)
*علي عكس القانوني الذي تكفيه في أغلب القضايا 51٪ من الرجحان لأصدار الحكم،
∆وعلي المهندس ألا يتوقف أبدا عن البحث عن إجابات مثلي لقضايا المياه الصعبة ، علي عكس القانوني مثلا الذي يتوقف مشواره في البحث عن الإجابات عند خاتمة كل قضية فيغيب عنه وصل ما انقطع من مستجدات فنية

 المنحي القانوني

هل المشكة التي تدور حولها المفاوضات قانونية؟ وماذا كنا نتوقع أن يكون اسهام القانونيين في قضايا المياه الماثلة؟

*يتوقع أن يكون القانونين علي المام تام ب "قانون المياه الدولي"- لكن للأسف ليس الأمر كذلك في أغلب الأحايين اذ أن هذا القانون المتخصص لا يدرس في كليات القانون ! وهناك طرفة حكاها بروفسيور دي سولا برايز(de Solla Price)استاذ تاريخ العلوم بجامعة ييل الأمريكية ، تقول بأن طالبا طلب منه أن يكتب موضوعا عن "الأدب الصيني"
( Chinese Literature، أقرأ هنا "قانون المياه")
ولما كان لا يعرف شيئا عن الموضوع ذهب الي المكتبة وانخرط في قراءة كل ما تيسرله عن "الأدب" (Literature) وعن الصين ، ودمج ما قرأه عن مجالي المعرفة تلك للخروج بالدراسة المطلوبة ، فجاءت الدراسة لا هي تمت بشيء "للأدب" (أقرأ هنا القانون) ولا هي تمت "للصين"(أقرأ هنا ("المياه")!
*كما انه لا يطلب من القانونيين المتعاطيين مع قضايا المياه سوي حد معقول من امتلاك وحدات متفرقة من المعرفة المائية العلمية و التقنية ، مع التأكيد على النتائج العملية
*ذلك لأن تركيز القانونين علي قضية المياه – كما هو حال الدبلوماسيين- مشتت تشتت النذر القليل من وحدات المعرفة العلمية التي يختزنوها انطلاقا من ما اصابوه من محو أميتههم العلمية ، وينحصر اسهامهم المأمول في ضبط الأطار القانوني لمسارات المفاوضات المختلفة علي الأ يفتون في القضايا الفنية لأفتقارهم للمعلومات الفنية المطلوبه لاتخاذ القرار التي يحتكرها الفنيون أذ أن وصول القانونيين لتلك المعلومات وتقييمها ، مما هومطلوب للفتيا أو لصنع القرار يمثل مشكلة مستعصية لهم
*وفي مشوار البحث عن الإجابات لقضايا الموارد المائية يتوقف القانوني عن البحث عند خاتمة كل قضية وليغيب عنه وصل ما انقطع عنه من مستجدات فنية
*ولعل أبرز التباين بين القانونيين والفنيين يتصل بتناولهم لقضية "اليقين"(أو عدمه)
( Defining Certainty)
المصاحب دوما لقضايا المياه – بل لكل مناحي الحياة!
فالقاضي مثلا يكتفي بمجرد رجحان أو أكثرية الأدلة لأصدار الحكم
(Mere Preponderance of the Evidence,
Is Enough to Render a Verdict)
و في بعض الحالات – شهادة الخبير
Expert Witness) كالطبيب الشرعي )
لا تتطلب أي تعزيز أو برهان اضافي
(Corroboration)
للفني عتبة أكثر علوا ، كما رأينا عاليه !

Ω والأن ، بعد أن أعاننا "رجال كيبلنج الأمناء" في اجلاء السمات الأساسية لتلك المسارات الأربعة ، دعنا ندلف لنتحري في أين أخفقت تلك المسارات في تفعيل القدرات التي تحت يديها ، ولنبدأ بالسؤال:

أين أخفق المسار السياسي في قضايا المياه الماثلة؟
"حل نزاعات المياه يتطلب ممارسة أعلى وأعقل الحكمة السياسية" (الفقيه القانوني فازنبيرغ)

∆المنحي ( النهج) السياسي -كما أشرنا عاليه - يملي الوجهة المنشودة من خلال اختياره لأستراتيجية التفاوض واختياره للوفد المفاوض الذي يعبر عن أهداف سياساته الكلية وبالتالي يحدد دينميات النظام الأقليمي لحوض النهر
∆وفي هذا الصدد ، فان فشل تلك الجولات من مفاوضات سد الهضة ينبيء بأن هذا النهج قد أخفق في استغلال التباين التكاملي بين مصالح الأحباس العليا والسفلي ، والذي كان يمكن أن يلعب دور المحرك والحافز القوي الذي يدفع بالمتفاوضين في اتجاه تركيز الاهتمام على المكاسب المحتملة المشتركة لكل الأطراف، حيث أن مفتاح "حل المشكلة" هنا كان يتمثل في أن يستشف كل مشاطئ أين تكمن مصالح الطرف الأخر الحقيقية ثم ينسجها بابداع خلاق في صلب مصالحه وصولا الي اتفاق المنافع المتبادلة المنشود! سنعود لهذه النقطة بالتفصيل في الفصل المخصص للحلول والتي سنتطرق فيها بالتفصيل --ان شاء الله—عند الحديث عن أليات كسر الجمود الحالي:(ك"توسيع الفطيرة" ، التنازلات المتبادلة-Logrolling-، "التجسير"-Bridging)الخ…
∆لكن أيا من ما طرحناه عالية من السمات الأساسية المتوقعة من المنحي السياسي لم نلمس له أثرا في مفاوضات سد النهضة وتداعياته!
أي أن دول الأحباس السفلي فشلت في دفع الخيار الأستراتيجي الأول (التفاوض التعاوني والحل المشترك للمشكلات
(Joint Problem-Solving)
(Non-Zero-Sum, Win-Win Game)
ولو كانت فعلت لما كنا وجدنا نفسنا الأن في مأزق المفاوضات الحالي! خذ مثلا موضوع:

Ωالمياه كنواة تبني حولها التنمية الأجتماعية والأقتصادية والإقليمية: " وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ “(الأنبياء 30)

∆ ولما كان القرار النهائي في أمر موارد المياه يقع على الدوام مع السياسيين ، وليس مع المخططين وخبراء المياه أو الدبلوماسيين أو القانونيين، هنا اذا تكمن أخطر ألأخفاقات في تلك المفاوضات والمتمثل في:
▪عدم ادراك المسار السياسي أن الهم الوطني -- كما النظام العالمي -- ليس سياسي فقط ، بل هو يشمل أيضا أنظمة ومصالح حيوية وراسخة للمياه والبيئة والهواء ، والاتصالات الخ…
▪و أنه لا ينبغي التضحية بمصالح الموارد المائية الدائمة والتي لا يضاهيها أي هدف أخر، من أجل تحقيق أهداف سياسة فانية ومصالح زائلة وان طال الزمن!
▪ولقد كان وراء هذا الأخفاق تناسي دورالمياه الخطير في خدمة العديد من الأهداف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الحية:، كتوفير مياه الشرب وكعامل رئيسي في صحة الإنسان وابقائه على قيد الحياة ،
 فبدون "الدورة الهيدرولوجية"
(Hydrological Cycle)
التي هي أصل كل هذه الموارد المائية ، لن يكون هناك هطول للأمطار
 وبدون هطول الأمطار ، لن تنمو الحياة النباتية وتنتج الأكسجين
∆ وبدون الأكسجين ، لا يمكن للبشر أن يعيشوا

∆ ثم هناك تناسي دورالمياه في الزراعة وتوليد الطاقة والملاحة والصرف الصحي ، وفي تدهور البيئة والترفيه وغيرها من المطالب الأجتماعية والأقتصادية
وهناك دورالموارد المائية في التنمية الاقتصادية ، وفي التغير الديموغرافي ، وفي السلم المجتمعي ، وفي النزاعات الإقليمية وبالتالي في الأمن القومي الخ…
• ولا يقف دور "الدورة الهيدرولوجية" -- أصل كل هذه الموارد المائية -- عند ذلك، فهي في نفس الوقت المحرك الرئيسي لجميع الدورات الحيوية والجيلوجية الكيميائية الأخرى
(The Bio-Geo-Chemical Cycles)، التي بدورها تمد أنظمة الحياة بالعناصر الأساسية،
ثم يأتي – ويا للعجب !– بعد ذلك من يري التضحية بمصالح الموارد المائية الدائمة والتي لا يضاهيها أي هدف أخر،!

Ωأين أخفق المسار الدبلوماسي في قضايا المياه الماثلة؟
المسار الدبلوماسي بدأ مثقلا بالعديد من النواقص، مثلا:
▪ لم تظهر له سياسة خارجية مائية أخذة بالمبادرات،
وما بدأ للمراقب ما كان الا سياسة خارجية مرتكزة علي ردود الأفعال وتميل إلى انتظار الأحداث لتتحرك وليس سياسة مائية تقوم علي:
*لملمة وجهات نظر مؤسسات المياه داخل القطر للوصول الي موقف وطني موحد
*وصياغة سياسة خارجية تتم بعد صياغة جميع السياسات الوطنية التي تؤثر على السياسة الخارجية
▪ هذا القصورعندما يتزامن مع غياب "توازن القوى" "الهيدرولوجية والسياسية، يؤسس حتي لعدم استقرار نتائج نزع فتيل النزاعات (مثل المعاهدات إلخ)ان تمت من خلال المفاوضات أو الحرب
▪وكل هذا يتزامن أيضا مع قصور معرفي من قبل المسار الدبلوماسي عن الاتجاهات المستجدة (Trends) في المجالات (العلمية) الرئيسية كالهيدرولوجيا الجديدة "وهو ... شرط مسبق للمفاوضات الدولية الفعالة و عنصر هام من أجل ... التنفيذ الناجح... للأتفاقيات(التي تعقد)" كما جاء في مبادرة الأونكتاد في العلوم والتكنولوجيا والدبلوماسية).
▪ و يتزامن أيضا مع ما يتوجب علي هذا المسار-- اتيانه في حالة المفاوضات الحالية- من السعي لحل النزاع عبرمعاهدة "متعددة الأطراف"
(Multilateral Treaty)
عكس ما كان عليه الحال في مفاوضات مياه النيل لعام 1959، مما يتطلب هذه المرة الوفاء بالتزامات مماثلة تجاه جميع الأطراف المتشاطئة في حوض النيل ، دون ترك أي مجال للتقييم الفردي لموازنة الدولة بين مكاسبها من الأتفاق والتنازلات التي عليها تقديمها ثمنا لذلك:
* وهو وضع دفع طرف من المفاوضين الي تبني "دبلوماسية التحالفات"
(Alliance Diplomacy) القائمة علي أنقاض الزام اتفاقية مياه النيل لعام 1959 للموقعين عليها من تبني موقف تفاوضي متفق عليه تقوم فيه اللجنة الفنية المشتركة الدائمة لمياه النيل بالتفاوض باسمهما مع دول الأحباس العليا!
* ودفع بالطرف الأخر الي اللجوء الي دبلوماسية الأئتلافات
Coalition Diplomacy) )
التي تميل للتوجه للعمل ضد جهات يري فيها عدم انصاف أوتهديدا بالهيمنة، كما في وراء فكرة اتفاق "اطارية عنتبي"

▪ ذلك لأن الدبلوماسي ينظر إلى السياسة المائية من خلال "المنشور الجيوسياسي" (Geopolitics Prism) ، الذي يقف في مقابل منهج "التكنو- بوليتيكس" الفني
((Techno-Politics Approach
المبني علي ما يجري على الأرض ، ومن هنا جاء الانزلاق إلى "السياسة الواقعية"
“Real Politics"
و التضحية بمصالح الموارد المائية من أجل تحقيق أهداف السياسة الخارجية ، و عزز هذا التوجه:
*الأمية التقنية أو الاختصاص الفني غير الكافي
*وغياب اليات التواصل مع خبراء الموارد المائية كما كان عليه الحال في مفاوضات مياه النيل لعام 1959
*وعدم وجود ميل إلى طلب المشورة من الاستشاريين الخارجيين (من خلال التعاقد معهم) ،
*مع صعوبة استيعاب الدبلوماسيين للمسائل التقنية المعقدة للموارد المائية مما يجري على وجه الأرض وبالتالي الفشل في لعب دور مؤثر في المفاوضات
▪وقد سبق ان لفت مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) النظر الي أن القضايا الناشئة كتدهور البيئة والتكنولوجيا الحيوية الخ ، والتي تلعب فيها العلوم والتكنولوجيا دورا محوريا تتطلب تطوير أشكالا جديدة من الدبلوماسية الدولية للتعامل معها :
*ففي التقرير المسمي "العلوم والتكنولوجيا والمبادرة الدبلوماسية" أشارت الأونكتاد الي أن •"التقدم في العلوم والتكنولوجيا أصبح الأن هو المحرك للعلاقات الدولية ...",
•"وأن معرفة الاتجاهات في مجالات العلوم الرئيسية هو ... شرط أساسي للأنخراط في إجراء مفاوضات دولية فعالة وعنصرا هام للنجاح ... ...في تنفيذ أي اتفاقات" ...
•"وان المعرفة العلمية هي (الأن) من السمات الرئيسية... للمفاوضات الدولية ، والتي أصبحت على نحو متزايد أكثر تخصصا... ،وتستدعي زيادة مدخلات الخبراء في المفاوضات الدولية" ،
•و "أن:تطبيق العلوم والتكنولوجيا في التنمية يتطلب القدرة على دمج ... مجالات معرفية متباينة لحل ... المشاكل" .
•"وأن الدبلوماسية الدولية تتطلب الآن...توفرمفاوضون حكوميون يتسمون بالتخصص (والقدرة علي ) التكامل"

Ωالدبلوماسية بين التعاون و الصدام
ولما كانت الدبلوماسية تنطوي على الأبحار بين رحي "التعاون" و"المنافسةأو الصدام"
▪ فقد وجد المنحي الدبلوماسي لدول الأحباس السفلي والمستند في حقوقه المائية علي القانون الدولي للمياه، وجد نفسه :
∆أولا ، في مواجهة تجاهل أثيوبيا لنصوص
معاهدة وستفاليا التي:تلزم الدول بقبول ضبط
النفس في تراكم السلطة (أقرأ هنا بحكم
موقع أثيوبيا في أعلي النهر) لتجنب استفزاز
المتشاطئة لآخرين و لتحقيق استقرار النظام
الدولي ،
*فأخفق المسار الدبلوماسي هنا في تغير موقف أثيوبيا، بل
*وأخفق حتي في تفعيل أليات الدبلوماسية
الكلاسيكية "كالدبلوماسية الوقائية"، مثلا بالخروج ببيان بنبذ الحرب والقيام بإجراءات لمنع العدائيات بين دول الحوض!
∆وثانيا ، وجد المسار الدبلوماسي نفسه في حالة صدام مع مبدأ السيادة (الوطنية) السمة المميزة للعلاقا ت السياسية الدولية والذي تتخندق خلفه أثيوبيا وفق مفهومها للحق السيادي،
*فأخفق هنا في استدعاء عقيدة البرت اينشتاين في خطابه الشهير عام 1932لدكتور فرويد، في أن "السعي للأمن الدولي ينطوي على الاستسلام غير المشروط ، من قبل كل أمة ، لقدر معتبر من حرية العمل الحر لديها –أي سيادتها"
∆ وثالثا وجد المسار الدبلوماسي نفسه أمام الخلل البين في "توازن القوي" لمصلحة دول الأحباس العليا،
*وكان يامكانه تجاوزهذا الخلل بالدفع في اتجاه "توازن المصالح" ك "مضاد حيوي " ل"توازن القوي"، كأن يطرح مثلا استراتيجيات بديلة لتسوية المنازعات مبنية علي أساس توسيع"نطاق الحلول"
Broading the “Solution Space))
من خلال اجلاء القيم الأساسية خلف تلك
القضايا المعقدة ، ونقل الأطراف بعيداً عن
"المساومة الموضعية"
Positional Bargaining) )
إلى "تبادل المنافع "-- مثلا في الصناعة وبناء
الثقة بين متشاطئة حوض النيل من خلال طرح
مبادرات:
•للتعاون في حل مشاكل المياه الإقليمية
كاستخدام الأقمار الصناعية في الإنذار المبكر
عن الفيضانات و تشجيع النهوض بالعلوم
المائية الأساسية
Basic Hydro Sciences) )
•والتعاون في تطوير واستغلال القدرات
الوطنية في البحث والتطوير إلخ …واستقطاب
الدعم لهما من البرامج العالمية في مجال
الهيدرولوجيا ، والأرصاد الجوي وجيولوجيا
المياه الخ…
*وقد أخفق المسار الدبلوماسي هنا أصلا
بسبب عدم تبنيه منذ البدء لسياسة خارجية
تأخذ بالمبادرات
(Initiative Foreign Policy )
مما فتح الباب أمام البيروقراطيين داخل ذلك المسارلتحويل القضايا "الدبلوماسية" إلى "شؤون روتينية للدولة" (أي إجراء "دبلوماسية المياه" طبقاً للقواعد والنظم البيروقراطية الجامدة) !
" وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَكَانٍ بَعِيدٍ" (سبأ 52)!

أين أخفق المسار الفني في قضايا المياه الماثلة:

إخضاع التعامل الخارجي لمقتضيات النمو الداخلي
∆ اذا كانت السياسة هي فن الممكن ، فيمكن لنا أن نضيف بأن العلم والتكنولوجيا زادتا من مساحة الممكن !
▪وهناك عبارة وجدت لها مكانا راسخا في العلاقات الدولية تقول : " كل السياسات محلية"
(All Politics are Local)
أي أنه يجب أن تكون السياسة المحلية هي نقطة انطلاق السياسة الخارجية ، حيث أن السياسة الخارجية متداخلة بشكل كبير و لا ينفصم عراها عن السياسات القطاعية والتنموية والاجتماعية المحلية
أو بمعني أخر أن ا لسياسة الخارجية هي إمتداد للسيا سة الداخلية للدولة
وهذا يعني أن السيا سة ا لخارجية التي يصوغها الدبلوماسيون يجب أن توضع بعد وضع:
•السيا سة المائية
•السيا سة البئية
•سيا سات ا لطا قة
•سيا سات النقل
•السيا سا ت الصنا عية الخ…
 وكل هذه ا لسياسات تنطوي علي مضمون علمي وتقني شديد التعقيد لا قبل للدبلوماسين به وعلي الفنين توفيرها لهم لينخرطوا في دمجها في شكل سياسات كبري وخطط وإستراتيجيات صغرى وتكتيكات ، تفصح عن نفسها في القرارات التي ترسم حدود تفويض المفاوض، وذلك هو اليوم جوهرمتطلبات "الدبلوماسية الجديدة" التي دعت لها "مبادرة الأونكتاد في العلوم والتكنولوجيا والدبلوماسية "، حين أشارت الي أن:
*"تطبيق العلوم والتكنولوجيا على التنمية لحل
المشاكل يتطلب (الأن)... القدرة على دمج ...
تخصصات مختلفة ...
*كما أن الدبلوماسية الدولية (الأن) تتطلب... أن
يعالج المفاوضون الحكوميون كل من قضيتي
"التخصص (Specialization)” و"التكامل" (Integration)

∆ لكن هيهات! فليس هناك دليل علي أن الفنيين قد وفروا تلك الروزمانة من السياسات الداخلية ذات المضمون العلمي والتقني شديد التعقيد للدبلوماسين لينخرطوا في دمجها علي شكل سياسة خارجية كفئة ومتماسكة
 ولا شك أن مرد ذلك كان ضعف القدرات الفنية لدي المفاوضين في قضايا المياه الماثلة بحيث تم وصف حالة تلك القدرات من قبل الثلاثي هويتينقتون ووتربيري وماكلاند(12) كالأتي:
"لا يوجد لدى دول الأحباس العليا سوى عدد قليل من الأشخاص ذوي الخبرة الهيدرولوجية الضرورية أو معرفة تاريخ إدارة مياه النيل (للأنخراط) في المشاركة الفعالة في المفاوضات: على سبيل المثال ، دول الأحباس العليا ... ليس لديها نماذج محاكاة حاسوبية تشغيلية لحوض النيل التي يمكن استخدامها لفحص ... عواقب خطط الإدارة المختلفة(للحوض)"
ونفس الأمر يكاد ينطبق علي مفاوضي دول الأحباس السفلي(كما كشفنا عن ذلك في "شهادتي للتاريخ (28)" ، و"شهادتي للتاريخ (30-أ)"!
وما علي المرء الا أن يطلع علي ما ينشره بعض خبراء الأحباس السفلي الجالسون في مدارج المتفرجين من رؤي مبصرة ليصل لقناعة أن الجالسين في غرف المفاوضات لو أخذوا ببعض تلك المواقف لأخذت المفاوضات مسارا أثمركثيرا مما نراه اليوم!

Ωاخفاق المسار الفني في تبني نهج استدعاء الدورة الهيدرولوجية بمجملها عند التفاوض لا اختزالها في ايراد النيل عند أسوان

∆بمعني أنه ما كان ينبغي للمسار الفني تجزئة وتشظيء التعامل مع "عناصر" (مكونات) "الدورة الهيدرولوجية" (Hydrological Cycle) ،
▪كالتركيز علي (متوسط) ايراد النيل السنوي (عند اسوان) المعتمد في اتفاقية 1959 والبالغ 84 مليار م3، وتجاهل الرقم الأكثر تمثيلا و هو 91.2مليار م3 ، وهو أمر كان يمكن أن يكون له تداعيات كبري لوطرح في في انجاح المفاوضات
▪ونسيان عنصر "الدورة الهيدرولوجية" والمصدر الأساسي للمياه وهو "المطر السنوي الكلي" الساقط علي حوض النيل والبالغ حوالي1660 مليار م3 ،وأن ال84-91 مليار لا تمثل الأ حوالي 5% منه
▪ والركون الي فرضية أن الجريان السطحي المباشر
(Direct Runoff / Precipitation Excess)
يتكون حصريا من الجريان البري السطحي
(Overland Flow ( مما يعطي فكرة خاطئة عن
حجم أسهام اثيوبيا والسودان في مياه النيل ، وذلك
لأغفاله العنصرين الأخرين في معادلة ايراد النيل
والتي غابت عن فكر حاملي راية المسار الفني
وهما:
∆التيارات المائية الجانبية التي تتحرك بصورة أفقية تحت سطح الأرض في الجزء غير المشبع من التربة حتى دخولها مجري النهر
(Interflow / Subsurface Runoff)
∆و"الدفق القاعدي
(Base Flow or Groundwater Runoff) ويتم تجاهل هذا العنصر الأخير في مفاوضات سد النهضة وتداعياته رغم أنه :
∆المعول عليه في:
▪تنظيم تدفق مياه النهر
((Stream Flow Regulation، بجانب
▪الحماية من الفيضانات ،
▪ومساواة امدادات المياه زمنيا ومكانيا عن طريق التخزين،
▪ومساواة سرعة و عمق التيار المائي في كل حبس من مجري النهر
▪و خفض أو تثبيت نقل الطميى ،
∆والمعول عليه أيضا في رفد مياه النهر لأنجاز مهامه الرسالية في الوصول الي البحر،
∆وفي حالة نهر النيل ، فان هذا "الدفق القاعدي" و"التيارات الجانبية" هما مسوغ شرعنة اسهامات السودان الكبري في رفد مياه النيل
∆فاثيوبيا مثلا- في واقع الأمر - ترفد النيل ب 61.47 مليار م3 ،أي ما يعادل 54.59 مليار م3 فقظ محسوبة عند اسوان، لا كما كان الناس تعتقد قبل بروز دور "الهيدرولوجيا الجديدة" التي تأخذ بتكامل جميع جوانب "الدورة الهيدرولوجية" لا تجزئتها وتشظيء التعامل مع "عناصرها" واختزالها في "الجريان البري السطحي| فقط
( (Overland Flow
كما كانت تفعل "الهيدرولوجيا الكلاسيكية"
∆والسودان - بعد فصل الجنوب - يرفد النيل ب 32.68 مليار م3 جلها من الدفق القاعدي ومن التيارات الجانبية ، لكن بسبب التبخر يتقلص اسهام السودان الي 27.93 مليار م3 –(وهو ما يعادل25.25 مليار م3 محسوبة عند اسوان) ،لا كما قال البعض بأن لا اسهام له!
▪ من الجلي اذا أن ادراك أهمية التفاوض من منطلق تكامل جميع جوانب هذه "الدورة الهيدرولوجية" لا تجزئتها وتشظيء التعامل مع أيا من عناصرها ، هو أحد أهم شروط حل نزاعات المياه الحالية والعديد من المشاكل الهيدرولوجية الأخري ،
▪وهذا الأخفاق في عدم الأخذ بتكامل جميع جوانب هذه الدورة الهيدرولوجية أوهن حجج دول الأحباس السفلي ونجم عنه -عندما تزامن مع عدم تفعيل قانون المياه الدولي الأجرائي -- الجمود وعدم التقدم الحالي في المفاوضات بجانب الاستخدام غير الأمثل لموارد مياه النيل،
Sub-optimization) )
كما سنري هنا بعد قليل (أنظردراسة هذا الباحث
"جدلية الهوية النيلية للسودان وأبعادها السياسية والفنية والقانونية :
دولة مصب أو عبور فقط -- أم دولة “منبع” ، واذا كم حجم اسهامها في مياه النيل ؟" المنشورة في النت)

Ωاخفاق المسار الفني في تبني نهج الأستغلال الأمثل للمورد المائي
المتمثل في الوحدة الهيدرولوجية للنيل

▪أثيوبيا بذرت بذرة الشقاق منذ البدء بمفارقتها فكرة الأستغلال الأمثل للمورد المائي من خلال التنمية المتكاملة لحوض النهر
Integrated River Basin Development) )

- أي "التعامل مع حوض النهر بمجملة ":
▪كوحدة هيدرولوجية " تتجاهل الحدود السياسية:
▪وبخطة متكاملة للتحكم في النيل
(Integrated Scheme of Nile Control)
كما في المشاريع العالمية الناجحة ، مثل:
TVA (USA)
RWAs (UK)
ABF (France)
Genossenschaften (Germany)
DVC (India)
∆فمنذ عام 1930 ، أكد المخططون الأمريكيون:
▪قيمة التخطيط لأحواض الأنهاركوحدة هيدرولوجية واحدة
▪"في ظل نظام متكامل التحكم ومحكم التنسيق ، بحيث أن جميع المشروعات المزمع تنفيذها تمثل مكون من خطة رئيسية واحدة لحوض النيل"
▪ وهو أمر منطقي من وجهة النظر البيئية والإيكولوجية والأجتماعية والأقتصادية
▪"هذه السياسة وضعها السودان كمساهمة في المعرفة العالمية حول موضوع تطوير النهر
حيث تضمنت أهداف المشروع(6,56) :
التعرف على الترابط الداخلي لحوض النيل
(Interconnectedness)
توجيه النظام نحو مزيد من حالة التوازن
تحسين الأيراد (المائي) الكلي لنظام حوض
النيل
الأمل في أن يقود التحكم المشترك إلى اكتشاف قواعد تشغيلية مثلي للخزانات ، رغم أنه من الصعب الحصول على اتفاق اقليمي للخطة المثلى لتطوير الحوض
تأمين عمق اقتصادي للملاحة ومعايرة مرافق الملاحة
توزيع أمثل لتصريف النهر ، على سبيل المثال أقصي وأدني تصريف علي نطاق المواسم والأراضي – فالتخطيط المتكامل يتطلب دائما تغيير توزيع المياه في الزمان والمكان
تحسين الأنظمة الهيدروليكية للنهر ، فيما يختص بمشاكل تدفق المياه في مجري النهر وفي قاعه ، وفيما يختص بالاضطراب المائي (Turbulence) الخ…
تعزيز الترابط الإقليمي للكهرباء
تعزيز منهج تحليل النظام لكشف العلاقة المتداخلة القائمة بين الجانب الطبيعي
والتقني
تعزز التعاون في لتعامل مع:
*الرواسب الطميية
*وتآكل الضفاف
*المياه الجوفية عبر الحدود و هيدروليكا حركة المياه الجوفية
*مكافحة التلوث وتطوير تشريعات جودة المياه
*جمع البيانات الهيدرولوجية
*ترويج وترشيد المشروعات متعددة الأغراض (Multipurpose Projects) والتي تتطلب إطارًا محكما وأكثر تخصيصًا وتعقيدا لتقييم وزن الخيارات ، على سبيل المثال:
التغيرات الفيزيائية واسعة النطاق في البيئة
زيادة الكفاءة في استخدام الموارد ، بسبب:
التوزيع الأفضل للموارد
خفض فواقد الموارد غير المدارة
زيادة استخدام السعات
دفع التكامل والمبادلات بين المصادر التي لها خصائص مختلفة

Ωاخفاق المسار الفني في تبني نهج الأستغلال الأمثل للموقع بالهجرة من سد الحدود الي سد النهضة

Φ رغم أطناب المروجون في ذكر فوائد مزعومة لسد النهضة ، (كالحماية من الفيضانات وموازنة إمدادات المياه وتقليل أو استقرار نقل الرواسب ،وأغلبها لم تقل بها أثيوبيا وكلها فندناها فيما يقارب الثلاثين حلقة) ، الأ أن ما دق اسفين الخلاف العميق بين المفاوضين هو هدف اثيوبيا في التحكم في ايراد نهر النيل من خلال التحكم في مياه النيل الازرق بالهجرة من سد الحدود الصغير الي سد النهضة

Φومن جانب أخر، فقد أصبح جليا ان أفضل السدود بيئيا واقتصاديا وسياسيا --أي تلك ذات التأثيرات السلبية الأقل – هي اللاتي لديهن مخرجات عالية من خزانات صغيرة (على سبيل المثال ، تلك التي تشاد في الوديان الضيقة كما هو الحال في موقع سد النهضة الحالي)"، بمعني أن سد الحدود كان سيكون من كل الجوانب --عدا هدف التحكم في مياه النيل—ذو مردود أفضل كثيرا من سد النهضة!

Ωاخفاق المسار الفني في تبني نهج الأستغلال الأمثل للموقع المائي بجعل سد النهضة متعدد الأغراض
▪أثيوبيا اختارت جعل سد النهضة مشروع أحادي الغرض بدلا من مشروع متعدد الأغراض -- الخيار الوحيد الذي يحمل فرصة توفيرفوائد للسودان ، علي عكس ما روج له " الخبراء"!وقد أثبتنا ذلك في أكثر من ست عشرة دراسة منشورة في النت!

 أين أخفق المنحي القانوني في قضايا المياه الماثلة؟ "لقد حجرت واسعا"(حديث شريف)
∆أشرنا عاليه الي أنه كان يتوقع أن يكون اسهام القانونين متمثلا في ضبط الأيقاع القانوني للمفاوضات انطاقا من المامهم المفترض ب "قانون المياه الدولي"، لكن ذلك تم بطريقة سلبية ومعكوسة
 فمن ينشد رصد وتقييم اداء المسار القانوني، في المفاوضات الماثلة ، سيجد جذور الأخفاق في ما يسمي قانون المياه الدولي حمال الأوجه ، وبالتحديد في ضبابيتة ، خاصة اللغة المبهمة والملتبسة للقانون الدولي الموضوعي"
(Substantive International Law)
وبالتحديد حول مبد! " الاستخدام العادل"
(Equitable Utilization)
والمحاصصة(التخصيص)
Apportionment) (Water
في مقابل وضوح "القانون الدولي الإجرائي" Procedural International Law)) من شرط "الأخطار المسبق"
(Prior Notification)
وقاعدة "لا ضرر ملموس"
(No Appreciable Harm Rule)

Ω أخفاق المسار القانوني في تفعيل شرط"الأخطار المسبق"
استهلال:" "وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ. ¬" (فاطر 14)
∆ كدارس جاد لقانون المياه الدولي ومفاوضات نزاعات المياه العابرة للحدود ، قام هذا الباحث قبل أكثر من عشر سنوات باعداد خمس سمنارات تحت عنوان: "دبلوماسية المياه والصراع المائي -- حوار المياه أم حرب المياه : التوصيف الفني والسياسي والقانوني لتباين الرؤي في مفاوضات دول حوض النيل " :
∆وقد جاءت أولي هذه الندوات تحت عنوان "الأمن المائي والأخطار المسبق وأثار المنشئات الهندسية علي دول الجوار"
∆ و كان البعض في كل من السودان ومصر قد أشار بطريقة عرضية لموضوع "الأخطار المسبق" (Prior Notification) ، وكأنه موضوع هامشي رغم انه في قلب المأزق الحالي ∆وقد كنا قد دعونا في تلك الندوة أهل الشأن الي استثمار الصياغة الواضحة "للقانون الدولي الأجرائي
( Procedural International Law)
∆وشددنا علي ضرورة الأصرار - في أي مفاوضات - علي تأكيد شرط "الأخطار المسبق"
(Prior Notification)
ورديفه بند "الموافقة"
(The Consent Principle)
*المنصوص عليهما في المادة 11 من "مشروع الممرات المائية للجنة القانون الدولي" المنبثقة عن الأمم المتحدة
*و في المادتين 12 و13والمدعومين بالمواد(4 الي 8) من وثيقة معهد القانون الدولي
(The Institut de Droit International)
*وبوثيقة وزارة الخارجية الأمريكية في هذا
الشأن،
∆وذلك للأهمية القصوي لهذين البندين في كل مفاوضات نزاعات المياه العابرة للحدود!
∆لكن للأسف تم التفريط في استثمارالصياغة الواضحة "للقانون الدولي الأجرائي" و في شرط الإخطار المسبق ورديفه بند "الموافقة"وذهب الجميع الي الأنسياق وراء ضبابية قانون المياه الدولي الموضوعي
(Substantive International Law)
حمال الأوجه ، خاصة في لغته المبهمة والملتبسة ولم يحصدوا من ذلك الا حصاد الهشيم في سبع سنين عجاف من التفاوض العبثي!
∆وفي مصر كتب الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الموارد المائية والري السابق (في 30 مارس , 2011) معززا ما ذهبنا اليه (في تلك الندوة قبل أربع سنوات من ذلك التاريخ) ، تحدث ذلك الخبير عن "…تنازلات تتلخص في عدم إدراج الإجراءات التنفيذية للإخطار المسبق في الاتفاقية الإطارية"،
∆لكن أنظرماذا قال مفاوضو الأحباس السفلي في هذا الشأن عن ” الأخطار المسبق:
•"اذا كانت هناك دولة تريد انشاء مشروعا مائيا تاخد موافقة أم لا؟
•استطعنا تجاوز نقطة الخلاف بشأن الأخطار المسبق ...والية اتخاذ القرار
•% 85 من من هاتين النقطتين الخلافتين تم حلها
قضية الأخطار المسبق: تمت علي صيغة معينة للأخطار بالتفاصيل- يعني:
*الدولة تخطرها بانشاء المشروع ، ما تجاهلها ،بل تخطرها قبل ما تنفذ...لكن:
*لا يكون لديها فيتو تمنعك أن تبني نفسك أو تنشيء مشروعا"-(الرأي العام 14-1-2010)
•بدعوي أن ذلك سيدفع بكل من الدول المتشاطئة للتفاوض لحسم الخلاف بينهم، ! وقد أثبتت الأيام أن الذين اشتروا هذا الوهم القانوني "مَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ"، وذلك ما سنوضحه عندما نتناول بتفصيل موضوع الأخطار المسبق في حلقة حصرية ان شاء الله
∆لكن يبدو أن مفاوضو الأحباس السفلي اعتمدوا في مواقفهم تلك علي الجزء الثالث من "اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997 لقانون استخدامات المياه الدولية في الأغراض غير الملاحية" الخاص "بتبادل المعلومات ، والإخطار من الآثار الضارة" الفضفاض والخالي من أي معني! وظنوا أن ذلك هو كل ما في الأمرففرطوا في أمضي سهم في كنانة القانون الدولي للمياه الذي كان من الممكن أن يحسم قضية سد النهضة في سبع شهور لا الأنخراط في جدل عبثي وعقيم علي مدي سبع سنوات دون الوصول الي حل!

∆اذا ، فان اغفال تأكيد هذا البند في المفاوضات التي جرت
والأستعاضة عنه بصياغة فضفاضة ، وهو من أكثر الأمور تحديدا وقوة قي القانون الدولي ، واغفال الأشارة اليه في الكتابات التي نشرت في كلا من السودان ومصر يشيء بعدم ادراك كامل - من قبل مفاوضو دول الأحباس السفلي - لماهية مبدأ "الأخطار المسبق" وخطورته،
▪ فهو ليس فقط لتأمين وقت كاف لدرء أو خفض وتيرة التأثيرات الهيدرولوجية والجيومورفولوجية للمشاريع المائية لدول الجوار،
▪بل أن له دورا أبعد غورا من ذلك ، كما سنوضح ذلك في حلقة حصرية لاحقا ان شاء الله
∆وقد جاء ردنا عليهم اسفيريا في حلقة بعنوان " "الأخطار المسبق"عن سد النهضة ؟ الصيف ضيّعت اللبن " الزيارات: 9493"
المنشور بتاريخ 06 حزيران/يونيو 2013 في الموقع التالي
http://www.sudanile.com/index.php/%D9%85%D9%86%D8%A8%D8%B1-%D8%A7%D9%▪%D8%B1%D8%A3%D9%8A/1021-5-3-0-1-6-8-8/54677-


Ω كيف أخفق المسار القانوني في ادراك المعاني
الضمنية لعقيدة "الأستخدام المنصف والمعقول"
كما وردت في بنود "معهد القانون الدولي"

∆في تناول معهد القانون الدولي
(The Institut de Droit International) "لمبدأ "الاستخدام العادل"
(Equitable Utilization)
الذي تأكد عليه وتتبناه دول الأحباس العليا
والذي يشكل رأس سنام قانون المياه الدولي الموضوعي
Substantive International Water Law))

∆ معهد القانون الدولي يعبرعن هذه القاعدة (الفقهية) كما يلي:
المادة 4: "لا يحق لدولة القيام بأشغال...تؤثرعلى نحو خطير علي إمكانيةالأنتفاع (بالمياه) ...من قبل دول أخرى، إلا في حالة من يضمن لتلك الدول التمتع بالمزايا المخولة لهم (وفقا للمادة 3) فضلا عن التعويض الكافي عن أيةخسارة أو ضرر"
المادة 5:"لا يجوز إجراء الأشغال أوالانتفاع (المشار إليهما في المادة4) إلا بعدإشعار مسبق للدول مستثارة الأهتمام"
المادة 6 :" في حالة الأعتراض (علي الأشغال)، يتعين على الدول الدخول في مفاوضات بهدف التوصل إلى اتفاق خلال فترة زمنية معقولة"
المادة 7 "خلال المفاوضات ...،يجب علي كل دولة ... الامتناع عن القيام بالأشغال أو بالأستغلال لما هو موضوع النزاع ... أو أي تدبير آخر قد تزيد من خطورة النزاع أو تجعل الأتفاق أكثر صعوبة."
المادة 8 :"إذا ... فشلت (الأطراف) في التوصل إلى اتفاق في غضون فترة زمنية معقولة، فمن المستحسن أن يقدموا إلى التسوية القضائية (Judicial Settlement) أو التحكيم(Arbitration) في السؤال ما إذا كان المشروع يتعارض مع القواعد المذكورة أعلاه...و"اذا كانت الدولة المعترضة على الأشغال أو الانتفاع (أقرأ هنا السودان أو مصر) ... ترفض التقدم إلى التسوية القضائية أو التحكيم، تكون الدولة الأخرى (أقرأ هنا أثيوبيا) حره ... على المضي قدما في حين تبقى مقيدة بالتزاماتها الناشئة عن أحكام المواد من 2 إلى 4 "
∆ فالمادة 5 عاليه من وثيقة معهد القانون الدولي والمادة 7 " حول مبدأ "الاستخدام العادل"
(Equitable Utilization)
الذي تأكد عليه وتتبناه دول الأحباس العليا
" تلزم أثيوبيا بالامتناع عن القيام بأي أشغال خلال المفاوضات ...،
∆والمادة 8 تحث دول الأحباس السفلي (السودان ومصر)ان يقدموا إلى الدفع بالنزاع للفصل فية من خلال التسوية القضائية (Judicial Settlement) أو التحكيم(Arbitration) !وهو ماأخفق الطرفان في الأتيان به!

كيف أخفق المسار القانوني في ادراك المعاني
الضمنية لعقيدة "الأستخدام المنصف والمعقول"
كما وردت في "لاتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997

∆كما أن السودان ومصر أيضا أخفقوا في تفعيل "البند 33 -2 " من "المادة السادسة: أحكام متنوعة" و الخاص بتسوية المنازعات في اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997 لقانون الاستخدامات غير الملاحية للممرات المائية الدولية"
∆"البند 33 -2 " جاء فيه:
"إذا لم يكن هناك اتفاق بالمفاوضات:
▪أذهب الي طلب الوساطة (Mediation)من قبل طرف ثالث ،أو
▪التحكيم (Arbitration)أو
▪محكمة العدل الدولية
(Int’l Court of Justice)
(لنا تحفظ شديد علي خيار محكمة العدل الدولية وسنخصص للأمر حلقة حصرية ان شاء الله)
∆والبند 33-3: الذي يقول:
▪"إذا كان الاتفاق غير ممكن في 6 أشهرإرسل النزاع إلى لجنة تقصي الحقائق ،
(Fact Finding Commission)
حسب طلب أحد الطرفين
واللجنة سوف تقدم توصيات لحل عادل"

التداعيات الخطيرة لأخفاق المسار القانوني في ادراك المعاني الضمنية لعقيدة "الأستخدام المنصف والمعقول"

∆ يبدو أن مفاوضو دول الأحباس السفلي لم يدركوا انهم بالأخفاق في ادراك المعاني الضمنية لعقيدة "الأستخدام المنصف والمعقول وتفعيل البنود المتصلة بذلك قد شرعوا (قننوا) لأثيوبيا المضي قدما في تشييد سد النهضة متجاهله عمليا اعتراضات المتشاطئة الأخرين ، اذ أن "قانون المياه الدولي" ينص بان:
▪ "لكل دولة مطلق الحرية في المضي قدمًا في إدراكها لحقوقها رغم اعتراضات الدول المتشاطرة المتأثرة ، فقط – ونكرر فقط –اذا أخفقت الدول المتشاطئة في الدفع بصحة اعتراضاتهم
(Validity of their Objections)
للفصل في النزاع من خلال قنوات حل النزاعات المائية" (المشار اليها عاليه)
∆ وهناك وثيقة صدرت من وزارة الخارجية الامريكية تنسجم مع التطبيق السليم لمبدأ "الأستخدام العادل"في حالة فشل الأتفاق بين الأطراف، وهي تقول:
 "دولة الأحباس العليا حرة في المضي قدما وفق رؤيتها رغم اعتراضات المتشاطئة المتضررين إذا -- ولكن فقط إذا --- أخفقت الدولة المتشاطئة في اثبات صحة اعتراضاتها على القرار من خلال "قواعد المجاملة"
(Rules of Comity)
أو "التراضي"(Mutual Acomodación)،
أو الوساطة ( Mediation)،
أوالتحكيم الدولي (Arbitration)،و اصدار حكم قضائي(Adjudication)”
∆ وينقل الكاتب ليلين (Laylin, J) (109)عن وزارة الخارجية الأمريكية اعرابها بصيغة أخري عن تلك القاعدة (الفقهية ) علي النحو التالي:
▪"الدولة المشاطئة(دول الأحباس العليا مثلا) التي تنوي ... تغييرا في النظام القائم (كنظام المياه في حوض النيل) ، والذي يمكن أن يتداخل مع إنتفاع المشاطئة الأخرين بحقوقهم (كالسودان ومصر) (أي حصصهم التي هي في الأساس "عادلة ومعقولة" في استخدام فوائدالنظام) :
▪يجب عليها إعطاء الدولة المشاطئة فرصةالأعتراض "من خلال إنذار قضائي (Injunction):
▪"فإذا اعترضت الدولة المشاطئة(كالسودان أومصر) ...وابدت استعدادها للتوصل إلي حل عادل ...]بالطرق السلمية المنصوص عليها في المادة33(1) من ميثاقالأمم المتحدة[، يتوجب علي الدولة التي تنوي احداث التغير (مثلا اثيوبيا ) الامتناع عن الأقدام علي ...مثل هذا التغييرريثما يتم الاتفاق

Ωما بين قانون المياه الدولي" و "اتفاقية الأمم المتحدة لقانون الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية"
لقد حجرت واسعا"(حديث شريف)
 كل ما تقدم يشئء بأن القائمين علي أمر المسار القانوني ليسوا بملمين بالطيف العريض لما يسمي ب"قانون المياه الدولي" (مما سنفصله في حلقة حصرية عن ذلك القانون ان شاء الله) فاختزلوه في " اتفاقية الأمم المتحدة لقانون الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية لعام 1997 " ! ، وحتي هنا لم يكونوا مدركين لخطورة قانون المياه الأجرائي وللمعاني الضمنية لعقيدة "الأستخدام المنصف والمعقول"وبذلك تسببوا في واحدة من أكبر اخفاقات المفاوضات (سنوضح ذلك في حلقة حصرية عن قانون المياه الدولي ان شاء الله)
وما يلازم ذلك من عواقب وخيمة من وجهة نظر دول الأحباس السفلي (السودان ومصر) تتضمن:
 شرعنة (تقنين) قيام أثيوبيا بالمضي قدما في تشييد سد النهضة متجاهله عمليا اعتراضات المتشاطئة الأخرين
اكتساب "فائدة مخولة" ((Vested Interest لأثيوبيا ، في مقابل المتشاطئة الأخرين ، مما جعل الصراع أكثر حدة وصعوبة علي الحل
 اهدار الموارد: متمثلا في الاستغلال غير الأمثل لموارد النهر
التسبب بآثار سلبية وخيمة على الدول المجاورة
 واحتمال تسلق سلم الصراع العنيف ــ كما كان عليه الحال في سياسة حافة الهاوية بين المجر وسلوفاكيا في الصراع على سدود غابسيكوفو-ناغيماروس
(the Gabcikovo-Nagymaros Dams)
 ولا شك أن ذلك كان طريقا معيبا لأنه عرض السلام الأقليمي للخطر وانطوي علي انتهاك لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي

كل هذا قاد الي أن تقف جميع الأطراف الأن أمام استشراف الخيار الأستراتيجي الثالث (عند مشارف "مأساة العموم") فور اكتمال تشييد سد النهضة!

والمتأمل لتاريخ العلاقات الدولية ، يجد أن "أغلب الخلافات بين الدول (في المياه أو غيرها) كانت سياسية وليست قضائية – وقد تم تسويتها بمعاهدة - أو بالحرب ، بمعني أنه من الخطأ تحويل نزاع "سياسي – دبلوماسي – فني" الي نزاع قانوني" كما سعي بعض القانونيين باصرار شديد لفعل ذلك في قضىة سد النهضة وتداعياتها المختلقة كما فصلناها قي شهادتي للتاريخ (23) وغيرها من الحلقات
:
Ω ثاني أخفاقات المسار القانوني الني حذرنا منها تمثلت في التنازل عن بند "الأجماع في اتخاذ القرارات"الوارد في "قانون المياه الدولي الأجرائي"

∆وقد جاء تحذيرنا من ذلك في الندوة الرابعة من تلك الخماسية التي أعددناها قبل أكثر من عشر سنوات تحت عنوان:
"الأجماع في اتخاذ القرارات وهشاشة التحالفات المائية"
∆وقد جاء طرح القضية بلسان مفاوضي الأجتماع كالأتي:
*"كيفية اتخاذ القرار في المستقبل: هل يؤخذ بالأجماع أم بالأغلبية؟
*بالنسبة لألية اتخاذ القرار، أصبح لا هو بالأجماع ولا بالتصويت... بحيث أن:
الأشياء المهمة كلها عملناها بالأجماع
*الأشياء الأجرائية عملناها بالتصويت" (الرأي العام 14-1-2010)
∆وفي مصر, كتب الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الموارد المائية والري السابق (في 30 مارس 2011) معززا ما ذهبنا اليه (في تلك الندوة الرابعة قبل أربع سنوات من ذلك التاريخ) عن:
"▪تنازلات …تتلخص في الموافقة على تعديل بعض بنود وملاحق الاتفاقية بالأغلبية". (بدلا عن الأجماع)
▪و" تم التنازل عن حق الفيتو الذى تمنحه الاتفاقيات القديمة…، بل وعلى أن تتم القرارات وفقاً للاتفاقية بالأغلبية وليس بتوافق الآراء".
* وكنا في تلك الندوة الرابعة قد شددنا علي ضرورة الإصرار علي مبدأ الإجماع ، بسبب أن التصويت بالأغلبية:
يعمل علي تأطير عملية صنع القرار وفق "استراتيجية اللعب الأفتراسي في مباراة صفرية
[Predatory “Zero-Sum (Win-Lose) Game]
، يتسابق فيها الكل أو البعض لحصد الخيرات ليكسب فيها أحد الأطراف كل شيء، وتذهب كل الخسارة للطرف الأخر!
 ويتجاهل التصويت بالأغلبية احتمالات الحلول الوسط أو تبادل المنافع
و يشجع بناء التكتلات و دبلوماسية الأئتلافات
Coalition Diplomacy) ) السلبية التي تكرس المواجهات داخل الحوض الواحد ، لا التعاون!
ويؤدي الي ”ظاهرة ”طغيان الأغلبية“
(Tyranny of the Majority)
وكل ما تنبأنا به أنذاك قد حدث فيما بعد!
∆إما ، بالمقابل، فان اتخاذ القرار بالأجماع—كما كان ينبغي أن يصر عليه كلا من السودان ومصرـ
فيشجع علي المشاركة والتعاون والمساواة – كل دولة لها حق النقض (Veto Power)عندما تضار مصالحها
ويركز علي نقاط الأتفاق دون نقاط الخلاف
ويركز علي ايجاد الحلول الوسطية للخلافات
ويأمن المحافظة علي الحقوق المائية ليس فقط في الأتفاقيات السابقة (كأتفاقية مياه النيل لعام 1959) بل يوفر أيضا "بوليصة تأمين " لأستدامة الأتفاقيات اللأحقة بعد قيام المفوضية الموعود،
 ويقطع الطريق علي الأثار الجانبية الضارة للمشاريع المائية والمنشئات الهندسية علي دول الجوار التي فصلناها في "شهادتي للتاريخ (23- أ)
بعنوان "
"سَأَلَ سَائِلٌ "هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا "عن كيف سيُضَارَّ السودان (ومصر) من سد النهضة ومُتَلاَزِمَاته؟" ، المنشور في مواقع عديدة في النت
∆ولا شك أن التغاضي عن شرط "الأخطار المسبق"(ورديفه مبدأ "الموافقة") ،و التخلي المبكرعن شرط "الأجماع" أفرزا بدرجة كبيرة المأزق الحالي الخطيرلتلك المفاوضات العبثية!
∆وبقي الجزء الثاني من ما اشتملت عليه تلك الندوة الرابعة، وهو:

Ωهشاشة التحالفات المائية:

∆وكنا قد نبهنا أيضا في تلك الندوة الرلبعة الي هشاشة التحالفات المائية – في ظل التصويت بالأغلبية—(Majority Rule) ، كما تصر علي ذلك دول الأحباس العليا ،
∆والأمر يعيد الي الذاكرة مقولات دخلت التاريخ، علي شاكلة :
*"لا علاقة للسياسة بالأخلاق"! (نيكولو مكيافيلي)
*"وأؤكد أن مبدأ مكيافيلي هو أكثر وجودا اليوم مما كان عليه قبل أربعة قرون"! (بنيتو موسوليني)

∆فقد أورد كتاب أمريكي (Whi Hington)(71) أن"إثيوبيا وافقت على التفاوض مع مصر بشأن توزيع مياه النيل إذا تخلت مصر عن اتفاقية (مياه النيل لعام) 1959 (لكن)"! "مصر رفضت "
∆ ويبدوأن أثيوبيا الأن قد نجحت في مسعاها ولوجزئيا ، ومع السودان لا مصر، فاتفاقية مياه النيل لعام 1959 تلزم السودان ومصر بتبني موقف تفاوضي متفق عليه تجاه دول حوض النهر الأخرى وتمكين "اللجنة الفنية المشتركة الدائمة لمياه النيل (PJTCمن إجراء مفاوضات باسمهم، وهو ما لم يتم!
∆اذا ، فحين ظن مفاوضو السودان ومصر أن تلك التنازلات عن مبدأ الأخطار المسبق ومبدأ الأجماع ستسهل الوصول لأتفاق مع دول الأحباس العليا ، أفضت تلك الخطوات:
▪الي فقدان آلية فض النزاع بطريقة "حبية"- بحيث لم يبقي الا الصراع المفتوح علي كل الأحتمالات
▪والي غياب توفر توجيه (هدي أو ارشاد) لدول الأحباس العليا – كأثيوبيا - مثل الذي تضمنه "قانون المياه الأجرائي" بشأن كيفية المضي قدما بالأستغلال المشروع (القانوني) للاستفادة من المياه في أراضي تلك الدول ، اذ لم يبقي في الساحة الا قانون المياه "الموضوعي" الملتبس وذوالصياغة الغامضة
▪والي اطلاق العنان "لتنافس افتراسي" (Predatory Competition) لا تحكمه أي ضوابط قانونية واضحة، ويجادل فيه الجميع ب "لَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ" ،

∆وربما يكون تغييب هاتين المبدأين قد سد الأن الطريق أمام الحل السلمي، ولو الي حين :فالوضع أشبه بألغاء قوانين لعبة الكرة في مباراة تنافسية حامية ، أو الغاء قوانين المرور وقت الذروة ! وللقاري الكريم أن يتخيل ماذا سيحدث في الحالتين !

كل هذا فتح الباب واسعا أمام أثيوبيا لتتبني
"استراتيجية اللعب الأفتراسي ذي المباراة الصفرية "
[Predatory “Zero-Sum (Win-Lose) Game]
، المتسم بنهج "المساومة ((Bargaining
فمضت قدما في التصرف من جانب واحد في بناء سد النهضة و خلق حقائق جديدة على الأرض ، وفق تصورها الخاص لحقوقها والتخندق وراء دعاوي السيادة الوطنية - رغم اعتراضات المتضررين من الدول المتشاطئة ، وغير الراغبة في قبول ادارة مشتركة ومستقلة للموارد الطبيعية مستنسخة النموذج التركي في "مشروع القاب" (GAP) ، وشيء من القواعد الفقهية المائية الموجودة علي الرف!
∆وكل ذلك ما كان ليتم لولا فشل دول الأحباس السفلي في الدفع بالنزاع للفصل من خلال "قواعد المجاملة" ، أو"الوفاق المتبادل"، أو "الوساطة" أو "اصدار حكم قضائي"!

∆ دعنا ندلف الأن لقراءة حيثيات المزيد من اخفاقات المسار القانوني بتأمل فاحص ل:

Ωاتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997 لقانون الاستخدامات غير الملاحية للممرات المائية الدولية:
(UN Convention of Law of Non-Navigational Uses of Int’l Water Courses)

Ωوتتمثل ركيزة هذه الاتقاقية قي بندين:

∆مبدأ"الأستخدام العادل (أو المنصف) و
المعقول"
(Equitable & Reasonable Use)
وهو ما تأكد عليه وتتبناه دول الأحباس العليا
الأ أن قراءته تختلف بين دول الأحباس العليا
والسفلي
∆ ومبدأ "لا ضرر ملموس"
(No Appreciable Harm)
أي "لا يتسبب في ضررملموس"
* و المادة 8 الجزء التكميلي للمادة 6
ILC Draft Article 7-8) )
*وهو مبدأ أساسي من مبادئ القانون الدولي
و ما يحسب لدول الأحباس السفلي
(وصف بكلمة "ملموس" لجعله متوافقا مع
مبدأ " التقاسم أو الأستخدام "
( (Equitable Sharing or Use
ومع مبدأ"الأستخدام العادل و المعقول"

Ωويتم تلخيص ما جاء في المبدأين كالأتي:
∆"القانون الدولي، يسمح للدولة بحرية اليد في تطوير جزء النهر الذي في أراضيها، ان كان ذلك لا يلحق الضرر بأحد!
 "يجوز للدولة أن تستخدم بشكل قانوني تلك المياه في حالة عدم استخدامها أو علي وشك أن يتم استخدامها من قبل المتشاطئ المشارك (Co-Riparian)
فور وقوع إضرار، تصبح الأجوبة من الصعب بمكان ، وأنه من الأسهل رفض -- لا تأكيد المسائل (المقترحات)"(91)

وهناك تفسير "اللجنة الدولىة للامم المتحدة"
لمبدأ"لا ضرر ملموس"، وهو:
▪ أن مبدأ" لا ضرر ملموس " يجب أن يأخذ الأولوية

Ωغير أن الصيغة المتبناة من لجنة القانون الدولي
(UN International Law Commission)
المنبثقة عن للأمم المتحدة
▪تعطي الأولوية لعقيدة "الاستخدام العادل والمعقول" على مبدأ"لا ضرر ملموس"!

Ω,أما البنك الدولي:
 فيقر بمبدأ " "الاستخدام العادل والمعقول" ،
 ولكن لأعتبارات عملية يعطي الأسبقية
لمبدأ "لا ضرر ملموس"

Ωأخفاق المسار القانوني في التعامل مع عدم اعتراف أثيوبيا بقدسية حقوق المياه المكتسبة لدول الأحباس السفلي
 كعدم اعتراف أثيوبيا باتفاقية 1902 بين بريطانيا وأثيوبيا وفق مبدأ "خلافة السلف"
(State Succession)
∆والحقوق النابعة من خارج الأتفاقيات
(Rights Arising Outside Treaties)

▪يقول عبد الملك عودة ، الكاتب المصري المعروف "من يرددون ان القانون الدولي معنا ، فهذه وجهة نظرنا نحن... أما الدول الأخري...لم تعترف بالأتفاقيات(–اليسار فبراير 1997)

▪ويلخص كاتب أثيوبي ما يعتقد أنه حجج دول الأحباس السفلي كالأتي:
"مصر والسودان يزعمان أن لهما:
*حقوق انطلاقا من اتفاقية 1902 وفق مبادئ خلافة الدولة والتي لا تلزم مستعمرات المملكة المتحدة فقط ، و(بل) أيضا إثيوبيا،
* وأن اتفاقية 1959 تلزم أثيوبيا أيضا بمقتضي اتفاقية 1902 ،وبالتالي :
*يزعم العلماء المصريون والسودانيون أن معاهدة 1959 ملزمة للدول الواقعة على ضفاف النهر بما فيها إثيوبيا" (كاتب أثيوبي)

∆دعنا ننظر أين يقف القانون الدولي للمياه من المطالب المائية لدول الأحباس السفلي ونجلي ما أخفق المسار القانوني من اجلائه من خلال فحص الأتفاقيات التي أشار اليها الكاتب الأثيوبي، ولنبدأ ب:

Ωاتفاقية عام 1902 بين بريطانيا وأثيوبيا

البندI من الاتفاقية البريطانية –الأثيوبية لعام 1902(Anglo-Ethiopian Treaty)
ينص علي أنه تم الأتفاق علي الحدود بين السودان وإثيوبيا...
∆البند. II – ينص علي أن تعريف الحدود الوارد البند. 1 ، يتم تحديده بوضع علامة على الأرض من قبل لجنة للحدود المشتركة
∆البندIII من نفس الأتفاقية تعهد فيه الإمبراطور مينيليك الثاني ملك إثيوبيا ، للحكومة البريطانية على "عدم بناء أو السماح ببناء أي أعمال عبر النيل الأزرق أو بحيرة تانا أو سوباط ، والتي من شأنها وقف تدفق مياهها إلى النيل إلا بالاتفاق مع الحكومة البريطانية وحكومة السودان".
 أثيوبيا تري أن هذه الأتفاقية غير ملزمة لها لأنه لم يتم
التصديق عليها من قبل البرلمان البريطاني أو مجلس التاج الإثيوبي!
فهل هذاالزعم يقف علي ساقين؟ دعنا نري:

 اتفاقية فيينا ” لعام 1978 ومحكمة العدل الدولية تنهيان الخلط بين المعاهدات السياسية (أو العامة) في مقابل المعاهدات الإقليمية (أو المحلية):في ظل قاعدة "خلافة الدول"
State Succession Doctrine) )

شروط ولاية "خلافة السلف":
""خلافة السلف"- والتي هي احدي نظريات العلاقات الدولية - تعني :
وراثة الألتزامات القانونية حول الحقوق
والاعتراف بشرعية المطالبات علي الدولة الخلف
واستمرار التزامات المعاهدات السابقة
 والممتلكات الخ…
 المشاركة في المعاهدات
 العضوية في المنظمات الدولية
والديون والأصول الخارجية (السفارات والاحتياطيات النقدية الخ…)

في عام 1978 تمت صياغة "اتفاقية فيينا بشأن "خلافة الدول" فيما يتعلق بالمعاهدات" فأنهت الخلط بين المعاهدات السياسية (أو العامة) في مقابل المعاهدات الإقليمية (أو المحلية):في ظل قاعدة "خلافة الدول ، ودخلت الأتفاقية نفسها حيز التنفيذ في عام 1996 ، كتدوين (Codification) لقواعد خلافة الدولة (State Succession)

و في قضية "المناطق الحرة في سافوي العليا ومقاطعة غيكس" (عام 1932)
(the Free Zone of Upper Savoy
and the District of Gex” Case #1)
بين فرنسا وسويسرا:
∆دعمت محكمة العدل الدولية
(Permanente Court of International Justice--PCIJ)
▪الرأي القائل بأن "دولة الخلف"
Successor State))
ليست ملزمة بالمعاهدات السياسية (العامة)،
▪ولكنها ملزمة بالمعاهدات الإقليمية ،أي المعاهدات التي عدلت الحدود
((Territorial or Boundary Treaties
بين كيانين، (مثلا كما صار اليه حال الحدود بين السودان وأثيوبيا في اتفاقية عام 1902 المشار اليها عاليه بين بريطانيا وأثيوبيا المستقلة)
▪وحيث تغير الوضع الجغرافي أو الديموغرافي،
كما في حالة:
 التغير في المساحات المزروعة
 التغير في نسب السكان
أوحيث تغير الوضع الفيزيائي ،علي سبيل المثال نتيجة ل:
 التقدم العلمي في أساليب ضبط النيل
 قدرة المستجد من علوم الهندسة في تحقيق تخزين واستخدام كميات كبيرة من الأيراد وقت الشحة المائية

المسار القانوني والخلاف حول اتفاقية عام 1929

▪”اتفاقية 1929 وقعت بين مصر وبريطانيا نيابة عن مستعمراتها وأعطت مصر حق النقض ، لكن اثيوبيا لم تكن من ضمن تلك المستعمرات“
(وزير الموارد المائية الأثيوبي)
∆ اتفاقية عام 1929 والتي عقدت بين مصر و"السودان الأنجليزي –المصري" اشتملت علي الأتي:
▪ أن تستخدم مصر والسودان 48 و 4 مليارات متر مكعب من تدفق النيل سنويا ، على التوالي.
▪ أن يتم تخصيص تدفق النيل خلال الفترة من 20 يناير إلى 15 يوليو (موسم الجفاف) لمصر ؛
▪ أن تحتفظ مصر بالحق في مراقبة تدفق النيل في دول المنبع ؛
▪ أن لمصر الحق في تنفيذ مشاريع علي نهر النيل دون موافقة الدول المشاطئة العليا.
▪ ,ان لمصر حق النقض ضد أي مشاريع بناء تؤثر على مصالحها بشكل سلبي.
▪وبذا تكون هذه الاتفاقية قد:
*أعطت مصر سيطرة كاملة على النيل خلال موسم الجفاف حيث أشد الحاجة للري الزراعي. كما أنها
*تحد بشدة من كمية المياه المخصصة للسودان ولا توفر أي مياه لأي من الدول المتشاطئة الأخرى
▪خطاب رئيس مجلس الوزراء المصري(محمد محمود) الي المندوب السامي لحكومة بريطانيا (بتاريخ 1929-5-7) الذي أشرنا اليه عاليه لخص جوهر تلك الأتفاقية كالأتي:
∆” ألا تقام—بغير اتفاق سابق مع الحكومة المصرية:
•أعمال ري أو توليد قوي
•أو علي البحيرات التي ينبع منها سواء في السودان أو في البلاد الواقعة تحت الأدارة البريطانية ، يكون من شأنها:
*انقاص مقدار الماء الذي يصل الي مصر
*تعديل تاريخ وصوله أو
*خفض منسوبه
علي أي وجه يلحق الضرر بمصالح مصر“
نظام "الحيازة الجارية"-(Uti Possidetis)
لكن في وقت سابق وفي إطار نظام "الحيازة الجارية" --كالأرث الأستعماري--(Uti Possidetis) ، كانت الدول الأفريقية قد وافقت على تبني وصيانة المعاهدات الدولية التي وقعتها القوى الاستعمارية السابقة وتحت عقيدة "خلافة السلف"

القانون الدولي العام واتفاقيتي 1929 و1959
القانون الدولي العام له ثلاثة مصادر أساسية:
*المعاهدات
*والاتفاقات الدولية،
*والأعراف والتقاليد، والقواعد العامة للقانون. بالإضافة إلى القرارات القضائية التي قد تنطبق كطرق فرعية لتحديد القانون
∆وفي القانون الدولي ، التزامات القانون الملزمة تتجسد في مبدأ
"Pacta Sunt Servenda"
( أو "العقد شريعة المتعاقدين")
(أي يجب مراعاة المعاهدات والوفاء بالوعود)
 "والتداخل مع أية "حقوق استخدام للمياه" مضمونة باتفاقية كما هو الحال في حقوق السودان ومصر القانونية—كأي خرق لأتفاقية يعتبر غير قانوني"
ذلك لأن الألتزامات التي تنص عليها الأتفاقيات تنشيء قانونا دوليا ، وعليه فان اتفاقية 1959 (أو اتفاقية 1929) أيا منهما خلقتا قانونا دوليا ،
فخرق أيا منهما يعتبر خرقا للقانون الدولي ، وعلي أثيوبيا -ان حدث ذلك - تحمل تبعات خرق القانون الدولي!
∆فالمعاهدات - كما جاء عاليه - تمثل أحد المصادر الرئيسية للقانون الدولي ومن ثم فإن استقرارها أمر حاسم في وجود القانون الدولي نفسه!
∆ وقد رأينا في بداية هذه الحلقة أحد نصائح "دليل الخدمة الدبلوماسية البريطانية" التي تقول بأن المفاوضين المهرة يعملون علي المساعدة في تذكير الخصم بما قد يكون قد نسيه أو فات علية"!، كعدم تجزئة وتشظيء التعامل مع "عناصر" (مكونات) "الدورة الهيدرولوجية"،الذي أشرنا اليه عاليه
 وعليه ، فان مفاوضو دول الأحباس السفلي من القانونيين كان بوسعهم تطمين أثيوبيا بانه رغم أن القانون الدولي ليس في صفها في التداخل مع حقوق السودان ومصر الما ئية (البالغة 84 مليارم3) والمخصصة وفق اتفاقية 1959
(The Appropriated Water)
كما رأينا عاليه،
∆ الا أنه سيكون في صفها في استخدامها للمياه التي لم يتم تخصيصها
The Un-appropriated Water) )
(أي تلك الزائدة عن تلك ال 84 مليارم3 ، والتي تعرف بأنها المياه المتبقية في المجري -أو الجسم المائي- بعد استيفاء جميع حقوق المياه القائمة)
∆ فالقانون الدولي للمياه يعطي" السبق" (من قبل أثيوبيا مثلا) في الأستخدام الأستهلاكي لهذه المياه غير المخصصة حماية أكبرمن الأستخدام الأستهلاكي لتلك المياه من قبل مصر الأن مثلا ، والمنطق في ذلك هو:
▪أن أثيوبيا(مثلا) ترغب في استخدام المياه التي هي:
*الأن في إقليمها
*ولديها القدرة على استخدامها
▪بينما دول الأحباس السفلي(مصر مثلا ) ترغب في استخدام تلك المياه (التي لم تصل اليها بعد) ، فهي اذا:
*ليست في إقليمها حتي الأن
*وتستطيع اثيوبيا أن تستخدمها قبل استخدام دول
الأحباس السفلي لها ، فهذه المياه "غير المخصصة"
تمر بأثيوبيا أولا قبل أن تصل دول الأحباس السفلي
وبهذا يتحقق "السبق" (لأثيوبيا مثلا ) في أستخدامها ▪مما يكسب أثيوبيا فيها "حقوقا مخولة"
((Vested Rights
مكتسبة "بسبق الأستخدام" (الأستحواز)!
(by Prior Appropriation)
▪وهي استحقات مضمون تماما استمرارها كحقوق قانونية (Legal Rights)
هذا يعني ان اثيوبيا لا تحتاج الي التبرؤ من اتفاقية مياه النيل لعام 1959 ، لتنال نصيبها المشروع من المياه بل يمكن لها أخذ السبق في استخدام مياه النهر الأكثر من 84 مليارم3 ، ولما كان "متوسط" ايراد النيل الحقيقي قد يتراوح بين 93 و110 مليارم3 فهذه المياه غير المخصصة تتراوح اذا بين 9 الي 26 مليا م3 وهذا الحجم من المياه أكبر بكثير من احتياجات ليس أثيوبيا فقط بل وكل دول الأحباس العليا وفق كل التقديرات في هذا الشأن!
∆بل وقد تجد دول الأحباس العليا نصيبها من تلك "الحقوق المخولة" أكثر من ذلك بكثير،فأحد أهم "أليات المحاصصة المائية" المعتادة تتمثل في نهج "الحصة الثابتة"
(The Fixed Amount )
▪أي أن تعتبر دول حوض النيل ال 84 مليار م3 التي سبق تخصيصها بمثابة"حصة سنوية ثابتة" للسودان ومصر وتترك الأرصدة المتباينة (Varying Balances) لدول الأحباس العليا"
▪ولما كانت ال84 مليار م3 تمثل متوسط ايراد النيل في اسوان للفترة 1900-1952 ، ا لكن بتوسيع قاعدة الحساب نجد أن متوسط ايراد النيل في اسوان للفترة 1870-1952 يبلغ 150مليار م3 !وهذا يضع حجم الأرصدة المتباينة (Varying Balances) التي يمكن أن تخصص لدول الأحباس العليا"تتراوح بين 9 الي 66 مليار م 3 !

القانون الدولي العرفي
(Customary International Law)
واتفاقيتي 1929 و1959

∆ "القانون الدولي العام" يستمد قواعده(Rules) أيضا من:
▪القانون الدولي العرفي ، أي قواعد القانون تلك المستمدة من سلوك ثابت من الدول ، سلوك ينطلق من اعتقاد تلك الدول بأن القانون يلزمهم بذلك
▪ومن معايير السلوك المقبولة عالميا (كالقواعد القطعية “الآمرة” المعروفة باسم
"Jus Cogens or Peremptory"
(أي "Compelling Law")
(مثلا تلك التي تحرم العبودية وتحظر الحروب العدوانية والتوسع الأقليمي )
∆ ولكون هذه المعايير اساسية لحد بعيد يجعلها ملزمة حتي للأطراف غير الموقعة عليها
ولا يمكن لأي دولة أن تنتهك القواعد القطعية “الآمرة
∆”وبعيدا عن اتفاقية مياه النيل لعام 1959، القانون الدولي العرفي يحمي المشاريع المروية القائمة كمشاريع الري في مصر و السودان ( كمشروعي الجزيرة والمناقل مثلا ، الذان يستهلكان حوالي 8 مليار م3)
∆اذ لا يمكن حجب الماء عن مثل هذه المشاريع القائمة: (ومن هنا جاء قانون 2005 وجاءت مؤخرا الهجمة الشرسة لتفكيك مشروع الجزيرة لتجريده من أستحقاقاته المائية استباقا لأعادة توزيع الأنصبة وفق "اطارية عنتبي" ، ان ذهب السودان ومصر للتصديق عليها!)
∆"فوجود مشروع الري في حد ذاته يمثل حقًا في مواصلة سحب المياه بالمعدل الذي صار معتادا ، حيث أن حجب الماء عن المشروع سيكون حكم علي مزارعي المشروع بالتضور جوعا "(6)
∆ فاذا كانت "القواعد القطعية “الآمرة” المعروفة باسم
"Jus Cogens or Peremptory"
تحظر الحروب العدوانية والتوسع الأقليمي، فأحري بها أن تحظر تجويع الشعوب!

مزيد من الفشل للمسار القانوني في التعامل مع عدم اعتراف أثيوبيا باتفاقية 1959 أو اتفاقية 1929
"ان ترد الماء بماء أكيس"

∆ في مصر تحدث الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الموارد المائية والري السابق (في 30 مارس , 2011) معززا ما ذهبنا اليه قبل أربع سنوات من ذلك التاريخ في الندوة الأولي المشار اليها عاليه، تحدث الوزير السابق عن:
"▪ تنازلات (من قبل المفاوضين) تتلخص …في استبدال الاتفاقيات القائمة التى تغطى حصص مصر والسودان وتحمى حقوقنا المائية (استبدالها) بما يسمى بالأمن المائى، (حين) رفضت دول المنابع الاعتراف بالاتفاقيات القائمة وكذا بحصة مصر وأعلنت ذلك كتابة"!
…"▪ إلا أن التنازلت لم تقف … عند هذا الحد …ففى يناير 2009 خلال جولة وزير المياه الكونغولى فى دول الحوض … اتفق مع وزير المياه … على حذف كلمة "الحقوق المائية" واستبدالها بالاستخدامات الحالية، وهو ما يعنى التنازل عن كل الاتفاقيات القائمة ومنها اتفاقية 59".
"الغاء اتفاقية 1959 يدفع دول الأحباس العليا لطلب توزيع الأنصبة بدءا من الصفر"

∆وفي أخر جولة للمفاوضات في أثيوبيا قال المتحدث بأسم الخارجية الإثيوبية:
"فشل مفاوضات الخرطوم (يعود)إلى "عدم جدية وعدم تعاون الجانب المصري، وطرحه لاتفاقية 1959 في المفاوضات"، (وهو اتهام رفضته القاهرة)
 مصر والسودان حري بهما أن يثيرا في تلك المفاوضات موضوع اتفاقية 1959 التي تقول أثيوبيا أنها لا تعترف بها ، لكن القضية هنا ليست الأتفاقية نفسها بل الحقوق المائية لمصر والسودان!
∆ فالأمر هنا يتعلق بثلاث حقوق مائية هي:
▪الحقوق المخولة (Vested Rights)
المكتسبة بسبق الأستخدام (الأستحواز)
(by Prior Appropriation)
*ذات الطابع الإقليمي (Territorial)
*والأصل القانوني أو التشريعي (Statutory Law) ولهذا هي مضمون تماما استمرارها كحقوق قانونية
(Legal Rights)
*و معمول بها في غرب الولايات المتحدة
*وهي حقوق مؤسسة علي استخدام الأرض ويحددها الاستخدام الفعلي للمياه (اذ أن هذا السبق يعطي الأولوية في الحق ، ولكن لهذا يمكن فقدانها بعدم الأستخدام!)
* وحيث استقرار الحق فيها مؤكد ولا يمكن للتغيير في(وضع) السيادة
Change in Sovereignty)، كما في حالة فصل الجنوب) أن يؤثر على مثل هذه الحقوق المخولة

الحقوق المكتسبة (Acquired Rights)
وفق أحكام قضائية أو بأتفاقيات (كاتفاقية 1959)
*وكما أشرنا عاليه فان اتفاقية 1959 خلقت قانونا دوليا ،وبالتالي خرقها يعتبر خرقا للقانون الدولي وعلي دول الأحباس العليا --ان أقدمت علي ذلك -- تحمل تبعات ذلك الخرق!
ثم هناك ما يسمي ب:
"المكتسبات التاريخية"
Prescriptive Rights) )
أو" الحقوق المكتسبة" (Acquired Rights) بتقاضي المتضرر عن المقاضاة
*وذلك هو الحق الثالث الذي يتصل بحقوق اتفاقية 1959
*فالتعدي باستخدام حقوق (المياه) المخصصة لطرف أخر (كحقوق السودان ومصر وفق اتفاقية 1959 من قبل أثيوبيا مثلا ) لازمان طويلة بصورة معلومة للكل وعلي نحو رتيب دون اعتراض (السودان ومصر) علي هذا التعدي يمنح المتعدي " مكاسب تاريخية "
Prescriptive Rights) )
*وهي"حقوق مكتسبة" (Acquired Rights) ، يسمح له قانونيا بالأستمرار في ذلك التعدي رغم الضررالذي يسببه (للسودان ومصر)!
∆ولهذا كان من الضروري لمصر (والسودان) أن يثيرا في تلك المفاوضات موضوع اتفاقية 1959 مركزين علي قدسية الحقوق التي أسبقتها لمصر والسودان وفق منطوق القانون الدولي للمياه كما فصلناه عاليه !

Ω مبدأ "الأستخدام العادل" و"حقوق المياه الناشئة خارج المعاهدة" في القانون الدولي للمياه

∆ما قوة حجية دعوي دول الأحباس العليا بعدم الأعتراف بحقوق السودان ومصر وفق أتفاقية 1959أو1929) من باب أنهم لم يكونوا أطرافا في تلك الأتفاقيات السابقة ؟
∆فقهاء القانون الدولي للمياه أشاروا الي أن الأجابة علي السؤال موجودة في متن ما يسمي " "حقوق المياه الناشئة خارج المعاهدة"، مما يدحض دعوي أثيوبيا ودول الأحباس العلبا الأخرين بأنهم غير ملزمين بالأعتراف بتلك الحقوق !

∆فالحقوقي الكرواتي المشهور البروفيسور جوراج اندراسي (Juraj Andrassy) مؤسس"معهدالقانون الدولي والعلاقات الدولية" وصاحب الكتاب اليوغسلافي الشهير "القانون الدولي ، 1998 " أفتي بأن :
*"مبدأ "الأستخدام العادل"( أو مايسمي أيضا "الانتفاع المنصف"(Equitable Utilization ياخذ في الأعتبارعامل "الأستحواز المسبق"
(Prior Appropriation)
(أساس فكرة "الحقوق المخولة"
( (Vested Rights
بسبب السبق في الأستخدام) ومن ثم "الحقوق المكتسبة"ِ(Acquired Rights ) بالأتفاقيات أو المعاهدات)
ويواصل بروفيسور اندراسي شهادته بالقول:
*"أنه من المقبول على نطاق واسع أنه ينبغي إيلاء الأستخدامات المفيدة الموجودة (الحالية) الأولوية (المشروطة) في توزيع الحقوق (المائية)"(أقرأ هنا مثلا التوزيع في اطارية عنتبي)
*:"أي أن الأستخدامات المفيدة الحالية(18.5مليارم3 للسودان و55.5 مليار م3 لمصر) هي النقطة الطبيعية والشرعية لبدء(أي) توزيع للأنصبة، بدلا من اظهار " ثقب في الذاكرة الجمعية
“Trou de mémoire"
بتجاهل "الحقوق المكتسبة"!(كتلك التي تحققت للسودان ومصر وفق اتفاقية مياه النيل لعام 1959)

Ω وفقيه دولي أخر، ليس أقل شأنا، يدعم أيضا شرعية "الحقوق المكتسبة" للسودان ومصر، وهو بروفيسور هيربيرت اسميث
(Herbert . A. Smith)
أستاذ القانون الدولي السابق بكلية لندن للاقتصاد، وصاحب كتاب"الأستخدام الأقتصادي للأنهار الدولية" ، 1931) يقول:
*"طالما أن السلطة السيادية ... تمارس ... بطرق معقولة ومفيدة
(Reasonable & Beneficial)
لا يمكن تقييد ممارستها بحق الملكية المطلقة"
((Absolute Property Right
ويواصل بروفيسور اسميث شهادته بالقول:
*(لكن) التعرض لحقوق استخدامات المياه المكفولة (المضمونه) بمعاهدة(على سبيل المثال اتفاقية 1959)، هو -- كأي خرق اخرلأي معاهدة -- عمل غيرشرعي"
* (لاحظ أن اتفاقيتي 1929 أو 1959 كليهما خلقتا قانونا دوليا ، أي ان الألتزامات التي تنص عليها مثل تلك الأتفاقيات تنشيء نوعا من النظام المائي الدولي ، وبالتالي فان خرقها يعد خرقا للقانون الدولي!)
ويواصل بروفيسور اسميث شهادته:
*" أنه غير مقبول من دول الاحباس العليا تبرير استخدامهم الضار (بالحقوق المائية لدول الأحباس السفلي) على أساس أنه "منصف" (Equitable ):
(أي أن أثيوبيا مثلا لا تستطيع استدعاء مبدأ" الأستخدام العادل (أو المنصف) و المعقول"
(Equitable & Reasonable Use)
ألركيزة الأساسية في دعاوي دول الأحباس العليا وفق اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997 كتبرير في أن استخدامها "منصف")
ثم يضيف بروفيسور اسميث:
*"أسهل كثيرا من ذلك أن تثبت دول الأحباس السفلي ( السودان ومصر) أن:
▪ قاعدة "لا ضرر" (ألركيزة الأساسية في دعاوي دول الأحباس السفلي وفق اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997) قد خرقت" ،
▪ "من أن تحاجج دول الأحباس العليا تبريرا في أن استخدامها منصف"
Equitable Utilization) )
*"ذلك لأن الحقوق الأساسية (والألتزامات) لدول الأحباس السفلي هي حقوق محددة ومؤكدة
(Definite & Certain,)
"في حين أن :
▪ مبدأ "الاستخدام العادل"
"Equitable Utilization" Rule) )
أكثر مرونة ( أي رخو وغير دقيق أو محكم) وأقل وضوحًا "!

 "اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997 لقانون الاستخدامات غير الملاحية للممرات المائية الدولية" وتصادم الأغراض في الخزان

 جاء في "المعاني الضمنية لمبدأ "الأستخدام العادل (أو المنصف) و المعقول"
(Equitable & Reasonable Use)
في البند10.2من تلك الأتفاقية ما يلي:
∆ في حالة تعارض الأستخدامات (التوليد الكهربائي مثلا في مقابل الري)، تعطي الأولوية للاحتياجات البشرية الحيوية (كالري)

Ωحكم محاكم الولايات المتحدة الأمريكية
(USA Court Ruling)
بشأن مبدأ"الأستخدام العادل (أو المنصف) و المعقول"
(Reasonable Use)

∆ قضت محاكم الولايات المتحدة الأمريكية في شأن "الاستخدام المعقول" – من ضمن ما قضت به- بالاتي:
∆"من غير المعقول لأستخدامات (المياه) اللاحقة (أقرأ هنا من قبل أثيوبيا) التداخل (سلبا) مع الاستخدامات السابقة" (مثلا من قبل السودان ومصر)
*علما بأن القرارات القضائية للدول والأراء العلمية ليست ملزمة ولكن لها تأثير علي القانون الدولي
***

Ω تلك اذا كانت "شهادتنا للتاريخ" حول اخفاقات مسارات التفاوض المختلفة (السياسية والدبلوماسية والفنية والقانونية) في قضية سد النهضة وتداعياته المائية البالغة
ولما كانت تلك "شهادة للتاريخ" ،كحال كل شهاداتنا الأخري ، و لم نكن ممن "يُرِيدُونَ بها "عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ" ، فانا نعف عن الدخول في جدل حولها ، ونترك للتاريخ في قابل الأيام أن يقول كلمته فيها لنا أو علينا!

“ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ” (البقرة 28 )

قلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ"(الملك 26)

الحلقة القادمة ان شاء الله
"شهادتي للتاريخ (32- ب) طيف الحلول لقضة سد النهضة"
أما العرض القادم لبعض هذه المباحث فسيشمل ان شاء الله:
 سد النهضة
سلامة سد النهضة
 اللجنة الدولية للسدود الكبيرة تشير "بأن "سلامة السد" مرهونة بقدرة مَنْظُوْمَةٌ السد للأيفاء بمَصْفُوْفَةٌ الأستحقاقات "وعليه
ستتناول
الحلقة 18: الأستحقاقات الأدائية البيئية
المطلوب الأيفاء بها لتتحقق "سلامة السد"
لتتبع ذلك ان شاء الله:
الحلقة 20 :الأستحقاقات الأدائية الهيكلية
ثم الحلقة 21 :الأستحقاقات الأدائية الهيدروليكية
ثم الحلقة 22 :الأستحقاقات الأدائية التشغيلية
المطلوب الأيفاء بهم لتتحقق "سلامة السد"
 "الأخطار المسبق" ( وتوأمه السيامي" مبدأ الموافقة") أوثق سهمين في كنانة القانون الدولي للمياه
 مزالق اقتسام "المنافع"— كبديل "للمحاصصة" سوف تورث السودان كارثة فقدان حصتة المائية
 وهي فكرة ولدت ميتة وثقبا في الذاكرة الجمعية": وسنري كيف أجهضت أثيوبيا فكرة" اقتسام المنافع" من أساسها وقبل أن يبدأ تنفيذها

 الأثار البيئية لسد النهضة علي السودان ومصر:
 تقصي كنه الاستجابة الهيدرولوجية لحوض النيل للتأثيرات المناخية والفسيولوجية والمورفولوجية الليمنولوجية والبيئية التي ينتظر أن يطلق عقالها هذا السد
 جدلية جبل أولياء:
 خفض منسوب خزانه أم خرق السد لأسترداد 341000 فدان واعادة عقارب الساعة الجيومورفولوجية والأيكولوجية للعشرينات:
تقيم تقني استعادي (Retrospective ) لفوائد ومثالب الخيارات المختلقة الممكنة
 القانون الدولي
 هل ثمة قانون دولي ؟
(International Law)
 هل القانون الدولي حقيقي أم افتراضي ؟
)Real or Virtual)
 لماذا السؤال مطروح أصلا رغم وجود:
 القانون الدولي العام،
 والقانون الخاص بالحقوق ما بين الأمم ، وقانون الأمم (jus gentium )
 والمعاهدات،
 و"القانون الدولي العرفي
 ومعايير السلوك المقبولة عالميا
 و"القواعد القطعية “الآمرة” (المعروفة ب
("جو كوجنز")
 والقانون الدولي الخاص "بالتنازع حول القوانين"،
 والقانون فوق (متخطي) القوانين الوطنية
 و القرارات القضائية الصادرة من من الدول ،
 و آراء العلماء الخ…؟
 مشكلة خلافة الدول في القانون الدولي
وعقيدة "تعاقب الولاية"( (State Succession
▪القانون الدولي وعقيدة الظروف المتغيرة
"كلوسولا ريبوس سيك ستانتيبوس"
 " القانون الدولي" : كيف يخرج الي الوجود ("يولد") من خلال المفاوضات والمعاهدات

 القانون الدولي للمياه
 هل ثمة قانون دولي للمياه؟
International Water Law” ?))
 لماذا السؤال مطروح ، رغم وجود:
 "القواعد"( Rules)
 و "المبادئ" Principles))
 و"المباديء الذاتية" (Maxim) و"العقائد"(Doctrine)
 و"الحتميات القاطعة" (Categorical Imperative) ,
 و"الحقوق المكتسبة"
 و "المكتسبات التاريخية"
 و"الفوائد المخولة"
 و "الأستخدام المخول"
 و "الحقوق المترابطة" الخ…المستخلصة من العقود الدولية والعلوم
 وبعض الولايات القضائية شبه الدولية
(Jurisdictions)
 والتوصيات التي تبنتها رابطة القانون الدولي
(Int'l Law Association)
 و لماذا تأخر قيام قانون دولي واضح للمياه؟
 القانون الدولي للمياه ونسبه في قوانين حقوق المياه الأمريكية
 "القانون الدولي" الموضوعي للمياه "
 "القانون الدولي" الأجرائي للمياه

 عقيدة إستوبلز—أو عقيدة " منع نقض الاعتراف": سد اوين بين مصر ويوغندة

 جنوب السودان واتفاقية 1959، وكم يمكن أن يكون نصيب جنوب السودان من مياه النيل؟

 اتفاق عنتبي الأطاري:
 السودان بين رحي اتفاقية 59 واطارية عنتبي
 مقارنة بين عنتبي و اتفاقية 1959التي سيلغيها التصديق علي اطاريىة عنتبي من قبل السودان ومصر
 اتفاقية مياه النيل لعام 1959
 هَلْ ثُوِّبَ السودانيون ما كانوا يأملون؟
 كيف تؤثر المنشات الهندسية في الأحباس السفلي علي المتشاطئة في الأحباس العليا؟
 التبخر عند السد العالي الراجع للتخزين المستمر(Over-year-Storage) والراجع للتخزين السنوي (Annual Storage) كما في التبخر من سدود السودان الأربعة
 المطالب المائية للسودان ومصر ودول حوض النيل وقت الأتفاقية
 كيف حسب السودان احتياجاته المائية عام 1959؟ وما هو نصيب السودان من مياه النيل الذي هدف الي تحقيقه المفاوضون السودانيون؟-- مع صور المستشارين الذين رافقوا الوفد الوزاري المفاوض (ما بال أقوام يخلطون بين الوفد المفاوض ومستشاريهم!(
 المطالب المائية التاريخية لدول شرق أفريقيا في الستينيات
 الطرق المختلفة لتوزيع الأنصبة من المياه الدولية وما التي استخدمت في اتفاقية 1959
 العروض التي تقدمت بها مصر للسودان في مقابل شهادة المحكم الأمريكي كوري
 الحقوق الطبيعية في مقابل الحقوق المخولة والمكتسبة والمحجوزة والمرتبطة والأستخدام المخول والفائدة المخولة
 التدافع لأكتساب الحقوق المخولة (Vested Rights)
 ارهاصات عشية بدء مفاوضات 1959-- الظرف السوداني الذي سبق التفاوض:
 كيف حصرت اتفاقية 1929 استغلال السودان لمياه النيل كميا (في 4 مليارم3) وزمنيا (حيث لا تسمح الأتفاقية للسودان باستخدام مياه النيل بين شهري ينايرو يوليو من كل عام)؟):
 لماذا كان تحديد حصة السودان من خلال الأتفاق قرارا استراتيجيا؟
 هل كان بوسع السودان المضي قدما في الستينات بتشيد الروصيرص متجاهلا :
*"مبدأالموافقة"
(The Consent Principle)
*وإعلان مونتيفيديو لعام 1933
*وقرار بوينس آيرس لعام 1957؟
 رغم اعلانه "انه لم يعترف يوما باتفاقية 1929"، وهو لعشرات السنين ملتزم بها عمليا !، *هل كان بوسع السودان أن يتبرأ عمليا من الأتفاقية متجاهلا"اتفاقية فيينا لعام 1978 بشأن "خلافة الدول (State Succession)
*واتفاق الدول الأفريقية اللأحق –والمختمر وقتها في اذهان القادة الأفارقة-- بموجب نظام "الأرث الأستعماري" "Uti Possidetis باعتماد والحفاظ على المعاهدات الدولية الموقعة من قبل القوى الاستعمارية السابقة؟
 قسمة صافي الفوائد(Net Benefit) بين مصر والسودان وتفاصيل التعويضات
 لماذا أخذ المفاوضون السودانيون والمصريون برقم ال84 مليار(كمتوسط لأيراد النيل السنوي عند اسوان) رغم انه ليس الرقم الوحيد الذي كان من الممكن أن يختاروه ، وتركوا رقم ال 93 مليار الذي اثبتت الأيام أنه هو الأكثر واقعية؟ هل الأمر متصل بمعالجة مطالب الدول المتشاطئة الأخري؟
 مأساة المشاعات" (أو الشيوع )
(The Tragedy of the Anti-Commons) (وفق البند السابع من قواعد هلسنكي كما فصلته رابطة القانون الدولي"): هل وقع السودان في شراكها؟
 اتفاقية مياه النيل لعام 1959 ما لها وماعليها:
 سبعا من المعايير الفنية التي يمكن بها الحكم علي جودة ونجاعة (أو نتائج ) الأتفاقيات الدولية
 كم خسرالسودان من الطاقة الكهرومائية بقيام السد العالي ؟
 هل استفاد السودان من قيام السد العالي؟ تقيم فني وموضوعي
  كيف عالجت الأتفاقية تذبذب ايراد النيل؟
 كيف ظلت اتفاقية 1959 قائمة لنصف قرن؟ كيف حصنت الأتفاقية نفسها بأستيفاء أربع عشرة عنصرا من متطلبات الأستدامة ؟
 دعاوي التخلي ((Denounce Treatyعن اتفاقية 1959 ، ما بين مبدأ الوفاء بالعهد وقدسية الأتفاقيات ، في مقابل التحلل من التزامات الأتفاقية علي اساس تغير الظروف
"Clausula rebus sic stantibus)) "ان ترد الماء بماء أكيس"– تقيم موضوعي


References:

1. H.T. Cory, Chapter IV –Section Two--, Report on Second & Third Terms of Reference, in Egyptian Government .1920. Short Summary of the Report of the Nile Projects Commission)
2. Guariso, G & D. Whittington, Implications of Ethiopian Water Development for Egypt & Sudan, Water Resources Development, Volume 3 #2)
3. " International Commission on Large Dams (ICOLD): Bulletin 59 —Dam Safety Guidelines & ICOLD) : Bulletin 99 —Dam Failures Statistical Analysis)
4. ASCE. 1996.Introduction to River Hydraulics
5. Ahmed, Abdel Aziz. 1960. An Analysis of the Study of the Storage Losses in the Nile Basin. Paper #6102, Proc. Instn. Civ. Engrs., Vol.17.
6. Allan, W. 1954. Descriptive Note on Nile Waters
7. Botkin, D. & E. Keller.1987. Environmental Studies
8. Bureau of Reclamation, 1964
9. Chaudhry, M. 1993.Open Channel Flow
10. Chow, Ven., D. Maidment & L. Mays. 1988. Applied Hydroloy
11. Class Notes on Water Resources Policies –University of Minesota, 2000
12. Cunha, L. 1977. Management & Law for Water Resources
13. Dickinson, H. & K. Wedgwood. The Nile Waters: Sudan’s Critical Resource. Water Power & Dam Construction, Jan. 1982
14. Dubler, J. and Grigg, N. 1996. ”Dam Safety Policy for Spillway Design Floods.” J. Prof. Issues Eng. Educ. Pract., 122(4), 163–169. TECHNICAL PAPERS
15. Eagleson, P.S. (1994): The evolution of modern hydrology (from watershed to continent in 30 years). Advances in Water Resources 17, 3–18.
16. El Rashid Sid Ahmed .1959. Paper on Layout of Canals & Drains
17. Emil Ludwig.1936. The Nile
18. Encyclopedia of Public Int’l Law,1995, Vol. II
19. Fetter, C. Applied Hydrogeology
20. Gehm, H. et. al.1976. Handbook of Water Resources & Pollution Control .21. Guariso, G & D. Whittington, Implications of Ethiopian Water Development for Egypt & Sudan, Water Resources Development, Volume 3 #2
22. Guillaud, C. “Coping with Uncertainty in the Design of Hydraulic Structures: Climate Change is But One More Uncertain Parameter “,
23. EIC Climate Change Technology, 2006 IEEE Volume 98, Issue No.5
24. Hewlett,J. 1982.Principles of Forest Hydrology
25. Houk, I. 1951.Irrigation Engineering, Vol. 1.
26. Howell, P. & M.Lock, “The Control of Swamps of the Southern Sudan” in Howell, P. & J.Allan (eds.).1994. The Nile: Sharing a Scarce Resource
27. Hunter, J.K. , “Consultant, Sir Alexander Gibb & Partners:”in Ahmed,A.”Recent Development in the Nile Control”, Proc. Of Instn. Civ.Eng., Paper 6102 (1960.
28. http://www.mcc.gov/pages/docs/doc/co...nce-chapter-17
29. http://www.utdallas.edu/geosciences/...tenilegif.html
30. http://en.wikipedia.org/wiki/Causes_of_landslides.
31. http://www.google.com/imgres?q=what+...iw=960&bih=516
32. http://www.google.com/imgres?q=grand...9,r:4,s:0,i:82
33. http://digitaljournal.com/image/116297
34. http://www.internationalrivers.org/f...efficiency.pdf
35.http://en.wikipedia.org/wiki/Grand_E...enaissance_Dam
36. http://en.wikipedia.org/wiki/Dam
37. http://www.fao.org/docrep/005/ac675e/ac675e04.htm
38. Hurst, H. 1944.A Short Account of the Nile Basin
39. Hurst, H. 1957. The Nile
40. H. Hurst, H. & R. Black.1955. Report on a Hydrological Investigations on How the Max Volume of the Nile Water May be Made Available For Development in Egypt & the Sudan
41. ICID. 1961.International Problems Relating to the Economic Use of River Waters
42. Jansen, P. et. al.(ed.).1971.Principles of River Engineering
43. John, P. et al Water Balance of the Blue Nile River Basin in Ethiopia
44. Koloski, J. , S. Schwarz & D. Tubbs “Geotechnical Properties of Geologic Materials, Engineering Geology in Washington, Volume 1--Washington Division of Geology and Earth Resources Bulletin 78, 1989
45. Maidment, D. 1992. Handbook of Hydrology
46. Mamak,W. 1964.River Regulation
47. Masahiro Murakami .1995. “Managing Water for Peace in the Middle East: Alternative Strategies”,
48.http://unu.edu/unupress/unupbooks/80...0.htm#Contents
49.http://www.civil.usherbrooke.ca/cours/gci345/Dam%20Safety.PDF
50. Mays, L. 1996. Water Resources Handbook
51. MOI.1955. The Nile Waters Question
52. MOI Memo Dated 9/21/1957
53. Monenco, 1993. Stage II Feasibility Study, Main Report, Vol. 1
54. Montanari, F & J. Fink, “State Role in Water Resource Policy”, in
55. Cohen, P. et al.Proc. Of the 4th AmericanWater Resources, 1968).
56. Morrice, H. & W. Allan. 1959. Planning for the Ultimate
57. Hydraulic Development of the Nile Valley. Proc. Instn. Civ. Engrs., Paper #6372
58. Mays, L.1996. Water resources Handbook
59. Morrice, H.”The Water of the Nile & the Future of Sudan”, Unpublished Paper, 1955
60. Nath, B.1996. General Report. Symposium on Economic & Optimum Use of Irrigation System. Pub. No.71
61. Office of Technology Assessment.1984. Wetland: Their Use & Regulation
62. Outers, P.1997.Int’l aw
63. Phillips, O.1967. Leading Cases in Constitutional & Administrative Law
64. Schumn, S. “River Metamorphosis”, J.of Hydraulic Division, Pro. Of ASCE, June 1969
65. Sebenius, J. 1984. Negotiating the Law of the Sea
66. Smith, R. “The Problem of Water Rights”,J. of Irrigation& Drainage. Proc. Of ASCE, December 1959
56. U.N. 1958. Integrated River Basin Development
67. Various MOI pamphlets, notes & publications
68. Waterbury, J.1979.Hydropolitics of the Nile
69. Waterbury, W. 1987.”Legal & Institutional Arrangements for Managing Water Resources in the Nile Basin”, Water Resources Development, Vol. 3 No. 2
70. Water Info Centre.1973. Water Policies for the Future
71. Whittington, D. & K. Haynes “Nile Water for Whom? Emerging Conflicts in Water Allocation for Agricultural Expansion in Egypt & Sudan, in Beaumont, P. & K. McLachlan (eds.). 1985. Agricultural Development in the Middle East
72. Whittington, D.,J. Waterbury & E. McClelland, Towards A New Nile Waters Agreement, in A. Dinar et al. 1995. Water Quantity/Quality Management & Conflict Resolution) World Commissions On Dams: 2000 Report
73. Zelermyer, W.1964.Introduction to Business Law: A Concepual Approach
74. H. Hurst & R. Black.1955. Report on a Hydrological Investigations on How the Max Volume of the Nile Water May be Made Available For Development in Egypt & the Sudan) MOI Memo Dated 9/21/1957).
75. Schumn, S. “River Metamorphosis”, J.of Hydraulic Division, Pro. Of ASCE, June 1969
76. Guariso, G & D. Whittington, Implications of Ethiopian Water Development for Egypt & Sudan, Water Resources Development, Volume 3 #2.
77. Dubler, J. and Grigg, N. 1996. ”Dam Safety Policy for Spillway Design Floods.” J. Prof. Issues Eng. Educ. Pract., 122(4), 163–169. TECHNICAL PAPERS Volume of the Nile Water May be Made Available For Development in Egypt & the Sudan) MOI Memo Dated 9/21/1957
78. J.K. Hunter (Consultant, Sir Alexander Gibb & Partners:”in Ahmed,A.”Recent Development in the Nile Control”, Proc. Of Instn. Civ.Eng., Paper 6102 (1960
79. Snyder, F., A.Blensdale and T. Thompson. 1961.The International Panel on Flood Discharges “Studies of the Probable Maximum Flood for Roseires Dam Project”. P.29-30.
80. Watern Information Centre, Inc. 1973. Water Policies for the Future
81. Gasser, M.& F.El Gamal.1994. Aswan High Dam:Lessons Learned & On-Going Research. Water Power & Dam Construction, Jan.1994
82. International Commission on Large Dams (ICOLD): Bulletin 59 —Dam Safety Guidelines
83. (ICOLD): Bulletin 99 —Dam Failures Statistical Analysis
84. Jacques Leslie f “Deep Water: The Epic Struggle Over Dams, Displaced People, and the Environment.”
85. http://www.newyorker.com/tech/elements/one-of-africas-biggest-dams-is-falling-apart
86. http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B3%D8%AF
87. http://www.fao.org/docrep/005/ac675e/AC675E07.htm
88. Correspondence with Uganda Government, Dated Feb. 1949
89. Mays, L.1996. Water resources Handbook
90. J.K. Hunter (Consultant, Sir Alexander Gibb & Partners:”in Ahmed,A.”Recent Development in the Nile Control”, Proc. Of Instn. Civ.Eng., Paper 6102 (1960)
91. Caulified, H ,"Water resources management in river basin planning and development in the United States. In Towards a rational policy in river basin development in the Sahel. Washington, D.C.: U.S Agency for International Development, 1976.
92. Cheng Xuemin “Hydropower in China”, Proc. Instn. Civ.Engng. 102, No. 1,22-33)
93. ICID .1961. Int’l Problems Relating to the Economic Use of River Waters, & http://en.wikipedia.org/wiki/Columbia_River_Treaty)
94. Guariso, G & D. Whittington, Implications of Ethiopian Water Development for Egypt & Sudan, Water Resources Development, Volume 3 #2
95. Cory, H. T. Chapter IV –Section Two--, Report on Second & Third Terms of Reference, in Egypian Government .1920. Short Summary of the Report of the Nile Projects Commission
96. Notes on Technical Discussions About the High Dam At Aswan & the Roseires Dam, Cairo, 1957)
97. Nile Control: Agreed Conclusions of Technical Discussions , Held on 19th-22th April, 1948 in Cairo Between Egypt, Uganda & the Sudan)
98. Vlachos, E.”Hydro-diplomacy & Dispute Resolution in Private Water Resources Conflict”, in Gahoulis, J. Et al.(eds.).1994. Transboundary Water Resources Management
99. Mallat. C. Law & the Nile River...
100. Water Info Centre.1973. Water Policies for the Future
101. Williams, A. “Legal, Administrative & Economic Tools for Conflict Resolution”, in Landquvist, J. et al (eds.).1985. Strategies for River Basin Development
102. Water Power “Int’l River Basin Development” , Dec. 1961
103. Lemarquant, D. Int’l River Basin Cooperation: Some Factors Influencing Agreement
104. https://en.wikipedia.org/wiki/Gab%C4%8D%C3%ADkovo%E2%80%93Nagymaros_Dams
105. http://www.startimes.com/f.aspx?t=35374827
106. Waterbury, J.1987.Legal & Institutional Arrangements for Managing Water Resources in the Nile Basin”, Water Resources Development, Vol. 3 #2)
107. http://programme.worldwaterweek.org/event/7567-international-water-law-assists-transboundary-water-cooperationyears-of-patience-paying-off
108. The UNECE-WHO/Europe Protocol on Water and Health
109. Laylin, J. et al: The Allocation of Water on International Streams—Undated & Unknown Publication)
110. Susskind & McCreary (1984), as Cited by J. Nyhart & E. Dauer “A Preliminary Analysis of the Uses of Scientific Models in Dispute Prevention, Management & Resolution” in Nyhart, J. (ed.) .1984. Coastal Zone & Continental Shelf Conflict Resolution
111. Letter dated 20.11.1958 from Ivar Stafsing, the Member of International Law Association and A Retired Barrister to Sudan
112. http://booksandjournals.brillonline.com/content/journals/10.1163/23529369-12340005
113. Gleick, P. Reducing the Risks of Conflict Over Fresh Water Resources in the Middle East”, in Isaac & Shuval (eds.).1994. Water &Peace in the Middle East
114. Vlachos, E.”Hydro-diplomacy & Dispute Resolution in Private Water Resources Conflict”, in Ganoulis, J. Et al.(eds.).1994. Transboundary Water Resources Management
115. Allan, W. 1959. Nile Waters & Sudan
116. Ivar Stafsing—letter to MOI dated (20.11.1958
117. Vlachos, E.”Hydro-diplomacy & Dispute Resolution in
Private Water Resources Conflict”, in Gahoulis, J. Et
al.(eds.).1994. Transboundary Water Resources
Management
118. Allan, W. 1959. Nile Waters & Sudan
119. MOI. Technical Delegations Points of View on Discussion About High Dam & Roseires Dam: Egypt Point of View--Undated
120. الرشيد سيد أحمد 1962 وصف لحوض النيل
121. الرشيد سيد أحمد 1959 مشكلة مياه النيل
122. الرشيد سيد أحمد 1960 ايراد نهر النيل من مصادره المختلفة


blacknims2000@hotmail.co.uk

 

آراء