شهادتي للتاريخ (9) ولتقرير الدولية (ِ3 – أ): عندما ضَحَّى السودان بخيرات التعلية ل 510 متر لكيلا يغرق موقع النهضة، وهل شكوك الدولية حول ال 6000 ميقاوات مبررة؟

 


 

 

 


بسم الله الرحمن الرحيم

بروفيسور قريش: شهادتي للتاريخ (9) ولتقرير الدولية (ِ3 - أ):

عندما ضَحَّى السودان بخيرات التعلية ل 510 متر
لكيلا يغرق موقع النهضة
وهل شكوك الدولية حول ال 6000 ميقاوات مبررة؟

الحلقة الثالثة
من

القراءة العلمية والتحليلية ل "تقريراللجنة الدولية
لسد النهضة"

والحلقة التاسعة
من
شهادتي للتاريخ : صرح المخض عن الزبد

عند
موائد الرحمن الفكرية

حول
امكانية توليد 6000 ميقاواطس من سد النهضة وما مدي كفاءة السد في انتاج الكهرباء ؟
هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ” (آل عمران):

(الملك 26) "قلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ"

بروفيسور
د.د. محمد الرشيد قريش

مركز تطوير أنظمة الخبرة الذكية
لهندسة المياة والنقل والطاقة والتصنيع

“ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ
وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ” (البقرة 283)

“ وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ” (البقرة42(

مثل القائم علي حدود الله والواقع فيها... كمثل قوم ركبوا سفينة ، فأصاب بعضهم أسفلها... وأصاب بعضهم أعلاها o فكان الذين في أسفلها إذا إستقوا الماء، مروا علي من فوقهم فأ ذوهم o فقالوا: لو خرقنا في نصيبنا خرقا ،فإستقينا منه، ولم نؤذ من فوقنا! فان تركوهم وأمرهم ، هلكوا جميعا”
(حديث شريف)

حقائق علمية عن سد النهضة غابت عن المشهد
رغم أنها تحمل في ثناياها الأجابة علي سؤال الساعة :
هل فوائد ومخاطر السد حقيقة مطلقة؟
أم تحققها مرهون بشروط لا يرجي تحقيقها؟
سؤال سنجيب علي بعضه هنا
وعلي ماتبقي منه لاحقا
ان شاء الله

"كل الحقائق العلمية الكبرى تمر (عند اطلاقها) بثلاثة مراحل:
 أولا، الناس يقولون انها تتعارض مع الكتاب المقدس؛
 وبعدها يقولون انه سبق اكتشافها من قبل؛
 وأخيرا، يقولون انهم كانوا -- منذ البدء - يؤمنون بها” !
الجيولوجي جان أغسيز (Jean Agassiz) ، (1807-1873)

"أنهم في البداية سيتجاهلونك ..
ثم يسخرون منك ..
ثم يحاربونك ..
ثم تنتصر " (غاندي)

"إذا رضيتْ عني كرامُ عشيرتي، فلا زال غضباناً عليَّ لئامُها"
( أبو العيناء)


السودان ومصر وسدود أثيوبيا:

"هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ"
(الجاثية 20)

****
"وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ "
(الحشر 108)

وهكذا أثر آبَاؤُنَا الأَماجِدُ في الستينات أن يضحوا ب4.11 مليارم3 اضافية (من المياه والكهرباء ومن السعة اللازمة للحفاظ علي حصة السودان كاملة من اتفاقية مياه النيل)، من اجمالي سعة وقدرها 11.51 مليارم3 توفرها لهم تعلية سد الروصيرص لأرتفاع 500 متر، بل وأكثر من ذلك ان ذهبوا الي 510 متر
أثروا التضحية بكل ذلك
علي أن يغرقوا موقع سد النهضة الحالي!

والأن اثيوبيا حشدت و جيشت كل شعبها
وراء مشروع سياسي للتحكم في مياه النيل الأزرق والربط الكهربائي لبيع الكهرباء
بينما السودان -- وهو يواجه خطر مصيري يهدد وجوده
من ذات السد الذي ضحي السودان ليوفر موقعه من العطب ،
ينقسم أهليه
بين من يراهن علي التحالف الجديد
وبين من لا يري في الأمر أكثر من فرصة لجرد الحساب مع خصم مفترض !!!
وتلك قصاري فصاحتهم وبيضة منطقهم وزبدة حجتهم !
نأمل أن تكون تلك “شقشقة هدرت ثم قرت"

"كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ "
(الرعد 17 )

وكل هذا الشرخ الوطني بسبب غياب وتغييب المعلومة العلمية

"وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ
وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِير"(الحج 8)

"وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ
إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ"
(الأنعام 116)

""نَبِّـُٔونِى بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ " (الأنعام 143)


مسوغات هذه الدراسة:
قال تعالى:
"وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس
ولا تكتمونه"(آل عمران 187).

عندما قرأ رسول الله (ص) الآية أعلاه ، قال (ص):

" ما علم الله عالماً علماً إلا أخذ عليه من الميثاق ما أخذ على الأنبياء, لتبينه للناس و لا تكتمونه"،

واذا كان هذا هو شأن السماء، فقضاء ألأرض أجمله "أبو كعب" (صاحب البردة الشهيرة) وحكيم شعراء الجاهلية زهير بن أبي سلمي حين قال :
"ومن يك ذا فضل فيبخل بفضله
علي قومه، يستغن عنه ويذمم"،
وقد جاء في الأحاديث الشريفة:
" قيدوا العلم بالكتاب"
و" إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لا يَنْتَزِعُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا"

وعليه فكاتب هذا المقال يهدف في هذه النفحة من "موائد الرحمن الفكرية" إلى أربعة أمور:
 أولها: لفت النظر للتعقيدات الفنية التي تسم قضايا المياه المطروحة علي الساحة اليوم ، وأبعادها الفنية والأستراتيجية والبيئة والسياسية والقانونية ، وذلك بالرجوع الي العلوم التي لها القول الفصل في هذا الشأن، استجابة لدعوة القران الكريم لذلك حين قال :
"واسألواأَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ "(النحل 43) ،

وان كان لنا أن نصغي لأحد هنا ، فللأصمعي -- راوية العرب، وأحد أئمة العلم باللغة حين يقول: "يسأل عن كل صناعة أهلها"
وحينها سنجد أن علينا أن ننشد الكلمة الأخيرة في هذا الشأن – "والكلمة الحكمة (هي) ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أولي بها" وفق الحديث الشريف - علينا أن ننشدها عند منتسبي العلوم (الهيدرولوجيا والهيدروليكيا والهيدروجولوجيا، الليمنولوجيا والبيئة الخ...)، رغم الأسهام المعتبر والمقدر من جانب العلوم الأنسانية (القانونية والدبلوماسية الخ...) في هذا الشأن ، وتلك حقيقة يجب ألا تغيب عن ذهن أحد، "فالخيل أعلم بفرسانها" ، كما يقول المثل العربي في وجوب تفويض الأمر الي من يحسنه والأستعانة بمن يتحقق به الأمر دون غيره
 وثانيها :الأمل في أن ترسخ مباحثنا هذه مشروعية حقوق السودان الكبري في مياه النيل بعد أن قمنا في دراسة سابقة "بدعثرة"(هدم) أبرز الأساطير المائية المغلوطة التي جردت السودان من اسهامه في مياه النيل ، لنثبت للسودان ،لأول مره ، فضله علي النيل – حتي بعد فصل الجنوب - بمده ب 25 مليار م3 (انظر دراستنا بعنوان:
"جدلية الهوية النيلية للسودان
وأبعادها السياسية والفنية والقانونية --
دولة مصب أو عبور فقط -- أم دولة “منبع” ،
واذا كم حجم اسهامها في مياه النيل ؟"
في الموقع التالي : http://www.sudanile.com/index.php/2008-05-19-17-39-36/1021-5-3-0-1-6-8-8

 وثالثها : هوالأمل في أن يتمكن التحقق العلمي في هذا الأمرمن دفع السودان، لينطلق لتحقيق دوره الوفاقي في الوصول لحل عادل ومقبول لثلاثية قضايا مياه النيل الحالية (سد النهضة واطار عنتبي واتفاقية 1959)، انطلاقا من الأية الكريمة :
"وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء علي الناس" (البقرة 143)
و"مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا" (النساء 85)
دون التفريط في حقوقه المائية أو الأستهانة بالمخاطر المائية التي تنطوي عليها بعض التطورات المستحدثة علي الساحة ،
و سنستدعي ان شاء الله للشهادة علي مدار مباحثنا هذه كثيرا من المعارف والعلوم المائية المرجعية في هذا الشأن والتي توارت – للأسف -- عن المشهد، وقديما قالوا:
"أفة الرأي الهوي"
ليضيف "حكيم العرب" عامر بن الظرب العدواني الي هذا:
"الرأي نائم والهوي يقظان ،
فمن هنا يغلب الهوي الرأي" !
وللأسف توارت هذه المعارف رغم الأمر القراني الذي لا لبس فيه:
"وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ
ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا" (البقرة282)
"ولاينبئك مثل خبير" (فاطر 14)،

"فما بال هذا الزمان لا يجود علينا بأناس ينبهون الناس ويزيلون الألتباس ويفكرون بحزم ويعملون بعزم"،
كما قال المفكر العربي عبد الرحمن الكواكبى!

 ورابعها: الأمل في أن يكون لنا بهذه المباحث قدم صدق عند ربنا :
"قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ" (سبأ 47) ،
وان كان في "موائد الرحمن الفكرية " هذه من علم ينتفع به، فنسأل الله الكريم أن يجعله صدقة جارية للوالدين – عليهما الرحمة -- وفق الحديث الشريف "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا... من صدقةٍ جاريةٍ أو علمٍ ينتفع به"، ولنا العبرة في قول رسول الله (ص) " حول كيف يتلقي الناس الكلمة العيناء والنصح :
"أن مثل مابعثني به الله من الهدي والعلم كمثل غيث أصاب أرضا، فكان منها طائفة قبلت الماء،
فأنبتت الكلأ والعشب الكثير،
وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس ، فشربوا ورعوا وسقوا أو زرعوا،
واصابت طائفة منها أخري،
انما هي قيعان لاتمسك ماء ولا تنبت كلأ"
(صدق رسول الله (ص)

أملي أن يكون القاريء الكريم من الطائفتين الأوليتين:
"فَما كُلُّ ذي لُبٍّ بِمؤتيكَ نُصحَهُ
وما كُلُّ مؤتٍ نَصحَهُ بِلبيبِ"
(كما يقول أبو الأسود الدؤلي)

" ألا هل بلغت ... اللهم فاشهد"(حديث شريف)


(Synopsis) موجز
 "شكك تقريراللجنة الدولية في قدرة سد النهضة على توليد 6000 ميقاوات من الكهرباء دون ايراد حيثيات تشككه ، لكنه أوصي إثيوبيا بضرورة التحقق من ذلك
 بادي ذي بدء ، فان معظم السدود المائية التي بنيت لتوليد الكهرباء لم تصل الي تحقيق أهدافها الأصلية لحجم التوليد الكهربائي ، مثلا:
 في سد أسوان العالي:
 رست القدرة المقدرة للتوليد الكهربائي علي 2.1 قيقاواطس وذلك عوضا عن التوليد المتوخي أصلا والبالغ 10 قيقاواطس ، أي أقل من خمس حجم التوليد الكهربائي الذي كان مرجوا من السد العالي!
 في سد تكيزي الأثيوبي :
 بقيت محطة الطاقة الكهرومائية خارج الخدمة لمعظم عامها الأول بسبب الجدب (التدفق النهري المنخفض)الذي أبقي منسوب الخزان أقل من أن يسمح بتدوير التوربينات!

 فرق التوازن المائي (Head) والتصريف (Discharge) هما العنصران الحاسمان للتوليد الكهرومائي ،
 ولما كان المتوسط السنوي المخطط له لأنتاج الطاقة من سد النهضة يبلغ 15692 قيقاواتس- ساعة ، هذا يعني أن "الكفاءة الهيدروليكة لمحطتي التوليد ستكون في حدود 80 %
 ورغم أن كفاءة محطات التوليد الكهرومائي تتراوح عادة بين 33-95٪، الا أن هناك من الأسباب ما يدفع الي الأعتقاد بتدني كبير محتمل لكفاءة محطتي توليد سد النهضة ، اذ أن هيئة الطاقة الكهربائية الإثيوبية ستجد نفسها مرغمة:
 بعدم تشغيل التوربينات قريبا من مستوي الحمولة الكاملة (Full Load)،
 وهي أيضا لن تستطيع استخدام عدد كبير من الوحدات على النظام لتجنب التحميل غير الكفؤ، وكل ذلك سيكون خصما علي انتاج ال6000 ميقاواتس المنشودة

 صحيح أن أرقام “الميقاواتس” و”الميقاوات-ساعة” المنسوبة لسد النهضة تضع "عامل القدرة" المخطط له لمحطتي التوليد عند 30% ، الا أن هذا الرقم – في بعض الحالات – يمثل نصف مما ينسب لمحطات التوليد الأخري الأصغر في إثيوبيا ، مما يعزز الأعتقاد أن سدا أصغر (كسد الحدود) كان سيكون أكثر جدوي من سد االنهضة من حيث الكفاءة والكلفة!

 لكن في واقع الأمرهذه الأرقام للكفاءة مُضَخِّمُة بسبب تضخيم القدرة المركبة :
 فباستخدام معادلة التوليد الكهربائي بطريقتن:
 أولا مع صافي فرق التوازن المائي
 وثانيا مع ارتفاع السد ،
نجد أن القدرة المركبة ( التوليد الكهربائي) عند سد النهضة هي في حدود (1639) ميقاواتس ،أي أقل من ثلث ال 6000 ميقاواتس التي روجت لها هيئة الطاقة الكهربائية الإثيوبية! وهو أمر يبرر شكوك اللجنة الدولية !
 ولما كانت الدراسة الامريكية ل"سد الحدود" بارتفاع 85 متروبنفس الموقع ، (ووضعت التوليد عند 1400 ميقاواتس )، نجد أن رفع سد الحدود الي 145 متر لم يضف الا 3% فقط من الميقاواتس التي تزعم الهيئة أنها قادرة علي توليدها من السد وهي اضافة متواضعة لا تفسر استبدال سد الحدود بسد النهضة
 شبكة الكهرباء الأثيوبية يهيمن عليها التوليد الكهرومائي ( بنسبة 99%) ، وفي ظل هذه الهيمنة فان تفاوت حجم تيار النيل الأزرق :
 يجعل الأنتاج الكهرومائي يتقلب بين موسم و سنة
 ويدفع في اتجاه زيادة فاقد الطاقة (أي ما يسمي Hydro Transmission Liability”"
 ويولد تصادم الأغراض في خزان النهضة

وكل ما سبق قمين بأن يَحِدّ من قدرة توليد ال 6000 ميقاواتس المنشودة!

 ولما كان تتالي (Cascading) سد الحدود مع سدود كارادوبي وموبيل ومندايا يولد (حسب الأرقام المنشورة !) مايقارب ال (6000) ميقاواتس التي تنشدها أثيوبيا ، فمن الواضح أن زيادة سعة سد الحدود (النهضة الرئيسي) من 11.1مليارم3 الي 74مليار م3 :
 ليس الهدف منه زيادة حجم التوليد الكهربائي
 بل زيادة القدرة علي التحكم في مياه النيل الأزرق ولكن بكلفة زيادة مخاطر انهيار سد النهضة الرئيسي نفسه ، بسبب رديفه السد السروجي :
 فمن المرجح أن يؤدي أي غمر معتدل لسقف السد السروجي الي تدميره ،
 وان كان "ضبط الجودة" خلال بنائه غير كاف يمكن أن يؤدي ذلك إلى تسييل للحشوة الصخرية أثناء أي زلزال.

 والتصريف الأدني للتوربينات هو واحد من ثلاثة خصائص للتوربينات التي تحِدّ من الطاقة التي يمكن لسد النهضة تطويرها حيث أن:
 "مشاكل التجويف" (Cavitations Problems) تعيق التوليد الكهرومائي تحت التصريف الأدني للتوربينات
 كما ان منسوب الخزان قد يتدني لمستوي منخفض للغاية ، مثلا :
 بسبب الجدب (Low Flows) الناجم عن التغير المناخي بحيث لا يسمح بتشغيل التوربينات (كما حدث في حالة سد تكيزي الأثيوبي) ، أو
 بسبب الخطأ في التنبؤ بالدفق المائي ، أوبسعة الخزان (كما حدث في حالة سد "قيب الثالث" الأثيوبي)

 من جانب أخر ، فان كل دراسات ضبط النيل السابقة:
• لَمْ ترَ موقع سد النهضة الحالي صالحا للتخزين المستمر، في حين أن:
• "خطة وادي النيل"رأت أن الموقع ليس الأصلح للتوليد الكهربائي :
 فحجم التصريف المائي ومنسوب النيل الأزرق في بيئة سد النهضة يتسمان بتقلباتهما السريعة: هذا التفاوت سيجعل التوليد الكهرومائي يتقلب من موسم لأخر ومن سنة لأخري -- فمثلا :

 بينما بلغ التصريف الأدني وهو الذي يحدد:
 ("الطاقة الكهربائية الثابتة"- أي الكهرباء التي يمكن توفيرها للمستهلكين في كل الأوقات(
 و"سقف انتاج الطاقة السنوي"
 بلغ هذا التصريف عند الروصيرص في الفترة 1912- 1942 ، 87 م3 في الثانية ،
 لكنه هبط في 1914 الي 38 م3 في الثانية!

 وبينما بلغ التصريف الأقصي (وهو الذي يحدد حجم المفيض المطلوب ، وبالتالي يشكل تهديدا لا للجم ال 6000 ميقاواتس فحسب، بل لسلامة السد نفسه )
 بلغ هذا التصريف لهذه المنطقة في نفس الفترة 4,919 م3 في الثانية ،
 ليقفز في فيضان 1946 الي (10,800) متر م3 في الثانية!

 ومن تجربة الروصيرص مع نفس التصريف، يمكن القول:
 بأن انتاج الطاقة في سد النهضة من ديسمبرالي أبريل سيبقي مكبوتا بشح التصرف المائي
 وأن التوليد الكهربائي وانتاج الطاقة من أبريل الي يونيو سيكونان مكبوتين بسبب شح التصرف
المائي وانخفاض فرق التوازن المائي
 وأن التوليد الكهربائي وانتاج الطاقة من يوليوالي سبتمبر، سيكونان مكبوتين بانخفاض فرق التوازن المائي

 وبمنسوب 640 متر فوق سطح البحر عند التشغيل العادي يمكن ل "رمو" خزان النهضة (أي المياه المرتدة بالحجزخلف السد) أن يسبب غمرا كبيرا للأراضي الإثيوبية ، وذلك مقارنة مع منسوب 490 متر لسد الروصيرص بعد التعلية ، وهو نفس منسوب ضفة النيل الأزرق عند الحدود الأثيوبية الذي لم يرد السودان ان يتجاوزه الي 510 متر ، بل ولا حتي الي 500 متر ليرفع سعة سد الروصيرص بعد التعلية الي (11.51) مليارم3 (عند 500 متر) بدلا من 7.23 مليارم3 الحالية (عند منسوب 490 متر)، اذ أن رفع منسوب الخزان فوق 490 متر سيدخل رمو خزان الروصيرص الي الأراضي الأثيوبية –- ليمتد الرمو لمسافة 20-40 كيلومتر داخل أثيوبيا ، ويتسبب في غمر كبير لتلك الأراضي ،بما في ذلك اغراق موقع سد النهضة الحالي علي بعد 20 متر من الحدود السودانية (أنظر الرسم المرفق أن تمكن الناشر من رفعه)!

 ولو كان السودان قد جاري مصر بالأرتفاع بسده القومي الي سقف مصالحه الوطنية ، لربما كنا شهدنا اعادة لسيناريو السد العالي مع مواقع السدود السودانية عند الشلال الثاني والثالث و سمنا، وهي هنا ستكون:
 أهدار موقع سد النهضة أو
 خفض فرق التوازن المائي عنده
 وتهجِّيرالقدرة الكهرومائية الكامنة لديه من الأراضي الأثيوبية الي الأراضي السودانية (عند موقع سد الروصيرص)

 وهكذا ضحي السودان بالتعلية الي 510 متر ، بل وحتي الي 500 متر ،مما كان سيوفر له الخيرات الأتية:
تحقيق استغلال أفضل لأمكانات الموقع المائية:
 زيادة سعة التخزين - رفع حجم التخزين
المائي (عند التعلية حتي 500 متر) الي 11.51 مليارم3، مما كان:
 سيمكن البلاد من تخزين حصة السودان من مياه النيل كاملة!
 وتمكين السودان من زيادة الرقعة الزراعية المروية صناعيا
 تأمين فرق توازن مائي أعلى (عند
التوربينات) و بالتالي زيادة التوليد
الكهرومائي (الميقاواتس)
 تقليل حجم الماء المراق (Spillage) عبر
المفيض ، مما يوفر دفقا أكبر للمياه —
يتجاوز بكثيرمعدلات الزيادة في التبخر
 زيادة في انتاج الطاقة (القيقاواتس –
ساعات)
 توفيرقدر أكبر من السيطرة على إمدادات
المياه
 خفض أو تثبيت ( (Stabilization انتقال
الرواسب الطميية
 • أخيرًا وليس آخِرًا:، زيادة هامش الأمان لسد الروصيرص من خلال تقليل فرصة حدوث علو الماء (Overtopping) للجسم الخرساني للسد أو لأجنحته الترا بية!
فتأمل أيها القاريء كيف كان السودان بارا بجيرانه ولو علي حساب مصالحه! وقد جاء في تفسير ابن كثيرللأية الكريمة : "وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسهمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَة "(الحشر 9) "أنهم آثَرُوا عَلَى أَنْفُسهمْ مَعَ خَصَاصَتهمْ وَحَاجَتهمْ إِلَى مَا أَنْفَقُوا"!
 اما ان عمدت أثيوبيا الي خفض منسوب سد النهضة عن 640 متر لتفادي غمر أراضيها، فذلك سيقلص فرق التوازن المائي لينعكس سلبا علي توليد ال 6000 ميقاوات المنشودة!

 كما أن جيولوجية الموقع، وبالتحديد نفاذية الصخور المعنية بسلامة السد قد تلجم ليس فقط الميقاواتس المنشودة، بل قد تنقض حتي مشروعية قيام السد فوقها ، اتساقا مع دراسات الموقع السابقة:
 فالأساس الطمي ( المترسب من نهر يحمل في جوفه في السنة المتوسطة 70 مليون متر مكعب من الطمي) يحظرقيام السدود الركامية الصخرية كسد النهضة السروجي
 والأساس الطيني الصلصالي ( Clayوالذي وردت الأشارة اليه في دراسات سد الروصيرص عن المنطقة ،والذي يغطي صخر القرانيت والصخر الناري Pegmatitesمن تحته والممتد علي طول الجناح الغربي لسد الروصيرص) ، رغم أنه يمنع التسرب (Underseepage) ، الا أنه فوق ذلك يمنع قيام السدود "الجاذبية الخرسانية" كسد النهضة الرئيسي والسدود الركامية كسد النهضة السروجي،
 ورغم أن صخر القاعدة لسد الروصيرص (والغالب كذلك لسد النهضة ،اذ ان جيولوجيا المنطقة متطابقة علي جانبي الحدود كما اشارت الي ذلك دراسة المكتب الاستشاري "ابفيدر”:
The International Panel on Flood Discharges for Roseires-IPFDR22
وهي تتألف من "الصخور المتحوله" التي تتراوح مقاومتها "للتهصر"(أي"القوة الضاغطة" للسد عندها) بين 35-240 ميجا باسكال (وهوحجم التحميل الذي يؤدي الي تفتت تلك الصخور)،
 لذا فقد برزت شكوك حقيقة عند تشييد سد الروصبرص حول قدرة تربة القطن السوداء (والتي تبلغ نسبة الطين الصلصالي فيها 70% وتغطي صخر القرانيت والصخر الناري (Pegmatites الذي يقف فوقه سد الروصيرص) ، كقاعدة (Foundation ) أو كمادة جوفية (Core) للسد على المدى البعيد!
.
 أما طوبوغرافية الموقع ، فتنذر باحتمال حدوث انهيارات أرضية وانهيارات أنفاق وعدم استقرار للمنحدر، كما حدث لسدي "جيبي الثاني" وتكيزي الأثيوبين بعد تشييدهما ، مما وضع محطة الطاقة الكهرومائية للأخير خارج الخدمة معظم سنته الأولي، وقد تكون الأنهيارات نتيجة :
 لأرتفاع وانخفاض منسوب الخزان مع أحمال الذروة واغوار التوليد الكهرومائي أو
 لضغط المياه الجوفية أو
 عندما تعمل الزلازل علي تسييل المنحدرات وزعزعة استقرارها

 وهناك أيضا زلزالية الموقع - أي الصدع الزلزالي في المنطقة وماحولها - الذي وثق له تقرير اللجنة الدولية الأستشارية لسد الروصيرص وقد اوردنا نصه أدناه في متن هذه الحلقة - والذي يمكن أن يتجلى علي شكل ازاحة للمنِشأة ،أو ك"فيتو"علي اشادتها أصلا في ذلك الموقع ، اذ أن التصدع النشط يمنع قيام السدود الخرسانية كسد النهضة ووجود سدود – خاصة الثقالية منها كسد النهضة - في منطقة ناشطة تكتونيا كالصدع الأفريقي العظيم ، قد يجعلها أكثر خطرا من خطرتغير المناخ ، كما قال بذلك بروفيسور كريس هارتنادي (Hartnady) من جامعة كيب تاون

 وبالنسبة ل "هايدرولوجيا" الموقع ، فالغاية المبتغاة الأولي هنا هي تعظيم ايراد الحوض المائي ، من خلال :
 السعي لأستغلال مجمل صافي فرق التوازن المائي ، لكن هذا ليس ممكنا ، بسبب الفقد الهيدروليكي على طول حبس النهرالخ …
 والسعي لأستغلال مجمل الأنسياب المائي ، لكن هذا أيضا لن يكون ممكنا نظرا للخسائر التي لا مفر منها ،كالحاجة لأستبقاء "مياه الشطف" لغسيل الخزان من الرواسب الطميية الخ…

 أما التخزين في الخزان فهو العامل المفتاح أو"الحدي" بين كل تلك العناصر عاليه التي تحِدّ او تمنع توليد ال 6000 ميقاواتش المنشودة ، وهوالمحدد لتنمية الطاقة الكهرمائية:
 فرغم أن السعة الكلية لسد النهضة تبلغ 74 مليارم3 ، الا أن ما يهم هنا هو "التخزين المفيد "(وخاصة "تخزبن الحفظ " الذي تولد منه الكهرباء- أنظر الرسم المرفق أن تمكن الناشر من رفعه) ، وامتلاء السد بالطمي ، يقلص حجم "التخزين المفيد"(و أيضا يقلص حجم حيز"تخزين الفيضان")،
 وبسبب خلو سد النهضة الا من 2 من "بوابات التحكم السفلي " ، فسيكون جُلّ التصريف للسيطرة علي الفيضانات المشبعة بالطمي عبر التوربينات (بجانب المفيض) : مرور الطمي عبر تلك التوربينات (عند توليد الكهرباء) سيستدعي إصلاح مستمر لها و ينجم عنه ابقاء العديد من هذه التوربينات خارج الخدمة طوال الوقت، مما يمثل فقدا كبيرا للتوليد الكهربائي خصما علي هدف توليد ال 6000 ميقاواتس المنشودة!

 أيضا ، من المؤكد ان أثيوبيا ستحجز مياه اخري فوق منسوب "التخزين الميت" ، تمثل لها "مستوي الحد المائي الأدنى الحرج للتوليد الكهربائي الأقصى"

 والتخزين (كقيد مكاني) و الجريان النهري (كقيد زماني) يشكلان "وقود" الطاقة الكهرومائية، و لما كان الأثنان مقيدان ، فهذا يجعل الطاقة الكهرومائية مصدرا "محدود الوقود" ، اذ لا يمكن تركيب قدرات كبيرة حسب احتياجات الطلب علي الطاقة ، عكس ما هو الحال في التوليد الحرري!

 وان عمدت أثيوبيا لجعل خزان سد النهضة متعدد الأغراض(Multi-purpose Dam)، فمن الضروري عليها حل التناقض بين الأغراض المختلفة وهذا يضع المخطط الأثيوبي أمام معضلة التضحية بهدفه الرئيسي في تحقيق أقصي توليد كهربائي ممكن ، ان كان له الأيفاء بوعوده لدول الجوار أولمتطلباته القومية الأخري (سنرجيء موضوعي " تناقضات "التوليد الكهربائي مع مكافحة الفيضان" ومع "حماية سدود دول الأحباس السفلي من الترسبات الطميية" لنخصص لهما حلقات حصرية لاحقة ان شاء الله لكون ان الغرضين يندرجان تحت الفوائد المفترضة من السد للسودان)

 وكمثال للتناقض بين التوليد الكهربائي والري، (مثلا للمشاريع الزراعية الطموحة التي اقترحها الغربيون لأثيوبيا والتي فصلناها في الفصل السابع من هذه الدراسة) ، فان :
 تصريف المياه اليومي لتوليد الطاقة الكهربائية يتفاوت بين أحمال الذروة والاغوار، بينما
 تصريف المياه اليومي للري هو تدفق منتظم (Uniform Discharge)
 وبينما يتطلب التوليد الكهربائي التفريغ السريع للخزان (أي خفض منسوب المياه ) عند توليد الطاقة، يتطلب الري السحب المتدرج للمياه
 وسيعاق انتاج الكهرباء إذا تم حجز مياه للري في الخزان خلال فترة خمول الزراعة، في حين أن تصريف المفيض يمثل خسارة للري

 وكمثال للتناقض بين التوليد الكهربائي والملاحة، فان:
 الملاحة تتطلب سدودأ منخفضة (مما يتعارض مع أهداف الري و الحماية من الفيضانات ويعيق التخزين للاستخدامات الأخرى) ، لا سدا ارتفاعه 145 مترا كسد النهضة !
 كما ان قوة الذبذبة (Power Surges) والنبضات (Pulsations) الكهربائية قد تعيق الملاحة
 أما ان اختار سد النهضة "التخزين المشترك" في نفس المساحة لأكثر من غرض واحد ،
 فسيكون ذلك ضارا بالملاحة:
• لأنه يجب أن يتم تفريغ منطقة الاستخدام المشترك سنويا،
 وضارا بالتوليد الكهرومائي أيضا:
• اذ أن كل "منطقة التخزين للحفظ" قد لا تسهم في انتاج "القدرة الثابتة" (Firm Power ،أي تلك الكهرباء التي ينبغي توفرها في كل الأوقات)

 وكمثال للتناقض بين انتاج الكهرباء وحصاد الثروة السمكية:
 فأن انتاج الثروة السمكية يتطلب اطلاق منخفض للمياه(Minimum Releases) ، بينما
 توليد الطاقة يتطلب التفريغ السريع للخزان (خفض منسوب المياه ) ،
 كما أن توليد الكهرباء يقود الي خفض أو انقطاع الأنتاجية السمكية بسبب تغيرات تدفق التيار، اضافة الي أن:
§ السد يشكل حاجزا يمنع هجرة الأسماك من والي خلف السد ،الا اذا تم تشييد مدرجات للأسماك( Fish Ladders) وهو أمر صرف السودان النظر عنه في سد الروصيرص لما يتطلبه منشئات مكلفة وواسعة التعقيد!
§ كما أن مد وجذر التيار في الأحباس السفلي أو تذبذب منسوب المياه أمام السد Tailwater-Level Fluctuations يمكن ان يقتل الكائنات المائية

 وبالأضافة لكل ما سقناه عاليه من أسباب تعيق ، ليس فقط توليد ال6000 ميقاواتس المفترضة من سد النهضة ، بل وحتي ال1639 ميقاواتس
( سقف التوليد الحقيقي لسد النهضة ) ، هناك عناصر"عدم اليقين" والتي يمكن أن تكون :
 هيدرولوجية، كتدفق المجاري المائية، الخ...
 أو هيدروليكية، كالتفاوت في المواد أو أخطاء النمذجة الخ …،أو:
 أوهيكلية كالتعرية أو التشبع بالمياه وفقدان استقرار التربة الخ...

 وهناك عدم اليقين المتعلق بالتصاميم الهيدرولوجية:
 كالألتباسات الهيدرولوجية بشأن عمليات تدفق المجاري المائية الخ ...

 وهناك عدم اليقين (أو الأخفاق) الهيدروليكي ، مثلا فيما يختص بالتصرف المائي التصميمي المستخدم في بناء السد الخ ...

 وهناك عدم اليقين (أو الأخفاق ) الهيكلي ، مثلا الناجم عن تشبع التربة بالمياه و فشلها الهيدروليكي

 وعلي الصعيد الأقتصادي، هناك عدم اليقين حول التمويل لبناء السد ومبيعات الكهرباء

 وكما هناك "عدم اليقين "، فهناك " المخاطر" (Risk) ، مثل :
 المخاطر الطبيعية (كالزلازل الخ)
 والتفاوت (الاختلافات) في خصائص المواد
 ومخاطر التشييد، (مثلا لعدم كفاية التحقيقات الفنية لنجاعة الموقع الخ…)،
 ومخاطرالطقس
 ومخاطر اخفاقات التشغيل والصيانة ،
 ومخاطراطالة فترة التركيب والتجميع (Build-up Period) ،
 وحل مشاكل "التسنين"( “Teething” Problems)
 واخفاقات التفاعل بين البشر والمكونات التكنولوجية للنظام الخ...

 وكل ما سبق قد يعيق ، ليس فقط من توليد ال6000 ميقاواتس المفترضة من سد النهضة ،بل وحتي توليد ال1639 ميقاواتس -- سقف التوليد الحقيقي لسد النهضة!
هنا ينتهي الموجز ، فالي متن الدراسة:
* * * * *

مقدمة:" إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا" (المزمل 5 )
و"إِنَّ الرَّائِدَ لا يَكْذِبُ أَهْلَهُ "(حديث شريف)

و"الكلام في هذا الغرض مستحدث الصنعة، غريب النزعة، غزير الفائدة (ان شاء الله)، أعثر عليه البحث وأدي اليه الغوص" ...
"وأعلم أن الهندسة تفيد صاحبها اضاءة في عقله واستقامة في فكره لأن براهينها كلها بينة الأنتظام ، جلية الترتيب ، وقد زعموا أنه كان مكتوبا علي باب افلاطون : من لم يكن مهندسا فلا يدخل منزلنا!"
( ابن خادون في "مقدمته")،

وقديما قالوا:" قتل ارضا عالمها"
(أي عرف مسالكها فلم يضل)
وقتلت ارض جاهلها"
(أي هلك فيها الجاهل بأحوالها وطرقها)

اذا ، "‏ مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَقُولُونَ كَذَا وَكَذَا ‏"‏ ..."
كما علمنا الرسول (ص) أن نقول

"وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ" ( الجاثية24 )
"وَأَنَّىٰ لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَّكَانٍ بَعِيد" (سبأ 52)

وقد كادوا " يوْرَدَوا قومنا حِيَاضَ عَطِيشٍ" ، في "أمر لا ينادي وليده"، وتلك محنة محن الله بها أهلينا:

 "فاللجنة الثلاثية الدولية» ،كانت قد رأت غير مارأوا ! وهي لجنة ضمت عشرة خبراء، (منهم خبيران من كل دولة وأربعة خبراء دوليين في مجالات هندسة السدود والموارد المائية والتأثير الاجتماعي والبيئي) ، وكان قد تم تشكيلها لتقييم سد النهضة من خلال :
 تقيم التقرير الذي أعده المقاول المنفذ للمشروع، وقدمه للجنة في يوليو 2012
 والتقارير التي وفرتها أثيوبيا

 وأما المحاور التي غطاها تقرير تلك اللجنة الثلاثية الدولية حول سد النهضة والذي كشفت عنه الصحف لأول مرة في 29 أبريل 2014 فقد تضمنت:
 حجم التوليد الكهرومائي ، موضوع هذه الحلقة، ثم – مما سنتناوله بالتحليل تباعا ان شاء الله:
 قواعد تشغيل الخزان
 الترسبات الطميية
 معدل (حجم) التبخر للمياه من السد
 التغيرات المناخية
 تدفق وحركة المياه فى الخزان
 تصميم السد
 سلامة السد

 و"قدم التقرير معلومات تفصيلية عن سد النهضة وتكوينه من خلال ما قدمته إثيوبيا من دراسات وتصميمات لخبراء اللجنة"، ووفقا لماجاء في تقرير اللجنة الدولية فإنه:
 "تم البدء في تنفيذ المشروع في يناير 2011، وأنه
 "قد يحتاج (السد) إلى أكثر من سبع سنوات للانتهاء من بنائه منذ تاريخ بداية الإنشاء أي بنهاية 2017، وعلاوة على ذلك:
 "قد يحتاج (السد) إلى ثلاث سنوات إضافية لتوليد 216 ميجا وات من الكهرباء من خلال أول وحدتين لإنتاج الكهرباء، بينما
 "يحتاج تشغيل باقي التوربينات وتوليد كمية الطاقة المتوقع وصولها إلى 6000 ميجا وات ما بين 5 و7 سنوات منذ بداية الإنشاء
 "شكك التقرير في قدرة السد(أي سد النهضة) على توليد 6000 ميجاوات كهرباء كما تدعى أديس أبابا: فى ظل الظروف الحالية فإنه لا يمكن التأكد من امكانية توليد 95% من حجم الطاقة المولدة من السد"—
 وقد"أوصت اللجنة الدولية إثيوبيا بضرورة التحقق من امكانيات توليد 6000 ميجاوات من الكهرباء”!

 كذلك "لم يذكر التقرير الدولي حول سد النهضة الذي قام بإعداده المقاول المنفذ للمشروع، عدد وحدات التوليد الكهربائية (التوربينات) فى السد" ، وفق ما جاء في تقرير اللجنة الدولية !

 التقرير الدولي لم يورد الأسباب التي دفعتة للشك، ولما كنا نحن قد سبقناه الي هذا الشك، فيتوجب علينا ايراد الحيثيات لذلك ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال:
"لو يعطى الناس بدعواهم ،
لأدعى رجال أموال قوم ودماءهم، لكن "البينة على المدعي واليمين على من أنكر". و ايراد البينة العلمية هو ما سنفعله ان شاء الله في هذا الجزء الثالث من "القراءة العلمية والتحليلية لتقرير"اللجنة الدولية» لسد النهضة"

استهلال:
الحصول علي الطاقة الكهرومائية يتطلب - بجانب التصريف -- توفر:
 فرق توازن مائي (Head): يتم تركيزه من قبل "سد وقناة للتحويل" بما يكفي لتوليد الطاقة عن طريق الجريان السطحي الطبيعي، حتي دون “ضبط (تنظيم تدفق) التصرف” المائي (Run-of-River)
 لكن للحصول على انتاج أكبر من الطاقة، يتوجب ضبط التصرف المائي Flow Rate Regulation

 مواصفات محطتي توليد الطاقة الكهربائية (Power Station) المقترحة لسد النهضة الموكل اليهما توليد 6000 ميقاواتس
و حجم التوليد الكهرومائي المستهدف:

 وفق أحدث المعلومات المنشورة (وأثيوبيا من
وقت لاخر تحدث بياناتها)، فان:
 التربينات للمحطة من نوع فرانسيس Francis) --16 x 375 MW
 وقدرة الطاقة القصوي (القدرة المركبة الإجمالية Total Installed Capacity) للمحطة من التوليد الكهربائي المحتمل (Potential Production) إذا تم استخدام المحطة بكامل طاقتها) هي (6,000 ميقاواتس) -- قارن مع:
 1250 ميقاواتس لسد مروي
 و2100 ميقاواتس للسد العالي
 والمتوسط السنوي المخطط له لأنتاج الطاقة يبلغ 15692 "قيقاواتس- ساعة"
 والتاريخ المخطط له للدخول للخدمة لمحطتي توليد الطاقة الكهربائية عام 2018

 حجم القدرة((Capacity و الطاقة (Energy):

 وبالنسبة لمحطتي توليد سد النهضة:
 من غير شك فان الغاية المادية المبتغاة هنا هي تعظيم التوليد الكهرومائي ( 6000 ميقاواتس) مع تعظيم انتاج الطاقة (15692 "قيقاوات- ساعة" أو أكثر) وسنري في هذه الحلقة كيف لم يتحقق تزامن مثل هذا التعظيم لمحطة توليد سد الروصيرص- ذات الموقع المقارب لموقع سد النهضة (علي بعد 126كيلومتر)-- رغم تواضع ما نشده سد الروصيرص من "الميقاواتس" و"لقيقاوات- ساعات"!

كفاءة سد النهضة الإثيوبي

 ما مدي كفاءة سد النهضة الإثيوبي في انتاج الكهرباء ؟

 فرق التوازن المائي (Head, H) والتصريف (Discharge, Q) هما العنصران الحاسمان لأنتاج القدرة الحصانية الكهربائية (Electrical Horse Power , H.P.)، فنظريا:
H.P=9.9 Q (m3/s) H (m)

 التوليد الكهرومائي في الظروف المثلي ذو كفاءة عالية بالمقارنة بالتوليد الحراري ( حيث تتراوح كفاءته بين :
33 الي 95 %، (لكن لاحظ كيف يمكن أن تتدني كفاءته الي 33% عندما لا تحسن ادارته!) ،بالمقارانة ب :
 25-40 % للمولدات البخارية
 و27-34% للمولدات الغازية
 و34-37% لمولدات الديزل،
 و للتوليد الكهرومائي ميزات أخري منها انه:
 سريع بدء التشغيل ( Quick Start-up- أقل من 4 دقائق ، (مقارنة بتوربينات البخار مثلا (التي تحتاج لأكثر من 30 دقيقة)
 ذو "سلسلة نقل" (Transfer Chain)
إقصر لغياب الغلايات
 ذو كلفة تشغيل أقل

لكن بالمقابل:
 التوليد الكهرومائي ذو تكاليف رأسمالية
أكبر!
 ووقت تركيب (Installation Time )
أطول 8-15 سنة مقارنة ب:
1-1.5 سنة المحطات الغازية
و4-5 سنين للبخارية
مما قد يؤخر دخول محطتي توليد سد النهضة للخدمة ، "فالخطأ زاد العجول" ، كما يقول المثل العربي !
وكان تقرير اللجنة الثلاثية الدولية قد نبه الي ان السد"قد يحتاج إلى ثلاث سنوات إضافية (بعد 2017) لتوليد 216 ميقا وات من الكهرباء من خلال أول وحدتين لإنتاج الكهرباء"

 شبكة الكهرباء الأثيوبية يهيمن عليها التوليد الكهرومائي بصور مطلقة اذ تبلغ نسبته في الشبكة 99% مقارنة ب:
 75% للسودان
 و8.3 % لمصر

لكن ما مغزي هذه الهيمنة (99% من التوليد الكهربائي ) بالنسبة لقدرة هيئة الطاقة الكهربائية الإثيوبية لتوليد 6000 ميقاواتس من الكهرباء المنشودة من سد النهضة ؟
في ظل هذه الهيمنة:
 فان تفاوت حجم تدفق التيار المائي للنيل الأزرق (الذي يعول عليه لتحقيق هذا التوليد) ، يجعل الأنتاج الكهربائي يتقلب من موسم لأخر ومن سنة لأخري
 ويدفع في اتجاه زيادة فاقد الطاقة (Energy Losses)عبر نظام االنقل (أو مايسمي Hydro “Transmission Liability، خصما علي ال15692 "قيقاوات- ساعة" من توليد الطاقة المؤمل فيها
 و زيادة التكاليف السنوية نظرا لطول خطوط نقل الطاقة
 كما أن هيمنة التوليد الكهرونائي تولد تصادم أغراض استخدامات المياه )التي سنتناولها بالتفصيل ها هنا بعد حين)

وكل ما سبق يَحِدّ من قدرة هيئة الطاقة الكهربائية الإثيوبية لتوليد ال 6000 ميقاواتس من الكهرباء المؤمَّل فيها من سد النهضة!


 أنواع الكفاءة (Efficiency) :
هناك عدة معايير لقياس مدي كفاءة سد النهضة الإثيوبي في انتاج الكهرباء:
 الكفاءة الهيدروليكة (Hydraulic Efficiency
 ) وتعني كفاءة التوربينات، أي نسبة فرق التوازن الصافي (HN أو التصميمي البالغ 133 متر) إلى فرق التوازن الأقصي HG والذي يعادل 125% من الصافي، أي166متر، والتي تعكس خفض الطاقة المولدة بسبب الفقد الهيدروليكي (نتيجة الاحتكاك، والانفصال، والتاثيرات الأخري) ، هذا يجعل كفاءة التوربينات والمولدات التي ستختارها هيئة الطاقة الكهربائية الإثيوبية لمحطتي التوليد ستكون في حدود 80 %

 كفاءة محطة التوليد(Power Plant Efficiency)، والتي تعادل الكفاءة الهيدروليكية (80%) مضروبة في جماع كفاءة الحذافات (دواليب تنظيم السرعة Flywheels) الخ ... مجتمعة ، وتتراوح كفاءة محطة التوليد الكهرومائي عادة بين 33-95٪ كما أشرنا عاليه
 اذا أين يمكن أن تكمن أسباب التدني المحتمل لكفاءة محطتي توليد سد النهضة؟
تتمثل هذه الأسباب في:
طريقة توزيع الأحمال (Load Distribution، فالكفاءة تتدني بسرعة في التحميل العالي ، ولما كان تصريف النيل الأزرق لن يكون كافيا في فترات خفض التصريف (اذ يبلغ متوسط تصريف الذروة خلال فترة التدفقات المنخفضة 100 متر م3 فقط بالمقارنة ب6300 متر م3 خلال فترة الفيضانات)، فستجد هيئة الطاقة الكهربائية الإثيوبية نفسها مرغمة:
 بعدم تشغيل التوربينات قريبا من مستوي الحمولة الكاملة (Full Load)،
 وهي أيضا لن تستطيع استخدام عدد كبير من الوحدات على النظام لتجنب التحميل غير الكفؤ، وذلك لأن الطاقة الكهرومائية مصدر "محدود الوقود" Fuel-limited بسبب أن التخزين -- كقيد مكاني-- و الجريان النهري الموثوق به -- كقيد زماني-( اللّذان يشكلان "وقود" انتاج الطاقة الكهرومائية)، مُقَيَّدٌان، لذا فان هيئة الطاقة لن تستطيع:
§ تركيب سوى قدرة (Capacity) محدودة، في سد النهضة
§ ولن تتمكن من استخدامها الا لزمن محدود-- حوالي 50-60٪ من الوقت، وكان تقرير اللجنة الثلاثية الدولية لسد النهضة قد أشار (وقتها) الي أن التقرير الذي قام بإعداده المقاول المنفذ للمشروع ، لم يذكر عدد وحدات التوليد الكهربائية (التوربينات) فى السد"!

لكل هذه الأسباب – ولغيرها مما نورده في هذه الدراسة ، ستعاني محطتي توليد سد النهضة من تدني الكفاءة وعدم تحقيق رقم ال6000 ميقاواتس المنشودة، وهي حقائق ثابتة ينبغي استّذكارها ليس فقط في حضرة سد النهضة ، بل عند تقيم فوائد أي سد أخر!

 عامل )حمولة وحدة توليد( القدرة:
Power Plant Load (Capacity) Factor هو نسبة المتوسط السنوي(المقدر) لتوليد الطاقة "الفعلي" (15,692قيقاواتس- ساعة ) الي القدرة المركبة ")التوليد الكهرومائي المحتمل والمخطط له)" Installed Nameplate(Rated) Capacity (6000 ميقاواتس) إذا تم استخدام المحطة بكامل طاقتها ، وهي نسبة وجدنا أنها تعادل في حالة سد النهضة (.2986) أي 30 %، وهو رقم يتفق مع ماورد في تقرير اللجنة الدولية ، لكنه بالطبع هو رقم لا يمكن التحقق منه قبل تشغيل المنشأة ، قارن مثلا مع :
 متوسط عامل القدرة للثلاثة سنين الأخيرة للتوليد الكهرومائي بالمملكة المتحدة والبالغ (33.7%) ومع:
 االمتوسط العالمي البالغ (44 %) ، و مع
 عامل قدرة يعادل 45-60٪ ينسب لمحطات التوليد الأخري الأصغر في إثيوبيا:
مما يدفع للأعتقاد أن سدا أصغر سيكون أكثر جدوي من سد الألفية من حيث الكفاءة والكلفة ،

 لكن هذه الأرقام مُضَخِّمُة بسبب تضخيم القدرة المركبة كما سنري الأن:
 فباستخدام معادلة التوليد الكهربائي (ومتوسط التصريف السنوي الوارد في التقرير النهائي للجنة الدولية - والبالغ 1547 م3 في الثانية - وصافي فرق التوازن المائي الوارد في نفس التقرير، والبالغ 133 مترا، مع معامل 0.746 )لتحويل "القدرة الحصانية الكهربائية" H.P. الي كيلوواتس) أي:
Theo. Elec.H.P.=9.9 Head (m) Q(m3/s)
H.P.=9.9 X1547X133 = 2036935
KW=2036935X0.746) =1519553
نجد أن القدرة المركبة النظرية ( للتوليد الكهربائي) عند سد النهضة ستبلغ (1519.6) ميقاواتس !
 أي ليس ال 6000 ميقاواتس التي روجت لها هيئة الطاقة الكهربائية الإثيوبية! والتي يبدو أنها استخدمت تصريفا قدره (6108)م3 في الثانية لموقع السد – من باب تسويق السد لدول الجوار - وعينها علي تصريف عام 1946 الفريد ( من نوعه ) ، والذي بلغ 10,800 م3 في الثانية - أي أن الهيئة استخدمت تصريف (6108)م3 في الثانية بدلا من متوسط التصريف الوارد في تقرير اللجنة الدولية والبالغ (1547)م3 في الثانية والقريب من متوسط التصريف للفترة 1912-1952 والبالغ( 1572) الذي استخدمه السودان في سد الروصيرص!

وباستخدام معادلة التوليد الكهربائي الأخري مع ارتفاع السد،وكفاءة تعادل (%80) للتوربينات والمولدات أي:
Power (KW) =
Height (475.722 ft) X Q (54631.79ft3/s) X 0.80) / 11.8
هذه المعادلة تضع القدرة المركبة ( التوليد الكهربائي) عند (1762) ميقاواتس وليس ال 6000 ميقاواتس كما تزعم هيئة الطاقة الكهربائية الإثيوبية، التي كان تقرير اللجنة الدولية أصلا قد "شكك في قدرة سد النهضةعلى توليدها" مضيفا أنه:
"فى ظل الظروف الحالية فإنه لا يمكن التأكد من امكانية توليد 95% من حجم الطاقة المولدة من السد"،
لكن التقرير الدولي – كما أسلفنا - لم يورد الأسباب التي دفعتة للشك،كما نفعل نحن هنا:

 واذا أخذنا متوسط الرقمين عاليه (أي 1639450
كيلوواتس) لتقدير توليد الطاقة السنوي
(بالكيلووات- ساعة)، مع معادلة توليد الطاقة
المعروفة، أي:
Energy (KWh)
= (1639450 KW) x (24 h/ day) x (365 days/y) = 1.4361582X1010 KWh or 14,362 GWh
نحصل علي رقم (14,362) قيقاواتس- ساعة ، لتوليد الطاقة السنوي وهو رقم قريب من رقم (15,692) الذي ورد في تقرير اللجنة الدولية !
 لاحظ أن دراسة مكتب استصلاح الأراضي الامريكي لعام 1964 اختارت "سد الحدود" (Border Dam) لنفس الموقع ، ولكن:
 بسعة (11.1) مليار م3 ( وليس 74 مليار م3)
 وبارتفاع 85 متر (وليس 145متر)
 وبتوليد 1400 ميقاواتس" (وليس 6000
ميقاواتس) ، أي حتي أقل مما تحصلنا عليه هنا!

 وبفحص (متوسط) القدرة المركبة ( التوليد الكهربائي الحقيقي )الذي توصلنا اليه هنا (أي 1639 ميقاواتس)، نجد أن رفع مقترح سد الحدود من 85 مترالي 145 متر (ليشكل سد النهضة الحالي ) لم يضف الا 239 ميقاواتس! أي 3% فقط من الميقاواتس التي تزعم الهيئة أنها قادرة علي توليدها من السد ، ولاعجب في ذلك:
 فالتوليد الكهربائي (الميقاواتس) يتناسب مباشرة مع التصريف ، والتصريف هو ذات التصريف عند سدي الحدود والنهضة ، بينما
 التوليد الكهربائي يتناسب مع (H1.35) ، أي أن رفع فرق التوازن المائي الي قوة (1.35) هو المسئول عن انتاج ال 239 ميقاواتس الأضافية!
وهي اضافة متواضعة لا تفسر استبدال سد
الحدود بسد النهضة!

 أما من ناحية توليد الطاقة السنوي، فان رفع مقترح سد الحدود من 85 مترالي 145 متر (ليشكل سد النهضة الحالي) ، لم يضف الا 2094 قيقاوات-ساعة! أي 13% فقط من المتوسط السنوي المخطط له لأنتاج الطاقة!

§ ولما كان تتالي (Cascading) سد الحدود (بارتفاع 85 متر وسعة 11.1مليار) مع سدود كارادوبي و وموبيل ومندايا يولد مايقارب ال(6000) ميقاواتس التي تنشدها أثيوبيا ، فمن الواضح أن زيادة السعة من (11.1مليارم3) الي 74مليار م3) ليس الهدف منها زيادة حجم التوليد الكهربائي ، بل زيادة القدرة علي التحكم في مياه النيل الأزرق، من خلال اضافة سد رديف هو "السد السروجيٍ "(الجسري الركامي الصخري Rock-Fill Embankment Saddle Dams ، في الضفة الغربية من السد الرئيسي (التي تكاد تكون طبقة ممتدة من الطين الصلصالي Clay والذي يمنع أصلا قيام السدود الركامية Rockfill Dams كسد النهضة السروجي) ، وذلك بهدف :
• تحقيق ارتفاع أعلى للمياه
• و تحقيق سعة تخزين أكبر،
ليس لأنتاج الكهرباء كما رأينا ، بل لتحقيق التحكم في المياه، ولكن بكلفة زيادة مخاطر انهيار سد النهضة ، وذلك لسببين:
فرغم أن سد النهضة الرئسي (أو سد الروصيرص) كسدود خرسانية تستطيع أن تتحمل غمر معتدل لسقفها (Moderate Overtopping) ، الا أن سد النهضة السروجي الجسري ذو الحشوة الصخرية من المرجح أن يؤدي مثل هذا الغمر الي تدميره
ورغم أن السد السروجي مقاوم للضرر من الزلازل، لكن ان كان "ضبط الجودة" خلال البناء غير كاف يمكن أن يؤدي ذلك إلى ضعف انضغاط التربة ، والذي بدوره قد يؤدي إلى تسييل (Liquefaction). للحشوة الصخرية أثناء الزلزال. )سنتناول قضية المخاطر لاحقا ان شاء الله في فصل حصري من هذه الدراسة(

 حاكمية سرعة دوران التوربينات وكفاءتها علي سقف إنتاج الطاقة:

 الطاقة الكهرمائية المنتجة ترتبط وظيفيا بسرعة دوران التوربينات، والتي تعتمد علي:
 فرق التوازن المائي (Head) بين منسوب الخزان والتوربينات
 حجم تصريف المياه عبرالتوربينات (Turbine Discharge)
 وهناك ثلاثة خصائص للتوربينات تحِدّ من الطاقة التي يمكن تطويرها من أي موقع، وسد النهضة ليس استثناء من ذلك ، وهي :
 نطاق فرق التوازن المائي الذي يمكن استخدامه(Usable Head Range)
 التصريف الأقصي للتوربينات(Turbine Maximum Discharges)، والذي يمثل عادة "القدرة الهيدروليكية" (Hydraulic Capacity) لمحطة التوليد
 التصريف الأدني للتوربينات(Turbine Minimum Discharges)، حيث أن "مشاكل التجويف" (Cavitations Problems) تعيق التوليد الكهرومائي تحت التصريف الأدني للتوربينات،
ومن ناحية أخري، فأن:
 منسوب الخزان قد يتدني لمستوي منخفض للغاية -- مثلا :
 بسبب الجدب أو الجفاف (سنشرح هنا لاحقا الفرق بينهما فيما يختص بسد النهضة) الناجم عن التغير المناخي (Climate Change)أو
 بسبب الخطأ في التنبؤ بالدفق المائي ، كما حدث في حالة سد "قيب الثالث"(Gibe III) الأثيوبي ،بحيث لا يسمح بتشغيل التوربينات، فواحد من أهم المتغيرات في تصميم السد هو “الفيضان الأقصي المحتمل" (Probable Maximum Flood—وهو ليس قيمة ثابتة ، بل يعتمد علي:
موثوقية المعلومات ( مثلا في التنبؤ بالدفق المائي)
دقة التحليل
التقدم في المعرفة التقنية. ومن هنا يجب أن يتم مراجعة الفيضان الأقصي المحتمل دوريا ، وهي امور شرحناها في الحلقة الثاتية من قراءتنا لتقرير اللجنة الدولية لسد النهضة

 دعنا الأن نفحص مدي قدرة سد النهضة الإثيوبي في انتاج 6000 ميقاواتس من الكهرباء من زاوية أخري:

 حجم التوليد الكهرومائي وانتاج الطاقة التي يمكن الحصول عليهما من محطة التوليد تحددة خمسة عوامل:

 الموقع

 التصريف المائي—أو الجريان النهري (Stream Flow or Discharge,Q) ، وبالتحديد تصرف المياه المارة عبر التوربينات ( Turbine Discharge)

 فرق التوازن المائي(Hydraulic Head, H) الذي يوفره السد من خلال رفع مستوى المياه أعلي النهر( أي خلف السد) ، وبالتحديد سرعة التوربينات (Turbine Speed) التي هي "دالة" علي فرق التوازن المائي

 تخزين المياه(Water Storage) ، وهو المفتاح لتنمية الطاقة الكهرمائية ، أي العامل المحدد (Limiting Factor) لها، فهو يرفع من قيمة الطاقة الكهرمائية إلى حد كبير، لأنه يتيح جني ثمار الطاقة الكهرمائية عندما يكون التخزين في أعلى قيمة له

 التنافس علي مخزون المياه في الخزان واستخدامات الأراضي
(Multipurpose Space, Time & Discharge Conflicts)

دعنا نتقصي في أمر هذه العوامل الخمس تباعا لنري تأثيرها علي قدرة سد النهضة في انتاج 6000 ميقاواط، ولنبدأ ب"الموقع":

.1الموقع

 فقه السنن الطبيعية -- حاكمية (قيود) هيدرولوجيا موقع السد علي سقف إنتاج الطاقة وعلي سعة المفيض:

واختيار الموقع لسد النهضة (Choice of Site)

 ما بين بحيرة تانا وحدود السودان ، يسقط النيل 4265 قدم (أي 1300 متر، أنظر الرسم ان تمكن الناشر من رفعه ): هذا يعني أن طاقة كبيرة هنا متاحة نظريا (علما بأن كل قدم مكعب من المياه يسقط من ارتفاع 150 قدم يستطيع أن يولد 10 كيلوواطس)
 ولأثيوبيا 8 أحوض نهرية :
• (Wabishebelle 202220 Km2
• Abbay 199912 Km2 ,
• Genale Dawa 172259 Km2
• Awash 110000 Km2,
• Tekezie, Omo-Ghibe, Baro-Akobo, Merb,))
• وحوضا بحريا واحدا هو (Rift Valley Lake)
 أما حوض أباباي (Abbay)المتاخم لحدود السودان فيبلغ حجم التوليد الكهرومائي السنوي المحتمل منه وحده 70,036 قيقاوات-ساعة (مع مساحات أرضية قابله الري تبلغ 978,000 هكتار (أي 2.3 مليون فدان ) وفق الموقع الأثيوبي الرسمي التالي: http://www.gerd.gov.et/web/guest/aboutabay?p_p_id=56_INSTANCE_Ydc4&p_p_lifecycle

 و في اطار القيود التي يفرضها اختيار الخزان وهيدرولوجيا النهر ، هناك ثلاثة أهداف أساسية ينشدهما مصمم إيا من سدود الطاقة – وهي:
 احسان اختيار الموقع
 تعظيم هايدرولوجيا الموقع ، وبالتحديد تعظيم ايراد الحوض المائي (Max Basin Yield)، من خلال السعي :
لأستغلال مجمل الأنسياب المائي (Total Flow Exploitation)
لأستغلال مجمل فرق التوازن المائي (Total Head Exploitation) ، والحد من فقدانه ومن الفقد المائي والحراري
 تعظيم توليد الطاقة (Maximum Power) لدي محطة التوليد
 خفض كلفة تشييد السد وخفض كلفة النظام
 وتصميم اجراءت تشغيل مثلي (Reservoir Operating Rules) للخزان

السؤال هنا:

 هل موقع سد النهضة الحالي هو :
 الأصلح للتوليد الكهرومائي بين كل المواقع في الأحباس العليا من النيل الأزرق ، بل:
 هل هو صالح حتي للخزين المستمر (Over-year Storage) ؟

دعنا نحتكم الي ثلاثة افادات (تاريخية ومعاصرة) في هذا الشأن:
 افادة هيرست وبلاك:
 "احتمال تشييد خزان واحد بسعة كبيرة جدا ...(في هذا الموقعOver-year Storage) يمكن استبعاده"

 افادة "خطة وادي النيل":
 "الموقع ليس الأصلح للتوليد الكهربائي"،
(رغم أن احد أهم أهداف الخطة هو توليد الطاقة الكهرومائية من كل المواقع علي النهرالصالحة لذلك) !
 "بل وليس صالحا للتخزين المستمر Over-year Storage"

 دراسة مكتب استصلاح الأراضي الامريكي عام 1964 :
 (خيارنا للموقع هو)"سد الحدود" (Border Dam)
 "بسعة (11.1) مليار م3 "( وليس 74 مليار م3)
 "وبارتفاع 85 متر" (وليس 145 متر)
 و"لتوليد 1400 ميقاواتس" (وليس 6000
ميقاواتس) !

 فكما نري عاليه ، فقد كان هيرست وبلاك (أبرز الهيدرولوجيين الذين ارتبطت اسماؤهم بدراسات ضبط النيل) قد استبعدا قيام خزان كبير الحجم(Over-year-Storage) في حوض النيل الأزرق بمجمله، عدا بحيرة تانا كما جاء في احد دراسات "وزارة الأشغال العمومية " ذات التأثير البارز (ٍSeminal Study):
" وادي النيل الأزرق يبلغ ... متوسط المنحدر ≈ 1.5 متر لكل كيلومتر ، لذا فان ... احتمال تشييد خزان واحد بسعة كبيرة جدا ... يمكن استبعاده ....... لكن اقامة عدد من الخزانات الصغيرة السعة أمرا ممكنا ، على الرغم من أن تشييد سدين هو أكثر تكلفة من سد واحد بنفس السعة"2

 بعدها خرجت للوجود "خطة وادي النيل" (Nile Valley Plan, NVP) وهي خطة تقدمت بها وزارة الري السودانية كحل لمشكلة النزاع حول المياه في حوض النيل وتطوير حوض النيل لمصلحة كل أفريقيا ، ولا غرو : فتنمية الموارد المائية في حوض نهر كولورادو كانت لها آثار بعيدة المدى، إلى ما وراء حوض النهر وبالمثل كان الحال مع تطويرحوض وادي تينيسي ، ووادي السند
 وجاءت دراسة وزارة الري تلك كأول دراسة في العالم استخدم فيها الحاسوب علي نهر كبير ، وكمساهمة كبيرة من السودان في المعرفة العالمية في مجال تنمية الأنهار
 وكان أحد أهداف الخطة هو توليد الطاقة الكهرومائية من كل المواقع علي النهرالصالحة لذلك
 بينما كان الهدف الأخر من الخطة هو توفير أكبر قدر من الامداد الموثوق به من المياه للجميع من احد عشرة موقعا علي النهر
 والخطة مبنية علي اساس أن :
 “تأمين أعظم فوائد ممكنة من الطاقة لجميع المشاطئة
 وتأمين أكبر مدد ثابت من المياه في جميع السنين” ،
لا يمكن ضمانهما الا بتخطيط جميع المشاريع المائية في حوض النيل لتشكل جزءا من خطة (أو منظومة) رئيسية متكاملة و منسقة للحوض ككل و تعمل تحت سيطرة موحدةUnified Control ،أي نظام متكامل للتحكم في النيل (كما هوالحال في سلطة وادي تينيسي (TVA ، وأن أي خطة اخري سوف تكون أقل فعالية، ذلك لأن:
 متوسط الأيراد المتاح ( (Mean Available) Supplies سيكون أقل
 و(متوسط) الفواقد المائية ستكون أكبر

 رغم كل ذلك ، فالشيء الواضح هنا هو أن خطة وادي النيل :
 نأت بنفسها عن الموقع الحالي لسد النهضة
 كما أنها لم تر موقع سد النهضة الأصلح للتوليد الكهربائي، رغم أن احد أهم أهداف الخطة هو توليد الطاقة الكهرومائية من كل مواقع النهرالصالحة لذلك !
 بل أن الخطة رأت أن موقع سد النهضة ليس
صالحا حتي للتخزين المستمر، (Over-year Storage) ، رغم أن احد أهم أهداف الخطة هو توفير أكبر قدر من الامداد الموثوق به من المياه للجميع !

 ثم جاءت بعد ذلك دراسة مكتب استصلاح الأراضي الامريكي عام 1964 ، والذي اقترح (لنفس موقع سد النهضة الحالي) ، "سد الحدود" (Border Dam) :
 لكن بسعة (11.1) مليار م3 ، وليس74 مليار م3
 وبارتفاع 85 متر، وليس145 متر
 لتوليد 1400 ميقاواتس! وليس 6000 ميقاواتس ، ليتتالي ((Cascaded مع ثلاثة سدود اخري أعلي النهر (Upstream) وكلها لأنتاج الكهرباء وهي:
§ سد كارادوبي بسعة (32.5) مليار م3 لأنتاج
(1350) ميقاواتس
§ وسد موبيل بسعة (13.6) مليار م3 لأنتاج
(1200) ميقاواتس
§ وسد مندايا بسعة (15.9) مليار م3 أنتاج
((1620 ميقاواتس

 ما هي الأعتبارات الهندسية و الجيولوجية التي ربما حَدَتِ بكل اولئك الخبراء استبعاد قيام تخزين مستمر– كالذي خطط لسد النهضة الأن -- في هذا الموقع؟ دعنا نري:

احسان اختيار الموقع لسد النهضة (Choice of Site) وقيود موقع السد علي التوليد الكهرومائي:

 كل دراسات ضبط النيل السابقة ("هيرست وبلاك" ، "دراسة وادي النيل" و دراسة " مكتب استصلاح الأراضي الامريكي" ،كما أوضحنا، لم يروا موقع سد النهضة الحالي صالحا للتخزين المستمر (Over-year Storage)، دون أن يوردوا الأسباب التي حدت بهم الي تبني ذلك الموقف ، لكن لا بد أن ذلك كان بسب عدم استيفاء الموقع لأغلب الأعتبارات الهندسية و الجيولوجيا السبعة التالية: 20
 حجم التصريف المائي (River Flow)— المتوسط والأدني والأقصي
 “رمو الخزان Backwater
 جيولوجيا الموقع، وبالتحديد نفاذية (Permeability) الصخور
 طوبوغرافية الموقع
 زلزالية الموقع (Seismicity)
 التأثيرات البيئية
 توفر المواد المناسبة والعمالة

 دعنا “نفتح قوس" هنا لنتناول بالتحليل تأثير هذه الأعتبارات الهندسية و الجيولوجية السبعة (حجم التصريف المائي ،رمو الخزان ،جيولوجيا الموقع، طوبوغرافية الموقع و زلزاليتة الخ…)
 ثم نعود ونواصل تحليل العوامل الخمس الباقية التي تحدد حجم التوليد الكهرومائي وانتاج الطاقة (التصريف المائي ،فرق التوازن المائي ، تخزين المياه والتنافس علي مخزون المياه ) , ولنبدأ ب "حجم التصريف المائي" :

1. دورحجم التصريف المائي
عند موقع سد النهضة في لجم توليد 6000 ميقاواتس من الكهرباء

 التصريف المائي(Q) وفرق التوازن المائي (H) ، كما أشرنا عاليه هما العنصران الحاسمان لأنتاج الطاقة الكهرومائية (H.P.)، فنظريا :
H.P. = 9.9 Q (m3/s) H (m)

 ففي الروصيرص،،-- وهي نفس بيئة سد النهضة المائية -- يتسم منسوب النيل الأزرق بتقلباته السريعة، اذ يرتفع وينخفض الي مترين في 10 أيام بل ويصل أحيانا إلى ارتفاع 4 أمتار في خلال أسبوع !

 " و بينما "أدني تصريف" و "متوسط تصريف" النيل الأزرق " يحددان معا سقف (حجم) إنتاج الطاقة السنوي ، فان أدني تصريف مائي يحدد اضافة :
 الطاقة الكهربائية الثابتة (Firm Power) التي ينبغي توفرها في كل الأوقات
 وتصميم الملحقات المساعدة في محطة التوليد(Plant Auxiliaries)

 وخير مثال لتأثير تدني التصريف المائي (وفرق التوازن المائي) علي التوليد الكهرومائي هو ما يعانيه سد الوصيرص ، مما قد يشيئ بمآلات التوليد الكهربائي المستقبلي من سد النهضة الذي يشاركه في نفس التصريف:
ففي الفترة من ديسمبرالي أبريل (أي النصف الأول من فترة التحاريق أو الشحة المائية Low Flows) حيث يبلغ متوسط التصريف المائي (100) م3 في الثانية:
 رغم أنه يمكن الحصول علي التوليد الكهربائي (الميقاواتس) كاملا (عند فرق توازن مائي بمقدار 29 مترا)، الا أن :
 انتاج الطاقة (القيقاوات- ساعة) مكبوت (مقيد) بشح التصريف المائي (Low Flow, Q)
وفي الفترة من أبريل الي يونيو((أي النصف الثاني من فترة التحاريق أو الشحة المائية Low Flows) :
 فان التوليد الكهربائي وانتاج الطاقة مكبوتين معا بسبب شح التصرف المائي (Q)،بالأضافة الي انخفاض فرق التوازن المائي(Low Head, H)

أما في الفترة من يوليوالي سبتمبر(فترة فيضان الذروة): حيث يبلغ متوسط التصريف المائي الأقصي (Average Peak Discharge ) 6,300 م3 الثانية:
 فالتوليد الكهربائي وانتاج الطاقة في الروصيرص مكبوتين معا بانخفاض فرق التوازن المائي نتيجة لأرتفاع منسوب الماء المنصرف (بعد التدويرTailwater)

 و حيث كان هيرست(Hurst) قد وجد أن :
 التصريف الأدني عند موقع سد الروصيرص في الفترة بين 1912- 1942 بلغ (7.5X106) م3 في اليوم ، أي87 م3 في الثانية ،
 لكن في عام 1914 ، هبط أدني تصريف للنيل الأزرق عند موقع سد الروصيرص الي 38 م3 في الثانية !

 وأما متوسط التصريف المائي السنوي (Average Discharge) وقت بناء سد الروصيرص فقد بلغ 1570 م3 في الثانية أوما يعادل (50.2) مليار م3 من الأيراد (و 52.6 مليار م3 عند موقع سد النهضة ، حسب حسابات أثيوبيا) ،وان كان قد بلغ 68 مليار م3 في عام 2010 عند موقع سد الروصيرص،

 ولما كان "أدني تصريف" و "متوسط التصريف" يحددان معا سقف (حجم) إنتاج الطاقة السنوي ، فبسبب ذبذبة التصريف هذه –ولأسباب اخري سنأتي علي ذكرها لاحقا -- فان أقصي ما أفصحت أثيوبيا أنها تأمل في ادراكه من توليد الطاقة السنوي من السد هو 15,000 قيقاوات- ساعة ، رغم ان طاقة التوليد الكهرومائي السنوي المحتملة في حوض أباباي وحده (Abbay المتاخم لحدود السودان والذي يغذي خزان سد النهضة) تبلغ 70,036 "قيقاوات- ساعة" !، (مع مساحات أرضية قابله الري تبلغ 978,000 هكتار (أي 2.3 مليون فدان )وفق الموفق الأثيوبي الرسمي
http://www.gerd.gov.et/web/guest/aboutabay?p_p_id=56_INSTANCE_Ydc4&p_p_lifecycle

 أما بالنسبة للتصريف الأقصي للنيل الأزرق ، فهو المحدد :
 لسعة (قنوات) التحويل(Diversion Capacity) وحجم “التحويل” الممكن" (Diversions) للتوسع المحتمل لأثيوبيا لري (978,000) هكتار في حوض " النيل الأزرق (Abbay)" مثلا وهو الحوض الأكثرأهمية في إثيوبيا،
 ولحجم المفيض المطلوب ، وهو هنا يشكل تهديدا لا للجم توليد ال 6000 ميقاواتس، بل لسلامة السد نفسه:
فبينما كان هيرست(Hurst) قد وجد أن :
 اقصي تصريف لهذه المنطقة في الفترة بين 1912- 1942 هو (425 X 106) م3 في اليوم ،أي 4919) م3 في الثانية ،
 بلغ أقصي تصريف سنوي للنيل الأزرق عند موقع سد الروصيرص في فيضان 1946 (10,800) متر م3 في الثانية ، بمعني أن فيضان عام 1946 بلغ 220% من أقصي تصريف للمنطقة علي مدي 30 عاما !

خطورة مثل هذه الفيضانات العالية ، تكمن في أن العنصر الحاسم في تصميم السدود هوالوصول الي تقدير موثوق به لحجم الفيضان الذي يمكن أن يصل إلى السد، والذي يجب التحسب له في المفيض (Spillway Design Flood --SDF)، أي الفيضان الذي يستطيع سد النهضة مثلا تمريره بأمان، عندما يفيض الخزان عند امتلائه، وهوالفيضان الأكثر أهمية لتصميم السد، لأنه يضمن سلامة البناء عند حدوث علو الماء للجسم الخرساني للسد أو لأجنحته (Overtopping ، وهوالحدث الذي يمثل وحده أكثر من ربع أسباب انهيار السدود في العالم، وفي السدود المهمة يستخدم الفيضان الأقصي المحتمل PMF على نطاق واسع كفيضان تصميمي للمفيض (Spillway Design Flood, SDF) ، وقد اختارت أثيوبيا لسد النهضة أولا19,370 م3 في الثانية "للفيضان الأقصي المحتمل " ثم ضاعفته لاحقا ، ليصبح 38,750م3 في الثانية!
لكن حجم الفيضان التصميمي للمفيض يرتبط بدرجة عالية من عدم اليقين (Uncertainty) ، والأن ، للتعامل مع هذه الشكوك، يتم استخدام أعلى الفيضانات على الاطلاق (“الفيضان الأقصي المحتمل (“PMF ، ولكن هناك دائما فرصة فيضان أعلى من “الفيضان الأقصي المحتمل” (أي أعلي من 38,750 م3 في الثانية ، الفيضان المختار لسد النهضة ) --لاحظ هنا أن ايراد النيل عند اسوان بلغ 150 مليارم3 عام 1878 بالمقارنة بمتوسط الأيراد السنوي الذي اسست عليه اتفاقية 1959والبالغ 84 مليار م3 !
ورغم أن مثل هذا الفيضان الكارثي يمكن أن يطال أيا من "سد الحدود" أو "سد النهضة" لتدميرهما –لا قدر الله — الا أن انطلاق موجة فيضان كاسرٌ بحجم (60) مليون "فدان - قدم" من سد النهضة علي السودان ومصر بلا شك ليس كانطلاق موجة فيضان كاسرٌ بحجم (0.9) مليون "فدان - قدم" من سد الحدود ! وكما قال طرفة بن العبد في بيت الشعر الذي أنهي حرب البسوس و اصطلحت بسببه قبيلتا بكر وتغلب:
أبا منذر أفنيت ، فاستبق بعضنا
حنانيك ، بعض الشر أهون من بعض !


 اذا ، فأن هذا التفاوت في حجم التصرف المائي (Stream Flow Variability) سيجعل التوليد الكهرومائي عند سد النهضىة (أو سد الروصيرص) يتقلب من موسم لأخر ومن سنة لسنةلأخري وهو أمر أوضحته"دراسة الرسم المائي “Hydrograph لمنطقة الدمازين للفترة بين 1912-1957 ، التي خلصت الي أن انتاج القدرة لسد الروصيرص سيكون موسمي لحد بعيد ، وهو أمر يصدق علي سد النهضة الذي لن تشفع له سعته الكبيرة (74 مليار م3 في مقابل سعة الروصيرص والبالغة وقتها 3.24 مليار م3) ، تماما كما لم تشفع للسد العالي في سنين الجدب (Low Flows المدمرة بين عامي 1979 و 1988 من القرن الماضي) لم تشفع له كبر سعته التي تعْتَمَدَ الأن علي أساس 2)13( مليار م3(أي ما يقارب ضعف سعة سد النهضة( :
 فقد انخفض ايراد النيل عند اسوان عام 1984 مثلا الي 59 مليار م3 مقارنة مع متوسط الأيراد المعتمد لأتفاقية مياه النيل والبالغ 84 مليار م3
 وفي أول أغسطس عام 1985 انخفض منسوب بحيرة ناصر الي 151.88 متر(بالمقارنة مع منسوبها عند بداية الجدب عام 1979 والبالغ 174 متر) مما دفع بسلطات الخزان باعادة تصميم اجراءات التشغيل (RORs) بحيث لا يتدني المنسوب لأدني من147 متر منسوب التخزين الميت لحجر مشاكل التجويف" (Cavitations Problems) عن التوربينات ، علما بأن "مشاكل التجويف" هي التي تعيق التوليد الكهرومائي تحت التصريف الأدني للتوربينات Turbine Minimum Discharges)،

 وعلما أيضا بأن "ضبط" هذا التفاوت (Discharge Regulation يمكن أن يخفض هذا التذبذب في حجم التوليد الكهرومائي ، لكن لا يلغيه!

 كل هذا سيصدق علي سد النهضة ليقلص قدرة أثيوبيا في توليد ال 6000 "ميقاواتس" المزعومة من الكهرباء ، أو ال 15692 "قيقاواتس- ساعة" من الطاقة سنويا كما هي تبشرنفسها ودول الجوار بذلك!

 وكما أشرنا عاليه ، فان التصريف المائي للنيل الأزرق يتفاوت على أساس موسمي وسنوي. وحتى وقت قريب، كان يعتقد أنه يكون مستقرا نسبيا على المدى البعيد ، لكن الآن – في ظل بصائر الهدرولوحيا الجديدة – ينظر اليه بأنه:
 يتأثر بتغير المناخ
 وذو منحي (توجه Trend) معين على المدى الطويل ، رغم إن حجم ذلك التوجه من الصعب تحديده

لكن ماذا يمكن أن يغير متوسط ايراد النيل الأزرق في تلك المنطقة من(50.2) مليارم3 في حسابات بناة سد الروصيرص الي (52.6-54.7) مليارم3 في حسابات بناة سد النهضة ؟ وفق الأرقام التي وردت في المواقع الأثيوبية الرسمية التالية:
http://www.gerd.gov.et/web/guest/aboutabay?p_p_id=56_INSTANCE_Ydc4&p_p_lifecycle
http://www.gerd.gov.et/web/guest/nile-basin

أي ماذا يمكن أن يغير المعايير الهيدرولوجية من تلك التي تعتمد الأن للتصميم والبناء في زمن النهضة من تلك التي سادت في عصر الروصيرص ؟ الأسباب تكمن في التغييرات التي طالت:
• خصائص مستجمعات المياه (Watershed)
• الترسبات الطميية
• محيط الخزان
• المعرفة و التكنولوجيا (الحاسوبية مثلا)
• التغيرات المناخية " والتي ما كانت في الوعي الجمعي لمهندسي المياه في الستينات ، لكن لا أحد يشك الان انه ينبغي أن يتحسب لها في سد النهضة وذلك:
 باضافة "عامل هراء" بنسبة 20 ٪ للفيضان الأقصي المحتمل
 والذي يجب – بدوره - أن يكون قد تم تقديره بدقة قصوي بالأساليب الهيدروليجية الحديثة
 و "بفترة عوده" لا تقل عن (10,000) سنة ذلك لأنه يستخدم في تقدير حجم الفيضان التصميمي للمفيض الذي يضمن سلامة السد!
و• أخيرًا وليس آخِرًا ، فان أسباب تغير المعايير الهيدرولوجية تكمن اضافة في التغييرات التي طالت العوامل التي تؤثر علي تدفق التيار النهري كعدم التيقن الهيدرولوجي (Hydrologic Uncertainties)، على سبيل المثال فيما يتعلق بعمليات تدفق المجاري المائية (Stream flow) – (كهطول الأمطار) ويفترض عادة أن تكون عمليات التدفق هذه عشوائية، (أي Stochastic Processes). وهناك ثلاثة أنواع من عدم التيقن الهيدرولوجي:
 عدم التيقن المرتبط بالظواهر الطبيعية
 عدم التيقن المرتبط بالنموذج الرياضي المستخدم في التحليل
 عدم التيقن المرتبط بمعلمات (أو دالات) النموذج الرياضي ( Model Parameters)

.2"رمو" الخزان
 ما بين سد النهضة والسد العالي وسد جبل أولياء: "وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ" ( العنكبوت 43)

 "رمو" خزان سد النهضة ( Backwater ، أي المياه المرتدة بالحجزخلف السد)" ، يمكن أن يسبب غمرا كبيرا للأراضي الإثيوبية ،اذ:
 يبلغ منسوب سد النهضة عند التشغيل العادي (R.L.= 640) متر فوق سطح البحر، مقارنة مع:
 490 متر لسد الروصيرص بعد التعلية ، وهو نفس منسوب ضفة النيل الأزرق عند الحدود الأثيوبية الذي لم يرد السودان ان يتجاوزه الي510 متر لكبر حجم التغول علي الأراضي الأثيوبية وهو كان قادرا علي ذلك ، بل ولا حتي الي منسوب 500 متر ليرفع سعة سد الروصيرص الي 11.51 مليارم3 بدلا من 7.23 مليارم3 الحالية بعد التعلية الأخيرة ، حتي لا يغرق "رمو" خزان الروصيرص الممتد لمسافة 20-40 كيلومتر الأراضي الإثيوبية ، بما في ذلك موقع سد النهضة الحالي !
 ولمقارنة رمو الروصيرص مع رمو خزان جبل أولياء:
 ففي موازنة خزان جبل اولياء عام 1937 بملء الخزان لمنسوب (374.5) بلغ منحني الرمو بلدة الرنك علي بعد 446 كيلومتر من الخزان
 ولما زيدت مناسيب الخزان ،بلغ منحني رمو الخزان مدينة ميلوت علي بعد 629 كيلو متر من الجبل، ولا غرو ، فان انحدار النيل الأبيض بين ملكال وكوستي يبلغ (1.25-1.5 ) سم لكل كيلو متر بينما انحدار النيل الأزرق بين الروصيرص وسنار يبلغ (12) سم لكل كيلو متر
 الغريب هنا أن لا أحد تطرق الي :
 أن قيام سد النهضة سيدفع البعض الي "البحث في الدفاتر القديمة" ، واعادة قراءة سد جبل أولياء "الناهض (كطائر الفينيق الأسطوري) من بين الرماد"!
 العبر التي يمكن لسد النهضة استخلاصها من معالجة سد جبل أولياء ( أكثر الخزانات السودانية قربا من سمة "الخزان كامل تعدد الأغراض") لتناقضات الأغراض، ولهذا الكاتب دراسة متعمقة في هذا الشان بعنوان:
"جدلية جبل أولياء : خفض المنسوب أم الخرق
واعادة عقارب الساعة الجيومورفولوجية
والأيكولوجية للعشرينات؟ تقيم تقني استعادي
(Retrospective ) لفوائد ومثالب الخيارات
المتاحة " ، والذي شمل:
 فلذكة تاريخية عن كيف عالج ( مصممو سد جبل أولياء، تناقضات أغراض الخزان التي واجهتهم ، لما فيها من عبرة لما سيواجه سد النهضة
 تقدير لحجم الأرض التي يمكن استردادها من بين فكَّيّ النيل الأبيض (341,000 فدان) ، والآثار الهيدرولوجية لأستصلاح تلك الأراضي
 في حالة الخرق :
 أثر إطلاق تركمات الرواسب الطميية والرملية الدقيقة التي يحفل بها الأن "التخزين الميت" للخزان، علي مجمل الحياة العضوية والبيئية أعلي النهر
 أثر "التشبع" (Supersaturation على الكائنات الحية أدني النهر
 ومشكلة استعادة :
• الوظائف الجيومورفولوجية الإيكولوجية للنهر، للمحاولة الأقتراب من الحصول على النظام الهيدرولوجي الطبيعي للنيل الأبيض
• بيئة الموائل النهرية (Riverine Habitats التي سادت قبل بناء السد
 في حالة خفض منسوب الخزان تأثير ذلك علي:
 خفض فرق التوازن المائي لينعكس سلبا علي توليد التوليد الكهربائي
 الكائنات المائية و التنوع البيولوجي، الخ...

 وقد كنا أشرنا في فصل سابق من هذه الدراسة أن السد العالي بتغليبه للخيار الوطني:
 أهدرموقعا لسد سوداني متميز عند الشلال الثاني بسعة 3 مليار م 3 وقدرة حصانية كهربائية محتملة تبلغ 150,000!
 وخفض فرق التوازن المائي عند سمنا بسعة 5 مليار م 3 وقدرة حصانية كهربائية محتملة تبلغ 250,000 !
 و هجِّرالقدرة المائية (الكهربائية) للشلال الثاني
(قرب سمنا ) وجزء من الشلال الثالث (عند دال
بسعة 40-25 مليار م 3) من الأراضي
السودانية الي موقع سد مصر العالي !

 ولو كان السودان قد جاري مصر بالأرتفاع بسده القومي الي سقف مصالحه الوطنية ، لربما كنا شهدنا اعادة لسيناريو السد العالي مع مواقع السدود السودانية عند الشلال الثاني والثالث و سمنا، وهي هنا ستكون:
 أهدار موقع سد النهضة !، أو
 خفض فرق التوازن المائي عنده وتقليص كبير للتوليد الكهربائي الحقيقي المحتمل منه (1639 ميقاواتس) !
 وتهجِّيرالقدرة الكهرومائية الكامنة لديه من الأراضي الأثيوبية الي الأراضي السودانية (عند موقع سد الروصيرص)!

وهكذا ضحي السودان بالتعلية حتي 510 متر أو حتي 500 متر، والتي كان أيا منهما سيوفر له الخيرات الأتية:
 تحقيق استغلال أفضل لأمكانات الموقع المائية:
 زيادة سعة التخزين - مثلا رفع حجم التخزين المائي الي 11.51 مليارم3 في حالة التعلية الي 500 متر، مما كان سيمكن البلاد من :
تخزين حصة السودان من مياه النيل كاملة
وتمكين السودان من زيادة الرقعة الزراعية المروية صناعيا
 تأمين فرق توازن مائي أعلى (عند
التوربينات) و بالتالي زيادة التوليد
الكهرومائي (الميقاواتس)
 تقليل حجم الماء المراق (Spillage) عبر
المفيض ، مما يوفر انسيابا أكبر للمياه —
يتجاوز بكثيرمعدلات الزيادة في التبخر
 زيادة في انتاج الطاقة (القيقاواتس –
ساعات)
 توفيرقدر أكبر من السيطرة على إمدادات
المياه
 خفض أو تثبيت ( (Stabilization انتقال الرواسب الطميية
 • أخيرًا وليس آخِرًا ، زيادة هامش الأمان لسد الروصيرص ، من خلال تقليل فرصة حدوث علو الماء (Overtopping) للجسم الخرساني للسد أو لأجنحته الترا بية!

 فتأمل أيها القاريء كيف كان السودان بارا بجيرانه ولو علي حساب مصالحه الحيوية ! وقد جاء في تفسير ابن كثيرللأية الكريمة "وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسهمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَة "(الحشر 9) "أنهم آثَرُوا عَلَى أَنْفُسهمْ مَعَ خَصَاصَتهمْ وَحَاجَتهمْ إِلَى مَا أَنْفَقُوا"!

.3جيولوجيا الموقع

 جيولوجيا الموقع وبالتحديد نفاذية (Permeability) الصخور هي ذات تأثير مباشر علي ثلاثة عناصر:
 اختيار الموقع ، فالمواقع النائية يمكن أن تتطلب تحسينات واسعة النطاق في البنية التحتية قبل البدء في البناء
 كلفةالسد ، فالأساس (القاعدةFoundation) أو الأكتاف الداعمة (Abutment) غير المواتيين قد يتطلبان علاجات معقدة جدا ومكلفة
 سلامة السد، فبينما يصلح الأساس الصخري الصلب لأي سد، فان:
§ الأساس الطمي (Silt Foundation) يحظرقيام السدودالركامية الصخرية (Rockfill Dams) كسد لنهضة السروجي

§ والأساس الطيني الصلصالي (Clay) يمنع قيام :
السدود "الجاذبية الخرسانية" ((Concrete Gravity كسد النهضة الرئيسي !
والسدود الركامية ((Rockfill Dams كسد النهضة السروجي!

§ "القوة الضاغطة" للسد(Crushing or Compressive Strength ، أي مقاومة " التَهَصَّر"، والتي تعني حجم التحميل علي "وحدة مساحة" من الصخورالذي يؤدي لتفتت تلك الصخور (والذي يقاس بعدد الأرطال لكل قدم مربع Pounds/ft2)،
 وعموما القوة الضاغطة" للسد على أساساته عادة لا تتجاوز 10ميجا باسكال MPa) أو20 8,854 رطل كل قدم2 )،
 بينما تبلغ "مقاومة التَهَصَّر " (التي يتفتت عندها الصخر Crushing Strength) لصخر سد جبل أولياء الطيني (Mudstone) 22 ميجا باسكال
 و قوة السحق ) مقاومة التفتت (للحجر في محاجر الخرطوم هي (20.3) ميجا باسكال

وصخر القاعدة (الأساسBedrock) لسد الروصيرص ( القريب من موقع سد النهضة) يتألف من:
o من"الصخور المتحوله" Metamorphic Rock (مثل الرخام والصخر الصفائحي والكوارتز الخ … التي تتشكلت بسبب الضغوط الهائلة والحرارة في أعماق الأرض)
o ومن خلال أنواع أخرى من الصخور ، تتراوح مقاومتها للتصهر بين 35-240 ميجا باسكال ، مثل :
• الحجر الجيري Limestone والذي تتفتت
صخوره عند (50-240) ميجا باسكال
• والطين الصفحي (Shale) والذي تتفتت
صخوره عند (35-110) ميجا باسكال
• والغرانيت والذي تتفتت صخوره عند
(90-230) ميجا باسكال
• والحجر الرملي(Sandstone)والذي تتفتت
صخوره عند (40-200) ميجا باسكال

وقد كان هناك شكوك – في حالة سد الروصيرص، حول قدرة تربة القطن السوداء ( والتي تبلغ نسبة الطين الصلصالي فيها 70%) كقاعدة للسد على المدى البعيد ، لذلك اعتمد المصمم:
 1.5 كعامل سلامة (Factor of Safety) للواجه الأمامية (Downstream) للسد
 و(1.3) للواجهة االخلفية (Upstream) للسد

فجيولوجيا الأساس (Foundation)في موقع السد اذا تفرض -- عادة -- نوع السد المناسب لذلك الموقع:
 فبالنسبة للسدود الخرسانية (Concrete Dams) ، مثلا :
o فان السد الثقالي التقليديي(Conventional) Gravity Dam) يلائم تشكيلة واسعة من قاعات الأنهار:
o اما السد الثقالي الخرساني( Concrete Gravity Dam) كسد النهضة والسد الدعامي(الجاذبيButtress / Gravity Dam كسد الروصيرص والسد القوسي (Arch Dam) كسد كاريبا في زامبيا ، هذه السدود الثلاثة تتطلب بنية صخرية تحتية سليمة (Sound Rock Foundation)

.4طوبوغرافية الموقع

 طوبوغرافية الموقع (أو التربة المحيطة)، وبالتحديد:
§ استقرار المنحدر (Slope Stability)، هي ذات تأثير علي:
 اختيار الموقع ونوع السد وحجمه
 وجود انهيارات أرضية وعدم استقرار المنحدر،
§ وتحدث الأنهيارات الأرضية نتيجة لأسباب طبيعية منها ما يلي29:
• عندما يعمل ضغط المياه الجوفية على زعزعة استقرار المنحدر
• عندما تعمل الزلازل في تسييل (Liquefaction) المنحدرات وزعزعة استقرارها
• في حالة الانفجارات البركانية
• أو نتيجة لمضاعفات أنشطة بشرية،مثل:
o إزالة الغابات،
الزراعة الخ ...
• أعمال البناء، مما يزعزع الاستقرار في
المنحدرات الهشة أو يغير شكل المنحدر، أو
يفرض أحمالا جديدة على المنحدرالموجود
• التفجير والاهتزازات من الآلات أو المرور
الخ ...
• "غرينة" الخزان (أي ترسب الإطماء
المحتمل في الخزان)

.5زلزالية الموقع
"وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا" (يوسف 26)
 لقد زعم البعض أن المخاطر الزلزالية بعيدة عن منطقة سد النهضة، وهم مدعوون هنا الي قراءة شهادة بروفيسور قوين مدير المرصد الجيوفيزيائي في أديس أبابا كما أوردتها هيئة المحلفين الدولية التي دعاها البنك الدولي للتحقق من حجم المفيض المطلوب لسد الروصيرص، عندما اعتبر ان تصريف (15,000 m3/s) الذي اعتمده المهندس الأستشاري لسد الروصيرص (شركتي الكساندر جب واندريه كوين وجين بلير) للفيضان التصميمي للمفيض متدن للغاية ، خاصة مع وجود جسور ترابية طويلة ، اذ أن حدوث علو الماء للجسم الخرساني للسد أو لأجنحته (Overtopping) سيكون كارثيا ، وقد جاء في تقرير هيئة المحلفين الدولية الأتي:
"During the short time that records have been kept (by Professor Gouen Director of the Geophysical Observatory at Addis Ababa),...
 There is ample evidence in the form of frequent earthquakes, of continuing movement at locations along the complex of faults which form the Rift Valley. In addition,
 There is evidence from epicenters of minor quakes that a zone of seismicity is present at the western edge of the volcanic plateau, somewhere near the Sudan border lowlands" )Snyder, F., A.Blensdale and T. Thompson. 1961.The International Panel on Flood Discharges “Studies of the Probable Maximum Flood for Roseires Dam Project”. P.29-30( .

 زلزالية الموقع (Seismicity)، أي الصدع الزلزالي (Earthquake Faults) التي أشار اليها التقرير استنادا علي شهادة بروفيسور قوين مدير المرصد الجيوفيزيائي في أديس أبابا ، عن زلزالية المنطقة الواقعة علي حدود السودان وماحولها – (والتي تغطي موقع سد النهضة) هذه الزلزالية تحكم نوع السد وسلامته وكلفته ، وهي ذات تأثير مباشر علي:
 اختيار موقع السد ونوعه وسلامته وكلفته، فمثلا :التصدع النشط (Active Faulting) يمنع قيام السدود الخرسانية Concrete Dams كسد النهضة
 والمخاطر الزلزالية (Seismic Hazards) المرتبطة بالضرر الناجم عن الزلزال.يمكن أن تتجلى علي شكل:
 اهتزاز الارض وتمزقها
 التسييل( Liquefaction ) لمواد بناء السد
 الأزاحة للمنِشأة (Displacement) ،

 والسدود متوقع منها عادة مقاومة الأنزلاق ، و الصمود أمام أقصي فيضان محتمل (Probable Max Flood--PMF) وتمريره بسلام (والمقدر علي أساس أقصي عاصفة مطرية محتمله (Probable Max Precipitation--PMP)،

 لكن السدود الكبيرة في المناطق الجبلية خاصة، كمنطقة سد النهضة ، تجهد قشرة الأرض ، وكان بروفيسور كريس هارتنادي ( Hartnady من جامعة كيب تاون) قد نبه في حلقة في الأذاعة البريطانية عام 1995 الي أن:
 "وجود مثل هذه السدود في منطقة ناشطة تكتونيا (وغير مستقره ، كما في حالة الصدع الأفريقي العظيم ومنطقة الحدود بين حوض الرمل النوبي والصفائح التكتونية الصومالية )، قد يجعلها أكثر خطرا لأفريقيا من خطر تغير المناخ ،خاصة للسدود الثقالية "(كسد النهضة Gravity Dams)،
 "وفي عشرة من هذه السدود في المناطق ذات التوازن التكتوني الدقيق- من الجزائر الي الهند وليسوتو إلى زامبيا - ، قدح ملء الخزان (حجز المياه) الأول زناد الزلازل في الموقع"!

 هنا نقفل "القوس الأعتراضي" الذي إِفتَرَعناه عاليه، لنعود ونواصل تحليل العوامل الخمس الباقية التي تحدد حجم التوليد الكهرومائي وانتاج الطاقة-- فألي:
شهادتي للتاريخ (9) ولتقرير الدولية (ِ 3 - ب )
يتبع

"يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ" (الرعد 27)

rasheedgur@hotmail.com
///////////////////

 

آراء