شيء من الشفافية لله: هل نحن نُصلي؟
ما أن نُكبّر للصلاة هذه الايام إلا وتبدأ عليهم ، الجلبة ، والدردشة ، وتُفتح لك ملفات كانت قبل الصلاة بثانية واحدة ، مغلقة ، وتهاجمك زحمة ولخمة الدنيا ، الأولاد ، الأكل ، الشراب ، المرض ، المخططات الزائفة ، الخوف ، الأمل ، المواعيد ، والذكريات المرفرفة بينك وبين السجود وبينك وبين الطمأنينة وسماع الإمام ، والتركيز في الآي ، وتمر عليك زخات الأفكار تتطاير حتى تهم أن تخرج القلم من جيبك لترصدها ، وتغزوك الهموم والمشاكل ، وتجد قلبك يوسوس بالحلول العجيبة التي لا تفتح لك بها بصيرة وأنت خارج الصلاة ، ويتنمل الجسم ، فتبدأ بالحكاك ، والتراقص والحراك وأحيانا النعاس ، وتمر عليك فتن الدنيا ، متجملة متزينة ومتزئية كالعرائيس ، النساء ، والمال والبنون والعمل والدولار ، وتحدثك خبائس النفس حتى لكأنها تقطع عنك الوضوء وأنت في صلاة ، وتهيش النوايا وتفور الطوايا والأحلام والغواية .... حتى يسلم الإمام ، فتصحو ، ويزول كل شيء ، حتى إذا إستعديته لا يرجع ، ولا يمثل لك هما ، ولا يشغلك في الأساس ، فتسلم و لا تدري كم ركعة صليت وأي سورة قُرئت ، حتى تسمع التين زيتونا ، وتمر على أُذُنك عِبَر القرآن ، والجنة والنار ، والله وقصص الرسل ، والمحاذير والبشريات ، وأذنك يتغشاها الوقر ، كالأطرش لا تسمع وكالسامد لا تحس ، فلا تركز إلا عند السلام لتدخل ثانية في معامع الدنيا ، التي لم تخرج منها أساس للصلاة ، إنما إنتقلت من حال الكلام المنطوق إلى الوسوسات مع النفس والشيطان ، إلا من رحم ربي .
نصلي ونتمنى متى تنتهي الصلاة حتى نجري نحو سراب الدنيا ، ويدخل الإمام في سورة طويلة فتتقبض بعض النفوس ، وكلما إمتدت الصلاة إمتّد بنا الوساوس ولفتنا الدنيا فيها بالأطماع والوساوس .
أي صلاة نصلي نحن هذه الايام ، وأي خشوع وطمأنينة وبن الزبير يرك الطير على كتفيه يظنه عمود منصوب إو تد مضروب من شدة التجمد والطمأنينة والخشوع ، ورابعة العدوية كانت تصلي ألف ركعة في اليوم ، وتقول لا أريد منها ثوابا ولكني أفعله ليُسر به رسول الله يوم القيام .
(وعزتك وجلالك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المُخلَصين).
نطمئن في الحياة ولا نطمئن في الصلاة ، فلا تزيدنا إلا بعدا .
اللهم أجعلنا من المُخلَصين .
rafeibashir@gmail.com