شيء من الهزل: دونالد ترامب

 


 

 


منذ بدء الرئاسة في الولايات المتحدة، مرّ بتلك البلاد رؤساء فاشلون، منهم من اقترف أخطاء أو وقعوا في فضائح، لا تليق بالمنصب. علي سبيل الأمثلة، جون تيلر (1841-1845) كان يعتقد أن الرئيس هو الأجدر بتحديد أجندة الهيئة التشريعية، واستخدم حق النقض لإحباط معظم مشاريع القوانين في شهوره الأولي في البيت الأبيض، بما أدي لاستقالة معظم الوزراء. وجاء أندرو جونسون (1865-1869) إلى حفل أداء اليمين للرئاسة وهو ثمل تماماً. هارين هاردينغ (1921-1923) تواطأ مع وزير داخليته في بيع حق التنقيب عن النفط في أراضٍ تملكها الدولة لشركات خاصة، وقضي الأخير فترة سجن (عُرفت الفضيحة بعد موت الرئيس). أما هيربرت هوفر، فقد استخدم الجيش لقمع تظاهرات عام 1932، نظمها قدامي محاربي الحرب العالمية الأولي. غير أن السياق التاريخي كان مختلفاً عن العصر الحالي، وحكم بعضهم في فترة كان خلالها النظام السياسي في طور النشوء. بعد رسوخ النظام والتقاليد السياسية، وتطور وانتشار وسائل الإعلام وانتشار الوعي، يظهر بغتة دونالد ترامب، نسيج وحده وفريد عصره:
في أثناء حملته الانتخابية عام 2016، وفي لقاء جماهيري، ذكر مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب أن بلجيكا هي مدينة جميلة!
في يناير 2016، أثناء حدوث إطلاق نار في مخفر للشرطة في العاصمة الفرنسية، غرّد دونالد ترامب على منصة "تويتر" "قُتل رجل في مخفر للشرطة في باريس. تمّ رفع درجة التهديد الإرهابي لأعلي مستوي. ألمانيا في حالة فوضي شاملة".
في القمة "المُريبة" التي جمعته برئيس روسيا فلاديمير بوتن في هلسنكي عاصمة فلندا، في 2018، سأل الرئيس الأمريكي مستشاريه: هل فلندا جزء من روسيا؟ أم أنها ضمن تلك الدول التي تدور في فلكها؟
في 2017، طلب ترامب من مستشاريه أن يرتبوا له محادثة هاتفية مع رئيس الوزراء الياباني شنزو آبي في منتصف النهار بتوقيت واشنطن، الذي يصادف نصف ليل طوكيو! هذا جانب. أما الجانب الآخر، سألت "بوليتيكو" سارة ساندرز السكرتير الصحافي للبيت الأبيض عن الواقعة، فأجابت: لقد طوّر الرئيس علائق قوية مع قادة من أقرب حلفاء الولايات المتحدة، وهي علائق ليست وديّة فقط، ولكنها أيضاً تسمح بالصراحة. هؤلاء القادة يقدّرون أن الرئيس يرغب أن يستقبل محادثاتهم ليلاً ونهارا. (تخيلوا رد فعل الرئيس إن هاتفه زعيم دولة حليفة في منتصف الليل).
في لقائه بقادة دول البلطيق الثلاث (لاتفيا، استونيا، لتوانيا) في البيت الأبيض عام 2018، كان رئيس الدولة الأكبر في العالم يظن أنه يلتقي قادة دول البلقان. (يفصل بين بحر البلطيق والبلقان 1000 ميلا). فرجع إلى التاريخ، واتهم دولهم بإشعال فتيل الحرب، التي أدت لتقسيم يوغسلافيا في تسعينيات القرن الأخير. الطريف أن زوجته ميلانيا مولودة في سولفينيا، التي كانت جزءاً من يوغسلافيا حتى عام 1991، أي جزء من البلقان.
في مارس 2019، في مناسبة عشاء جمعية مراسلي البيت الأبيض السنوي، ذكر الرئيس أنه تحدث مؤخراً مع رئيس كوريا الشمالية، بينما الحقيقة أنه تحدث مع رئيس كوريا الجنوبية. وأحس ترامب بالذعر حين نما إلى علمه أن سيول، عاصمة كوريا الجنوب، تبعد عن المنطقة منزوعة السلاح بين الكوريتين بخمسة عشر ميلاً. فقال إنه يجب عليهم أن يرحلو! (عدد سكانها عشرة مليون نسمة).
في منتدى دافوس يناير 2020، التقي رئيس الدولة العظمي نشريفان البرازاني رئيس كردستان العراق، فحدثه كثيراً كم هو مُعقد الوضع في سورية، ولماذا قرر سحب القوات الأمريكية منها. كان ترامب يظن أنه يكلّم مظلوم عبدي، رئيس "وحدات حماية الشعب" السورية، لأنه ختم الحديث قائلاً: ولكننا نحتفظ بآبار النفط! (كانت تلك الوحدات رأس الرمح في قتال "داعش" بغطاء سلاح الطيران الأمريكي الذي قام ترامب بسحبه).
في لقاء جمعه بتريزا مي رئيسة وزراء بريطانيا آنذاك، سألها رئيس القوة الكونية العظمي إن كانت دولتها تمتلك سلاح نووي!
مرتان، الأولي في لقاء جماهيري في بنسلفينيا أغسطس 2018، قال الرئيس الأمريكي: أكن احتراماً فائقاً للمملكة المتحدة، الناس يطلقون عليها بريطانيا، أو بريطانيا العظمي، وكان يُطلق عليها إنكلترا، أجزاء متعددة! المرة الثانية، في مؤتمر صحافي أثناء قمة "مجموعة السبع" التي عُقدت في فرنسا أغسطس 2019، تساءل ترامب: أين إنكلترا؟ ماذا حدث لها؟ لِمَ لمْ يعودوا يستخدمون هذا الاسم كثيراً هذه الأيام؟ لقد طرحت هذه الأسئلة علي رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون، حقاً لقد كان موضوعاً شيّقاً!
في لقاء جماهيري، في ولاية أوهايو أغسطس 2019 قال الرئيس الأمريكي، نحن الآن أكبر قطر منتج للطاقة في كل العالم، أكبر من الاتحاد السوفيتي السابق نفسه، هل تذكرون الاتحاد السوفيتي قبل أن يقرروا تسميته روسيا؟
أثناء زيارة ناريندرا مودي رئيس وزراء الهند للولايات المتحدة في 2017، شاء رئيس القوة العظمي أن يفحم ضيفه بمعلوماته الجغرافية عن شبه القارة، فحدّثه عن الدول التي تجاور الهند، وذكر اثنتين منها: بوتون ونيبل Button and Nipple (الأخيرة مُحرجة لأنها تعني "حلمة النهد").
ولماذا نذهب بعيداً، ونتهكم عليه في عدم الإلمام بتلك المعلومات المُعقدة، وفي مواطن نائية عن دولته، وهي على أي حال دول أقل مكانة من الولايات المتحدة. في لقاء جماهيري أثناء حملة انتخابية في أكتوبر 2019، طمأن دونالد ترامب شيعته عن سير العمل في الحائط العازل مع المكسيك، الذي كان على رأس قائمة الأولويات في حملته الانتخابية الأولي في 2016. فقال إن العمل جارٍ في ولاية كولورادو كجزء من الجدار! (تبعد كولورادو عن الحدود بضعة مئات الأميال).
وبعدما انهال عليه سيل من النقد والهجوم والسخرية، قال إنه كان يمزح، علماً بأنه لم يضحك أحد في الحضور!
وآخر الهزل:
عندما سمع الرئيس الأمريكي بموت دييغو مارادونا، لاعب كرة القدم الأشهر، غرّد "حزين للغاية لرحيل مارادونا. شخصية عظيمة. كانت موسيقاها رائعة، وأذكر أنني استمعت إلى أسطواناتها مطلع الثمانينيات. فلترقد بسلام". يقصد ملكة موسيقي البوب مادونا. وبعد انكشاف أمره، حاول ترامب إزالتها، غير أن "تويتر" احتفظت بها بعد وضع علامة "التأكد من صحة المحتوي".
---------------
https://www.dailymail.co.uk/news/article-6057117/Trump
https://www.newsweek.com/trump-confused-baltics-balkans
https://www.indy100.com/article/trump-geography-world-map
https://slate.com/news-and-politics/2019/08/trump-england-united-kingdom

babiker200@yahoo.ca

 

آراء