شُجيراتُ السَّلامِ النَّابتةُ على أرضٍ عَانَقَ ثَقافيُّها اجتماعيَّها -11-
30 January, 2010
(11)
د. حسن محمد دوكه
طوكيو - اليابان
dokahassan@yahoo.com
( إنَّها شُجيراتٌ محايدةُ الوريقاتِ " الطّرق " ، متجذِّرٌ فيها نبضُ البوحِ ،
أو خِنجرُ الأسفلتِ " عولميُّ المنبتِ " على صدرِ الرَّواكيبِ " الغلط " ! ).
“ Renk is an important Agricultural Centre for production
“ Durah” or Grain. One and half Million Tones products every year. From “ Durah” we make many kinds of food, like
“ Kisrah” ,“ Asedah”, “ balelah”, and” Madedah”and so on “.
(Sir. John Williams, teacher of English Language at Renk Secondary School 1978)
" تعدُّ الرنك من أهم مراكز إنتاج الذرة في السودان، حيث يتم إنتاج حوالي مليون ونصف طنٍ منها سنوياً. ومن الذرة يستطيع السودانيون صناعة غذائهم الرئيس " الكسرة " ، بجانب صناعة " العصيدة"، و " البليلة" ، و" المديدة " وما إلى ذلك من الأغذية الأساسية للقبائل القاطنة في المنطقة " .
( الأستاذ بريطاني الجنسية ( جون وليامز) ، مدرس اللغة الإنجليزية بمدرسة الرنك الثانوية،عام 1978 م )
من بوابة التعليم ، والدرس، واصطياد المعارف والعلوم بمجمل "سنارات" و "شراك" التطلع لغدٍ أفضل ، ومستقبلٍ كاملِ البهرةِ والألق، استطعنا دخول مدينة الرنك " البريق" أو أم قرى أعالي النيل الأبيض الكائنة شمال إقليم أعالي النيل " آنذاك " أواخر النصف الأول من سبعينات القرن المنقرض. فقد حظينا بشرف أن نكون الدفعة الثانية في مدرسة وددكونه الإبتدائية التابعة لمركز كدوك. فالدفعة الأولى من المدرسة قد تم جلوسها لامتحانات المرحلة المتوسطة بمدينة كدوك (شمال فشوده، جنوب كاكا التجارية)، أما نحن فقد تم جلوسنا للامتحان في مركز الرنك ( شمال شرق وددكونه)وذلك يرجع لقربه من ديارنا شمال مديرية أعالي النيل .
اجتزنا امتحان المرحلة المتوسطة بنجاح. وقد كان من دفعتنا من أبناء وددكونه وما جاورها، نغور الجاك بيل ( من أبناء الشلك )، ووداعة حماد ( من أبناء السليم ) ، وشخصي. ثم لحق بناالإخوة يحي بلل، والنور محمد دوكه، ومبارك علي دوكه، وصديق عبد الباقي، وعبد الباقي رحمة، وعمر عبد الباقي.
جميعنا قُبلنا بالرنك المتوسطة متوزعين بين فصلي ألف وباء، وقد كان التصنيف الألف بائي معتمداً على مدرجات التحصيل، ففصل ( أ ) يستوعب الأوائل المتميزين من الطلاب، أما فصل ( ب ) فيضم الطلاب التالين لهم في درجات التحصيل الأكاديمي . وقد كانت المدرسة تقع على مشارف ضاحية الرنك الشرقية ، يحدها شرقاً " الشونة " وهي عبارة عن صومعة مفتوحة تُجمَّع فيها الغلال ( الذرة والسمسم ) بغية ترحيلها إلى صوامع أكبر في الشمال. أما غرباً، فتفصل بينها وصهريج المياه الرئيس مساحة من الأرض الطينية اللذجة تقدر بأكثر من عشرين فداناً، تندسُّ فيها "أوان فصل الخريف" جماعات من فصيلة الحيوانات الطينية المنبت ( الضفاضع، والصارقيل ... إلخ ) والنباتات طويلة السوق ( أبولزيق، والعدار، والمحريب، والعوير ... إلخ ) مشكلةً غابةً من الخضرة التي تكمن فيها الخطورة من لدغات الثعابين ، والعقارب، إضافةً إلى آفات البشر " في غيابها التاريخي المهين"، هؤلاء الرّباطون العتاة، والبعاعيت!. وشمال المدرسة المتوسطة – آنذاك – تشمخ سراية المدير التنفيذي لمركز الرنك ، على ربوة عالية تطل على المدينة كلها وما جاورها من قرى وفرقان، كانت تثير فينا أشواق محصلات التعليم النظامي التي ترمي إلى أهدافٍ متجذرةٍ في الاجتماع السوداني، والنفس بأن نكون يوماً من ساكني هذي العماير السامقات! . أما جنوب المدرسة، فيقع السوق الصغير ( الكوخ ) عاجاً بمطاعمه الصغيرة التي تقدم الأسماك وهي طازجة، بجانب الأفوال، واللحوم المشوية، والمقلية، والمطبوخة، تجاورها " دبة عابدين " . وعابدين هذا ، رجل من أبناء شمال السودان نواحي دنقلا العجوز ، وما جاورها من حواضر رفدت تاريخ البلاد والعباد بالتأمل " الماهل " في صورتنا الذاتية وهي تركن للحاضر من أحداثنا ومعاشنا!! .
ونواصل