صبراً …صبراً ..آل موسى يعقوب

 


 

سارة عيسى
14 March, 2009

 


سارة عيسي
    وقف متظاهر بالقرب من الرئيس البشير وقد عصب رأسه بعصابة حمراء كُتب عليها : فداك أبي وأمي يا الرئيس البشير ، ومواطنة أخرى تصرخ بملء الفم لن نسلمو ..لن نسلمو ، هذه جماهير بسيطة ومغلوبة على أمرها ، فالشعب الذي لا يتظاهر من أجل الحرية والخبز والدواء لن يتظاهر من أجل طاغية تلوثت يداه بدماء الأبرياء  ، دعونا نعكس هذه الصورة قليلاً ، دعونا نقترب من هموم الناس ، هذه القصة قرأتها بالأمس في موقع سودانيز أولا ينز وقد ألمتني أشد الألم ، المواطن وائل موسى يعقوب دخل المستشفى ، واجهته صعوبة في التنفس ، هذه الحالة ليست حرجة  لكن لسوء حظه أن أسطوانات الأوكسجين كانت في الدور الثالث ، هرول الممرضون إلي الدور الثالث وأتوا بأسطوانات الأوكسجين لكن المفاجأة الكبيرة أن هذه الأسطوانات أتضح بأنها  فارغة ، وأظنها ليست من النوع الذي فيه جهاز توقيت يوضح لك كمية الأوكسجين المتبقي أو أنها من النوع الأثري الذي تم تصنيعه في الحرب العالمية الثانية ، إذاً لا بد من النزول للدور الأول حيث أكسير الحياة  ونحن في بلد رخصت فيه أرواح الناس وتعلقت بين الدورين الأول والثالث ، فالنزول كان أسهل من الصعود ،وبالفعل عثر الممرضون على كنز الأسطوانة المفقودة  ، هذه المرة كانت ممتلئة بالهواء حتى غصت حوافيها  ، نحن على وشك أن ننقذ نفساً بريئة ، فالإبادة الجماعية ليست هي قصف الناس بالطائرات والصواريخ ، فالإبادة يُمكن أن تُترجم في شكل نقص الخدمات الصحية ، وليس بالضرورة أن يموت الإنسان بالرصاص حتى نلقي عليه قميص الشهادة ، فهناك ما يُعرف بالموت البطئ الذي لا يحس به الإنسان ، مثل الموت الذي واجه الشهيد/وائل موسى يعقوب ، نحن على وشك أن نلج في بحر الماساة الحزينة ، عاد الممرضون بأسطوانات الأوكسجين ، فنحن شعب يفدي رئيسه بأمهاته وأبائه ، لكننا واجهنا عقبة بدت صغيرة مثل أزمة دارفور التي أشعلها " جمل " ثم تفاقمت حتى وصلت كما قال الترابي :  إلي القاضيات الثلاثة ، يبدو أن الفنان الشعبي حامد الجمري أول من أستفاق لخطر المقنعات الثلاثة :خطفن قلبي لحدي ما باص الروصيرص فات ، فهناك من خطفن قلبه وهناك من أفزعن قلبه حتى أصبح يتحدث بالليل وأناء النهار  ، نعود لقصة أسطوانة الأوكسجين ، أتضح أن الأسطوانة وخوفاً من التسرب تم قفلها بمفتاح إنجليزي من النوع الذي اُستخدم في تركيب كبري أمدرمان ، لم يتمكن الممرضون من فتحها حتى ألهمهم الله أن "الزردية " سوف  تؤدي الغرض ، قد أخطأت إدارة المستشفى ، كان بوسعها تأجير بعض مساحتها لأصحاب الورش ، فنحن في حاجةٍ إلي خبرتهم من أجل إنقاذ مرضانا ، بل حضورهم أهم من الطبيب ، فإن كان الطبيب عاجز عن فتح أسطوانة الأوكسجين حتى يصرع الموت المريض فما الحاجة إلي وجوده ؟؟ بالمناسبة نحن البلد الوحيد في العالم الذي يدفع فيه زوار المرضى رسوم الدخول ، وهناك شركات أمنية متخصصة في تحصيل هذه المبالغ ، نعود ثانية لمواصلة سرد فصول المأساة في بلد عمدة عاصمتها طبيب يغضب من الصحفيين إذا لم يجمعوا بين اللقبين "والي" و " دكتور "، والممرضون وهم  ينازعون فتح قفل الأسطوانة العتيد رحل عن دنيانا الشهيد وائل موسى يعقوب فرئتيه لن تنتظران كل هذا الوقت  ، ولا أدري هل تمكن فنيو المستشفى من فتح هذا القفل أو أنه لا زال صلداً ومنيعاً في وجه الفاتحين ، يا مرضى السودان إذا دخلتم أي مستوصف أو مستشفى لا تنسوا أن تحملوا معكم " الزردية " و " المفك " ، وسؤالي هو كيف خرج هذا الشعب للتظاهر من أجل شخص واحد ولكنه لم يخرج للتظاهر من أجل تحسين الأوضاع الصحية ؟؟ هذه القضية لو كانت في أوروبا لأطاحت بالرئيس ورئيس الوزراء ووزير الصحة ، فمن الأفضل أن يرحلوا بأيادي شعبهم بدلاً من الإنتظار حتى ينفذ إليهم شخصاً مثل أوكامبو .
سارة عيسي
sara_issa_1@yahoo.com

 

آراء